الصحافة اليوم: عملية سلفيت.. كابوس يؤرق الاحتلال والحكومة اللبنانية في اجازة مرضية – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم: عملية سلفيت.. كابوس يؤرق الاحتلال والحكومة اللبنانية في اجازة مرضية

صحف محلية

ركزت افتتاحيات الصحف المحلية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 18 آذار 2019 على مواضيع عديدة، كان ابرزها عملية سلفيت النوعية التي اربكت الصهاينة امنياً وسياسياً، وخلطت الاوراق وجعلت من الضفة الغربية كابوس يؤرق الاحتلال…

اما لبنان فقد ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية على الخلاف المستجد بين الرئيس الحريري والمستقبل من جهة وباسيل والتيار الوطني من جهة اخرى ما يضع الحكومة اللبنانية اما اجازة مرضية قبيل زيارة بومبيو وعشية اجتماعها.

*  الاخبار

الاخبارعملية غير مسبوقة في سلفيت: كابوس الضفة يؤرّق الاحتلال

لم تخطئ تقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، على رأس كل سنة أو خلال كل مرحلة فارقة، في التحذير من أن هدوء الضفة المحتلة يجب ألّا يغش المسؤولين في تل أبيب. أيضاً، لم تخطئ هذه الأجهزة في تقدير أن «العقوبات» الجماعية والعنيفة لن تؤدي إلى انتهاء ظاهرة العمليات الفردية. لكن الذي أخطأت في تقديره هو شجاعة المنفذين، وفوق ذلك الخبرة المتراكمة بفعل التجارب، فليست كل عملية ناجحة ملهمة لعملية شبيهة فحسب، بل إن الفعل المقاوم في الضفة والقدس وغيرهما عمل مستمر، حتى لو كانت التكلفة التي ستدفعها عائلة المنفذ ومنطقته عالية جداً. كذلك، فإن الإحباط المستمر جراء القرارات الأميركية المتواصلة، ومن بعدها الاستشراس الإسرائيلي في نهب الضفة أرضاً وكرامة، لا يعني في القاموس الفلسطيني الاستسلام.

في تمام العاشرة إلا ربع صباحاً، سجّل مقاوم فلسطيني بصمة جديدة في تاريخ العمليات الفدائية في الضفة المحتلة، المستمرة على وتيرة تصاعدية منذ أكثر من ثلاث سنوات، ليضاف إلى «الأيقونات» الشبابية الأخيرة، وذلك في منطقة مثّلت وتمثّل كابوساً مستمراً للمستوطنين الإسرائيليين وجنود جيش العدو على حدّ سواء. هذه المرة، جاء التنفيذ قرب مستوطنة «أريئيل»، ما أدى إلى مقتل جندي وإصابة حاخام بجروح خطيرة ووقوع إصابات أخرى، نتجت من بعدها «حملة مجنونة» للمستوطنين في مدن وقرى شمال الضفة. كذلك جاءت العملية بعد أربعة أيام من إطلاق نار على مركبة إسرائيلية في محيط المنطقة نفسها. واللافت أنه رغم تكرار عمليات فلسطينية في المكان عينه، فإن أجهزة أمن العدو تخفق في «تحييد منفذيها فوراً»، إذ ينجحون في الانسحاب، والتحوّل من بعدها إلى عملية مطاردة تتفاوت مددها الزمنية قبل الاشتباك الأخير مع المقاوم واستشهاده.

وكشف الإعلام العبري، أمس، أن الجندي المقتول هو غال كيدان (19 عاماً)، وهو نفسه الذي استولى المقاوم على سلاحه، مشيراً إلى أن كيدان كان عضواً في فيلق المدفعية من «لواء النار». أما الحاخام الجريح «الميؤوس من حالته»، فهو رابي آياد إيتنغر (47 عاماً)، وهو أحد سكان مستوطنة «إيلي»، وأبٌ لـ12 ابناً. وقد كان الحاخام إيتنغر رئيساً لمدارس دينية تجمع بين الدراسة الدينية وخدمة الجيش في تل أبيب. وفي الوقت نفسه، رجّحت التقديرات الإسرائيلية الأولية أن منفذ العملية «بارد الأعصاب بشكل غير عادي وحازم»، مرجحة أن يكون تلقّى «تدريباً عسكرياً». وذكر المحلل العسكري في «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، أن تقديرات الأجهزة الأمنية تدور حول أن «المنفذ عمل وحيداً دون أن يكون مرتبطاً بخلية ساعدته على تنفيذ العملية أو الانسحاب، رغم أنها كانت مركبة ولا تشبه سابقاتها».

من الألف إلى الياء

بدأت العملية بخروج المنفذ من أحد المحال التجارية قرب دوار على مدخل بلدة كفل حارس، أو ما يُعرف بـ«دوار أريئيل»، حيث هاجم بسكّين موقف حافلات أمام المنطقة يحرسه جنود العدو بصورة شبه دائمة، فنجح في طعن أحد الجنود واغتنم بندقيته، ثم شرع في إطلاق النار على ثلاث مركبات لمستوطنين كانت تمرّ بجوار المكان، فأصاب حاخاماً في إحداها بجروح خطيرة. سيطر المقاوم على مركبة من الثلاث، وسار بها في الشارع الاستيطاني، وعلى ما يبدو أطلق النار خلال سيره بها، ثم بعد سبع دقائق (9:52 وفقاً لموقع «والا» العبري) وصل إلى مكان مختلف، وأطلق النار مجدداً على موقف انتظار حافلات آخر، يحرسه أيضاً جنود ويوجد فيه مستوطنون، وبعدها استمر في قيادة المركبة نحو بلدة بروقين حيث اختفى.

سجل المنطقة
ومحيطها حافل
بالعمليات
منذ أعوام

ليس غريباً أن يُطلق مستوطنون وصف «رامبو» على منفذ عملية سلفيت صباح أمس، كما ظهر في تعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا مفاجئاً أن تنتقد وسائل الإعلام العبرية أداء الجنود. فالعملية التي بدأت بطعنات سكين تدحرجت نحو إطلاق نار متكرر، كما استهدف رصاص المنفذ أهدافاً ثانية أثناء انسحابه بالمركبة من الموقع الأول، ما أدى إلى تحويلها ليس إلى عملية مركّبة فحسب، بل مُرْبكة في بدايتها، بعدما سَرَت معلومات مغلوطة عن وجود أكثر من منفذ وعمليات متزامنة في الوقت نفسه.

وفقاً لمراقبين، لا تكمن قوة العملية في خسائرها البشرية فحسب، بل في كونها مركّبة أولاً، وتحدّت تعقيدات كثيرة، منها أن سجل المنطقة ومحيطها حافل بالعمليات منذ أعوام، وأن المنطقة قريبة من مستوطنة «أريئيل» التي تشهد مواجهات دائمة (استشهد هناك في 12 آذار الشاب محمد شاهين)، وأن الجيش الذي استولى على كاميرات المراقبة في أماكن عديدة في سلفيت لم يستطع «معالجة الموقف» بسرعة، كما أن «الشاباك» وحتى وسائل الإعلام العبرية لم تخرج بأي تفاصيل أخرى حول إطلاق النار وما فعله المقاوم.

وكانت المنطقة نفسها قد شهدت، منتصف تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، «محاولة تنفيذ طعن» استشهد إثرها الشاب إلياس ياسين، وقبلها عملية طعن نفذها الأسير عبد الكريم عاصي. كما لا يمكن إغفال خطورة عملية «بركان» ومطاردة الشهيد أشرف نعالوة، إذ إن موقع العملية الأخيرة هو في المحافظة نفسها، وقريب من المكان إلى حدّ ما. وهذا كله يعني أن «السجل المتراكم» كان من المفترض أن يشعل «الضوء الأحمر» أمام أجهزة العدو، لكن استطاع مقاوم جديد أن ينفذ عملية في سلفيت ويختفي بعدها مباشرة مثل نعالوة وعاصي.

إلى جانب هذا «السجل الحافل»، لم يحدث منذ سنوات أن نُفّذت عملية بهذا الأسلوب، أو حتى اغتنام سلاح جندي ليكون هو أداة العملية نفسها. ثمة وجهٌ آخر لخطورة الحدث كشفته قناة «كان» العبرية، عندما أوضحت أن الشاب توجه نحو جنديَّين يحتميان بمكعبات إسمنتية داخل محطة انتظار الحافلات، وطعن أحدهما وسيطر على سلاحه من دون رد فعل من الآخر، وأنه «رغم انتشار الجنود في المنطقة، فإنهم لم يشتبكوا مع المقاوم أو يطلقوا النار عليه».

عملية البحث

عقب العملية، أغلق جيش العدو مداخل سلفيت كافة، ونصب حواجز على مداخل الكثير من بلداتها، فيما دهمت قوة خاصة إسرائيلية، ثم الجيش، بلدة بروقين، حيث عُثر على المركبة التي استقلّها المنفذ، فدفع العدو بتعزيزات عسكرية كبيرة قبل أن يشنّ حملة تفتيش لمنازل ومحال تجارية هناك، تخلّلها نصب حواجز واستجوابٌ لأهل البلدة والفلسطينيين داخل المركبات المارة. كما طاول الدهم بلدات مجاورة غربي سلفيت، فيما لم تفارق طائرات الاستطلاع أجواء القرى والبلدات المحيطة.

وفي وقت لاحق، امتدت تشديدات العدو لتطاول مناطق بعيدة عن سلفيت ومكان العملية، إذ نُشِرت الحواجز على معظم الطرق الواصلة بين المدن في الضفة، تزامناً مع هجمات نفذها مستوطنون بالحجارة على منازل فلسطينية في قرية عصيرة القبلية، ومركبات جنوبي نابلس، ومركبات أخرى شمالي رام الله. كما صعّد المستوطنون اعتداءاتهم على المركبات في ساعات الليل على الشوارع الواصلة بين المدن والقرى الفلسطينية، استجابة لدعوات أطلقوها عقب العملية، فيما صدرت مناشدات بتفعيل «اللجان الشعبية» لمواجهة هجمات المستوطنين.

وبعد ساعات من الملاحقة، تواردت تقارير عن كشف هوية المنفذ من دون العثور عليه. وإثر ذلك، دهم جيش العدو بلدة الزاوية غربي سلفيت، واقتحم منزل الشاب عمر أمين أبو ليلى، حيث جرى استجواب عائلته، وأُبلغت بتنفيذ ابنها العملية، كما اندلعت مواجهات هناك أصيب خلالها شابان بالرصاص المطّاطي.

تعقيباً على العملية، قالت «حركة الجهاد الإسلامي» في تصريح أمس: «نبارك العملية الفدائية، ونشدّ على يدي منفذها»، مشيرة إلى أنها «توجيه للبوصلة وتصحيح للمسار ونقل للمعركة إلى ميدانها الطبيعي والحقيقي، وتنبيه للجميع إلى أن التناقض الأساسي هو مع الاحتلال». كذلك، وصفت «حماس» العملية بـ«الشجاعة والجريئة…. تؤكد أن خيار المقاومة هو الأقوى والأنجح لردع الاحتلال وإفشال مخططاته»، مضيفة أن «ضفّة العياش تؤكد في كل مرة أنها مخزون استراتيجي للمقاومة، وتفاجئ الاحتلال بعمليات نوعية». وفي وقت لاحق، دعت «حماس» إلى مسيرات شعبية في غزة احتفاء بالعملية.

في سياق آخر، اعتقل جيش العدو الشابة ولاء أكرم غيث (17 عاماً) قرب المسجد الإبراهيمي، وسط الخليل (جنوب)، مساء أمس، بحجة «محاولتها تنفيذ عملية طعن». وإلى ذلك، اندلع حريقان مساء أمس في مستوطنات «غلاف غزة»، بفعل بالونات حارقة أُطلقت من القطاع، فيما وصفت وسائل الإعلام العبرية أحد الحريقين بـ«الكبير»

الحكومة في «إجازة مرضية»؟

تتضارب المعلومات بشأن مصير مجلس الوزراء. التوتر الإعلامي بين رئيس الحكومة ووزير الخارجية يراه كثيرون سبباً لعدم انعقاد مجلس الوزراء هذا الأسبوع، بذريعة «الإجازة المرضية» للأول، فيما يجزم وزراء مطّلعون بـأن التهدئة عائدة في الأيام المقبلة

بعد تسعة أشهر من الانتظار وُلدت الحكومة وكأنها في حالة «موت سريري». أما الإنجازات والإصلاحات التي وعد بها البيان الوزاري، فبدورها تجمّدت من دون أي تحرّك. لم تصمد التفاهمات التي أدت إلى تأليف الحكومة أكثر من ثلاث جلسات، بعدما استشعر الجميع هشاشة التوافق في الجلسة الأولى. يومها فتح ملف زيارة عدد من الوزراء إلى سوريا، وكان الرد حاسماً من رئيس الجمهورية، الذي ضرب بكفه على الطاولة، معلناً أن الأمر له في ما يتعلق بقضية العلاقة مع سوريا، وعطفاً عليها في قضية النازحين.

تلك كانت الإشارة الأولى إلى أن حكومة إلى العمل لن تعمل، لأنها تحمل في طيّاتها كل عناصر التفجير. انتظر اللبنانيون جلسات دسمة، تبدأ بمعالجة الأوضاع الاقتصادية المتأزمة، إلا أن الانتظار طال، وبدل معالجة أزمات البلد، فضّل الوزراء، على سبيل التسوية، البدء بمعالجة المخالفات التي ارتكبت في فترة تصريف الأعمال.

زيارة الوزير جبران باسيل لبيت الوسط، يوم الخميس الماضي، ثبّتت ما كان قد ظهر من إشارات. ما كاد يخرج باسيل من بيت الوسط، حتى فُتحت النار على التسوية الهشّة. لم تكن خطة الكهرباء التي عرضها باسيل هي نقطة الخلاف الوحيدة. الأساس، بحسب مصادر متابعة، كان ملف التعيينات. لباسيل قرار بالاستحواذ على أكثر من 90 في المئة من الحصة المسيحية. وهو ما لم يوافق عليه الحريري. كذلك، بدا تسريب خطة الكهرباء من قبل مصادر بيت الوسط، قراراً بإجهاضها في مهدها.

لكن هل يستأهل هذا الخلاف فتح ملف التسوية الرئاسية من قبل المستقبل؟ ذلك أمر يحمل في طياته إشارة إلى خلافات أكبر من تلك المتعلقة بعمل مجلس الوزراء، التي يمكن أن يصل الطرفان فيها إلى نقطة التقاء، على ما تدل تجربة العلاقة بينهما.

وصلت الرسالة إلى باسيل، وبادلها بأقوى منها، واضعاً مؤتمر بروكسل بمكانة المؤامرة على لبنان. وهو ما طال بسهامه الحريري الذي ترأس الوفد اللبناني، علماً بأن باسيل عاد وأكد، في المؤتمر السنوي للتيار الوطني الحر، أن «أهداف التيار في السنة المقبلة هي النازحون والفساد والاقتصاد، وإذا كان هناك من يراهن على أن من الممكن أن نتخلى ونساوم على البلد والمبادئ من أجل شيء آخر، فيكون لا يفهمنا، لأنني أنا أول من قلت إن البلد أكبر من الرئيس والرئيس بخدمة البلد وليس البلد بخدمة الرئيس».

الأكيد أن «التقرير الطبي» المفتوح الذي قدمه الحريري، يصعّب الأمور ويجعل حتى انعقاد مجلس الوزراء في دائرة المجهول، لا بل إنه يعلن بدء معركة فعلية بين قطبي التسوية الرئاسية ــ الحكومية، لا يمكن عزل زيارة الحريري إلى الرياض عنها، بل يقع في صلبها ما سمعه الحريري من كلام سياسي متشدد في الاجتماع الذي عقد في السعودية مع ولي العهد محمد بن سلمان الأسبوع الفائت.

في المقابل، تؤكد مصادر وزارية أن التسوية لم تسقط، وأن الحريري وباسيل لن يختلفا في العمق. فهما متفقان على غالبية العناوين، وأن الايام المقبلة ستشهد عودة إلى التهدئة. وبحسب المصادر، من المحتمل أن تتم اليوم الدعوة إلى انعقاد جلسة لمجلس الورزاء هذا الأسبوع، لافتة إلى أن التعيينات الإدارية لن تفتح باباً للخلاف بين رئيس الحكومة ووزير الخارجية، لأنهما اتفقا على عناوينها العريضة في اللقاءات الباريسية التي فتحت باب تأليف الحكومة. وتجزم المصادر بأن حصة القوى السياسية من غير القوى الكبرى في طوائفها (تيار المستقبل، التيار الوطني الحر، الحزب التقدمي الاشتراكي) ستكون صغيرة للغاية: مركز وحيد للنائب طلال أرسلان، وآخر لتيار المردة، ومثله للقوات اللبنانية، ومثله للقاء التشاوري. أما المراكز التي يشغلها موظفون شيعة، فستذهب جميعها للذين يختارهم ثنائي حركة أمل وحزب الله. وربما تكون العقدة في بعض المراكز التي يشغلها موظفون مسيحيون في وزارات «تابعة» لتيار المستقبل، كالداخلية مثلاً. وتقول المصادر إن دليلها على أن العلاقة بين الحريري وباسيل ستعود إلى سابق عهدها هو خفض مستوى التراشق الإعلامي بين الطرفين عمّا كان عليه يومي الخميس والجمعة الماضيين، فضلاً عن تعميم باسيل على نواب التيار ووزرائه ومسؤوليه بعدم استهداف تيار المستقبل في أي هجوم سياسي أو إعلامي.

صرف جماعي في «بنك ميد»: «تنظيف» مصرف الحريري من «أهله»!

لم يكن «للحريريّة» أن تكون في لبنان، كظاهرة أبعد مِن «مالية» (بمعنى تقديمات الحريري لمواطنين)، لولا المصارف. لولا بنك البحر المتوسّط، تحديداً، الذي أصبح أخيراً «بنك ميد». هو المصرف الذي اقترن اسمه باسم رئيس الحكومة السابق، الراحل رفيق الحريري، منذ منتصف تسعينات القرن الماضي. كانت وكالة «رويترز» نشرت، قبل 14 عاماً، إثر اغتيال الحريري، تقريراً يستعرض تراجع أرباح المصرف. نقل التقرير عن مصرفيين أنّه لا بدّ، كواحد مِن الحلول العلاجيّة، مِن «تقليص العمالة الزائدة عن الحاجة». الحديث هنا عن صرف موظّفين. لم يكن سرّاً أنّ توظيفات ذاك المصرف، إلى حدّ بعيد، كانت سياسيّة – مذهبيّة، على طريقة «التنفيعات» الشعبويّة الهادفة إلى مدّ نفوذ الزعيم وكسب الولاء له. اليوم، يبدو أن الفقاعة وصلت إلى حدّ الانفجار. وبدأت عمليات الصرف. ثمة تضارب حقيقيّ في ما خص عدد المصروفين. إدارة المصرف ترفض إعطاء رقم واضح. العاملون يتحدّثون عن 400 موظّف، والنقابة تقول بأن الرقم يتجاوز المئة بقليل.

بداية، ارتفع صوت بعض المصروفين علناً، وبعض المُهدَّدين بالصرف تلميحاً، على مواقع التواصل الاجتماعي. أحدهم راح يترحّم على رفيق الحريري، مغرّداً، في مقابل تأسّفه على ما حلّ بعده: «يا ريت أخدتنا معك…». آخر غرّد، على طريقة «يحصل في أحد البنوك» اللبنانيّة، عن الرواتب الهائلة لبعض المدراء مقارنة بموظّفين آخرين. يتّضح لاحقاً أنّ الصرف يطال، في أكثره، الحرّاس ومَن يماثلهم موقعيّة مِن «صغار الموظّفين». هؤلاء الذين، بحسب أحدهم، هم «الذين مثّلوا، خلال السنوات الماضية، البيئة الحاضنة الصلبة للحريري وتيار المستقبل… ما بعرف إذا الشيخ سعد (الحريري) بيعرف إنو هيدي البيئة هي اللي عم تنضرب اليوم». موظّف غاضب آخر يكتب: «سائق المدير يقول إنّ مديره يملك فيلا في شانيه تكلفتها ما يقارب 6 ملايين دولار، من أين لك هذا؟ مديرة تملك شقة سعرها 3 ملايين دولار. من المسؤول عن إخراج موظفين من لون واحد، هو لون ابن بيروت فقط؟». نشر الأخير صورة لإحدى أشهر الناشطات في تيار المستقبل، على المستوى الشعبي، وإلى جانبها صورة الرئيس الحريري، قائلاً: «دولة الرئيس هيدي نسما، أكثر وحدة بتحبّك بلبنان». يبدو أنّ الصرف يطال نسما، إيّاها، التي ظهرت في الصورة حاملة للعلم السعودي. يصعب متابعة هذا المشهد، وتغريدات موجعة أخرى، مِن غير أن يخرج بخلاصة: إنّهم يقولون لـ«الحريريّة» إيّاها «أخدتونا لحم ورميتونا عظم».

أكثر مِن ذلك. الصرف، بحسب بعض المصروفين، لم يكن «أخلاقيّاً» حتّى في الشكل. عُرِض على بعضهم، كصفقة، ألّا يُصرفوا ولكن في المقابل سيتغيّر موقعهم الوظيفي. مثلاً، يُعرَض على الحارس، الذي حمى سائر العاملين لسنوات طوال، ومَن كان هو في دائرة الخطر، أن يُصبح «مقدّم قهوة» أو «عامل تنظيفات». أحدهم عُرِض عليه «تنظيف الحمّامات» تحديداً. عزّت عليه واختنق. هذا صرف مقنّع. لا يُحكى عن قانون هنا، حتماً، ولا حتّى عن وفاء لهؤلاء، بل أقلّه عما يسمّى لباقة أو «إنسانيّة». آه، نسينا أنّنا نتحدّث عن مصرف.

عموماً، أليس لموظّفي المصارف نقابة؟ بلى، يوجد. رئيس هذه النقابة، أسد خوري، يخبرنا أنّه على علم بما يجري، وأنّ المصرف «أجرى إعادة هيكلة، فطلع في موظّفين زيادة، وعم يدفعولهم تعويضات إضافيّة بتوصل، بأحسن الحالات، لحدود 3 سنوات». هذه أحسن الحالات. يجزم خوري، بحسب علمه، أنّ عدد المصروفين «لم يصل إلى 400 موظف، بل الحديث عن أكثر مِن 100 موظف، ولكن مِن غير الواضح إلى أي عدد يُريد المصرف أن يصل. هل يصل إلى صرف 400 فعلاً… ما بعرف». يُخبرنا النقيب أن بعض المصروفين تواصلوا معه، لذا «عقدنا اجتماعات مع إدارة المصرف، وحاولنا أن نحسّن للمصروفين العطاءات». ماذا عن حكاية تنظيف الحمّامات وما شاكل؟ يُجيب خوري: «حاولنا التدخل لفرملة هذه المسألة. يبدو أنّها توقفت. في مسألة العطاءات نحن لا نتحدّث عن قانون، القانون هنا بيسوى (…)، ولكن عموماً التعويضات مقبولة بالحدود الدنيا».

عُرِض على بعض
الموظّفين قبل صرفهم
أن يَعملوا في تقديم
القهوة أو
تنظيف الحمّامات

تواصلت «الأخبار» مع إدارة المصرف، لمعرفة رأيها في ما يحصل. المدير العام التنفيذي للمصرف، راوول نعمة، أخبرنا عن مسألة إعادة الهيكلة، وأنّ «هناك أيضاً بعض الفروع القريبة مِن فروع أخرى، هذه نعمل على إقفالها. لقد راعينا حالة كلّ موظّف على انفراد، كنّا كرماء معهم، قدّمنا لهم «باكيدج» متكاملة». يوضح نعمة، الذي لم يُكمل عامه الأول بعد في الإدارة، أنّ بعض الموظفين «كان لا بد مِن إرسالهم إلى بيوتهم. هؤلاء لم يكونوا يعملون واقعاً، نبحث عن أحدهم فنجده نائماً مثلاً، أما البعض الآخر فشملته إعادة الهيكلة ببساطة». طبعاً، مدير البنك ليس هو صاحب البنك، هو تسلّم تركةً بما فيها من تضخّم التوظيف الزبائني إيّاه، ومعلوم أنّ بعض الموظّفين الذين لم تعُد تتسع لهم مؤسسات أخرى للحريري، على مدى السنوات الماضية، كانوا يُحوَّلون إلى المصرف. بناء على ذلك يأتي سؤال: هل سعد الحريري على علم بمسألة صرف الموظفين أخيراً؟ يُجيب نعمة: «بالتأكيد، كل المساهمين في المصرف (الحريري أحدهم) على علم بذلك».

ماذا عن حكاية تقديم القهوة وأعمال التنظيفات؟ لا تنفي إدارة المصرف ذلك بالمطلق، وتسأل: «هل يخجل أحد أن يُنظّف منزله؟ عموماً كنّا نفكر بطريقة إيجابية حتى لا يُصبح المعروض عليهم ذلك بلا عمل. يُمكننا أن نتعاقد مع شركة تنظيفات، وبتكلفة أقل، ولكن قررنا أن ندفع أكثر مقابل عدم صرف موظفين إضافيين».

إلى ذلك، ترفض الإدارة أن تُفصح عن الرقم الحقيقي للمصروفين، مع الإشارة إلى «توظيفات جديدة حصلت». يعلم المعنيّون في المصرف بوجود حالة امتعاض مِن جانب المصروفين، مِن جانب بيئتهم أيضاً، وأنّ المسألة تأخذ بُعداً مذهبيّاً – حزبيّاً. بديهي أن يكون المصروفون، في أكثريتهم، مِن أهالي بيروت ومِن السُنّة، ذلك «لأنّ المصرف سُنّي وأكثر موظفيه مِن السُنّة، فبطبيعة الحال أن يكون أكثر المصروفين كذلك».

في أرشيف صفحات بعض المصروفين، على مواقع التواصل الاجتماعي، الكثير مِن مفردات التعصّب و«الاستعداد للتضحية» مِن أجل الشيخ سعد. بعضهم يصمت الآن خوفاً مِن الشماتة. بعض «المرتاحين» ينصحون بذلك. لو أن أعتى كارهي الحريري، مِن أيّ جهة، أرادوا الإضرار به في العمق، لما فعلوا بحقه أكثر مما يفعل هو بحقّ نفسه. أتراه ليس لديه خيارات أخرى؟ ربّما. هكذا تكون النهايات.

فضيحة الفساد القضائي: استدعاء قضاة إلى التفتيش

هلعُ بعض القضاة لا يُعادله هلعٌ. يتحسّس هؤلاء مقاعدهم خشية اعتراف سمسارٍ أو فضح دليل قد يُطيحهم. يُقابله تفاؤلٌ غير مسبوق يعيشه قضاة آخرون.

يستبشرون خيراً بفرملة الفساد ولو مؤقتاً، آملين أن تُستكمل حملة مكافحته لتنقية الجسم القضائي من الفاسدين. غير أنّهم يتخوّفون من وقف الحملة جرّاء انطلاق حراكٍ قضائي مناهض للتحقيق الذي يُجريه فرع المعلومات.

جديد التحقيقات استدعاء قضاة إلى التفتيش القضائي وادعاء آخرين أن حساباتهم الالكترونية تعرضت للقرصنة، إضافة إلى انقسامٌ حيال طريقة تعامل نقابة المحامين مع التحقيقات. وفي هذا السياق، استدعى رئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي بركان سعد أحد القضاة الذي ورد اسمه في قضية تزوير أُثيرت مؤخراً.

وذكرت المعلومات أنّه استُمع إلى إفادة القاضي على خلفية إخلاء سبيل متّهم بتجارة المخدرات، فردّ بأنّه استند إلى التقارير الطبية للموافقة على إخلاء سبيل المتّهم. كذلك جرى التطرّق إلى اتّخاذ القاضي، وهو رئيس الهيئة الاتهامية في جبل لبنان، القرار منفرداً بالموافقة على إخلاء السبيل من دون المستشارين، فردّ القاضي بأنّ الهيئة تنتدبه للتحقيق، مشيراً إلى أنّ هذه الصيغة معمول بها في بعبدا بخلاف عدلية بيروت حيث يُناط القرار بالهيئة الاتهامية وليس برئيسها منفرداً.

وترددت معلومات عن أنّ قاضيين آخرين استُدعيا إلى التفتيش، في موازاة ذلك، علمت «الأخبار» أنّ اثنين من القضاة اشتكيا من أن حساباتهما الإلكترونية تعرّضت للقرصنة، ويلمّح أحدهما إلى احتمال وقوف جهاز أمني خلف هذه العملية.

أما في ما يتعلّق بمستجدات التحقيق في قضية «الفساد القضائي» وأبطالها من «سماسرة العدلية»، فعلمت «الأخبار» أنّ أسماء عشرات المحامين وردت في إفادات الموقوفين خلال التحقيق بحيث جرى ذكرهم على أنّهم كانوا سماسرة يُيَسّرون أمور الموقوفين، من دون أن يكونوا وكلاءهم بالضرورة، كذلك بات يُتداول بأسماء عدد من السماسرة الذين ذاع صيتهم في عالم الوساطات والخدمات القضائية والأمنية، علماً بأنّ بين هؤلاء مستشارين لوزراء وشخصيات رفيعة المستوى.

وفيما كان ينتظر الجميع من القضاء مواكبة التحقيق، تتحدّث معلومات عن حراك يقوم به اثنان من كبار القضاة يعربان فيه عن استيائهما من قيام جهاز أمني محسوب على طرف سياسي (فرع المعلومات) بإجراء تحقيقات ترد فيها أسماء قضاة من جميع الطوائف، ويتناقل قضاة عن أحدهما قوله إنّه «ليس في عهدي سيتم السماح لجهاز أمني باجتياح العدلية»، يترافق ذلك مع حملة سياسية تسعى إلى التشكيك في التحقيق القائم، رغم أن المطلعين على التحقيق يتحدّثون عمّا يسمونه «أدلة دامغة»، وخاصة تسجيلات صوتية ومحادثات مرفقة مع ملف التحقيق، تثبت وجود شبكة من السماسرة ودافعي الرشى ومتلقّينها في العدلية.

في موازاة الانقسام القائم حيال قرار نقابة المحامين عدم منح الإذن بملاحقة المحامية م. ع.، أكدت مصادر في مجلس نقابة المحامين لـ«الأخبار» أنّ حجب الإذن في القضية المتعلّقة بالمتهم بتهريب المخدرات مهدي م. جاء لكون المخالفة المزعومة أتت بمعرض ممارسة المحامية للمهنة، علماً بأنّ أي تجاوزٍ للأصول لم يثبت.

وأضافت المصادر أنّه إذا ما ثبت حصول خرق للقانون أو وقوع أي عمل شائن، فإنّ النقابة ستُعطي الإذن. وإزاء ما يتردد عن أن نقابة المحامين تقف حجر عثرة في وجه حملة مكافحة الفساد تماشياً مع القضاة، ردت المصادر بأنّ النقابة متعاونة مع القضاء لمكافحة الفساد، كاشفة أنّ مجلس النقابة لن يُعيق التحقيقات، بل سيُعجّل في إصدار القرارات.

*  الجمهورية

الجمهوريةلاءات باسيل توتّر المشهد.. والحريري يتهمه بـ”الإنقلاب”.. و”القوات” “ترفض التهويل”

على وقع التحضير للمحادثات المُنتظرة الجمعة المقبل مع وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو الآتي الى لبنان ضمن جولة على المنطقة، إضطرب الوضع الحكومي والسياسي بفعل سجال مفاجىء بين رئيس الحكومة سعد الحريري وتيار “المستقبل” من جهة، والوزير جبران باسيل و”التيار الوطني الحر” من جهة ثانية، في الوقت الذي يواصل “حزب الله” معركته لمكافحة الفساد محضّراً لخطوات في شأن ملفات جديدة سيضعها في تصرّف القضاء.

وقد اعاد السجال بين الحريري وباسيل البلاد بالذاكرة الى مطلع العام 2011 حيث أُسقطت حكومة الحريري يومها بـ”ضربة” الثلث المعطّل بتدبير باسيل، الذي جمع وزراء “التيار” وحلفائه في الرابية وأعلنوا استقالاتهم.

توقفت الاوساط السياسية في عطلة الاسبوع عند خلفيات اللاءات الثلاث التي كان باسيل اطلقها مساء الخميس بالتزامن مع انعقاد مؤتمر بروكسل للنازحين الذي غاب عنه، حيث قال: “إما عودة النازحين او لا حكومة، او طرد الفساد عن طاولة مجلس الوزراء او لا حكومة، وإما صفر عجز كهرباء أو الحكومة صفر ولا حكومة”.

ورأى بعض هذه الاوساط في هذه اللاءات ما يعكس أزمة صامتة بين الحريري وباسيل، ووجدت فيها “تلويحاً باسيلياً” بإسقاط الحكومة باستقالة “الثلث المعطل”، لكنها تساءلت هل انّ باسيل يملك هذا الثلث ليلوّح به؟ وإذا توافر له، هل انّ حلفاءه يوافقونه خطوة كهذه فيما اداؤهم حالياً يؤكّد تمسّكهم بالحكومة وعلى رأسهم “حزب الله”، الذي يتصدّر معركة مكافحة الفساد؟

وقد تابع باسيل أمس، مسلسل مواقفه ولاءاته خلال المؤتمر العام السنوي لـ”التيار”، فدافع عن نفسه ضد التهمة الموجّهة اليه بأنّه يستعجل الخطى قبل اوانها لخوض معركة انتخابات رئاسة الجمهورية، فقال: “إنّ الحديث عن الرئاسة هو أذى لي وللتيار والرئيس والبلد، وهذا الحديث ممنوع ان يُفتح معي لا من قريب ولا من بعيد، ومن يفتحه يكون يريد الأذى”.

وأكّد أن “أهداف التيار في السنة المقبلة هي النازحون والفساد والاقتصاد، واذا كان هناك من يراهن على انّ من الممكن ان نتخلّى ونساوم على البلد والمبادئ من اجل شيء آخر فيكون لا يفهمنا، لأنني أنا من قلت إنّ البلد اكبر من الرئيس، والرئيس في خدمة البلد وليس البلد في خدمة الرئيس، وأنا أعرف انّ التيار لا يحيد عن وضع مصلحة البلد فوق اي مصلحة اخرى”.

طرح تحفيزي

وقالت مصادر بارزة في “التيار الوطني الحر” لـ”الجمهورية”، ان “ليس هناك لدى “التيار” قرار بفتح معركة سياسية مع “المستقبل” ولا نريد أن ننزلق إلى سجال معه، لكن في الوقت نفسه لسنا في وارد أن نتخلّى عن ثوابتنا واقتناعاتنا”.

واشارت إلى “أنّ التلويح باحتمال تغيير الحكومة هو طرح تحفيزي بالدرجة الأولى من أجل تجنّب فشلها”. وأضافت المصادر: “نحن نعرف أنه لم يمض على تشكيل الحكومة سوى فترة قصيرة، إلا أننا وجدنا انّ المؤشرات الأولية المتعلقة بنمط مقاربتها لبعض الملفات ليست مشجعة، ولذا كان لا بدّ من رفع الصوت لتصويب مسارها من دون أن يعني ذلك اننا نريد افتعال أزمة سياسية”.

إنقلاب على البيان

وردّت مصادر قريبة من الحريري على باسيل فقالت لـ”الجمهورية”، انّ رئيس الحكومة “ليست لديه نيّة للتصعيد وهو أصلاً لم يكن مبادراً اليه، خصوصاً انّه حريص على نجاح الحكومة التي يترأسها، لكنه في المقابل لن يسكت على تشويه الحقائق والتجنّي السياسي”. وأشارت الى “انّ كلام باسيل التهويلي مستغرب وبعيد كل البعد من الواقعية”، معتبرة انّه “يندرج في إطار اعتماد الشعبوية وخوض معركة دونكيشوتية ليس إلّا، ومستهجنة استسهاله التلويح بإسقاط الحكومة ما لم تتم الاستجابة لما يطرحه”.

ونبّهت المصادر الى انّ الخفّة في اتخاذ بعض القرارات وعدم تقدير عواقبها قد يؤديان الى سقوط الهيكل على رؤوس الجميع من دون استثناء، وتفتته الى “مئة شقفة”. وتساءلت: “ما المطلوب من الحريري ان يفعله اكثر مما فعل حتى الآن؟ إذا كانوا يريدون التواصل مع النظام السوري لإعادة النازحين، فإنّ هذا التواصل قائم عبر رئيس الجمهورية وبعض الوزراء والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، ثم انّ الحريري كان حريصاً في كلمته امام مؤتمر بروكسل على الالتزام الحرفي، نصاً وروحاً، بما تمّ التوافق عليه في البيان الوزاري حول العودة الآمنة للنازحين، في حين انّ ما صدر عن باسيل هو انقلاب على هذا البيان”.

واستغربت المصادر اعتبار باسيل انّ مؤتمر بروكسل يهدف الى إبقاء النازحين في اماكن وجودهم، وتساءلت: “إذا كانت نيّات المؤتمر خبيثة، فلماذا أوفد وزير الخارجية مندوباً اليه، ولماذا اعترض وزير النازحين صالح الغريب ومن معه على عدم دعوته؟”.

موقف “القوات”

من جهتها، مصادر “القوات اللبنانية” قالت لـ”الجمهورية”: إنّ “الأولوية في هذه المرحلة وكل مرحلة يجب أن تكون للإنتظام المؤسساتي ولا يجب إطلاقاً العودة إلى منطق إستخدام المؤسسات بغية تحقيق غايات وأهداف شخصية، وفي حال لم تتحقق هذه الغايات، الذهاب في اتجاه تعطيل النظام والمؤسسات الدستورية”، مشيرة إلى “أنّ ما شهدناه في مراحل سابقة من فراغ ومحاولة توظيف هذا الفراغ لتحقيق أهداف سياسية أثّر على البلد إقتصادياً وسياسياً وكانت نتائجه كارثية، لذلك لا يجب إطلاقاً العودة إلى هذا المنطق الإبتزازي لإبتزاز المؤسسات وقوى سياسية أخرى لمآرب حزبية وشخصية لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية”.

وأكّدت هذه المصادر أنّ “ما نشهده في هذه المرحلة من محاولة الإستئثار بالتعيينات، وأنه سيُصار إلى التهويل بتعطيل الحكومة في حال عدم القدرة على تحقيق هذا الهدف الإستئثاري، هو أمر مرفوض ودليل على أنّ هذا الطرف لا يريد فعلاً للحكومة أن تنطلق ولا للمسار المؤسساتي أن يسير في الإتجاه الصحيح، ولا للدولة أن تنتظم تحت سقف الدستور والقوانين المرعية والشفافية المطلوبة، بل انّ كل ما يريده هو تحقيق مصالح خاصة بعيدة من المسار الإصلاحي المطلوب”.

وشدّدت هذه المصادر على أنّ “أي طرف لا يُمكنه الإستئثار بالتعيينات. والمؤسف أنه سيصل إلى حد تعطيل الحكومة إذا لم يصل إلى هدفه الإستئثاري”.

وأوضحت المصادر موقف “القوات” من التعيينات، وهو “أن تتمّ وفق آلية تعكس الهدف المنشود في هذه المرحلة ومستقبلاً، وأن تكون هذه الآلية دستورية وقانونية تراعي الكفاية والجدارة بعيداً من المنطق الإستزلامي، حيث يشعر كل مواطن أنّ لديه فرصة في حال كان يتمتع بالكفاية والجدارة، وأن نستطيع من خلال آلية من هذا النوع إصلاح الإدارة عبر وصول الرجل المناسب إلى المكان المناسب”.

واعتبرت أنّ “من غير المسموح التهويل وفتح ملفات خلافية يميناً ويساراً سواء في موضوع النازحين وحرفه عن مساره الطبيعي أو في موضوع التطبيع بغية إمرار مشاريع وأجندات خاصة”. وقالت: “هذا البعض إذا كان يعتقد أنّ هذا الأسلوب التهويلي والتهديدي والتفجيري للحكومة سيؤدي إلى رضوخ القوى السياسية للمسار الذي يسلكه فهو مخطئ. لا يُمكن هذه الحكومة أن تعكس رغبات هذا الطرف أو ذاك، بل ستعكس رغبات البلد ومصلحة الناس”، متمنية على “هذا الطرف أو ذاك أن يقلع عن هذا الأسلوب الإبتزازي برفع السقف وبالتهديد بالإطاحة بالحكومة وبالتهويل بملفات خلافية بغية إمرار ملفات خاصة”، ومؤكّدة أنّ “هذه الملفات لن تمرّ وما سيمرّ في الحكومة هو المُتوافق عليه وتحت سقف الدستور والقوانين المرعية”.

مجلس الوزراء

الى ذلك، قالت مصادر وزارية مطلعة لـ “الجمهورية”، انّ جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء المقبلة بات جاهزاً في انتظار عودة الحريري من باريس لتحديد موعدها. واستغربت المصادر الحديث المتنامي والمبكر عن احتمالات وقوع أزمة وزارية ضمن الحكومة وهي في بداية مهماتها. وقالت لـ”الجمهورية” إنّ “اتفاقاً تمّ التوصل اليه بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة عشية سفر الأخير الى بروكسل على ضرورة تجنيب الحكومة هذه الخضات التي تُعتبر في غير مصلحة الجميع، وخصوصاً في حجم الرهانات التي بناها رئيس الجمهورية على اولى حكومات العهد التي تلت الفراغ الحكومي على مدى تسعة أشهر ونصف شهر امضاها البلد من اجل تشكيلها”.

وأضافت المصادر، “انّ كل ما جرى لا يمكنه هز الحكومة في هذه المرحلة التي تعدّدت فيها الإستحقاقات، وعليها مواجهتها على مختلف المستويات ولا سيما منها تلك المتصلة بأزمة النازحين وكلفتها على لبنان واللبنانيين جميعاً بلا استثناء”.

وتوقعت المصادر إنعقاد جلسة مجلس الوزراء هذا الأسبوع عشية وصول وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، حيث تنشغل المراجع المعنية بتحضير ملفاتها لهذه الزيارة، محذّرة من أنّ اي اشكال حكومي ستكون له تداعيات كبيرة على هذه الزيارة وما هو مطروح من قضايا تعني جميع اللبنانيين ومصالحهم الحيوية.

اللقاء الماروني

من جهة ثانية، وبعد مرور شهرين على “اللقاء الماروني” المُوسّع الذي شهدته بكركي في كانون الثاني الماضي، وبلوغ عمرُ لجنة المتابعة المُنبثقة منه شهرين، عقدت خلالهما إجتماعها الأول، من المُرتقب أن تعقد اللجنة إجتماعها الثاني خلال الأيام العشرة المقبلة.

وتسعى بكركي إلى الوصول إلى موقف موحّد داخل اللجنة التي تضمّ 7 نواب يمثلون الأحزاب والشخصيات المسيحية، وبالتالي توحيد الموقف المسيحي حول مواضيع وطنية مُلحّة تمهيداً لتوحيد الموقف الوطني حولها، وذلك في سبيل إنقاذ لبنان ومصلحة اللبنانيين بكل طوائفهم وإنتماءاتهم. ومن أبرز هذه المواضيع قضية النازحين السوريين وضرورة عودتهم إلى بلادهم. ودار الحديث عن هذا الموضوع في اجتماع اللجنة الأول وسيتوسّع النقاش فيه أكثر في الإجتماع المُقبل.

اللواء*  اللواء

باسيل يتراجع والتهدئة تلجم التصعيد حول النازحين

الحريري يعود ليلاً ومجلس الوزراء الخميس .. وبعبدا تنفي معلومات عن صحة الرئيس

مع بداية أسبوع الاستحقاقات في جملة من الملفات الداخلية (جلسة مجلس الوزراء) والإقليمية (آلية عودة النازحين السوريين إلى بلادهم) والدولية (مجيء ناظر الخارجية الأميركية مايك بومبيو إلى بيروت)، تراجعت لهجة «التوتر» التي طغت على الساحة السياسية، قبيل مؤتمر بروكسل، والتي بدأها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وجنح إلى الخروج منها في خطابه أمس امام مؤتمر للتيار الوطني الحر، المح فيه ان خطابه السابق اسيء فهمه، فهو يريد مصلحة الرئيس، التيار والبلد، في ثلاثية جديدة، في الاحتفال بما وصفه «اليوبيل اللؤلؤي» لتيار الوطني الحر 30 عاماً على حركة «النضال العوني في 14 آذار 1989». في حين تولت اتصالات التهدئة، لجم التصعيد حول النازحين السوريين، بانتظار عقد جلسة لمجلس الوزراء، يجري الاعداد لجدول أعمالها، ويرجح ان تعقد الخميس، في وقت سارع اعلام بعبدا إلى نفي معلومات وردت في تغريدة على «التويتر» للاعلامي عباس ناصر، تضمنت ان «صحة الرئيس ليست جيدة».

فقد غرد مدير مكتب الإعلام في قصر بعبدا رفيق شلالا ان «صحة رئيس الجمهورية جيدة جداً والحمد لله».

ورد ناصر على شلالا: لا اتحدث انطلاقاً من اجتهادات أو إشاعات، افحصوا الإجراءات البروتوكولية الروسية لزيارة فخامته. وهناك الخبر اليقين. بكل الأحوال لا أتمنى لفخامته الا كل خير. وسأكون مسروراً جداً لو ان هذه المعلومات ليست دقيقة، مع العلم انّ مصادرها موثوقة بها».

وأعلنت رئيسة الهيئة الوطنيّة لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون روكز أنّ «الرئيس عون بصحة جيدة»، قائلة في حديث لبرنامج «وهلق شو» عبر قناة «الجديد»: «رافقنا الرئيس عون على الغداء اليوم وكل الأمور طبيعية».

بدوره أكّد النائب آلان عون للبرنامج نفسه ان «صحة الرئيس عون بخير، وربما حصل التباس لكون من دخل إلى المستشفى هي شقيقة الرئيس عون».

تفاهمات تسبق الاستحقاقات

وتريثت مصادر سياسية مطلعة، في التكهن بتوقعات الأسبوع الطالع، وانتظرت النشاط اليوم بعد عودة الرئيس سعد الحريري من باريس ليلا إلى بيروت بحسب ما أوضح مكتبه الإعلامي، وبالتالي التفاهم  مع الرئيس ميشال عون، سواء في ما خص حركة الاتصالات لرأب الصدع الذي خلفته حرب السجالات بين «التيار الوطني الحر» و«المستقبل»، والتي تردّد انها بدأت خلف الكواليس، أو بما يفترض ان يتم من تأمين مناخات هادئة يجب ان تسبق مجلس الوزراء المقرّر مبدئياً الخميس المقبل، من خلال التحضير لجدول أعمال خال من ملفات خلافية، وإلا فإن انعقاد الجلسة في ظل المناخات السائدة سيعرض الحكومة للسقوط، وهو ما لا يريده أحد، إلا إذا كان هناك من يريد قلب الطاولة على الجميع بحسب ما ألمح الوزير السابق رائد خوري، في سياق حديثه عن امتعاض «التيار الحر» من أداء رئيس الحكومة إزاء ملف النازحين والفساد.

يضاف إلى ذلك، ان وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو سيزور بيروت يومي الجمعة والسبت (22 و23 الجاري)، وليس من اللائق ان يظهر المسؤولون اللبنانيون تبايناتهم الداخلية إزاء القضايا التي سيطرحها الوزير الأميركي بما يضعف الموقف اللباني، بما يحتم عليهم، أقله، تنسيق مواقفهم، سواء بما يتعلق بحزب الله وإيران وبالصراعات الحاصلة في المنطقة والعالم، أو بما يتعلق بالصراع مع إسرائيل في البر والبحر وبالثروة النفطية.

باسيل لا يريد الوزارة

وفيما حرصت مصادر «التيار الحر» على التوضيح بأنه لا يريد إسقاط التسوية ولا الحكومة، ولا رفع السقف، وإنما الحث على انتاجية أكبر في مجلس الوزراء، لوحظ ان رئيس التيار الوزير جبران باسيل، تجنّب التطرق إلى خلافه مع الرئيس الحريري، في الكلمة التي ألقاها أمس، خلال المؤتمر العام السنوي الذي نظمه التيار في مجمع «نيوبيال» في فرن الشباك، مكتفياً بالحديث عن أهداف المؤتمر وبرنامجه وانجازاته في العام 2018، محدداً أهداف التيار في السنة المقبلة بثلاثة أمور هي: النازحون والفساد والاقتصاد، الا انه أعلن انه لم يكن يريد ان يشغل موقع الوزارة، وإنما أُجبر على ذلك من أجل التيار والرئيس والبلد، آملاً في ان يتمكن بالخروج من الوزارة في أوّل فرصة من أجل نفسه ومصلحته، لافتاً إلى ان «لا هم لديه سوى التيار والرئيس والبلد، وليس لديه أي مشروع ثان لا شخصي ولا عام»، معتبراً بأن الحديث عن الرئاسة هو أذى له وللتيار وللرئيس والبلد، مؤكداً بأن هذا الحديث ممنوع فتحه معه لا من قريب ولا من بعيد، ومن يفتحه يريد الأذى له وللرئيس وللتيار والبلد».

وفي إشارة إلى ما يتردد في الكواليس من صفقات في التعيينات وتوزيع الحصص على المناصرين والمحاسيب، قال الوزير باسيل: «ان خدمة النّاس واجب، لكن التيار ليس مكتب خدمات وليس موزع حصص على المحاسيب، فالخدمة يجب ان تكون محقة لصاحبها، ولن نسمح بأن نصبح تيّار خدمات تطالنا لوثة الخدمات الانتخابية على حساب القوانين والإصلاح، ولن نسمح بتسلل فيروس الفساد إلى جسم التيار، واذا حصل هذا الشيء سنقضي عليه استئصالاً، ولن نتستر على أي مرتكب باسم الصداقة، أو باسم الانتماء السياسي».

وذكرت معلومات ان باسيل أوعز إلى نواب «تكتل لبنان القوي» عدم الانجرار للرد على نواب كتلة «المستقبل»، وانه أبلغ نوابه بالاكتفاء بالقول انه قصد الجميع في خطابه في ذكرى 14 آذار، بمن فيهم رئيس الجمهورية والتيار.

.. و«المستقبل» يكتفي بمقدمته

في المقابل، بدا تيّار «المستقبل» انه اكتفى برده العنيف على باسيل في مقدمة نشرة اخبار تلفزيون «المستقبل» مساء الخميس، وردد نوابه ما قالته المقدمة من ان باسيل يحاول تقديم أوراق اعتماد لحزب الله والنظام السوري، في ما خص ملف النازحين، لكن مقدمة نشرته الإخبارية مساء أمس، شدّدت على ضرورة الابتعاد عن الشعارات الفارغة والانخراط في ورش العمل. وقالت «ان المطلوب هو الابتعاد عن السقوف العالية والذهاب نحو الانتاجية، ومكافحة الفساد بالافعال وليس بالاقوال، عبر السماح بتطبيق القوانين وعدم التدخل في شؤون القضاء».

ولوحظ ان اعلام «المستقبل» اضاء على ردّ مصادر كتلة «المستقبل» عبر موقع «ليبانون ديبايت» على مصادر «تكتل لبنان القوي»، مستغربة «كيف ان من عطل تشكيل الحكومة طوال 9 أشهر بات حريصاً اليوم على السؤال عن انجازاتها بعد 3 أسابيع من انطلاقتها». وسألت: «كيف ينوي من لم يستعد معتقلاً لبنانياً واحداً من سجون النظام السوري خلال 12 عاماً ان يُعيد مليون ونصف مليون نازح إلى سوريا، علماً ان لا أحد يمنعه عن القيام بذلك».

كذلك اضاء على تأكيد الرئيس نجيب ميقاتي عبر «تويتر» بأن «الصلاحيات الدستورية واضحة، وكل محاولات النيل منها تدخل في إطار تسجيل البطولات الوهمية»، لافتاً «الى ان حروب المصادر والسجالات الإعلامية تنعكس سلباً على لبنان كلّه بدون فائدة»، مشددا «على ان طاولة مجلس الوزراء هي الإطار الوحيد لمعالجة الملفات كافة».

وفي السياق، اعتبر الوزير السابق اللواء اشرف ريفي ان ما قاله باسيل عن تطيير الحكومة يعكس نيته لافراغ الدستور من محتواه وتعديله بالممارسة.

وقال: «هذا أمر مرفوض ويتجاوز صلاحيات وزير أو فريق ممثّل في الحكومة، ولا يستشف منه الا سلوك الاستقواء بالسلاح للإطاحة باتفاق الطائف والاستمرار بنهج الفساد والمحاصصة».

تجدر الإشارة إلى ان المرشحة عن تيّار «المستقبل» للانتخابات الفرعية في طرابلس ديمة جمالي زارت اللواء ريفي أمس، شاكرة دعمه لها، وقالت: «نحن اقوى بهذه التحالفات، وان المعركة مستمرة ويجب عدم التهاون بها»، فيما دعا ريفي الطرابلسيين لإسقاط خيار قوى 8 آذار، لأن طرابلس لن تكون مرتعاً لحزب الله».

خلاف على النازحين والتعيينات

إلى ذلك، اشارت معطيات إلى ان تصاعد الخلاف بين الحريري وباسيل الذي ظهر بوضوح في لقاء «بيت الوسط» عشية مؤتمر بروكسل-3، لا يتعلق بملف النازحين السوريين ولا بملف «سيدر»، وإنما بأمرين اثنين: الأوّل التعيينات الإدارية وسعي باسيل إلى الاستئثار بالحصة المسيحية يسبب احراجاً للحريري، اما الثاني فسعى باسيل إلى إقرار خطة كهرباء، ترتكز على البواخر، وهذا الأمر لم يعد الرئيس الحريري متحمساً للسير به.

لكن مصادر رسمية ما تزال على اعتقادها بأن جوهر الخلاف كان حول ملف النازحين، وانه بات من المفروض التفاهم على سياسة رسمية واحدة وواضحة لمعالجة الملف، وإلا سيبقى الخلاف قائماً بين مكونات الحكومة، وسيبقى السجال محتدماً بين وجهتي نظر، ما يُشكّل لغماً يُهدّد كل الوضع القائم.

وتقول هذه المصادر ان ورقة العمل التي يعمل عليها وزير شؤون النازحين صالح الغريب، والتي ترفضها بعض القوى السياسية سلفاً، إذا ما اشتم منها محاولة تطبيع مع النظام السوري، قد تشكّل ارضية ومنطلقاً للحوار والتفاهم على مقاربة واحدة، ولو جرى تعديل بعض افكارها ومقترحاتها بما يتناسب ومصلح لبنان أولاً.

جنبلاط في ذكرى والده

في موضوع العلاقة مع سوريا، كانت لافتة للانتباه كلمة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في ذكرى استشهاد والده كمال جنبلاط، عندما أشار إلى ان السوريين لم يخرجوا نهائياً من لبنان، في سياق استشهاده بأحد رفاق كمال جنبلاط القيادي محسن إبراهيم الذي لم يتمكن من المشاركة في الاحتفال، حينما قال له: انهم (أي السوريون) دخلوا على دم كمال جنبلاط وخرجوا على دم رفيق الحريري».

وتابع: بصبر ومرونة، نحن وجميع الوطنيين والعروبيين من أجل استقلال هذا البلد وسيادته، ولتثبيت عروبة هذا البلد كما ورد في الطائف، سنستمر، ونعلم بأن الصعاب جمة والمشكلات كبيرة، لكن خطنا واضح والأهداف، وبإذن الله في يوم ما سننتصر».

ولاحقاً، غرد جنبلاط على صفحته على «تويتر» قائلاً: «أهم شيء في الحياة النظرة إلى الامام، ايا كانت الصعاب وطي صفحات الماضي المؤلمة»، لافتا إلى ان هناك بلادا متعددة عرفت حروباً أهلية والطريق الأوحد في الخروج من رواسبها هو في المراجعة، والنقد الذاتي والمصارحة».

اضاف: «لقد كانت حرب دول على ارضنا، وكنا أدوات، سوياً وفوق كل اعتبار سنبني لبنان والتضحية من أجله واجب».

وكانت مسيرة حاشدة انطلقت السبت في المختارة، من الباحات الخارجية للقصر باتجاه ضريح كمال جنبلاط تقدمها رجال دين مثلوا الطوائف الإسلامية والمسيحية إلى جانب المشايخ الدروز، وسار إلى جانب عائلة جنبلاط النائب بهية الحريري ممثلة الرئيس الحريري مع النائب محمّد الحجار ممثلاً كتلة «المستقبل» وسفراء روسيا الكسندر زاسبكين والسعودية وليد بخاري والفلسطيني اشرف دبور ممثلاً الرئيس محمود عباس ورئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب اسامة سعد على رأس وفد قيادي من التنظيم.
وعبر السفير السعودي عن تضامنه مع جنبلاط في هذه الذكرى الذي يجب ان نكون جميعاً متواجدين فيها، لتثبيت العلاقة التاريخية بين المملكة والحزب التقدمي الاشتراكي».

حزب الله: أدلة ضد الفساد

«على صعيد آخر، أكد نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم ان مواجهة الحزب للفساد مدعومة بالادلة والأرقام، وهي لا تستهدف جهة أو طائفة وإنما تستهدف الأفراد المفسدين ليتوقفوا عن افسادهم وفسادهم». وأشار إلى ان الحزب «سيعمل على المتابعة من خلال مجلس الوزراء وآلية إقرار المشاريع بالمناقصات وتفعيل أجهزة الرقابة واقتراح وإقرار القوانين في المجلس النيابي والمحاسبة عبر القضاء والمواكبة الشعبية لمنطوق الفساد والمفسدين من النواحي المختلفة، وبالاشكال المختلفة التي ستبرز وستظهر تباعاً».

وفي السياق، كشفت محطة «الجديد» ان وزير الاتصالات محمّد شقير رفض إعطاء الاذن لمثول المدير العام الهيئة «اوجيرو» عماد كريدية امام المدعي العام المالي علي إبراهيم، ولو لمجرد الاستئناس برأيه، ونسبت المحطة إلى شقير قوله ان استدعاء كريدية هو بقرار سياسي ويستلزم معالجة سياسية، وإلى القاضي إبراهيم قوله تعليقاً موقف شقير: «يسكروا هالدكانة».
تزامناً، استدعى وزير المال علي حسن خليل كلاً من رئيس المجلس الأعلى للجمارك العميد أسعد الطفيلي ومدير عام الجمارك بدري ضاهر للاجتماع في مكتبه اليوم، في محاولة لوضع الأمور في نصابها بين الرجلين اثر ظهور خلافهما إلى العلن، على خلفية استدراج عروض لشراء ماكينات «سكانر» وتبادل اتهامات بارتكاب مخالفات جمركية.

ونسبت محطة MTV إلى مصادر في رئاسة الجمهورية قولها ان الطفيلي يتقاضى 25 مليون ليرة شهرياً كعائدات من رسم الخدمات، أي بما يعادل راتب ثلاث قضاة، علماً ان الطفيلي كان اتهم ضاهر بأنه ليس رأس الإدارة، بل المستشارة في رئاسة الجمهورية ميراي عون.

*  البناء

البناءعمليّة نوعيّة للمقاومة في سلفيت تهزّ كيان الاحتلال وتقتل ثلاثة جنود

الناشف: لحوار عاجل مع سورية حول النازحين… وضدّ أيّ حماية في ملفات الفساد

خلاف التيارين الأزرق والبرتقالي يهزّ الحكومة قبيل زيارة بومبيو وعشية اجتماعها

كتب المحرّر السياسيّ

شغلت العملية النوعية التي نفذتها المقاومة في فلسطين، واستهدفت جنود الاحتلال وقتلت ثلاثة منهم وجرحت رابعاً، قادة كيان الاحتلال وجيشه، وبدت تحولاً ثانياً نوعياً في عمل المقاومة وتهديدها صورة الكيان وجيشه، بعد صواريخ غزة التي سقطت في تل أبيب، ومثلما بدا عجز كيان الاحتلال أمام الصواريخ سبباً لتسويق التبريرات، هرباً من المواجهة، بدا جيش الاحتلال عاجزاً عن فعل شيء، بحجم إثبات أن يده لا تزال هي العليا.

التحوّلات النوعية التي تشهدها فلسطين تتم في سياق نهوض محور المقاومة وتنامي مقدراته، كما قالت الانتصارات التي تسجلها قوى محور المقاومة في سورية، حيث الاجتماع المتوقع بين رؤساء أركان جيوش سورية والعراق وإيران اليوم يتمّ تحت عنوان مواصلة استرجاع الجغرافيا السورية من تحت سيطرة الإرهاب.

وفي سياق ردّ الاعتبار لقدرة «إسرائيل» وحماية مصالحها يصل وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو إلى بيروت يوم الجمعة المقبل، حاملاً من قادة كيان الاحتلال العروض المنقوصة التي تستهدف ثروات لبنان في النفط والغاز بيد، وبيد أخرى التهديدات الأميركية المالية للبنان، فيما الحكومة اللبنانية منقسمة خصوصاً في القضايا التي بدت محور تجاذب بين رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، وفي مقدّمتها ملف النازحين والرؤية المتناقضة لموقع مؤتمر بروكسل الذي يعتبره الحريري مصلحة لبنانية، وينظر إليه باسيل كمصدر للتآمر على مصالح لبنان بالسعي لمنع عودة النازحين. وجاء خطاب باسيل ليومين متتاليين وتركيزه على ما يدور حول ملفات الفساد بصورة تتمحور على المسؤولية عن المالية العامة، التي تتوجه أصابع الاتهام فيها إلى الرئيس فؤاد السنيورة، ليشعل وسائل التواصل الاجتماعي بمواقف لتيار المستقبل ونوابه، ضد الوزير باسيل.

التصعيد بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر يأتي عشية انعقاد مجلس الوزراء يوم الخميس، وقبيل زيارة بومبيو، بصورة طرحت تساؤلات حول مدى قدرة الاجتماع الحكومي على مقاربة القضايا الكبرى والملفات الساخنة.

رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف الذي تحدّث في عشاء الحزب بمناسبة ميلاد زعيمه ومؤسسه انطون سعاده، وحضرته شخصيات دبلوماسية وسياسية، اعتبر أن الحوار الحكومي بين لبنان وسورية خصوصاً حول ملف النازحين ضروري وملح وعاجل، مشيراً إلى انتصارات محور المقاومة في سورية والعراق ولبنان وتقدّم روح المقاومة في فلسطين، رافضاً أن يحظى أي مسؤول بالحماية والحصانة في ملفات الفساد.

وأكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف أن عودة النازحين الشاميين إلى أرضهم ومنازلهم، هي حق من حقوقهم وينبغي أن لا يقف أيّ عائق سياسي دون العمل الجادّ والتفاوض المسؤول لإعادتهم إليها. وليس هناك أيّ ذريعة مقبولة لعدم التفاوض السياسي المباشر مع دولتهم لتنظيم عودتهم، وللتعاون الواضح والمباشر مع الدول الصديقة وفي مقدّمها روسيا الاتحادية لتفعيل هذه العودة وتسريعها. وقال في كلمة ألقاها خلال حفل العشاء الذي أقامه الحزب السوري القومي الاجتماعي في فندق الحبتور إننا نعمل ونؤيد العمل للدولة القوية وللنظام القوي الذي يعطي الحق لمستحقيه، والعدالة لطالبيها، والحرية لسائليها. وإننا مع فتح كلّ الملفات، ومع رفع كلّ الحصانات، ضمن نطاق وأطر القانون، لأنّ شعبنا يريد أن يعرف الحقيقة. ولا يمكن أن يسلس شعب قياده لحكام يخفون عنه الحقيقة كلّ الحقيقة. وشدد على أنّ الحرب على لبنان والعراق، وعلى الأخصّ على الدولة السورية من الدول العريقة في الاستعمار وفي امتصاص دم الشعوب، ومن «إسرائيل»، ومن ربيباتها، ومن المجموعات الإرهابية، ما هي إلا حرب على الحلقة المركزية لمحور المقاومة، الغاية منه إسقاط هذا الموقع الصلب، ليسقط الدور، وإنّ صمود الدولة السورية رئيساً وجيشاً وشعباً ومقاومة، وتحقيقهم الانتصار تلو الآخر سيبقى رمزاً وحافزاً ودرساً لكلّ الشعوب التائقة للتحرّر والرافضة الرضوخ لجبر، وغطرسة، وصفاقة المعتدين. وثمّن الدور الذي قامت به روسيا والصين لنشر مظلة حماية بالفيتو من العدوانية الأميركية فوق الأراضي السورية، وللمساعدات العسكرية التي قدّمتها روسيا الاتحادية وإيران. وقال كنا ولا نزال وسنبقى نقاوم، ونشارك ونؤيد المقاومة، ومحور المقاومة لاستعادة كلّ أرض فلسطين، رافضين أية مساومة أو أية صفقة على حقنا فيها كلها.

من ناحية أخرى، دخل التأزم السياسي على خط العلاقة بين تكتل لبنان القوي وتيار المستقبل على خلفية مؤتمر بروكسيل وما سبقه من سياسات لجأ إليها الرئيس سعد الحريري أزعجت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والوزير جبران باسيل في ما خصّ تغييب الوزير المعني بملف النازحين صالح الغريب عن المؤتمر، وما تبع ذلك من مواقف على جبهتي ميرنا الشالوحي بيت الوسط الذي خرجت مصادره منتقدة أداء باسيل ومستغربة حرص الأخير على الإسراع في الإنجاز بعد أقل من شهرين من التأليف في حين أنه عطل تشكيل الحكومة طوال 9 أشهر.

ما تقدم دفع وزير الخارجية جبران باسيل الى الكشف أمس، أنه كان مرغماً على أن يكون وزيراً وذلك من اجل التيار الوطني الحر والرئيس والبلد وقال: «انشالله بأوّل فرصة بقدر اطلع كرمال حالي ومصلحتي وموقعي». واعتبر باسيل في المؤتمر العام السنوي للتيار الوطني الحر أن الحديث عن الرئاسة هو أذى للتيّار وللرئيس وللبلد، مؤكداً أن التيار لا يحيد عن وضع مصلحة البلد فوق أي مصلحة أخرى.

ولفت وزير الخارجية الى «أننا اليوم في قِمة المسؤولية وليس في قِمة السلطة». وقال: «نحن في حكم منبثق من الناس ولأجل الناس وليس على الناس، وأي تصرّف او سلوك سلطوي يقضي على شرعية السلطة». أوضح باسيل أن التيار الوطني الحر هو اوّل تيار يختار النظام النسبي بالانتخابات، مشيراً الى أنه الاوّل الذي ينتخب الرئيس من القاعدة الشعبية ويكشف ميزانيته السنوية ويصدّق عليها.

في غضون ذلك أكد المستشار الإعلامي لرئاسة الجمهورية رفيق شلالا، في تصريح له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن «المعلومات التي يتم تداولها على مواقع التواصل عن صحة الرئيس عون لا أساس لها»، مشيراً إلى أننا نستعد الأسبوع المقبل لزيارة رسمية إلى موسكو ومن ثم إلى القمة العربية في تونس، وفي وقت لاحق سنلبي دعوة رسمية لزيارة الصين.

وفيما علمت «البناء» أن باسيل أوعز الى مسؤولي تكتل لبنان القوي عدم الدخول في سجال مع تيار المستقبل او الرد على مواقف مسؤوليه، توقفت مصادر نيابية في «لبنان القوي» لـ«البناء» عند انزعاج الرئيس الحريري وتيار المستقبل من مواقف الوزير باسيل المحقة والمنطقية من قضية النازحين ومطالبته بالإنتاجية في الحكومة، مشدّدة على أن لا تفسير لمن لا يروق له هذا الدفع من قبلنا للقيام بالإصلاحات ومحاربة الفساد وتفعيل عمل المؤسسات الا ان هناك بعض الفرقاء لا يريد العمل، مشددة على ان هذه السياسة لن تجدي نفعاً وبالأخص على مستوى مساعدات سيدر المرتبطة بكثير من الإصلاحات فضلاً عن إقرار الموازنة التي لم يبدأ مجلس الوزراء بعد بدراستها. واعتبرت المصادر أن سياسة الحريري الجديدة منذ عودته من السعودية وصولاً الى مصالحته المفاجئة مع الوزير السابق أشرف ريفي، توحي انه يتجه الى مقاربة الأمور بطريقة مختلفة قد تخلق توتراً داخل مجلس الوزراء. وقالت المصادر يخطئ من يظن اننا نريد إطاحة التسوية، فنحن مصرون عليها لكننا في الوقت عينه لن نقبل التلكؤ في انجاز المشاريع المطلوبة والتعيينات وغير ذلك.

الى ذلك، تلاقى السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم مع الوزير باسيل في الموقف من مؤتمر بروكسل، فأكد أنه «لو أن المؤتمرات يهمها النازحون لكانت استطاعت إزالة العقوبات عن سورية»، مشيراً إلى أن «كلام الوزير باسيل هو الواقع، لأن هناك قوى سياسية تريد بقاء النازحين لأهداف سياسية»، مشدداً على أن «العلاقة بين سورية ولبنان مميزة».

أما على خط تيار المستقبل، فالتصعيد سيد الموقف في وجه باسيل، وشددت مصادر «المستقبل» لـ«البناء» على ان السياسة الباسيلية الراهنة ستقضي على التسوية السياسية التي أكدت ضرورة الاستقرار السياسي بالدرجة الاولى، لا سيما ان الجميع يدرك ويعرف أن أي تقدم أو تطور على الصعيد الاقتصادي يجب أن يكون مرتبطاً بالاستقرار السياسي الذي يعرّضه التيار الوطني الحر للاهتزاز. وشدّدت المصادر على أن مَن يريد العمل جدياً يناقش الملفات على طاولة مجلس الوزراء بدل المنابر الإعلامية التي تؤجج الشارع.

وفيما لا يزال الرئيس الحريري موجوداً في باريس التي زارها لإجراء بعض الفحوص الطبية، لم يعرف بعد إذا كان رئيس الحكومة سيدعو الى جلسة لمجلس الوزراء الخميس.

وكان لافتاً ما أعلنه وزير الاقتصاد السابق رائد خوري أن «التسوية لم تسقط، لكن هناك اختلاف في نقاط عدة أهمها في ملف الكهرباء ولم نصل بعد إلى اتفاق في هذا الملف»، قال: «إذا لم نتمكن من حل ملف الكهرباء خلال شهر أو شهرين ستطير الحكومة، لأننا لا نريد إفشال العهد».

وأكد نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن مواجهتنا للفساد مدعومة بالأدلة والأرقام، وهي لا تستهدف جهة أو طائفة، وإنما تستهدف الأفراد المفسدين، ليتوقفوا عن إفسادهم وفسادهم، وسنعمل على المتابعة من خلال مجلس الوزراء، وآلية إقرار المشاريع بالمناقصات، وتفعيل أجهزة الرقابة، واقتراح وإقرار القوانين من خلال المجلس النيابي، والمحاسبة عبر القضاء والمواكبة الشعبية، لنطوّق الفساد والمفسدين من النواحي المختلفة وبالأشكال المختلفة التي ستبرز وستظهر تباعاً إن شاء الله.

المصدر: صحف