ليست الأمور في الداخل السعودي على ما يرام، إذ بدأت أخيراً حملة غاضبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ضد وثائقي أميركي يعرض خلال أيام، ويصوّر المملكة على أنها من أكثر البلدان دموية ووحشية في العالم.
إنّه وثائقي Saudi Arabia Uncovered الذي سيُعرض عبر الموقع الإلكتروني للمؤسسة المنتجة «فرونت لاين»، راصداً جوانب من الحياة اليومية داخل المملكة الوهابية، بالاعتماد على مقاطع فيديو سجلت بشكل سري عبر مساعدة مراسلين ميدانيين محليين. يصوّر الفيلم قصة نشطاء جاهروا بأحقيتهم في الحديث والثورة ضد الحكم الديكتاتوري، وتصدوا لمحاربة مختلف أشكال التمييز بشجاعة، في مملكة تعاقب المجاهرين بتلك الحقوق، سجناً وجلداً وإعداماً.
بداية، سنشاهد مجدداً ما تم تسجيله بشكل سري العام الماضي، من مشاهد صادمة لإعدام امرأة «برماوية» وسط الطريق العام، وهي متّشحة بالسواد، وسط حلقة من رجال الشرطة والمواطنين. سنشاهد ضربة السياف التي أنهت صرختها رغم إعلانها البراءة من دون جدوى.
ويظهر الوثائقي مشاهد للشرطة الدينية المنتشرة في الشوارع ومراكز التسوق، وهي تمنع سماع الموسيقى وتحطّم آلاتها في مخيمات الصيف الشبابية. وفي مشاهد أخرى، تلوّح بضرب النساء المتبرجات، كما ظهر في مشهد حيث دفع أحدهم متسوّقة داخل سوبر ماركت، قبل أن يمشي متجاهلاً ما حدث لها.
الكراهية الدينية وإلغاء الرأي الآخر بالقوة، سيأخذان حيّزاً مهماً من مادة الوثائقي السعودي، الذي سيعرض قصة معتقل الرأي الأول في السعودية رائف بدوي، بسبب إنشائه موقعاً إلكترونياً بحث من خلاله في شؤون المذاهب، وفتح باب الجدل أمام ما تحويه مواد الدين السعودية من طائفية وتشدد. ويصوّر الوثائقي أحد الطلاب المراهقين وهو يتلو مقاطع من مادة الدين، تحرّض على «قطع رؤوس المسيحيين والمرتدين واليهود». ويكشف الوثائقي مدى زيف حلقات حوار الأديان السعودية التي يتم الترويج لها دولياً، عبر توجيه الطالب حديثه لأحد النشطاء المشاركين في إعداد الفيلم قائلاً: «نحن نعلم أن الشيعة كفار، ويجب علينا محاربتهم باسم الإسلام».
العمل المنتظر يتضمن لقطات نادرة من احتجاجات الشيعة ضد التمييز الطائفي والقتل على الهوية في مناطق مليئة بالنفط والفقراء، ويصوّر كيفية اعتقال المتظاهرين الغاضبين ومحاكمتهم، من خلال قصة الطفل علي النمر الذي يتخوّف من تنفيذ حكم الإعدام فيه قريباً بسبب دوره في المظاهرات السلمية.
يعتبر الفيلم الأميركي وثيقة تسجيلية مهمة لحفلات قطع الرؤوس الجماعية، وتعليق الجثث على رافعات ضخمة، وضرب النساء في الشوارع، والتشدّد في الفصل بين الجنسين، وتطبيق نظام الوصاية الذكوري، ومنع المرأة من قيادة السيارة، كما حدث مع الناشطة لجين الهذلول. تظهر الأخيرة في مشاهد قصيرة في الفيلم وهي تتحدث عن فترة اعتقالها بتهمة الإرهاب بسبب قيادة السيارة من الإمارات إلى السعودية العام الماضي، في تحدٍّ مباشر للحظر المفروض على قيادة النساء في المملكة.
ظهور لم يغفره المدوّنون للناشطة المشاغبة، فظهرت حملات تحرّض على اعتقالها، بل قتلها، عبر مواقع التواصل الاجتماعي (هاشتاغ «لجين تشارك في فيلم يسيء للوطن»)، ما دفع أحد المتابعين إلى السخرية ممّا تعانيه الهذلول بالقول عبر تويتر: «هجوم دائم تتعرض له لجين الهذلول، أتمنى من الله أن يدخل الجنة كل السعوديين المنفتحين فكرياً، ما عدا مؤيّدي الدكتاتورية والاستبداد، فهم الأحق بها».