الاستفادة من الطاقات هو أساس كل مبادر مجتمعية، تعود بالفائدة على الفئة المستهدفة، وتزداد فعاليتها بتأثّر الأفراد الآخرين، وهذا ما يجعلها ظاهرة يتكافل فيها أفراد المجتمع.
خلال السنوات الأخيرة، برزت ظاهرة أصبحت تقليداً سنوياً عند البعض، وقضية إنسانية عند آخرين، بالنتيجة هي ظاهرة موسمية، أساسها الموسم الشتوي، حيث يقوم مجموعة مبادرين بجمع ألبسة شتوية، يتم توزيعها على آخرين، وكله وفق معايير معينة، توضَع لإنجاح هذه المبادرة.
عشرات المراكز والفرق على اختلاف تسميتها من مؤسسات وجمعيات، تتفق في هدفها ، منتشرةٌ على امتداد الجغرافيا السورية، تعمل بطريقة متشابهة تقريباً، منذ اشتداد الأحداث في سورية وتحديداً مع بدء موجات التهجير القسري من المناطق الساخنة آنذاك، ومع إنشاء مراكز الإيواء التي انحسرت كثيراً مع انحسار الأعمال العسكرية وانحسار الإرهاب في البلاد.
اللّافت هذا العام، لم يكن مؤسسة بعينها، إنما مجموعة طلاب جامعيين في العاصمة، يدرسون ضمن اختصاصات مختلفة، موزعين على كافة الكليات في جامعة دمشق.
أساس هذه المبادرة يشرحها “رامي حماد” الطالب في كلية الهندسة الميكانيكية بجامعة دمشق، فالاستفادة من كافة الطاقات في المجتمع، سواء كانت مادية، أو معنوية لدى فئة الشباب الراغبين بتقديم مساعدات، يملكون الوقت، لكن ليس لديهم المكان، ولا الأُطر الضابطة لإنجاح عملهم، خرجت بفكرة وسرعان ما تم بعدها تأسيس فريق تطوعي، مع مجموعة من أقرانه، أطلقوا عليه فريق “تكاتف” التطوعي، ومبادرتهم “لمسة دفا” هي الحالية التي شغلت طاقاتهم بشكل يرونه صحيحا، ويرضي رغباتهم بمساعدة الآخرين، ضمن إمكانياتهم المتواضعة كطلاب ليس لديهم مصدر دخل ثابت.
يعمل فريق “تكاتف” الطلابي على جمع الملابس الشتوية المستعملة، من أشخاص لا يحتاجون إليها، بشرط أن تكون بحالة جيدة، ثم يتم ترتيبها حسب عدة فئات، و كان الفريق بدأ مبادرته هذه بجمع ما لديهم كأفراد متطوعين أولا، بعدها فتحوا المجال لسواهم من زملائهم الطلبة، كمية الألبسة التي جمعوها أثارت اندهاش القائمين على العمل، فأتاح لهم تطوير عملهم بالإعلان على صفحات التواصل الاجتماعي وعبر أرقام المقر واستبيانات جمعوها سابقاً، لمعرفة الأكثر أحقية في الحصول على الملابس المناسبة لهم، ليتجاوز عدد المستفيدين في المرحلة الأولى من عملهم مئات القطع الصالحة للاستخدام والتي مستوى جودتها بالحد الأعلى المطلوب كألبسة مستخدمة، ليدخلوا المرحلة الثانية من العمل، بما يتناسب مع حجم المسؤولية بالنسبة لديهم تجاه من يتقدم إليهم بطلب المساعدة المعروضة .
غالبية هذه الأعمال التطوعية، تم الإشراف عليها فيما بعد وبشكل مباشر، من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في سورية، من أجل تنظيمها لتكون أعمالا خيرية يستفيد منها القدر الأكبر من فئات المجتمع المحتاجة، فظهرت آخذة شكلاً من التكافل المجتمعي حقيقي، قوامه “التبرع بما لا أحتاجه، إلى من يحتاجه”.
وهذه الظاهرة الطلابية، باعتبارها أخذت إشرافاً مباشراً من اتحاد طلبة فلسطين – فرع سورية، واستعانت بمقر الاتحاد في دمشق، فهي تعتبر تابعة لجهة رسمية، إنما بمبادرات وجهود خاصة، من فريق يعمل على العديد من الأنشطة التي تمكن كل الطلاب الراغبين في جامعة دمشق، من استثمار طاقاتهم لتعود بأكبر فائدة يأملها المجتمع.
المصدر: موقع المنار