أطلق وزير الصحة العامة الدكتور جميل جبق الحملة الوطنية السنوية للوقاية والكشف المبكر عن أمراض الكلى تحت شعار “ع كلوتك.. ما تتأخر”، ذلك بالتعاون مع الجمعية اللبنانية لأمراض الكلى وضغط الدم وبالتنسيق مع شركة “سانوفي” ونقابة أطباء لبنان ووزارة الاتصالات.
وتماشيا مع شعار الحملة العالمية بمناسبة اليوم العالمي للكلى “صحة الكلى لكل شخص في كل مكان”، تم الإعلان عن تفاصيل الحملة خلال مؤتمر صحافي عقد في مبنى الوزارة، حضره رئيس الجمعية اللبنانية لأمراض الكلى وضغط الدم البروفسور علي أبو علفا ومنسق الحملة الوطنية الدكتور روبير نجم والمديرة العامة لشركة “سانوفي” كارين لبكي ومدير دائرة العناية الطبية في وزارة الصحة الدكتور جوزف حلو ومدير مكتب وزير الصحة الدكتور حسن عمار وحشد من ممثلي الجمعيات العلمية والشركاء ووسائل الإعلام.
وأكد جبق أن “إطلاق حملة التوعية هذه يأتي في إطار الإهتمام بالإنسان في لبنان وحياته السليمة، خصوصا أن الوقاية تشكل ثلثي العلاج. ونظرا الى ما لأمراض الكلى من تأثير متزايد، جرى في بداية هذا العام الإعلان عن اليوم العالمي لأمراض الكلى لنشر التوعية والتشديد على الإسراع في وضع خطط وبرامج للوقاية من أمراض الكلى لتجنيب وقوع المواطنين بشباك هذا المرض. ولأنه من الأمراض الصامتة والمهلكة صحيا وماليا تأخذ وزارة الصحة على عاتقها منذ العام 1972 التغطية الشاملة لغسيل الكلى، كما تتكفل منذ سنوات بتغطية زراعة الكلى، إضافة إلى تغطية شبه كاملة للأدوية المزمنة لأمراض الكلى ولمرضى غسيل البريطوني (البطن). كما تهتم وزارة الصحة العامة بتنظيم عملية وهب الكلى، علما أن الحاجة ماسة لتفعيل ذلك اجتماعيا وقانونيا وطبيا لما لذلك من أهمية في الحفاظ على حياة الإنسان”.
أضاف: “إن عدد حالات الغسيل سنويا وصل إلى 3855 حالة، تغطي وزارة الصحة نفقة القسم الأكبر منها، يليها الضمان الاجتماعي، ومن ثم بنسب قليلة الجهات الضامنة الأخرى. ومع تزايد حالات السكري وارتفاع ضغط الدم والسمنة وأمراض القلب، بات من الضروري رفع حالة الاستنفار في الفحوص المسبقة والعمل التوعوي. فقد سجل على مستوى العالم إصابة 850 مليون شخص بأمراض الكلى، التي تتسبب بوفاة 2.4 مليون مريض سنويا، علما أن النسبة الأكبر من هذه الحالات والتي تفوق 83% هي في البلدان المتوسطة والمتدنية الدخل”.
ولفت جبق إلى أنه “في لبنان يعاني 10% من اللبنانيين من هذا المرض وهو مهدد بالإزدياد إذا لم تتم مكافحته بشكل وقائي واستباقي، وكذلك باستئناف العلاج في مراحله الأولى”.
وتوقف وزير الصحة العامة عند ما يعانيه اللبنانيون من مشكلة على صعيد ثقافة التوعية. وقال: “إن شعبنا يعاني نقصا في ثقافة التوعية. فمثلا يعتبر كل من مريض الضغط والسكري أنه يستطيع أن يأكل ويفعل ما يريد، باعتبار أنه يأخذ الدواء الموصوف لحالته، في حين أن هذا الدواء يبقى غير كاف، إن لم يتبع المريض طريقة عيش صحية وملائمة لوضعه. كما أن هناك مرضى يتوقفون عن تناول الدواء إذا ما شعروا بأن حالتهم الصحية تحسنت. هذا الأمر غير مقبول أيضا. فهناك أمراض لا شفاء منها مثل السكري والضغط، وتتطلب تنبها مستمرا، لذا يجب توعية الناس إلى هذا الأمر كي لا يدفعوا حياتهم ثمنا لجهل كهذا!”
وتابع جبق مؤكدا أن “المسؤولية مشتركة وتقع على عاتق الجميع وتبدأ من المواطن والجمعيات الأهلية والاجتماعية والإرشادية، ومن ثم الوزارة عبر أجهزتها ودعمها في التوعية والعلاج والمنظمات الدولية وكذلك الضمان الإجتماعي والجهات الضامنة الرديفة”.
وشدد على دور الإعلام في “نشر التوعية الجذابة والفعالة، لما لها من أثر على فكر المواطنين ومزاجهم وتثقيفهم”، ملاحظا أن الإعلام يركز على بث النعرات الطائفية والسياسية، في حين أنه لو اهتم بشؤون الناس أكثر، ولو ركزت وسائل التواصل الإجتماعي على توعية الناس على صحتهم لكنا مجتمعا سليما ومعافى أكثر مما نحن عليه اليوم، ولكان الناس استفادوا في إنسانيتهم وحياتهم اليومية أكثر بكثير من متابعتهم للكلام السياسي”.
وقال: “من هنا، إن الجميع مطالب بالقيام بدوره، كل في مضماره لنكون جميعا يدا بيد متعاونين للتصدي لهذا المرض وآثاره المميتة، لكن الثابت أن المهمة الأساس تقع على عاتق المواطن في تفادي هذه الأمراض وأعراضها المهلكة عبر إجراءات تبدأ بشرب كمية كافية من المياه لا تقل عن ليترين يوميا، واتباع نظام غذائي متوازن مع ممارسة الرياضة وسوى ذلك”.
وختم شاكرا القيمين على الحملة ووسائل الإعلام على جهودهم في بث الوعي.
مداخلات
وكان المؤتمر الصحافي قد بدأ بالنشيد الوطني، فدقيقة صمت حدادا على الرئيس السابق للجمعية اللبنانية لأمراض الكلى وضغط الدم أنور حاطوم، ثم ألقت إختصاصية أمراض الكلى وضغط الدم الدكتورة سحر قوبر كلمة ترحيبية ركزت فيها على التأثير السلبي لأمراض الكلى على الناس والاقتصاد بسبب الأضرار التي تلحقها بالقلب جراء الإصابة بها، والأعباء الناجمة عن كلفة العلاجات والدخول المتكرر إلى المستشفيات.
من جهته، قال منسق الحملة الوطنية واختصاصي أمراض الكلى وضغط الدم الدكتور روبير نجم: “يعاني 10 في المئة من اللبنانيين أمراض الكلى. وهذا العدد الكبير من المرضى ينذر بالخطر. من هنا أهمية إدارة حملات كهذه على المستوى الوطني لنشر التوعية. وللعام الرابع على التوالي، تمكنت هذه الحملات من وضع أمراض الكلى على أجندة الرعاية الصحية في لبنان وساهمت في تعزيز الخدمات الصحية الأساسية التي يحتاج اليها مرضى الكلى مثل مراقبة ضغط الدم والكوليسترول ومستوى سكر الدم وتناول الأدوية الأساسية لتأخير تطور مرض الكلى المزمن”.
وعن الموضوع، قال البروفسور أبو علفا: “تعتبر أمراض الكلى من الأمراض الصامتة، فغالبا ما يتطور المرض في غياب أي أعراض واضحة في مرحلة مبكرة. لذا، قد يجهل المريض وجود ضعف في وظائف كليته إلى أن يصل المرض إلى مراحل متقدمة. ورغم ازدياد ارتفاع عوامل الخطر الشائعة مثل السكري، وارتفاع ضغط الدم، والسمنة، وأمراض القلب والأوعية الدموية المشخصة التي ينبغي مراقبتها، هناك أسباب أخرى يجب أن تؤخذ بالاعتبار مثل الأمراض الوراثية وتشوهات المسالك البولية الخلقية عند الأطفال، ويتوجب إدراج الأسئلة المتعلقة بها ضمن التقييم. وأخيرا، تعتبر إصابات القصور الكلوي الحاد كالناجمة عن دخول المستشفى بسبب التهابات حادة أو مرض شديد مع شفاء جزئي لوظيفة الكلية، إحدى أسباب مرض الكلى المزمن”.
وأشار أبو علفا إلى أن “مئة حالة زرع كلى تسجل سنويا في لبنان، وهو رقم لا يتغير، فيما لائحة النتظار طويلة جدا، ما يتطلب تشجيعا على وهب الأعضاء ومضاعفة زيادة عمليات زرع الكلى في لبنان”.
وقال: “معظم اللبنانيين قد لا يعلمون مدى تأثير هذه المخاطر على وظائف الكلى وبالتالي، لم يعمدوا إلى إجراء الفحوصات اللازمة في مراحل مبكرة كفاية لكشف الإصابة بالمرض. ولتحسين معالجة أمراض الكلى، يجب إدراج فحوصات أمراض الكلى على سلم الأولويات الصحية ومنها فحوصات البول والدم. فإجراء الفحوصات للشريحة الأكثر عرضة لمخاطر الإصابة والتشخيص المبكر فعال من حيث التكلفة ويساهم في تفادي تقدم المرض أو تأخيره حتى لا يصل إلى المرحلة النهائية التي تتطلب غسيل الدم أو زرع كلية. وأخيرا وكما فعلنا خلال الحملة الوطنية للوقاية من أمراض الكلى للعام 2015، نناشد كل المختبرات الطبية في لبنان ان تدرج تلقائيا مع كل فحص كرياتين المستوى التقديري لعمل الكلى عن طريق المعادلة الرياضية المعتمدة”.
الحملة
وقد عمدت الجمعية اللبنانية لأمراض الكلى وضغط الدم بالتعاون مع الجهات المعنية إلى توسيع دائرة انتشار الرسالة التوعوية لتصل إلى أكبر عدد ممكن من اللبنانيين والمعنيين، من خلال تنظيم سلسلة من الفعاليات تتضمن الأكشاك الطبية في 73 مستشفى في مختلف أنحاء لبنان ستقدم اختبارات مجانية لضغط الدم وتوزع الكتيبات التثقيفية. كما أطلقت وزارة الاتصالات حملة من الرسائل النصية القصيرة لإيصال الرسائل التوعوية لجميع مشتركي شبكات الاتصالات. وضمن فعاليات الحملة، سيتم تنظيم ندوة بالتعاون مع المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت ونقابة الممرضات والممرضين في لبنان لتثقيف الجسم الطبي حول كيفية تقديم الرعاية لمريض الكلى. هذا فضلا عن فعاليات توعوية سيتم تنظيمها في مختلف أنحاء لبنان، إضافة للأنشطة الرياضية برعاية الجمعية اللبنانية لأمراض الكلى وارتفاع ضغط الدم.
وسيتم الترويج للحملة عبر مختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة والرقمية والمواقع الإخبارية لنشر الرسالة التوعوية في كل المناطق اللبنانية. واعترافا بالدور الذي يلعبه القطاع الخاص في إحداث تأثير إيجابي على الصحة العامة، قدمت شركات “سانوفي”، شبكات الاتصالات، “صحة” وAmgen وAlgorithm دعمها للحملة لتحقيق أهدافها المرجوة.يذكر أن النجاح الكبير الذي حققته “الحملة الوطنية للتوعية بالوقاية المبكرة من أمراض الكلى” حظيت بتقدير عالمي بفضل الجهود الكبيرة المبذولة لتكون التوعية بأمراض الكلى أولوية في لبنان.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام