اعتبر السيد علي فضل الله، في خطبتي صلاة الجمعة ان لعبة شد الحبال في لبنان تستمر فيه، بين القوى السياسية، ولا يبدو- رغم كل أجواء التفاؤل التي تشاع بين حين وآخر- أن أحدا من هذه القوى يريد أن يرخي حبله للآخرين، لإخراج البلد من الركود، ووضع حد للمراوحة التي تتحكم بالوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ليبقى إنسان هذا البلد على معاناته، ويضطر إلى أن يقلع أشواكه بأظافره”.
وتابع”في هذا الوقت، استبشر اللبنانيون خيرا في بدء جلسات المجلس النيابي، ولو تحت عنوان الضرورة، اعتقادا منهم أن ذلك سيساهم في إقرار المشاريع الضرورية والملحة والمتوقفة في أدراج المجلس النيابي منذ فترة طويلة.. ليتبين لهم لاحقا، أن هذه الضرورة لم تكن متطابقة مع ما أقر في المجلس النيابي (نقول هذا بعيدا عن الملاحظات التي أثيرت حولها)، وأن أغلب ما حصل كان يتعلق بحسابات مؤتمر سيدر، وهي رغم أهميتها على صعيد تحريك العجلة الاقتصادية، لكنها تبقى رهينة تشكيل الحكومة”.
واعلن “اننا أمام هذا الواقع، سنبقى نكرر دعوة القوى السياسية إلى تحمل مسؤولياتها والوفاء بوعودها للمواطنين في معالجة أزماتهم المتراكمة وإخراجهم من معاناتهم، فلا تكتفي بتوصيف الحال وضرب الكف على الكف، وكأن لا دور لها في حصولها أو في استمرارها، بل لا بد من الإسراع في إيجاد الحلول، إن لم يكن بالإسراع في تأليف الحكومة، وهذا ما ندعو إليه، فبتفعيل حكومة تصريف الأعمال أو أية صيغ أخرى، بدلا من إبقاء البلد على حاله الذي يستمر أشهرا ونخشى أكثر!”.
وامل السيد فضل الله أن لا يمر مرور الكرام تقرير منظمة الصحة العالمية الصادر مؤخرا، الذي كشف أن اللبنانيين احتلوا المرتبة الأولى على لائحة سكان آسيا الأكثر إصابة بالسرطان، والذي بات من الواضح أن من أسبابه الأزمات الغذائية، وغازات المحارق، وتلوث الهواء والمياه، وتحول بعض الأنهار، وخصوصا نهر الليطاني، إلى كارثة بيئية، بعدما لوثته المجاري والمخلفات الصناعية والرمال، لكن هذا الأمر، مع الأسف، مر عاديا، ولم يحرك بال المسؤولين للاسراع في معالجة الأسباب الخطيرة التي تؤدي إلى انتشار هذا المرض مع كل آثاره المأساوية على المصابين به وعلى عائلاتهم.. وأكثر من ذلك، لم يتم التعامل مع إدراج بند توفير الغطاء المالي للمصابين بالسرطان في الجلسة التشريعية أو السياسية بروح إنسانية وبمسؤولية، بل بطريقة النكايات القانونية والسياسية التي اعتدناها في هذا البلد، دونما اعتبار لنتائجها وتداعياتها، ما أدى إلى عدم إقراره”.
واضاف”في الاتجاه نفسه، يتوقف المواطنون بقلق شديد عند السجالات المستمرة بين من يتحملون مسؤوليات في هذا البلد، والتي تتعلق بالغذاء أو بما يخفف أزمة الكهرباء وغيرها، وتزيد يأسهم وخوفهم وعدم ثقتهم بوطنهم.. وتؤشر لهم بشكل واضح وجلي إلى مدى الانحدار الذي وصل إليه هذا البلد. وإلى الأمم المتحدة، التي تحولت إلى منبر يستعرض فيه الكبار عضلاتهم بالتهديد والوعيد للدول التي ترفض السير في خططهم وسياساتهم، بدلا من أن يكون منبرا يساهم في التخفيف من المشكلات المستعصية في هذا العالم، وقد باتت اليوم أكثر من أي وقت مضى عاجزة عن تأدية المهام التي أنشئت من أجلها.. حتى إن هناك من لا يريد لهذه المنظمة أن تستمر في دورها.. وإلا ما معنى هذا الهجوم المستمر على المنظمات والمؤسسات الدولية التي رعتها الأمم المتحدة، كالأونروا، ثم على المحكمة الجنائية الدولية، أو ضرب كل القرارات الدولية المتعلقة بقضية فلسطين بعرض الحائط!”.
واشار الى ان “حديث الأمين العام للأمم المتحدة كان حقيقيا في وصف العالم اليوم، عندما قال إن النظام العالمي فوضوي بشكل متزايد، وإن الثقة به بلغت نقطة الانهيار، وهذا ما يؤكد أن العالم بات بحاجة إلى ناظم حقيقي وإلى نظام أكثر عدلا، بعدما باتت شريعة الغاب هي التي تحكم على مختلف الصعد، ونأمل أن يصل إليه.. ولا بد هنا من أن ننوه بالأصوات الجريئة التي وقفت على منبر الأمم المتحدة لتحدي الطغيان الذي يستهدف الدول التي تسعى إلى حريتها وامتلاك قرارها بيديها بعيدا عن الهيمنة والاستكبار. وأخيرا، إننا نرى في الاعتداء الآثم الذي حصل في الأهواز، وما نجم عنه من ضحايا، محاولة جديدة لاستهداف الجمهورية الإسلامية الإيرانية في عناصر قوتها ووحدتها الداخلية”.
وتابع “نحن في الوقت الذي ندين هذا العمل الإرهابي ومن يقف خلفه، ندعو الشعب الإيراني إلى الوحدة في مواجهة المخططات التي تستهدف أمنه واقتصاده ولقمة عيشه، وعدم السماح للعابثين بأمنه وبقراره الحر بأن يجدوا أرضا خصبة لهم”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام