اعتبر السيد علي فضل الله في خطبة الجمعة ان “المراوحة في مسألة تشكيل الحكومة في لبنان، تستمر حيث لا يبدو في الأفق أي نافذة ضوء لقرب حلحلة هذا الملف، بعد تمسك كل فريق سياسي بمواقفه، وعدم استعداده للتخلي عن مطالبه، فيما يحار اللبنانيون في اكتشاف السبب، ولا يعرفون من يصدقون! فهل يصدقون من يقول إن الأزمة داخلية، وإن حلها داخلي، أو من يقول إنها نتاج تعقيدات الخارج الذي يجمد الحلول انتظارا لمجريات الخارج، أو هي نتاج الأمرين معا، وهذا ما نشعر به؟، وفي كل الأحوال، ما على اللبنانيين إلا انتظار الفرج، ونخشى أن لا يكون قريبا”.
وقال”في هذا الوقت، يزداد تردي الواقع الاقتصادي والمالي الذي تعبر عنه تصريحات المسؤولين والخبراء الاقتصاديين والماليين، والذي ينعكس بشكل واضح على لقمة عيش المواطنين وتلبية أبسط مقومات عيشهم، ولا سيما وهم يقبلون على بداية عام دراسي جديد بكل تبعاته وأعبائه، وعلى استمرار عمل القطاعات الاقتصادية، حيث تتوالى أخبار إغلاق مؤسسات تجارية وصناعية، وما قد ينتج من ذلك من زيادة في منسوب البطالة، ومزيد من الانحدار الاقتصادي للبلد”.
اضاف السيد فضل الله “من هنا، ندعو كل القوى السياسية التي تحملت المسؤولية عن الناس، إلى أن تبادر للقيام بواجباتها في من تحملت المسؤولية عنهم، أن تكون حاضرة في قضاياهم، أن تعتبر ذلك من أولوياتها، فإن لم يكن بتشكيل الحكومة البعيدة المنال، فالبحث عن البدائل في ذلك، بتفعيل عمل حكومة تصريف الأعمال والبلديات، وتفعيل المبادرات الفردية والجماعية التي ساهمت في حل المشاكل في بعض المناطق، في الكهرباء والنفايات وغيرها”.
ورأى انه “لا بد هنا من الحذر من تحميل المواطنين أعباء ضرائب جديدة، وهم لا يزالون يئنون من الضرائب القديمة التي أثقلت ظهورهم، وسط حديث عن ضريبة جديدة على البنزين، وضرائب أخرى على الطريق، لتلبية احتياجات الموازنة.. وهنا، لا نحتاج إلى أن نؤكد مجددا أن الأزمة في هذا البلد لم تنشأ من نقصان موارده.. فالموارد تكفي إن توقف الفساد والهدر والسمسرات وما إلى ذلك مما يرهق الدولة”.
وتابع”إننا نقول للمسؤولين إن اللبنانيين متعبون حتى انقطاع النفس، فلا تزيدوا معاناتهم، ولا تدعوهم يخرجون عن طورهم، وتفقدوا فيهم حرصهم على استقرار هذا البلد وعلى العلاقة بكم، ونحن في الوقت عينه، ندعو إلى نزع فتائل الفتنة التي بدأت تطل برأسها من الواقع اللبناني كله، بعد السجالات التي حدثت في الإعلام أو عبر مواقع التواصل، والتي حملت بعدا طائفيا ومذهبيا، أعاد الناس إلى أجواء كانوا قد قرروا أن لا يعودوا إليها، بعد أن تلاقوا وتصالحوا وعفوا عما مضى.. ونحن إذ نرحب بأجواء التهدئة التي يحرص عليها الجميع، نريد للبنانيين أن يكون كل منهم خفيرا أو حاميا للوحدة الوطنية والاستقرار، لأنهما عنصر الضوء في هذا البلد.. وأن لا يستجيبوا لأي داعية توتير أو فتنة”.
وانتقل فضل الله إلى الوضع في سوريا، “التي لا يزال العدو الصهيوني يستفيد من انشغال الدولة هناك بتحدياتها الداخلية لمواصلة عدوانه العسكري، والذي يريد منه استباحة هذا البلد، وأن يكون له دور أساسي في رسم مستقبله”. وقال “إننا أمام ذلك، ندعو الشعب السوري إلى الوحدة في مواجهة هذا العدوان المستمر، ونؤكد أهمية أي جهد يوقف نزيف الدم، كالذي حدث في إدلب، والذي نأمل أن يكون مدخلا لمعالجة أوضاع هذه المنطقة الحساسة، بما يمهد لاستعادتها إلى أحضان الدولة السورية.. ونبقى نشد على أيدي كل الحريصين على سوريا للعمل على فتح الأبواب على حوار سوري داخلي نتطلع إليه لكي يخرج سوريا من أزمتها، وحتى لا تظل ساحة للتجاذبات الدولية”.
واوضح السيد فضل الله انه “لا بد لنا في نهاية موسم عاشوراء من أن نقدر هذا الحضور الذي عبر عنه المحبون للامام الحسين بتجمعاتهم ومسيراتهم، ونقدر صبر الذين تحملوا أعباء الوضع الأمني الذي تفرضه مثل هذه الاجتماعات.. وندعو إلى دراسة كيفية تجاوز بعض السلبيات التي حدثت للعام المقبل، وفي الوقت نفسه، لا بد من أن نقدر عاليا جهود القوى الأمنية كافة التي بذلت أقصى ما تستطيع حتى نعمنا بهذا الجو. ولا بد لي هنا من أن أنوه بحملات التبرع بالدم التي حصلت في أكثر من مكان، وفي هذا المسجد بالخصوص، والتي أرادت أن تقدم أنموذجا راقيا في مواساة الحسين (ع) وكل الثلة الطيبة التي استشهدت معه، وذلك ببذل الدم لمن يحتاج إليه. وبذلك، يكون الحسين ، كما هو، حركة إصلاح، وإحياء للقلوب والنفوس”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام