قالت النائب عناية عز الدين في مداخلة خلال جلسة مناقشة البيان الوزاري: “في الحياة الديمقراطية عادة، معدودة هي المحطات التي ترتقي الى مصاف الحدث الذي نحن بصدده اليوم، واللحظة التي نحن بصددها اليوم هي واحدة من هذه المحطات نظرا للاوضاع المعقدة والازمات التي يعاني منها لبنان. جلسة الثقة التي يعرض فيها دولة رئيس مجلس الوزراء المكلف بيان حكومته على النواب، يرسم سياساتها ويحدد التزامتها، فإن حاز على ثقتهم تحول هذا البيان الى عقد سياسي يمارس النواب على أساسه دورهم الرقابي نيابة عن الناس”.
أضافت: “قبل المضي في مناقشة البيان الوزاري، أود أن أستهل مداخلتي بتقديم تحية إجلال وإكبار الى شهدائنا، كل شهدائنا، الذين قدموا أنفسهم فداء للبنان، كي يبقى عصيا على المحتلين والظلاميين، ووطنا نهائيا لجميع أبنائه وبناته، ولا بد لي أيضا أن أعبر عن امتناني العميق لكل من يعمل على حماية الحدود وصيانة المكتسبات وبناء مستقبل أفضل”.
وتابعت: “إن اللحظة التي نناقش فيها هذا البيان الوزاري المعروض أمامنا اليوم تشكل محطة مفصلية وتأسيسية ومصيرية في إدارة الحكم في لبنان، نظرا لعمق الازمات التي يواجهها لبنان على مختلف الصعد، وهو على عكس أسلافه، يوفر قائمة موسعة ومحددة من الإلتزامات الواضحة ويتسم بنبرة إصلاحية يجسدها على شكل إصلاحات هيكلية وإصلاحات قطاعية، فيرتبها ويوضحها بلغة بسيطة ومباشرة تخاطب هموم الناس وتطلعاتهم وتستجيب أيضا لتوقعات شركاء لبنان وخلاصات مؤتمر “سيدر”، وفي كل ذلك خطوة الى الأمام، مع أن العبرة دائما تبقى في التنفيذ الفعلي على أرض الواقع”.
وأردفت: “وعليه، فإن البيان الوزاري يشكل سيفا بحدين، فإما أن تمسك الحكومة العتيدة بمقبضه وتضرب به التحديات المتعاظمة التي تواجه بلادنا، وإما أن تنوء تحت ثقله، لا سمح الله، فتسقط في فجوة الثقة الآخذة في الاتساع والتي ستصبح بعد ذلك بلا شك أعمق من أي وقت سبق. وحتى يكون سيف البيان هذا ماضيا في حده لمصلحة البلاد والعباد، لا بد من بيان بعض المسائل ومناقشتها، وسأقتصر على أربعة محاور رئيسية لأنني أراها ذات أهمية خاصة بذاتها أولا، وبالنظر الى علاقتها مع باقي العناوين الإصلاحية المطروحة ثانيا، أما المحاور الأربعة فهي مكافحة الفساد – التحول الرقمي – البيئة والصحة – المرأة والشباب”.
وقالت: “أولا – في مكافحة الفساد: لا بد لي في إطار هذا المحور من كلمة تهنئة، فالبيان الوزاري يلتزم بإقرار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وبرنامجها التنفيذي بلغة لا لبس فيها، وهي الاستراتيجية التي كانت الحكومة السابقة قد وعدت بوضعها، وأوفت بوعدها فعلا، والتي كان لي فيها شرف قيادة هذه المجهود، في إطار مسار تشاركي أسهم فيه وزراء ونواب وكبار القضاة وممثلون عن وزارات وهيئات رسمية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، ودعمه برنامج الأمم التحدة الإنمائي مشكورا، إن هذه الاستراتيجية بأهدافها الأربعة ومجالات عملها السبعة ومخرجاتها المتعددة لهي خارطة طريق متكاملة لمكافحة الفساد، مع التركيز على الجانب الوقائي والعمل القطاعي في هذا الشأن”.
أضافت: “خارطة الطريق هذه قادرة على إخراجنا من الحلقة المفرغة التي ندور بها منذ ما يقارب العقود الثلاثة في ما يتعلق بإصلاح القطاع العام، بما في ذلك لازمة “تحديث الإدارة” التي ما فتئنا نكررها منذ سنوات طويلة دون إحراز تقدم حقيقي، وأحد الأسباب الجوهرية، هي ظاهرة الفساد التي تعيق وتجهض أي إصلاح حقيقي من جهة، ومن جهة أخرى تأخرنا عن مواكبة ركب التطور الحاصل في العالم في هذا المجال حيث نبتغي إصلاح القطاع العام في العام 2019 بعقلية تسعينيات القرن الماضي”.
وتابعت: “بالعودة الى “الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد”، يا حبذا لو يردف البيان الوزاري، فيضيف عبارة “العمل على تطبيق” بعد كلمة “إقرار”، فنقطع الشك باليقين، ونوضح بأن الحكومة بصدد العمل فعلا على متابعة هذا الملف دون مماطلة خصوصا وأن الأمر لم يعد يحتمل التأجيل والتسويف والشعارات الفارغة في هذا المجال”.
وأردفت: “شاءت الظروف أن تجمعني، منذ يومين لا أكثر، مع دولة رئيس الوزراء المكلف في “القمة العالمية للحكومات” التي تنعقد في دبي كل عام بحضور قادة ومسؤولين وخبراء رفيعي المستوى من دول العالم، وتلك القمة هي منصة عالمية تهدف لاستشراف مستقبل الحكومات مع التركيز على تسخير التكنولوجيا للتغلب على التحديات التي تواجه البشرية، وقد لفتني فعلا الموقف المتقدم الذي عبر عنه دولته إزاء خطر الفساد وضرورة التصدي له، بل وحتى إعطاؤه الاولوية. ومن ضمن ما قاله في هذا المجال يجب تنفيذ الاصلاحات قبل البدء بتنفيذ المشاريع حتى لا يكون هناك هدر وفساد، كما قال إننا نحتاج إلى إقرار وتطبيق القوانين اللازمة لمكافحة الفساد. وأنا أتفق معه، على وجوب إقرار كل القوانين التي تتناسب مع مقتضيات مكافحة الفساد الحديثة، وحاجة أيضا إلى إعادة النظر في نصوص قانونية، وحتى دستورية للأسف، تعتبر معيقة لمثل هذه المكافحة، ومنها على سبيل الذكر لا الحصر ما يتعلق بالحصانات وآلية محاكمة الوزراء”.
وقالت: “لكننا في الوقت نفسه، لا يمكننا إنكار التقصير الحكومي الحاصل في تنفيذ ومتابعة ما هو موجود من قوانين في هذا المجال، بما في ذلك ما أقره المجلس النيابي مؤخرا، والمثال الساطع على ذلك قانون الحق في الوصول الى المعلومات الذي ما زال الالتزام فيه ضعيفا جدا رغم دخوله حيز النفاذ فور نشره في الجريدة الرسمية في شباط من العام 2017. وهو لا يحتاج الى مراسيم تطبيقية، كما يحلو للبعض تكراره برغم تأكيد وزارة العدل والجهات القضائية المعنية عكس ذلك، وإن كان إصدار مثل هذه المراسيم سيساعد على حسن التطبيق. وهنا لا بد من الترحيب بما ورد في البيان الوزاري من التزام بإصدار تلك المراسيم، ولكن الخشية تبقى أن تنتقص تلك المراسيم بشكل أو بآخر من المكتسبات التي أتى بها القانون، ولن تكون المرة الاولى التي تفعل المراسيم فعلتها هذه، فهل نأخذ وعدا من الحكومة العتيدة بأن يتم إعداد تلك المراسيم بالتشاور مع أهل الخبرة والاختصاص وبالتعاون مع المجتمع المدني والمنظمات الدولية المعنية؟”.
أضافت: “بالعودة الى الموضوع التشريعي في هذا المجال، فإن الحقيقة هي أن مجلس النواب يمضي قدما بوتيرة غير مسبوقة في هذا المجال، مستفيدا من العمل الدؤوب الذي قام به النواب خلال أكثر من عقد من الزمن، واليوم حان وقت القطاف. وأول الغيث في عهد مجلسنا النيابي إقرار قانون “حماية كاشفي الفساد” وقانون “دعم الشفافية في قطاع البترول”، والآتي قانون لإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وتعديل شامل وعميق لقانون الإثراء غير المشروع، إضافة الى قوانين أخرى. ولكن السؤال يبقى، هل ستتعلم الحكومة الدرس وتحرص على إعطاء الأولوية وتوفير الموارد اللازمة لتنفيذ تلك القوانين على أرض الواقع متى ما تم إقرارها؟”.
وتابعت: “ختاما في هذا المحور الاول، أكون مقصرة إن حذوت حذو البيان الوزاري الذي خلا من كلام واضح حول دور القضاء عموما وفي مكافحة الفساد خصوصا، ولا يبرر هذا الصمت حجة “الفصل بين السلطات”، فالجملة اليتيمة التي وردت في المقدمة تتحدث عن – وأقتبس هنا: “تعزيز سلطة القضاء واستقلاليته في أداء رسالته”. إن هذا الكلام الإنشائي الجميل لا يرقى بأي حال من الأحوال الى ما هو مطلوب لإعطاء القضاء ما يستحقه من اهتمام، اهتمام يتعدى زيادة الاجور والمخصصات، فهل ستولي الحكومة العتيدة هذا الملف أولوية خصوصا لناحية توفير الموارد المالية والبشرية لتمكين القضاء من القيام بدوره واتخاذ ما يلزم من تدابير لدعم ورشة تفكير وعمل، بمشاركة مجتمعية، تهدف الى تحويل شعار الاستقلالية الى نصوص وممارسات متوافقة مع المعايير الدولية ومفعلة على أرض الواقع؟”.
وأردفت: “ثانيا – التحول الرقمي: لا يختلف اثنان على أهمية العمل على تحقيق التحول الرقمي في لبنان كأداة مركزية لبناء الدولة والمؤسسات ونقل لبنان الى رحاب القرن الواحد والعشرين، وقد بذلت وبذل معي متطوعون جهودا مضنية، لوضع استراتيجية وطنية شاملة ومتكاملة في هذا الشأن، واستفدنا في هذا العمل من خبرات دولية فذة ومن مواكبة فنية من جانب البنك الدولي، وأعلنا عنها في مؤتمر موسع أقمناه برعاية فخامة رئيس الجمهورية منذ أقل من عام. ولكن بموازاة تقديري لقيام البيان الوزاري بذكر هذه الاستراتيجية، لا أخفي عليكم خيبة الأمل العميقة التي أصابتني لدى التمعن في طريقة تعاطي البيان مع هذا الملف الإصلاحي الحيوي لمستقبل لبنان، وذلك في تناقض صريح مع ما جاء في مقدمة البيان نفسه الذي يقول إن الإجراءات الإصلاحية التي تلتزم بها الحكومة – وأقتبس هنا “يرتبط نجاحها بعدم تجزئتها أو تنفيذها إنتقائيا”، ومع ذلك، لا يمكن توصيف المقاربة التي يعتمدها بشأن “التحول الرقمي” إلا بالمجزءة والمشرعة على التنفيذ الانتقائي، فهل كان ذلك مقصودا؟ ولأي غاية؟ ماذا يعني البيان الوزاري حين يقول – وأقتبس مجددا: “تنفيذ الحكومة الالكترونية في الإدارات والمؤسسات العامة حيث ما أمكن تمهيدا لإقرار الاستراتيجية الشاملة للتحول الرقمي”. هل نضع العربة قبل الحصان؟ هل نقيم بناء دون أساس سليم؟”.
وقالت: “إرتجال حول الأسس، شرح ارتجالي عن الوضع الحالي لمشاريع المكننة الحالية في الادارات والوزارات وعن ضرورة اقرار وتنفيذ استراتيجية التحول الرقمي ووضع البنية التحتية ليس فقط لتمكين الشركات الكبرى وانما ايضا لتمكين الشباب والمجتمع في وقت اصبحت الداتا جزءا من ثروات الشعوب، هذه الاستراتيجية تمت مراجعتها من قبل خبراء عالميين واعتبروها استراتيجية عالمية قابلة للتطبيق وعبر البنك الدولي عن استعداده لدعم تنفيذها (نموذج استونيا). ضرورة بناء القدرات داخل القطاع العام) ثم ماذا يعني الحديث عن وضع استراتيجية أخرى للتحول الى الاقتصاد الرقمي وبناء منظومة الأمن السيبراني، تحت عنوان قطاع “الإتصالات” ضمن بند الإصلاحات القطاعية؟ ألسنا بصدد التجزئة هنا، خصوصا وأن الاستراتيجية التي تم وضعها والإعلان عنها تشتمل على كل ذلك؟”.
أضافت: “أخيرا، ماذا يعني أن يتم إحداث وزارة دولة لتكنولوجيا المعلومات دون رؤية واضحة لدورها ودون ذكر لمساهمتها في ما ذكرته آنفا، هل نحن بصدد تكرار تجربة وزارة الدولة لمكافحة الفساد؟”.
وتابعت: “إن التحول الرقمي ليس غاية بحد ذاته وحسب ونحن هنا لسنا بصدد شراء تكنولوجيا وانما استعمال التكنولوجيا كأداة للاصلاح وللتمكين الاقتصادي والاجتماعي والقطاعي والديمقراطي، انه رافعة لا غنى عنها لما جاء في البيان الوزاري بأسره. فهو رافعة لمكافحة الفساد، ورافعة لجذب الاستثمار، ورافعة لتحسين بيئة الأعمال، ورافعة لمحاربة البطالة لا سيما بين الشباب القادرين على الاستفادة من هذا التحول بطرق مبتكرة، ورافعة للتنمية المستدامة بمختلف أبعادها، لأننا نعلم إنه بحلول العام 2022، ستصل مساهمة الاقتصاد الرقمي الى 25% من إجمالي الناتج القومي لدول العالم، وإن هذه النسبة ستصل الى 45% في العام 2050. فأين لبنان من كل هذا؟ هل سنضيع هذه الفرصة التاريخية بالسقوط في فخ التفكير من داخل الصندوق، أو ربما الصناديق؟”.
وأردفت: “ثالثا – البيئة والصحة: يلتزم البيان الوزاري في هذين الملفين المترابطين بسلسلة من التدابير المحددة، ولكن الرؤية الشاملة تبقى غائبة، ليس فقط في مسألة إدارة النفايات الصلبة، التي كان لنا فيها نقاشات ومداخلات عدة، ربما تكون اتسمت بالحدة. لما لا ونحن بصدد ملف يعني أغلى ما يملك الإنسان، حياته التي منحه إياها الله، منحه إياها لا كي يسلبه إياها إستهتار مسؤول أو تقصير آخر. فيما يخص البيئة، ومع تقديرنا للجهود المبذولة، نحن بحاجة الى استراتيجية عصرية شاملة ومتكاملة تقوم على مبدأ استرجاع الموارد والحفاظ على السلامة العامة والبيئة – فلا القانون الإطاري يذكر ذلك ولا الخطط الحكومية السابقة تقاربه (مدخول دبي من النفايات يقدر بأربع مليارات درهم نتيجة مقاربتهم للنفايات على انها مورد اقتصادي يجب تنظيمه عبر وضع منظومة متكاملة تعتمد على الفرز من المصدر واعادة التدوير وخلق فرص العمل)”.
وقالت: “في ما يخص الصحة، الحديث يطول ولا شك أن زميلاتي وزملائي النواب سيولونه اهتمامهم، إلا أنني أود تسليط الضوء على ضرورة التنبه الى عدم تبسيط الأمور، فقضية الدواء ليست مسألة تخفيض أسعار وحسب، فنحن بحاجة الى إعادة النظر في سياستنا المتعلقة بشراء الدواء انتاجه وتسويقه وتصنيعه، وذلك وفق مرتكزات تتوافق مع تجارب الدول الأخرى في هذا المجال”.
أضافت: “رابعا – المرأة والشباب: أخير وليس آخرا – يلفت في البيان اهتمامه بالحديث عن دور الشباب والمرأة، إلا أن الرؤية تبقى مجتزأة، لا سيما في ظل محدودية المساحة المتاحة لهم كي يسهموا فعلا في وضع وتنفيذ ومتابعة السياسات العامة. فلا المرأة ولا الشباب فئات منفصلة عن مجتمعنا، بل هي في صلب قدراته الكامنة التي لم نستثمرها بعد، وبالتالي أدعو الحكومة الى إدماج المرأة والشباب في كل المسارات التي تنوي إطلاقها، وأتعهد من ناحيتي كرئيسة اللجنة النيابية للمرأة والطفل بأن أبذل قصارى جهدي لمساندة تلك الجهود من باب التشريع والمساءلة خاصة في ما يخص رفع الظلم والتمييز ضد المرأة، وذلك استرشادا بأهداف التنمية المستدامة، وبالمعايير الدولية والممارسات الجيدة المقارنة في هذا المجال”.
وتابعت: “قبل أن أختم، يحضرني قول جبران خليل جبران في زمانه: “ويل لأمة مقسمة إلى أجزاء، وكل جزء يحسب نفسه فيها أمة”، ويدفعني هذا القول الى التذكير بأن البيان الوزاري، أي بيان وزاري في لبنان، لا يجب أن يخلو من الإشارة الى ضرورة العمل على تطبيق إتفاق الطائف، لا سيما لناحية إلغاء الطائفية السياسية. هذه المرض المقيت الذي لا يجهض صنع القرار ويهدر المال العام فحسب، بل يجهض إيمان اللبنانيين واللبنانيات بوطنهم ويهدر الحقوق حتى أبسطها، ومثال على ذلك معاناة الفائزين بامتحانات الخدمة المدنية ومتطوعي الدفاع المدني الذي ما برحوا ينتظرون إحقاق حقوقهم المجمدة حتى إشعار المحاصصة المقيتة، لذا لا بد من إقرار المراسيم المتعلقة بهم”.
وأردفت: “من هذا المنطلق، يؤسفني خلو هذا البيان الوزاري من أي دعوة لتشكيل وتفعيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية، هذه الهيئة التي تعتبر من أهم مكونات اتفاق الطائف. وقد طالبت يا دولة الرئيس مرارا وتكرارا بالدولة المدنية، وهو ما تدعو إليه أيضا كل القوى السياسية، فماذا تنتظر هذه الحكومة؟ أليس إلغاء الطائفية السياسية واحدا من أهم عناصر العبور الى الدولة المدنية والخروج من التقوقعات الفئوية الى رحاب المواطنة والحوكمة الرشيدة بما يعطينا الأمل في أن قيام الدولة الجامعة القادرة بات وشيكا؟”.
وقالت: “إن هذا البيان الوزاري على إيجابياته الكثيرة، لا ينبغي أن يكون صك براءة ندفن معه أخطاء الماضي وخطاياه وننفض الأيادي منها، خصوصا إذا كنا على وشك تكرار بعضها، وقد ورد في الحكم وأقوال الاولين أن “العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق، لا تزيده سرعة السير إلا بعدا”. لا شك أننا اليوم أمام مشروع ذي بصيرة ورؤية متقدمة في عدة مجالات، لكنه يبقى منقوصا، لا سيما في ما يخص المحاور الأربعة التي تناولتها، وأيضا في ما يتعلق بإطلاق العمل الفعلي على إلغاء الطائفية السياسية، خصوصا في ظل الحديث عن استثمار عام سيتجاوز العشرين مليار دولار أميركي على مدى السنوات الثماني المقبلة. ولكنني أعرف تماما أن “ما لا يدرك كله لا يترك جله”.
أضافت: “لذا فإنني وحفاظا على روح التوافق التي أفرزت هذه الحكومة، ودعما للمكونات الإيجابية الكثيرة في البيان الوزاري ونظرا للمخاض العسير الذي رافق ولادتها وعلى امل ان تفاجئنا ايجابيا بتآلفها لمصلحة لبنان واللبنانيين، أمنح ثقتي الى هذه الحكومة، وأتعهد أمام دولتكم وأمام الشعب اللبناني بأني لن آلو جهدا في ممارسة الصلاحيات التي أناطها الدستور اللبناني بالنواب ممثلي الأمة جمعاء في مساءلتها بندا بندا”.
وختم: “يسرني ان أعلن أننا وبعد موافقة دولة الرئيس بري بصدد إعداد إطار لرصد وتقييم التقدم المحرز في تنفيذ البيان الوزاري، بناء على مؤشرات محددة، ستمكنني وتمكن من يريد من الزملاء والزميلات النواب من التواصل البناء مع الحكومة لتحقيق ما الزمت نفسها به، وما سيصبح في حال حصولها على الثقة عقدا سياسيا ترفع معه سقف توقعات المواطنين وشركائنا الدوليين، عقد نتعاون في ظله كي يبقى السقف مرفوعا فوق رؤوسنا جميعا”.
المصدر: الوكالة الوطنية