قالت “هيومن رايتس ووتش” في تقرير أصدرته الأحد، إن نظام ولاية الرجل في السعودية يبقى أكبر حاجز أمام تحقيق المرأة لحقوقها، رغم بعض الإصلاحات التي اتُخذت في العقد الأخير.
واوضح تقرير “رايتس ووتش”، ان المرأة البالغة تحتاج إلى تصريح من وليّ أمرها للسفر إلى الخارج والزواج ومغادرة السجن، وقد تحتاج إلى موافقته أيضا للعمل أو الحصول على رعاية صحية، مضيفة ان هذه القيود تفرض على المرأة طيلة حياتها، فالدولة السعودية تعتبر المرأة قاصرة قانونيا طيلة حياتها.
ويدرس تقرير “كمن يعيش في صندوق: المرأة ونظام ولاية الرجل في السعودية”، المدون على 66 صفحة، يدرس بالتفصيل جميع الحواجز الرسمية وغير الرسمية التي تواجهها المرأة السعودية عندما تحاول اتخاذ قرارات أو القيام بأعمال دون حضور أو موافقة أحد أقاربها.
قالت امرأة سعودية (25 عاما) لـ هيومن رايتس ووتش: “كلنا نعيش في مساحة صغيرة يرسم حدودها آباؤنا وأزواجنا”. في بعض الحالات، يستغل الرجال حاجة المرأة لموافقتهم، فيبتزونها ويفرضون عليها مبالغ مالية كبيرة.
الى ذلك، قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط: “استمرار حاجة المرأة لموافقة وليّ أمرها للسفر والعمل أو فعل أي شيء آخر هو انتهاك طويل الأمد لحقوقها، ويعرقل جهود الحكومية لتحسين الاقتصاد. من مصلحة الحكومة أن تُصغي لمطالب مواطناتها، وتحررهن من قيود نظام ولاية الرجل”.
وقابلت هيومن رايتس ووتش 61 امرأة سعودية ورجلا سعوديا لإعداد التقرير، وحللت قوانين وسياسات ووثائق رسمية سعودية.
قالت امرأة سعودية (62 عاما) لـ هيومن رايتس ووتش: “صدّقي أو لا تصدّقي، ابني هو وليّ أمري، وهذا مهين جدا… ابني الذي أنجبته وربيته هو وليّ أمري”. أقارب المرأة الآخرون أيضا لهم سلطة عليها، رغم أنها أقل من سلطة وليّ الأمر.
ودعا نشطاء سعوديون الحكومة بشكل متكرر إلى إلغاء نظام ولاية الرجل. في 2009 – ثم في 2013 – وافقت السعودية على ذلك بعد المراجعة الدورية الشاملة الخاصة بها في “مجلس حقوق الإنسان”.
بعد أن أطلقت تلك الوعود، اتخذت السعودية بعض الإجراءات لتخفيف سيطرة وليّ الأمر على المرأة؛ لم تعد تفرض عليها الحصول على موافقته للعمل، وتبنت قانونا يُجرّم الانتهاكات الأُسرية. في 2013، عيّن الملك الراحل عبد الله 30 امرأة في “مجلس الشورى”، أكبر هيئة استشارية في المملكة، وفي 2015، سُمح للمرأة بالتصويت والترشح لانتخابات المجالس البلدية لأول مرة.
وجدت هيومن رايتس ووتش أن هذه الخطوات المحدودة لم تغيّر كثيرا من نظام الولاية الذي مازال على حاله تقريبا، ما يتسبب في عرقلة الإصلاحات، وفي بعض الحالات يفرغها من محتواها.
لا تستطيع المرأة استصدار جواز سفر دون موافقة وليّ أمرها، ولا تستطيع السفر إلى الخارج دون تصريح منه. كما تواجه المرأة صعوبة مستمرة في القيام بعدد من المعاملات دون وليّ أمرها، مثل استئجار شقة أو رفع دعاوى قانونية. الحكومة لا تشترط حصول المرأة على تصريح من وليّ أمرها لتعمل، ولكنها أيضا لا تعاقب أصحاب الأعمال الذين يفرضون هذا التصريح. كذلك، لا تستطيع المرأة الدراسة في الخارج، بمنحة من الحكومة، دون موافقة وليّ أمرها، ودون محرم يرافقها، رغم أن هذا الشرط لا يُطبق دائما. مازالت المرأة ممنوعة من قيادة السيارة.
وجدت هيومن رايتس ووتش أن النساء يواجهن حواجز هائلة عندما محاولة الحصول على مساعدة أو الهرب من وليّ عنيف.
على سبيل المثال، يحافظ الرجل على سلطة الولاية حتى أثناء إجراءات الطلاق. يوجد تمييز متأصل في المنظومة القانونية، والمحاكم تقبل الدعاوى القضائية التي يرفعها أولياء الأمر ضدّ النساء تحت ولايتهم لممارسة سلطتهم عليهن.
تحتاج المرأة المسجونة – وأحيانا المرأة التي تهرب إلى ملجأ بسبب الانتهاكات – إلى حضور أحد أقاربها الذكور ليُطلق سراحها.
قالت ناشطة في مجال حقوق المرأة: “(السلطات) تترك المرأة في السجن… إلى أن يأتي وليّ أمرها لإخراجها، حتى إن كان هو من تسبب في سجنها”. إن رفض وليّ الأمر الإفراج عن المرأة من السجن، قد تنقلها السلطات إلى مأوى حكومي، أو قد ترتب لها زواجا. يصير الزوج الجديد وليّ المرأة.
تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى نساء قُلن إن الخيار الأكثر أمنا لهن هو مغادرة البلاد بعد أن تعرضن للضرب والتهديد من قبل أقاربهن الذكور. لكنهن لم يستطعن إقناع أولياء أمرهن، وهم المعتدون عليهن أحيانا، بالسماح لهن بالسفر.
انضمت السعودية إلى “اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة” (سيداو) في 2000، وهي مُلزمة قانونيا بالقضاء على التمييز ضدّها دون تأخير، بما يشمل إلغاء نظام ولاية الرجل.
في أبريل/نيسان 2016، أعلنت السعودية عن “الرؤية 2030″، الرؤية المستقبلية للبلاد، التي نصت على أن الحكومة “ستستمر في تنمية مواهبها [المرأة] واستثمار طاقاتها وتمكينها من الحصول على الفرص المناسبة لبناء مستقبلها والاسهام في تنمية مجتمعنا واقتصادنا”.
قالت هيومن رايتس ووتش إن الإبقاء على نظام ولاية الرجل يُقوّض حقوق المرأة الأساسية، وقدرتها على تحقيق رؤيتها للمستقبل. استشارت هيومن رايتس ووتش ناشطات سعوديات في مجال حقوق المرأة، وصاغت توصيات محددة من شأنها تحسين وضع المرأة، إن شرعت الحكومة في اتخاذ خطوات بشأنها.
قالت ويتسن: “لطالما قيل للنساء السعوديات إن منحهن حقوقهن سيستغرق وقتا. لا تحتاج النساء إلى وقت أطول ليعاملن بمساواة في المجتمع السعودي”.
المصدر: صحف ومواقع