تنوعت التحليلات حول الهدف من زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت المؤجلة للبنان، وركزت الاخبار المتداولة على ان الزيارة ستتمحور حول الملف الرئاسي اللبناني، حتى تعتقد للوهلة الاولى وكأن هناك مبادرة فرنسية في هذا الاتجاه تطلبت حضور رئيس دبلوماسيتها لشبك الخطوط او تحديد بعض التفاصيل، إلا ان البعض خفف من وطأة الزيارة بعدم تحميلها اكثر مما تحتمل على الصعيد الرئاسي اللبناني، وأن ايرولت لا يحمل سوى الافكار التي يريد ان يناقشها في هذا الاطار مع بعض الاطراف السياسية اللبنانية.
إذاً فالموضوع لا يعدو كونه حراكا فرنسيا يستتبع ربما ما سبق ان حصل من تداول في الملف بين باريس وبعض الاطراف الاقليمية قبل فترة من الآن، ولا يبدو انه وصل الى نتيجة بسبب الموقف السعودي الرافض لحلحلة المسائل على الساحة اللبنانية رابطا الامور بما يجري من سوريا الى اليمن.
هل من دور فرنسي في لبنان والمنطقة؟
وحول الملف الرئاسي اللبناني، ثمة من يطرح التساؤلات عن “أهلية” فرنسا للعب الدور المناسب في إتمامه، فهل باريس تعتبر هي الجهة القادرة اليوم لايجاد حلول له؟ وهل هي الجهة الصالحة أساسا لتقديم مخارج لملف باتت أبعاده الاقليمية والدولية متشابكة مع الابعاد المحلية؟ خاصة ان فرنسا اليوم قد تعتبر بالنسبة للبعض طرفا وليست حكما كما تحاول تصوير نفسها انطلاقا من أدائها في العديد من الملفات، وحتى لبنانيا هل فرنسا قادرة ان “تمون” على بعض الاطراف لدفعها لتغيير مواقفها من ملف الرئاسة؟ ولماذا يقبل اي طرف لبناني بالنزول عند الرغبة الفرنسية رئاسيا طالما ان كل فريق يعتبر انه مازال قادرا على تحقيق رؤيته في هذا المجال.
وبعيدا عن كل ذلك، هل زيارة ايرولت الى لبنان تتعلق فقط بالاستحقاق الرئاسي وهل هو الملف “اليتيم” الذي يريد بحثه في بيروت؟ أليس هناك على جدول اعمال الزيارة ملفات اخرى؟ وماذا عن ملف النازحين السوريين ولماذا لا يكون هو الملف الاساسي والرئيسي من زيارة الضيف الفرنسي؟ خاصة ان النازحين باتوا يشكلون هاجسا لكل اوروبا، وهل هناك ملفات اخرى من الارهاب الذي ضرب اكثر من مرة في اوروبا وبات خطرا دائما لكل دولة في العالم، فهل سيكون لفرنسا اي دور في هذا المجال لتسليح الجيش اللبناني الذي يواجه الارهاب دفاعا عن لبنان ومن خلفه باقي الدول؟ ام انه كالعادة سيترك تسليح الجيش لحسابات الدول السياسية ولبورصة الربح والخسارة؟ وماذا عن ملف النفط اللبناني وامكانية وجود رغبة او عروض فرنسية للاستفادة من الاستثمارات المرتقبة في المياه الاقليمية اللبنانية؟
عقل: زيارة ايرولت لا تقدم اي جديد في الملف الرئاسي
وحول ذلك أكد القيادي في “التيار الوطني الحر” المحامي وديع عقل ان “زيارة الوزير الفرنسي لا تحمل أي جديد على صعيد الملف الرئاسي اللبناني”، ولفت الى ان “الوزير ايرولت سيحاول الاطلاع واستمزاج آراء السياسيين اللبنانيين اكثر مما سيقدم أفكارا حاسمة تغير الواقع الحاصل في الاستحقاق الرئاسي”، وتابع “الوزير ايرولت قال إن الملف الرئاسي اللبناني هو شأن داخلي وهذا ما نحن نعتقد به ونصر عليه منذ البداية بينما الذي يمنع انجاز الاستحقاق هو الموقف السعودي بوضع فيتو على اسم العماد ميشال عون”.
وأشار عقل في حديث لموقع “قناة المنار” الى ان “الأسباب التي دفعت لحصول زيارة ايرولت هي تتعلق بفرنسا اكثر مما تتعلق بلبنان، ومن هذه الاسباب ما له علاقة بالسياسة الداخلية الفرنسية والتخبط الحاصل في الحزب الاشتراكي الذي سيخوض في ربيع العام 2017 انتخابات رئاسية بينما فرنسا تعاني نقمة شعبية على خلفية التعديلات على قانون العمل الفرنسي”، واضاف ان “من العوامل الدافعة للزيارة هو وجود قوات اليونيفيل ورغبة السياسيين الفرنسيين بزيارتهم لاسباب داخلية لها علاقة بمحاربة الارهاب والجماعات التكفيرية كداعش والقاعدة.. بالاضافة الى مسألة النزوح السوري والخوف من استمراره الى اوروبا”.
ولفت عقل الى انه “قد يكون للزيارة بُعد اقتصادي انطلاق من ملف النفط في لبنان واستثماره”، وتابع “صحيح ان فرنسا كانت بعيدة عن هذا الملف إلا أنها بالتأكيد مهتمة به وبالاستثمار فيه خاصة ان الملف الاقتصادي هو أمر مؤثر جدا في السياسة الداخلية الفرنسية”، مشيرا الى ان “الاقتصاد الفرنسي يتعرض اليوم لتأثير مباشر من أمراء آل سعود ما يجعلهم يتحكمون في القرار الفرنسي في العديد من الملفات”.
وبالنسبة لاثر الزيارة على الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة، قال عقل إن “الداخل الفرنسي يتجه في 2017 الى معركة رئاسية بين اليمين المتطرف وبين اليمين غير المتطرف وفي لبنان هناك اعداد كبيرة من الناخبين الفرنسيين كما ان لبنان هو نقطة المحور للانتشار الفرنسي في الشرق الاوسط”، وتابع “في الايام القادمة بالتأكيد سنشهد زيارات فرنسية عديدة الى لبنان لارتباطها بالملف الداخلي”.
وحول العلاقة اللبنانية الفرنسية، أوضح عقل أن “العلاقة مع فرنسا ليست كما كانت في الماضي فاليوم تأثير فرنسا في السياسة الخارجية وخاصة في الشرق الاوسط هو تأثير ثانوي”، وأشار الى ان “العلاقة الودية بين البلدين أصبحت من زمن غابر وفرنسا غير مؤهلة للعب اي دور كبير في لبنان والمنطقة”، وتابع “نحن من يتحكم بالدور الفرنسي وغير الفرنسي أيضا فنحن من نعطي الآخرين الادوار في لبنان”.
المصدر: موقع المنار