ثلاثة تحديات يواجهها لبنان اليوم: آثار الصراع السوري الذي خلّف أكثر من مليون نازح سوري إلى لبنان، أزمة الفراغ السياسي التي تعطل المؤسسات الحكومية، “وبالتأكيد أنشطة حزب الله، المنظمة الإرهابية التي تضع مصالحها الخاصة ومصالح داعميها في الخارج فوق مصالح الشعب اللبناني”، هكذا قدمت السفير الأميركية إلى لبنان إليزابيث ريتشارد (٥٦ عاماً) مشروعها السياسي خلال خطاب ألقته أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي في آذار/مارس الماضي.
اختصرت ريتشارد أزمات لبنان السياسية والأمنية بــ “حزب الله”، حاولت الدبلوماسية التي خدمت السياسات الأميركية في أفغانستان وباكستان واليمن أن تبدو وكأنها لبنانية أكثر من آلاف العائلات التي قدمت أبنائها ورجالها لتعزيز وضمان واستقرار البلد، بوقاحة وصفت السفيرة الجديدة تضحيات كل هؤلاء بـ “الإرهاب”، مانحة لنفسها حق تصنيف اللبنانيين ورسم سياسات البلد، دون مراعاة أقل بروتوكولات العمل الدبلوماسي.
أشادت بأداء القطاع المصرفي في لبنان وقالت إنه يشكل العمود الفقري للاقتصاد اللبناني، وتعهدت بأنها ستعمل على “أن لا يخترق حزب الله القطاع المصرفي اللبناني”. وجاهرت ريتشارد أن مشروعها السياسي في لبنان “هو تفكيك شبكة حزب الله المالية الدولية”، لأن ذلك “من مصلحة لبنان والولايات المتحدة”.
وفق تعبير جريدة “الأخبار” اللبنانية فقد رفعت السفيرة الجديدة العصا في وجه الدولة اللبنانية قبل أن تطأ قدماها البلد المضيف، دون أن تهتز “سيادة” أحد من المسؤولين.
ما الذي يشكل تهديداً على لبنان؟
لا دليل المخاطر التي تهدد أمن لبنان أي ذكر لـ “إسرائيل” بحسب الفلسفة الخاصة للسفير الأميركية. “داعش” و ” النصرة” فقط هما من يشكلان هذا التهديد. اللغة الهادئة لريتشارد عكست اطمئناناً أميركياً إزاء التنظيمين، وقالت: “الشراكة بين الولايات المتحدة وقوات الأمن اللبنانية من خلال دعم الكونغرس السخي، لعبت دوراً حاسماً في الحفاظ على أمن لبنان تجاه تلك التهديدات”. “إذاً، لا خوف على اللبنانيين من “داعش” و “النصرة”، فما هو التهديد الأول المحدق بالبلاد حسب ريتشارد؟ الجواب: حزب الله. “نشاطات حزب الله في سوريا تخلق مخاطر أمنية جدّية للبنان”، قالت السفيرة التي تعهّدت بدعم الجيش اللبناني كونه “المدافع الشرعي الوحيد عن لبنان”، بحسب الأخبار.
إحدى المشاكل الأساسية التي يعاني منها اللبنانيون هي النزوح السوري، أثنت سفير الولايات المتحدة على جهود بلادها في دعم لبنان في هذا المجال، واعدة بالمزيد. ثم توقفت عند أزمة هي الفراغ السياسي وانتقاصٌ في استقلال لبنان وسيادته، وتلك أمور ستعمل على حلّها أيضاً، هذه المرة بالتعاون مع “الأصوات المنادية بالاعتدال والتقدّم”، على حد وصفها. ضد من؟ ضد “حزب الله الذي ما زال يتدخّل في سوريا من دون موافقة اللبنانيين”، توضح ريتشارد.
بلغت السفيرة الجديدة من الفوقية حدّ التحدّث بالنيابة عن اللبنانيين، ولم تضطرّ حتى إلى الاستعانة بأرقام (ولو مفبركة) تثبت صحة ما تعلنه عن مدى قبول اللبنانيين بتدخل حزب الله في سوريا أو رفضه.
والخلاصة كما أخبرت ريتشارد أعضاء الكونغرس: حزب الله ذهب الى سوريا رغماً عن مشيئة غالبية اللبنانيين، وهذا ما ينتقص من سيادة لبنان واستقلاله. فرؤيتها واضحة وهدفها جليّ واحد: استهداف المقاومة اللبنانية بحزبها وأهلها وأموالها، وذلك بكافة الوسائل المتاحة.