أمين أبوراشد
كان النائب حسن فضل الله يحمِل ملفاً أنيقاً، حجمُه يُوحِي أنه يتضمَّن بضع عشراتٍ من المُستندات وليس أكثر، حصيلة سبعة أشهر من العمل الدؤوب والمُضنِي، منذ تكليفه من سماحة السيد حسن نصرالله قُبَيل الإنتخابات النيابية في ربيع العام 2018، بِتَرؤُّس لجنة من حزب الله لدراسة ملفات كبيرة تعتريها الشوائب، وتحمل أرقاماً عن الفساد أكبر من قدرة وطنٍ وشعبٍ على احتمالها نتيجة تراكمات ربع قرن.
وكما أناقة الملف، كانت أناقة الأدبيات في تصريح النائب فضل الله على باب النائب العام المالي علي ابراهيم، وكنا على ثقة، ومنذ قرار التكليف، أن حزب الله يعمل كما دائماً بلا “جعجعة”، لأن الشعب ينتظر فقط وقف نهب الطحين، لكن للأسف هذا الملف / الخُلاصة لإرتكابات البعض، أربك هذا البعض وبدأت “الجعجعة”، سواء عبر مؤتمر صحفي من هنا أوتصريح مذهبي من هناك أو تغريدات كل من كانت له صِلَة بمغاور علي بابا! حزب الله لم يتَّهِم أحداً ولم يُسمِّ أحداً، وهو غير مسؤول عن “المِسَلَّة” التي تحت إبطِ أحد، وكان أجدى بِمَن يعتبر نفسه مُستهدفاً بالأرقام أن يُجِيب بالأرقام، لا أن “يتأستذ” على الشعب اللبناني لِيُعلِّمه الفارق بين التفاح والليمون، وبين الصرف بموجب الموازنة والصرف من الميزانية على القاعدة الإثني عشرية، وكان عليه تبرير التصُّرف بالهِبات على سبيل المثال، وأسباب التلاعب بالحسابات وإلغاء القيود واستبدالها بأخرى وصولاً الى أصول الصرف، لأن المطلوب ليس الميزان المُحاسَبِي، بل تبرير كل ليرة لبنانية في المداخيل، وكل ليرة في المدفوعات، سواء عبر أوامر القبض أو الدفع أو الفواتير، والقيود المحاسبية التي أنجزت وزارة المالية كشفها مؤخراً، بالنيابة عن وزراء مالية سابقين، حقَّقت بها إنجازاً كبيراً، مَكَّنت المدير العام للوزارة آلان بيفاني من الوقوف واثقاً على أرضٍ صلبة، وأعلن عن انجازات تحقَّقت في وزارة المالية كان ممنوعاً عليه سابقاً إنجازها في ظلِّ ولاية وزراء آخرين.
لن ندخُل في الأرقام لأنها باتت بعُهدة النيابة العامة المالية، ولن ندخُل في الأسماء لأنها بعُهدة القضاء بناء على التحقيقات، ولن نعتبر “لجنة فضل الله” حكومة ظلّ، ولو أنها وحدها التي حرَّكت الجميع في أوسع عملية مكافحة فساد يشهدها وسوف يشهدها لبنان، ونحن نفخر بحكومة ظلّ تعمل بأخلاق، وتُثبِت لبعض الجوار الإقليمي ولبعض الغرب، أن تُهمَة حكومة حزب الله التي يدَّعون، تُشرِّف الشعب اللبناني، وأن القابض على كرة النار لحماية وطن، هو الجدير أن يحمل شُعلة النور والأمل بقيام دولة، وأن تتناقل الأيدي النظيفة هذه الشُعلة التي نتمناها مُستدامة لأن الفُرص لا تتكرر. وقد درجَت العادة في لبنان، أن يستخدِم البعض عبارة: “النيابة أو الوزارة تكليف، وليست تشريف”، بمعنى أن من يصِل الى مركز في الشأن العام هو مُكلّف بخدمة الناس، وأن منصبه ليس للتشريف والتشريفات، الى أن طرأ ما هو جديد في استخدام كلمتيّ التكليف والتشريف، بدءاً بالنجاح الذي تحقق من خلال تكليف النائب حسن فضل الله بهذه الورشة الإصلاحية، ووصولاً الى تشريف الكرسي بالشخص الذي نأخذ الوزير جميل جبق كَمِثال عنه، عبر العمل الحكومي الذي لا يهدأ ولا يستكين على أرض الواقع وفي مواقع مُعاناة الناس. نعم، إذا كانت كلمة “تكليف”، مُستوحاة من مفهوم التكليف الشرعي بمعناه الديني، فإن شريحة واسعة من الشعب اللبناني تفهم – وقد اختبرت- ما يعني التكليف الشرعي عند حزب الله، عندما تُترجِمه قيادة الحزب عملاً حثيثاً نظيفاً وتسير به حتى النهاية، لتحصل على نتائج التشريف للمؤسسة وللفرد من الرأي العام، في كيفية إدارة الشأن العام..
المصدر: موقع المنار