الكلمة المتلفزة لسماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بمناسبة يوم القدس العالمي 1-7- 2016
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين، أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى وآله الطيبين الطاهرين، وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته.
في هذا اليوم الذي نعتبره يوماً عظيماً ومجيداً، لأنها من أيام شهر الله عز وجل، وفي العشر الأواخر من شهر رمضان، المناسبة التي كان قد أعلنها الإمام الخميني (قدس سره) يوماً عالمياً للقدس.
أود أن أتحدث إليكم في عدة عناوين في الوقت المتاح:
العنوان الأول: يرتبط بالمناسبة، يوم القدس العالمي، قضية الصراع مع العدو، القضية الفلسطينية.
العنوان الثاني: التعليق على التهديدات الإسرائيلية للبنان عموماً ولحزب الله خصوصاً في الأسابيع الأخيرة، وبالأخص ما سمعناه في مؤتمر ه هيرتزيليا، أعود إليه بالتفصيل إن شاء الله.
والعنوان الثالث: الوضع الأمني في لبنان وحادثة القاع الأخيرة والتداعيات والمسؤوليات.
من المعروف أن انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 أحدث تحولاً كبيرة جداً في الأوضاع الإقليمية وفي أوضاع الأمة.
سقط نظام الشاه، الذي كان عميلاً لأمريكا وخادماً لإسرائيل وشرطياً للخليج بكل ما يعنيه الشرطي بهذا المعنى الذي كان يمارسه الشاه.
حليف إسرائيل الأول في المنطقة سقط، انتصرت الثورة الإسلامية في إيران، قُطعت العلاقة مع إسرائيل، أُغلقت السفارة الإسرائيلية في طهران وافتُتحت سفارة فلسطين.
وحصل العكس. دائماً كان هناك أنظمة عربية وعروش عربية، من أجل أن تحافظ على وجودها وبقائها ومكانتها، كانت تعمل في العلن أو في السر لخدمة إسرائيل وتتقرب من إسرائيل، من أجل أن تحظى بحماية الولايات المتحدة الأمريكية. جاء الإمام الخميني (قدس سره الشريف)، ومنذ اليوم الأول، في الوقت الذي كان يحتاج فيه هذا النظام الجديد إلى حماية دولية وغطاء دولي، إلى حياد دولي بالحد الأدنى تعطي له هذه الفرصة. مع ذلك هو ذهب إلى هذا الموقف المبدئي العقائدي الحاسم وقطع العلاقات مع إسرائيل وطرد الطاقم الدبلوماسي الإسرائيلي، وحوّل سفارة إسرائيل إلى سفارة فلسطين، وبعدها انتخب هذا اليوم آخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك، وما يعنيه من قداسة خصوصاً لدى المسلمين يوماً عالمياً للقدس. لم يختَره يوماً عالمياً لكربلاء أو للنجف أو لطهران أو لقضية وطنية إيرانية، وانما لقضية الأمة، وللقضية التي هي ذات بُعد إنساني وبُعد إسلامي وبُعد أخلاقي، وهي قضية القدس. من أهداف هذا الإعلان، كما كان الإمام نفسه يقول ذلك، وكما كنا نردد في كل المناسبات السابقة، له عدة أهداف، ولكن من جملة الأهداف إبقاء هذه القضية حيّة في الذاكرة، في الوجدان، حتى لا تنساها الشعوب ولا تنساها الأمة ولا ينساها خصوصاً المسلمون الصائمون القائمون، ليفهموا أن هذا جزءاً من التزامهم وجزءاً من عبادتهم وصلاتهم وصيامهم، بأنه لا يمكن للإنسان أن يدّعي التزاماً حقيقياً بدين الله (سبحانه وتعالى)، وهو يترك كياناً كالكيان الإسرائيلي، يحتل مقدسات ويعتدي على الشعب الفلسطيني وعلى شعوب المنطقة ويتآمر على الأمة ويعيث في الأرض فساداً. إذاً أن تبقى في الذاكرة وأيضاً أن يسلّط الضوء في كل عام، في مثل هذا اليوم، وعلى مستوى الأمة وعلى مستوى العالم، على قضية فلسطين وعلى شعب فلسطين وعلى المقدسات في فلسطين وعلى آلاف الأسرى الفلسطينيين والعرب في السجون الإسرائيلية، وعلى ما يعنيه الشعب الفلسطيني من حصار وضغوط وظروف حياتية قاسية في غزة أو في الضفة الغربية أو ما يعنيه في أراضي الثمانية وأربعين وفي الشتات.
إذاً هذا اليوم هو يوم للتذكير ويوم للإضاءة على هذه المأساة، وعلى هذه القضية العظيمة، ويوم أيضا لرسم الطريق وتحديد المسؤوليات بوضوح وبعيداً عن المجاملات الدبلوماسية والسياسية.
في هذا السياق يجب التذكير بما يلي، والتأكيد عليه: الحق الواضح الذي يجب أن يقال في مثل هذا اليوم، في يوم القدس العالمي أن يقال وبقوة: إن فلسطين، من البحر إلى النهر، أرض محتلة مغتصبة مسروقة من أهلها وأصحابها الشرعيين، وأن تقادم الزمان لا يحوّل المسروق والمنهوب إلى ملك شرعي وقانوني للسارق والناهب، ولو اعترف به كل العالم. ولذلك فإن دولة إسرائيل كيان غاصب ومحتل وسارق وناهب، وأنجز كل ذلك بالإرهاب. هذا الكيان لا يجوز الاعتراف به ولا التسليم له ولا تقديم التنازلات له ويجب أن يزول من الوجود وأن يعود الحق كاملاً إلى أهله وإلى أصحابه.
في شهر الله، في شهر الصيام، شهر القرآن الكريم، شهر العبادة، شهر الحق، هذا هو الحق وليس سواه، هذا هو الدين لمن يريد أن ينطق أو ينطلق من الدين أو يتحدث باسمه. وأي كلام آخر هو خداع وتزوير وباطل وتجاوز لحقائق الدين والأخلاق والقيم الإنسانية والتاريخية.
ثانياً: في أسوأ الظروف والحالات قد يشعر شعب ما أو حكومة ما أو دول ما بالضعف، ويقول (مسؤولوها) نحن ضعاف، لا نستطيع أن نقاتل، لا نستطيع أن نحارب، لسنا قادرين على فتح الجبهات.
في أسوأ الظروف والحالات، الضعف قد يسوّغ عدم الذهاب إلى الحرب، ولكنه لا يسوّغ التسليم للعدو والاعتراف بشرعية العدو والقبول بالعدو والتوقيع لإعطاء الأرض للعدو، وصولا إلى التطبيع مع العدو، وإقامة علاقات تجارية ودبلوماسية وأمنية مع هذا العدو، بل أكثر من ذلك، التواطؤ مع هذا العدو على المقاومين وعلى الصامدين وعلى الرافضين للاستسلام وللخنوع. هذا الذي يحصل الآن ويجري الآن للأسف على مستوى بعض الأنظمة العربية. تصوروا أن الحال وصل إلى أن بعض الدول العربية يصوّت لمصلحة إسرائيل في انتخابات إحدى اللجان المهمة في الأمم المتحدة. ما هي الحجة، وما هو الدليل؟ لماذا؟ أنت ضعيف، غير قادر أن تخوض حرباً، لكنك ضعيف إلى حد أن تعترف وأن تسلّم وأن تصوّت وأن “تنظّف” إسرائيل أمام العالم وجنايتها وجرائمها وتدافع عنها. لا يوجد أي منطق ولا أي عقل ولا أي دين ولا أي أخلاق يمكن أن يبرر هذه التصرفات .
نحن في يوم القدس نقول لكل هؤلاء: لا تعترفوا بإسرائيل ولا تعطوها الشرعية. إن كنم أنتم ضعافاً وعاجزين، ولستم أهلاً لهذه المعركة المصيرية والتاريخية، اتركوا هذا الأمر للأجيال وللمستقبل، فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه، هناك قانون إلهي، قانون الاستبدال، إذا كان هذا الجيل أو الجيل الذي سبق ـ طبعاً هذا الجيل ليس كذلك لكن هناك حكام وبعض هذا الجيل هو هكذا ـ إذا كانوا عاجزين أو ضعافاً أو خانعين أو مستكينين أو مشتبهين في الأولويات، فإن الله سبحانه وتعالى لن يترك عباده المستضعفين والمظلومين والمعذبين في فلسطين وفي هذه المنطقة، ولن يترك مقدساته ولا “الأرض التي باركنا حولها” لهؤلاء القتلة الصهاينة المفسدين. سيستبدل بهذا الجيل جيلاً غيره، جيلاً لائقاً قادراً كفوءاً مستعداً لتحرير الأرض والمقدسات وإزالة هذه الغدة السرطانية من جسد وبدن هذه المنطقة.
ثالثاً: الطريق الوحيد ـ ولا نحتاج لكثير من الكلام لأن الوقائع والتجارب من العام 48 إلى اليوم تؤكد هذه الحقيقة ـ إن الطريق الوحيد المتاح أمام الشعب اللفلسطيني وأمام شعوب المنطقة التي يستهدفها هذا الكيان، ويعتدي عليها هذا الكيان، ويحتل بعض أراضيها هذا الكيان، ويطمع بأراضيها وبخيراتها هذا الكيان، إن الطريق الوحيد هو الصمود والمقاومة ولو بالنفس الطويل. المفاوضات إلى أين أدّت؟ إلى الاعتراف بإسرائيل، إلى إعطاء القسم الأكبر من أرض فلسطين إلى إسرائيل، إلى فتح الأبواب للخانعين العرب ليطبّعوا ويقيموا العلاقات مع إسرائيل، وإلى تطويق المقاومين وإلى فرض أصعب ظروف العيش والحياة على الشعب الفلسطيني وعلى شعوب المنطقة.
الطريق أيضاً واضح، لا يحتاج إلى الكثير من الشرح والاستدلال والمنطقي والعقلي والمجيد بشواهد تاريخية، لأن الوقائع الذي عشناها نحن وأنتم وأجيال عديدة في هذه المنطقة منذ ما قبل 48 إلى اليوم تؤكد هذا الأمر، لكن ما أريد أن اقف عنده في مناسبة يوم القدس هو الوضع الحالي، الوضع الذي وصلنا إليه، ومن الملفت جداً أن القوم هم القوم. اليوم ماذا يجري؟
اليوم بالحد الأدنى أنه في العقود الأخيرة، ولاسيما في العقدين الأخيرين بدأ هناك تحوّل بالمنطقة اسمه مشروع المقاومة في لبنان، المقاومة في فلسطين، هناك محور مقاومة بدأ يتشكل بشكل أو بآخر، عماده الجمهورية الإسلامية في إيران وسورية وكثير من الشعوب والقوى الحية في هذه المنطقة وبعض الدول التي كان موقفها إيجابياً قليلاً، وبدأ خيار المقاومة يصنع انتصارات وانجازات حقيقية في لبنان وفي فلسطين وعلى مستوى المنطقة.
ما الذي يحدث الآن؟ في أوج تقدم مشروع المقاومة على مستوى الأمة، مقاومة المشروع الصهيوني، مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، في أوج التقدم على مستوى الأمة وإرادة الأمة وثقافة الأمة وإرادة الأمة وثقافة الأمة وتأييد الأمة لثقافة المقاومة، وفي سياق تحولات كبرى كانت تحصل في المنطقة، نجد أن هناك من دخل من جديد بقوة ليحبط هذا المحور وهذا المشروع، ليسقطه وعمل عبر طريقين:
الطريق الأول: أخذ المنطقة كلها إلى حروب وإلى مواجهات وإلى فتن تحت عناوين كاذبة: الحرية والديموقراطية والطائفية والمذهبية، واخترع أعداء واخترع تهديدات واخترع مخاطر وزجّ بإمكانات بشرية وإمكانات مادية وعسكرية هائلة في هذه الحرب. والهدف هو ضرب دول المقاومة وحركات المقاومة من جهة، وضرب ثقافة المقاومة لدى شعوب أمتنا وإرادة المقاومة لدى شعوب أمتنا. الهدف أن نصل كلنا إلى اليأس. من بقي يفكر في فلسطين ويقاتل إسرائيل ويقف بوجه إسرائيل والقدس.
هذا واحد عمل عليه ولا زال يعمل عليه الآن في هذه اللحظة التي أتحدث معكم بها هذا لا زال يعمل عليه في سوريا وباليمن، وفي أكثر من منطقة على مستوى الحروب وعلى مستوى الفتن في أكثر من مكان، على مستوى البحرين إلى ليبيا إلى أفغانستان إلى باكستان ونيجيريا وأندونيسيا ومصر وغيرها.
والطريق الثاني هو فتح الأبواب لإسرائيل، تطبيع العلاقات معها، اللقاءات العلانية، الموضوع الإعلامي، وصولاً إلى التصويت لمصلحتها في الأمم المتحدة، وصولاً إلى محاولة تقديمها كصديق أو كحليف وأنها جزء من المعسكر، اليوم صارت جزءاً من معسكر محاربة الإرهاب الذي هو المقاومة ومحور المقاومة.
هذا الذي يُعمل عليه الآن، الملاحظ أن نفس الانظمة، يعني عندما تعودون قليلاً إلى بدايات القرن الماضي، العشرينات الثلاثينات الأربعينات الخمسينات الستينات، نفس الانظمة هي بذاتها، بل اسمحوا لي أن أقول نفس العائلات، هي بذاتها هي الحاكمة، التي عملت منذ البداية على فتح الطرق أمام اميركا وبريطانيا ليقيموا دولة إسرائيل، وليحصلوا بمقابل ذلك على عروشهم. هم الذين ما زالوا الآن يقاتلون لتبقى الأبواب مفتوحة أمام إسرائيل، ويحاربون كل إمكانية مقاومة، سواء كانت في مصر سابقاً أو في سوريا أو في العراق أو في أي مكان، من أجل أن تبقى لهم عروشهم، نفس المعادلة ونفس الحيثية ونفس الجهات، والتاريخ يعيد نفسه. هؤلاء هم أنفسهم قبل عقود وفي بدايات القرن الماضي لم يقاتلوا إسرائيل ولم يسمحوا بقتال إسرائيل وساعدوا لتقوم إسرائيل، وثبطوا عزائم هذه الأمة. وعندما قامت جيوش وحكومات لتقاتل إسرائيل تآمروا عليها وحاربوها وحاربوا كل ما هو مقاوم وقومي وعروبي تحت حجج مشابهة للحجج الحالية، مشابهة لها وليس نفس الحجج، ليس العنوان الطائفي، عناوين أخرى، والآن هم يعيدون الكرّة نفسها في مواجهة محور المقاومة.
لذلك اليوم أليس من الصدفة أن الذين يحيون يوم القدس في أكثر من بلد، في اليمن اليوم، في البحرين، في سوريا، في العراق، في ايران، في أكثر من بلد في العالم، في نيجيريا، في أكثر من بلد في العالم، أنا قمت بتعداد هذه الدول لأنه يوجد جامع مشترك فيما بينهم، لو كشفتم عن ظهورهم لوجدتم سياط هذه الجهات، وأعني النظام السعودي وآل سعود، لو كشفتم عن ظهور هؤلاء لوجدتم سياط هؤلاء، هذه صدفة عجيبة بأن اليوم الذي ينادي بالقدس ويتحدث عن فلسطين ويعلن استعداده لنصرة فلسطين رغم كل المظالم التي تلحق به، ظهره عليه آثار هذه السياط، هذا أمر ملفت.
في كل الأحوال الرسالة اليوم التي أريد أن أوجهها هي:
أولاً: على كل أدوات وخدم أميركا وإسرائيل في المنطقة أن يفهموا جيداً وأن ييأسوا من إمكانية أن تتخلى شعوبنا وحركاتنا وقوانا الحية عن فلسطين وعن القدس وعن شعب فلسطين، مهما فعلتم، الدليل هو الذي ترَونه كل يوم، هذا اليمن، اليمن ستدخل في سنة ونصف حرب شعواء، وباسم الاسلام ـ اسمحوا لي، للأسف الشديد، والبعض يستخدم باسم أهل السنة والجماعة وباسم الحرمين الشريفين ـ يقتل الأطفال، باعتراف الامم المتحدة الجبانة التي تراجعت بالمال، باعتراف منظمات حقوق الإنسان بالعالم، الذي ارتُكب في اليمن على مدى عام ونصف تقريباً مهول وخطير وكارثي. ولكن هل خرج شعب اليمن ليقول: كفرنا بالإسلام وكفرنا بالدين وكفرنا بالحرمين الشريفين وكفرنا بالأمة وبفلسطين وبالقدس وبالمقدسات؟ أبداً. خرجوا ليقولوا نحن متمسكون بهذا الإسلام، أنتم بريئون منه، ومتمسكون بهذه الأمة ومتمسكون بفلسطين وبالقدس وبشعب فلسطين ولن نتخلى عنه.
نفس المنطق في البحرين، نفس المنطق في نيجيريا التي قام جيشها، وبتحريض من المملكة العربية السعودية ـ بحسب كل المعطيات والوثائق ـ بقتل ألف إنسان، ألف إنسان، واعتقال قائدهم وزعيمهم، فقط لأنهم في هذا المحور وفي هذا الخط. ومع ذلك يخرجون اليوم ليفوا لأولئك الشهداء الذين قُتلوا بالتحريض على الشيخ الزكزكي وجماعته في نيجيريا، كانوا هؤلاء يقيمون المظاهرات بيوم القدس، وهم يقولون: الموت لأميركا والموت لإسرائيل. نفس الشعار في صنعاء، نفس الشعار في طهران، نفس الشعار في بغداد وفي بيروت ودمشق. ومع ذلك هم لم يتخلّوا.
هذه رسالة واضحة، لن تستطيعوا أن تفرضوا ـ لا بالحديد ولا بالنار ولا بالقتل ولا بالمجازر ولا بالحروب ولا بالتضليل الإعلامي ولا بالتحريض الطائفي ولا بالاتهام ـ أن تفرضوا على أهل هذا المحور وعلى شعوبه وعلى حكوماته أن تتخلى عن فلسطين وأن تنسى القدس وأن تسمح لإسرائيل بأن تسيطر على هذه الأرض المباركة وهذه المقدسات العظيمة وتعيث في منطقتنا فسادا.
وثانياً: في أن تستيقظ شعوبنا العربية والإسلامية وتخرج من هيمنة الإعلام المضلّل وتدقق في الوقائع لتعرف جيداً أن كل ما يجري في منطقتنا اليوم تحت عنوان الحرية والديموقراطية والطائفية والدفاع عن كذا وكذا هي مجموعة من الأكاذيب، وأن الهدف الحقيقي هو تدمير دول وجيوش ومجتمعات وشعوب وحركات المقاومة والمنطقة وتمزيقها وتفتيتها من أجل حماية إسرائيل وبقاء إسرائيل، التي ـ في عام 2011 وأمام قيام الانتفاضات الشعبية في المنطقة ـ كانت تتحدث عن خطر وجود جديد، والتي عادت لتعمل وتشكل فرقاً جديدة على كل الحدود مع مصر ومع الأردن. الرعب الذي اجتاح اسرائيل بسبب المظاهرات التي اجتاحت العديد من العواصم العربية جعلها تقف من جديد أمام خطر وجودي. من الذي أخرجها من هذا الخطر الوجودي؟ من الذي حوّل هذا التهديد على إسرائيل إلى فرصة لإسرائيل، عبرت عنه في مؤتمر هرتسيليا الذي سأتكلم عنه في النقطة الثانية؟
وثالثاً: إن طريق المقاومة موصل للإنجاز وللنصر وللتحرير، وانه ليس طريقاً صعباً، فقط يحتاج إلى إرادة وإلى تصميم، هل ترون يا شعوب المنطقة ويا شعب فلسطين: لو فقط أُنفق وبذل من جهد بشري ومادي، وليس لي علاقة بكل ما يحصل في المنطقة، فقط في سوريا وفي اليمن من جهود بشرية ومن تضحيات ومن إنفاق مالي ولوجيستي كان كفيلاً بتحرير فلسطين عشر مرات.
ليس هناك ضعف، وليس هناك عجز، وليس هناك فقر في هذه الأمة، في شعوب هذه الامة. في الحكومات يوجد جيوش ويوجد إمكانات ويوجد أموال ويوجد عقول ويوجد جنرالات ويوجد إرادات ويوجد غيرهم، ولكن هناك مجموعة من خدم أميركا وإسرائيل ما زالوا يتسلطون على رقاب هذه الأمة وعلى شعوب هذه الأمة، يمنعونها من قتال إسرائيل. وكلما استيقظت هذه الامة ووعت على خيراتها ومضت في طريقها وضعوا في طريقها السدود وفرضوا عليها الحروب لتتجه وتحارب في أي ساحة، المهم أن لا تقاتلوا في ساحة فلسطين، قاتلوا في أي ساحة ولكن ممنوع عليكم أن تقاتلوا في ساحة فلسطين.
إذاً، طريق المقاومة ممكن وموصل، ويجب على كل شعوب عالمنا العربي والإسلامي أن تضرب على يد هؤلاء الذين يصنعون الحروب ويفرضون الحروب ويصرّون على مواصلة الحروب، ويعطّلون أي شكل من أشكال الحل السياسي في سوريا أو في اليمن أو في البحرين أو في ليبيا أو في أي بلد، ويدعمون الحركات التكفيرية والإرهابية التي نشأت أساساً في فكرهم وفي أحضانهم وفي بيوتهم.
عندما تأخذ الأمة هذا الموقف، نعم يمكن أن تقف هذه الحروب ويمكن أن تقف هذه الفتنة، ويمكن أن نعود جميعاً إلى الطريق الصحيح والصواب وإلى المعركة الحقيقية التي بالتأكيد نستطيع أن ننتصر فيها جميعاً.
العنوان الثاني الذي له صلة أيضاً بالعنوان الأول هو مؤتمر هرتسيليا.
للأسف الشديد، في هذا العام، في مؤتمر هرتسيليا أولاً كان يوجد هناك مشاركة عربية، والمؤتمر له علاقة بالأمن القومي الإسرائيلي، أمن اسرائيل ومستقبل إسرائيل والبيئة الاستراتيجية الخاصة بإسرائيل.
الذل العربي والهوان العربي والخضوع العربي وصل إلى حد أن يذهبوا ويشاركوا في هكذا مؤتمر، الله جبركم يعني؟ طبعاً وكان زينة هذا المؤتمر هو ممثل المعارضة السورية التي شاركت في هذا المؤتمر، لأن قصد هؤلاء مفهوم، وهذا من الآن يبشر أن سوريا التي تريدها هذه المعارضة السورية الذي مثّلها هذا الممثل هي على شاكلة مؤتمر هرتسيليا.
في المؤتمر سمعنا كلاماً كثيراً، طبعاً سأمر عليه بالعناوين لأنني أريد فقط أن أعلّق على التهديدات التي لها علاقة بلبنان.
رأينا الإسرائيلي خلافاً لعام 2011، في عام 2011 في مؤتمر هرتسيليا كان الكلام أن إسرائيل تعيش في بيئة استراتيجية خطيرة جداً، الوضع خطير جداً، إلى غيره، لا أريد أن أعيد، إلى عام 2016 الإسرائيلي المرتاح، الذي يتحدث عن فرص جديدة مع الدول عربية، خصوصاً مع السعودية، الذي يتكلم عن تدمير جيوش عربية كما حصل في سوريا، في العراق، في ليبيا، وفي أماكن أخرى، وعن استنزاف جيوش عربية أخرى كما يحصل في مصر، “قاعد مبسوط هو”، أن هذا هو وضع الجيوش العربية، هذا وضع المجتمعات العربية، هذا التقدير للحرب، بعد ذلك أصبح يريد أن يكون شريكاً بالحرب على الإرهاب، أي إرهاب؟ في الوقت الذي هو على الحدود مع الجولان يدعم النصرة ويدعم الجماعات المسلحة بالسلاح والمال ويدخل جرحاهم وبالتموين وبالتغذية وبالمعلومات.
وبهذا المؤتمر، أتمنى أن تقفوا عند نقطة مهمة كثيراً، أكثر من شخص تكلم بها، لأن خطباء هذا المؤتمر هم جنرالات وقادة أمنيون وعسكريون وسياسيون حاليون وسابقون وضيوف من الخارج، تكلموا بقلق شديد عن إلحاق الهزيمة بداعش في سوريا، لماذا إسرائيل مرعوبة من أن تهزم داعش في سوريا؟ لماذا إسرائيل مرعوبة من أن محور المقاومة ينتصر في سوريا؟ أتمنى البعض الذي ما زال عنده شكوك أو ليس عنده وضوح، أو عنده ضبابية، أن يعذّب نفسه قليلاً من أجل أن يكون عنده قراءة صحيحة ويأخذ خياراً صحيحاً وقراراً صحيحاً، يأتي، كله نشر في وسائل الإعلام، والذي يحب نحن نرسل له الترجمات الكاملة لمؤتمر هرتسيليا وما قيل فيه، فلينظر أنه ما هو التقدير الإسرائيلي إذا حصل انتصار لمحور المقاومة في سوريا ولحقت الهزيمة بداعش وبالجماعات المسلحة؟ ما هو آثاره الاستراتيجية ومخاطره على إسرائيل؟ لتعرفوا بأي صف يجب أن تكونوا، وبأي جبهة يجب أن تقفوا.
على كلٍّ، تكلموا عن إيران وكان لها حظٌ وافر، طبعاً أنا الذي حكيته قبل عدة أيام ليس بجديد، الآن بعض الناس استفادوا أن هذا اعتراف، لا هذا ليس باعتراف، هذا كلام قديم وليس باعتراف، هو سماحة السيد القائد حفظه الله والمسؤولين بالجمهورية الإسلامية هم علناً، هم يقولون، نحن ندعم بالمال وبالسلاح كل حركات المقاومة ونفتخر بذلك، ونعم هم يدعمون حركات مقاومة في لبنان وفي فلسطين. وبالمناسبة بين هلالين، ليس صحيحاً أن يقول أحدهم أن هناك حركات فلسطينية أو منظمات فلسطينية توقف عنها الدعم بسبب الخلاف أو الموقف في سوريا. أبداً، أبداً، هذا غير صحيح، وموقف الجمهورية الإسلامية وموقف كل محور المقاومة، خصوصاً موقف حزب الله في هذا الأمر، أنه نحن بموضوع سوريا صحيح اختلفنا بالرأي مع بعض الفصائل الفلسطينية، ولكن لم نطلب منهم ولم نضغط عليهم ولم نتشاجر معهم حول هذا الموضوع، وكنا نقول لهم: أنتم أحرار في أن تأخذوا الموقف الذي تريدونه، نحن نتمنى أن تتفهموا موقفنا، لكن في موضوع فلسطين لا يوجد خلاف. في المعركة مع الإسرائيلي لا يوجد خلاف، في دعم شعب فلسطين ومقاومة فلسطين لا يوجد خلاف، على كلٍّ، هذا بين هلالين.
كان هناك تركيز ملفت على لبنان وبالتحديد على حزب الله في لبنان، وأعتقد أن أغلب الكلمات تكلمت عن لبنان وعن حزب الله، وصورة أن ما هو طبيعة التهديد الذي يمثله، وأُطلقت جملة طويلة عريضة، جملة من التهديدات والتهويلات التي أنا أريد فقط أن أعقب عليها بكلمتين.
أنا الذي أريد أن أقوله، في كل ما سمعناه من تهديدات وتهويلات، أنا برأيي، وأقول للإسرائيليين وأحب الناس أن يعرفوا: أنه يا إسرائيليين لا يوجد شيء جديد في ما قلتم وفي ما أنتم عليه، نعم هناك شيء واحد جديد، أنه أصبحتم تكثرون الكلام، منذ زمن لم تكونوا هكذا، قبل عقود لم تكونوا هكذا، الآن أصبحتم تتكلمون كثيراً كثيراً، وأنا أعتقد أن هذا جديد عند الإسرائيلي. لكن غير ذلك، ما الجديد؟ أنه سندمر، أنتم من قبل 48 تدمرون، دمرتم بفلسطين ودمرتم بلبنان ودمرتم بسيناء وبالجولان وبالمنطقة، وعن قريب من 1982 والحروب على لبنان وصلنا للـ93 للـ96 للـ2006 إلى قطاع غزة الحرب الأولى والثانية والثالثة وووو… وصولاً إلى حرب رمضان قبل مدة، فلا يوجد شيء جديد، تخرج وتقول نحن سندمر، معروف أنك تدمر، ألديك شيء آخر غير التدمير، هذا ليس جديداً. “سنقتل”، أنت أصلاً كيان قائم على القتل، أتهددنا أنك تريد أن تقتلنا وتذبحنا وتشرد نساءنا وأطفالنا، أنت فعلت ذلك خلال عقود من الزمن وما زلت تفعل ذلك ومن الطبيعي ومن المتوقع من كيان مثلك أن يفعل ذلك، فما هو الجديد بهذا الموضوع. أنه والله يا حزب الله ويا “فلان”، لأنهم خاطبوني أنا، أنه لو تعرف نحن ماذا عندنا من معلومات عنكم كنت لا تدري ما تفعل، الآن يمكن أن يكون، طبعاً يجب أن يكون عندكم معلومات عنا، بالنهاية أنتم عندكم أجهزة أمنية قوية جداً وطائرات الاستطلاع في لبنان تعمل ليل نهار، والأجهزة الأمنية الأجنبية كلها بخدمتكم والـCIA في لبنان يجند لخدمتكم، المخابرات الأميركية، وجزء من المخابرات العربية أيضاً تعمل لخدمتكم، طبيعي، وممكن أن يكون عندكم حجم معلومات كبيرة، ممكن، لماذا لا. لكن هذا ماذا يقدم وماذا يؤخر، يعني في عام 2006 لم يكن عندكم حجم معلومات كبير عنا؟ ماذا كانت نتيجة الحرب؟ من الذي صنع مفاجآت في حرب 2006، نحن أم أنتم؟ أنتم كانت هذه حربكم الطبيعية: قصف وتدمير وتهجير وهجوم على ضُيَع وضرب جسور وبنية تحتية، هذا الذي تفعلونه عادة، لكن هذه المقاومة هي التي صنعت المفاجآت في عام 2006، لم يكن عندكم معلومات كثيرة عنا.
على كل، هذا أولاً، وثانياً، المهم الجديد، أنه نحن ما معلوماتنا عنكم، حجم المعلومات التي لدينا عن إسرائيل وعن جيشها وعن إمكانياتها وعن قدراتها وعن محطات الكهرباء فيها ومحطات البيتروكيميائيات فيها ومحطات النووي فيها ومصانع النووي فيها وأماكن التأثير الاقتصادي فيها والتركيبة النفسية والمزاج والمناخ والجبهة الداخلية، المهم الآن ليس ما تعرفونه أنتم عنا، المهم نحن كحركة مقاومة ماذا نعرف عنكم، ويمكن كأول جهة مقاومة، أو أول جهة عربية تقاتل إسرائيل ويتوفر لديها هذا الحجم الهائل من المعلومات عن هذا العدو وعن نقاط قوته وعن نقاط ضعفه وعن إمكاناته وعن مقدراته وعن كيفية إلحاق الهزيمة به، هذا الجديد، وإلا أنتم عندكم معلومات عنا. ما هذا الجديد؟
أو مثلاً أنه يا فلان، يعني خطاب لي أنا، من أجل أن أخاف، أنه بالحرب القادمة سنقتلك، على أساس أنكم في الحرب الماضية لم تريدوا أن تقتلوني، يعني هذا جديد؟! يعني لم تقوموا بمجازر من أجل أن تقتلوا فلاناً وفلاناً في الحرب الماضية، ولا تعملون بالليل والنهار لتقتلوا فلاناً وفلاناً، هذه حرب مفتوحة بيننا وبينكم.
إذاً أنا أعتقد بهذا المؤتمر العظيم الذي باركه العرب وحضروه، فيما يعنينا لا يوجد شيء، لا يقدم ولا يؤخر عند الإسرائيلي، نعم الجديد عندنا، الجديد عندنا، نحن الجديد اليوم، أو في هذه المرحلة، نحن الجديد بالعالم العربي، الجديد، هذا الخطاب للعدو الإسرائيلي وللصديق حتى يأخذ العلم، أن اليوم هناك مقاومة في مواجهة إسرائيل تملك إرادة القتال وتملك عقيدة القتال، اليوم في وجهكم من لا يقرّ لكم إقرار العبيد ولا يفر أمامكم فرار العبيد والأذلاء، من لا يعترف بكم، من قاتلكم وهزمكم، من يعدّ العدّة ليلَ نهارَ للقائكم، من لا يخشاكم ولا يخشى أسيادكم ولا يهابكم ولا يخافكم، من يمتلك قدرة بشرية وعسكرية حقيقية فرضت نفسها عليكم وعلى خطتكم وتدريباتكم ومناوراتكم وجبهتكم الداخلية وتجهيزاتكم وتسليحاتكم. نعم هذا هو الجديد، الجديد أن إسرائيل تقف كلها بهرتسيليا وتعترف أن هناك قوة حقيقية اليوم موجودة بالرغم من كل هذا الدمار الذي ينتشر في المنطقة وأن هذه القوة اسمها حزب الله وتملك إرادة وايماناً وعقيدة وقدرة، أن تقف وأن تصمد وأن تقاتل وأن تواجه التهديد بالتهديد، وأن تقابل الردع بالردع والصاع والصاع، وتملك من الحزم والعزم والثقة والإيمان والتوكل على الله سبحانه وتعالى ما يمكّنها من ذلك. وكل هذا الكلام الفارغ الذي تقولونه بهرتسيليا لن يقدم ولن يؤخر شيئاً، نحن نعرف شعبكم وتعرفون شعبنا، نعرف ناسكم وتعرفون ناسنا، نعرف جنودكم وتعرفون مجاهدينا، ونعرف إمكاناتكم الضخمة وتعرفون إمكاناتنا التي ما إذا أضيفت إلى مجاهدينا وشعبنا وايماننا وتوكلنا على الله سبحانه وتعالى لا نتوقع من خلال هذا المسار سوى المزيد من الهزائم لكم والانتصار لنا.
حسناً، نكتفي بهذا المقدار من هرتسيليا من أجل أن أدع بعض الوقت للوضع الأمني في لبنان الذي هو اليوم طبعاً بحث مهم وشاغل اللبنانيين جميعاً، وطبعاً أًصدقاؤنا وأحباؤنا بالمنطقة مهتمون بما يجري في بلدنا.
أبدأ من الهجمات الإرهابية الانتحارية الأخيرة التي قامت بها جماعة داعش في بلدة القاع واستهدفوا من خلالها القاع وأهلها. لا يوجد شك أن هذه الهجمات كانت، وهذه العمليات كانت تطوراً خطيراً في الآونة الأخيرة وعلى كل صعيد. طبعاً نحن مثل كل اللبنانيين أدنّا هذه الاعتداءات وهذه الهجمات الإرهابية وعزّينا بالشهداء وتضامنّا مع أهل القاع ومع أهل المنطقة كلها ووقفنا إلى جانبهم، وهذا هو أدنى الواجب الأخلاقي والإنساني والوطني والديني. لكن من الواضح أيضاً أن الله سبحانه وتعالى تلطّف بالجميع ودفع ما هو أعظم.
فلأبدأ من هنا، بكل الأحوال من أجل أن لا نعود لنقاش، أعتقد قطّعوه بلبنان بنسبة كبيرة إلا بعض من يكابر، أنه أصبح واضحاً عند الجميع وثبت للجميع بفعل الوقائع، الوقائع الميدانية وليس الادعاءات، أن الاستهداف كان للقاع، لبلدة القاع ولأهل القاع، البلدة البقاعية المسيحية، من أجل أن يعرف الذين في العالم العربي عن أي ضيعة نتكلم بالبقاع. يوجد استهداف لهذه البلدة ولأهلها بمعزل عن كل التحليلات التي يمكن أن تأتي بعد ذلك، لماذا استهداف القاع وأهل القاع؟ لأن هناك الكثير من التحليلات التي كتبت وقيلت لا أريد أن أدخل فيها الآن، لكن أريد أن أدخل فقط من زاوية واحدة التي هي مفيدة للنقاش.
أيضاً من خلال التحقيقات الأمنية الجارية، أعتقد خلال فترة وجيزة سيكتشف البعض من هو المدير والمشغل لهؤلاء الانتحاريين الذي أرسلهم إلى القاع عامداً متعمداً عن سابق إصرار وتصميم، وهذا يأتي وقته ويحكى عنه. وأيضاً بالتفصيل المفيد أن يقال، نعم كل المعطيات والمعلومات تقول ومعلوماتنا نحن أنه لم يأتوا من مخيمات النازحين في مشاريع القاع ولكن أيضاً للتصحيح جاءوا من جرود عرسال، يعني يستطيع الواحد أن يقول جاءوا من داخل سوريا، لكن إلى أين؟ يعني جاءوا من داخل سوريا وقفزوا على القاع، أو جاءوا قعدوا في جرود عرسال عند داعش الموجودة هناك، والتي يطلع لها أكلها وتموينها وأغراضها، وقياداتها يصعدون وينزلون، وهناك قوى سياسية في لبنان بشكل أو بآخر عاملة غطاء سياسي لهذا الوجود المسلح الإرهابي بجرود عرسال، وقعدوا في جرود عرسال وبقوا مدة طويلة بجرود عرسال ينتظرون التوجه للقيام بالمهام المطلوبة منهم، وكان المفترض، كان يجب أن يحصل هذا الشيء في شهر رمضان لأنهم هم يفهمون الدين خطأ ويعتبرون شهر رمضان هو هذه المناسبة ـ هذا شهر الرحمة ـ هو عندهم شهر القتل، فلذلك كانوا مستعجلين، يريدون أن يلحّقوا أنفسهم قبل العيد، يقوموا بطقوسهم الدينية لأنه هم واصلين لمكان نحن أمام دين هو دين القتل للقتل، لا يوجد شيء آخر غير القتل، سأعود إليه قليلاً في هذه النقطة.
على كل، هذا كل يبان.
حسناً، أنا أمام هذا الوضع الأمني وأمام هذا المستجد في القاع وأمام النقاشات التي حصلت في البلد أريد أن أذكر ثلاث نقاط باختصار سريع، شديد:
أولاً، البعض وقف مستغرباً، قال لماذا تُستهدف القاع وأهل القاع؟ ما ذنبهم، ماذا فعلوا، بماذا أخطأ أهل القاع؟ على قاعدة أنه دائماً الجماعات المسلحة لما تعتدي بلبنان أو تقوم بتفجيرات أو سيارات مفخخة هناك تبرير لهم، أنه بالهرمل مفهوم، بالنبي عثمان مفهوم، ببرج البراجنة مفهوم، بالمستشارية الإيرانية، بالسفارة كله مفهوم، أنه يا أخي حزب الله طلع على سوريا، هم يقولون ذلك، قاتل فهؤلاء يعملون ـ المساكين، المظلومون ـ رد فعل فيستأهل أهل الهرمل وأهل النبي عثمان وأهل الضاحية وأهل لا أعرف أين، لأنه أنتم بيئة حاضنة لحزب الله الذي ذهب ليقاتل في سوريا، ليقاتل ـ بين هلالين ـ الثوار.
حسناً، لماذا جاء الثوار وفاجأوكم بأنه اعتدوا على القاع وأهل القاع؟ حسناً، أهل القاع، لا بأس فلنتكلم بالشفاف، “المشبرحي” أهل القاع ليسوا شيعة، الآن هناك عدة بيوت شيعية بالصدفة يمكن، القاع بلدة مسيحية، وأهل القاع ليسوا بيئة حاضنة بشكل أو بآخر لحزب الله الذي يقاتل الثوار ـ بين هلالين ـ في سوريا، وأهل القاع لم يرسلوا مقاتلين إلى سوريا وبلدية القاع تنتمي سياسياً إلى خط سياسي خصم أو مخالف ويؤيد الثوار في سوريا، فلماذا جاءوا إلى القاع؟ الآن طبعاً هناك أناس سيقدمون أجوبة يتبين معهم، من أجل أن يكملوا على الجزء الأول، أن هذا من أجل الضغط، أن المسيحيين يضغطون على حزب الله لينسحب من سوريا، حسناً.
فلنستفِد من حادث حصل قبل عدة أيام، التفجير الانتحاري الثلاثي في مطار أتاتورك في اسطنبول، الآن أنا أريد أن أتكلم وقائع، لا حاجة لنا للنظريات والشعارات والخطابات الحماسية، بهدوء، هناك ثلاثة انتحاريين من داعش، لست أنا من يقول إنهم من داعش، رئيس الحكومة التركية قال من داعش، وحددوا جنسياتهم وشخصياتهم، هاجموا المطار، مطار أتاتورك في اسطنبول، اسطنبول مدينة مهمة وعظيمة ومدينة سياحية، وعاصمة اقتصادية لتركيا، حسناً، في الوقت الذي تبذل الحكومة في تركيا جهدها مع الاسرائيلي ومع الروسي وتعتذر من بوتين وتتنازل بموضوع غزة لأنه عندها وضع اقتصادي وتريد سياحة وتريد وتريد.. يأتون داعش ويضربونه بالمطار، نحن نعرف ماذا يعني ضرب مطاراسطنبول بالنسبة لتركيا ولاسطنبول واقتصادياً وسياحياً وإلخ… لماذا؟ أنا أحب أن أسأل ـ ليس فريقنا، فريقنا معلوم ـ الفريق اللبناني الآخر، لا أريد أن أعمل نقاشاً الآن على مستوى الأمة، دعونا نتكلم عن لبنان، أجيبوني…
لنضع البقاع جانباً، لماذا داعش ضربت مطار إسطنبول؟ ليجب اللبنانيون، أنا أقول لكم ما هو الجواب؟ مع العلم أن تركيا لم تهاجم في سوريا المعارضة والثوار ولم تحاربهم، ولم ترسل مقاتلين لمقاتلتهم، ولم تفتح معهم معركة لا في القصير ولا في القلمون ولا في الزبداني ولا في الشام ولا في حمص ولا في حلب، بل بالعكس، تتبناهم سياسياً وتحارب النظام في سوريا وتعاديه وفتحت حدودها لآلاف وعشرات الآلاف المقاتلين الذين أتوا من العالم ولم تزل فاتحةً لحدودها، والسلاح والذخيرة والمال الخليجي وكله يدخل عبر تركيا، والمستشفيات واللاجئون، والنفط الذي لداعش تركيا تشتريه وتسهل بيعه، كل شيء يمكن أن تفعله تركيا لداعش فعلته، كل شيء، لماذا داعش؟ وهذه ليست أول عملية لداعش في تركيا؟ لكي نفتش فقط عن أسطنبول، بل قبلها في أنقرة وقبلها في أسطنبول وفي بعض البلدات الحدودية، والحكومة التركية قالت رسمياً وليس نحن بأن الفاعل هو داعش، وكان يوجد أفراد أتراك من داعش شاركوا بتنفيذ بعض هذه العمليات، لماذا؟
بالسياسة يجب أن لا يعملوا عمليات، بالعقل والمنطق ـ ولنضع الدين والاخلاق جانباً ـ بالعقل وبالمنطق هناك دولة واقفة بجانبك وتقاتل معك وتفتح الحدود لك وتعمل لك تسهيلات مالية وتعمل كل الذي تريده، فلماذا تفجر نفسك فيها؟ هل تعلمون لماذا؟
المشكلة في عقيدة داعش، التي هي عقيدة النصرة وعقيدة تنظيم القاعدة والتي هي نفس عقيدة التكفيريين، كي لا يقول أحد إن داعش هو غير النصرة، التي هي نفس العقيدة ، هل تعرفون عقيدة من؟
أنظروا إلى الإعلام السعودي الذي يضج، حيث الآن ضجة في السعودية قائمة الدنيا وقاعدة، لماذا؟ لأنه يوجد شقيقان، هم يقولون عنهما إنهما داعشيان، فماذا يعني أنهما داعشيان؟ أن داعش أتت وقامت بتنظيمهما، إنهما حاملان نفس الفكر، الفكر الوهابي ونفس العقيدة الوهابية التي “تكفّر مين ما كان وكيف ما كان” ولأبسط الأسباب، ويفتون بقتله، إما بوجوب قتله أو بجواز قتله وتكسب أجراً بقتله ولو كان أباك وأمك، هذه العقيدة التي تدفع شقيقين سعوديين ليقتل أبوه وأمه، هل هو هذا الدين؟ وهذا القرآن؟ وهذا هو شهر رمضان، ويأتي ليقتل أخاه الصغير الذي هو الآن في وضع خطير في المستشفى، ويهربون وربما الآن قد تم اعتقالهم لا أعرف، لماذا؟
يقول لك داعشيان، يعني داعش قالت له اقتل أباك وأمك وأخاك، أم أن هذه الثقافة التي تربون عليها أجيال في المملكة العربية السعودية، والتي أتت بها داعش إلى العراق وإلى سوريا، والتي الآن تدرس الآن في المناطق التي تحت سيطرة القاعدة وجبهة النصرة وداعش، وأخذتموها إلى باكستان وأفغانستان والتي تأخذونها اليوم إلى بعض المناطق، لتعرفوا لماذا القتل في أسطنبول، لأنه عند داعش وعقيدة داعش رجب طيب أردوغان كافر حتى لو عمل نفسه خليفة عثماني، وحزب العدالة والتنمية كافر حتى لو قال أنا حزب إسلامي، الحكومة التركية والجيش التركي كفار والشعب التركي كافر لأنه يشارك في الإنتخابات، عند داعش الذي يشارك في الإنتخابات هو كافر ويجوز قتله، في شهر رمضان الجماعة يريدون أن يجاهدوا وأن يصعدوا إلى الجنة، وهذا شعب كافر وهو يساعدهم أو لا يساعدهم، هم لا يقفون عند هذا التفصيل،هذا تفصيل دنيوي، هذه الثقافة يا جماعة، ألا نريد أن نفهم؟ هذه هي الثقافة، طيب الآن الشباب تفاصيل، الآن في الكويت والسعودية هذا الذي يريد أن يقتل أباه وهذا الي يدق على الأمن ليقول لهم تعالوا خذوني قبل أن أقتل أبي وأمي، وهذا قتل أخاه.. هذه نتيجة ماذا؟ إنها نتيجة هذه الثقافة.
نضرب لكم مثلاً لتعرفوا من هم الكفار عند الوهابيين، أحد كبار مفتي الوهابية، لا أريد أن أدخل في الأسماء كي لا يقول أحد أنك تعمل مشكلة، من قال بدوران الأرض حول الشمس هو كافر، وأنا أقول بدوران الأرض حول الشمس، هكذا علمونا في المدارس وهكذا ثابت علمياً وهكذا علماء الفلك وعلماء الفيزياء، وهكذا إجماع البشرية تقريباً، أن الأرض تدور حول الشمس، والذين طلعوا إلى الفضاء والذين رأوا والذين بحثوا، والنظام الذي هو موجود في الأرض كله من إتصالات وفضائيات كله مبني على هذه القاعدة، طيب إلى هنا أنا أقبل أن تأتي أنت عالم وهابي مفتي وليس عالم، شيخهم الكبير الأكبر والأعظم ليقول إنه كافر، طيب كفّرتم العالم كله، يعني إذا مسلم يقول محمد رسول الله ويصوم ويصلي ويصلي الليل ويدفع زكاة، ويقاتل في سبيل الله وطلع معه هكذا علمياً نعم أن الأرض تدور حول الشمس هو كافر. طيب يُستتاب أو يُقتل، هكذا تتمة الفتوى ، تلك الفتاوى التي تدرّس من قبل علماء الوهابية ومفتي الوهابية في السعودية، في السعودية هذا مفتي رسمي، طيب عندما تثقفون العالم هكذا وتأتون لهم بفتاوى أقتل أباك وأقتل أمك إذا كان كذا وكان كذا…، أهون شيء في دينكم وثقافتكم أن يصبح العالم مشركين وكفار ومحاربين، وتقتلونهم وتذبحونهم.
إذاً، الخطر أيها الشعب اللبناني بكل طوائفه وبكل قواه السياسية قبل أن تناقشوا في السياسة لماذا أتوا داعش، ثمانية إنتحاريين، يعني ثمانية شباب يرسلونهم إلى ضيعة، ماذا كانوا يريدون أن يعملوا بأهلها لولا أن الله دفع، وهؤلاء الشباب وقفوا وواجهوا وكانوا واعين وتصرف أهل القاع بحكمة ومسؤولية، ماذا كان يريد ثمانية إنتحاريين أن يفعلوا بأهل القاع؟ هذا إذا لم يكن هناك أيضاً غيرهم، لكن لم يصلوا أو تراجعوا أو شيء من هذا القبيل، لأنه توجد بعض المعطيات في هذا السياق.
في كل الأحوال ما الذي كان سيحدث؟ الموضوع له علاقة، قبل السياسة، له علاقة بهذه الثقافة وله علاقة بهذا العقل وله علاقة بهذا الفهم، هؤلاء قوم ثقافتهم هي القتل ودينهم هو قتل، أين النبي عندما يقولون بالذبح جئناكم؟ هذا هو نبي الرحمة الذي يقول الله فيه “وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين”، ويقولون إنا جئناكم بالذبح، النبي الذي قاتلته قريش وآذته وآذت أصحابه وقتلت أصحابه وقتلت سمية وقتلت عمار وعذبوهم وهجروهم وشردوهم ونكّدوا عيشتهم، عندما فتح مكة لم ينتقم من أحد ولم يثأر من أحد وقال “اذهبوا أنتم الطلقاء”، هذا النبي دينه جئناكم بالذبح؟ هذا دينه دين قتل؟ فالمشكلة هي هذه، هذا هو السبب الأصلي، الآن في السياسة تستطيع أن تأخذها إلى المكان الذي تريده، وحللوا مثلما تريدون وخذوا راحتكم، هذه هي أول نقطة أحببت أن أقف عندها.
النقطة الثانية في هذا السياق: هناك أناس طلعوا في البلد ليقولوا أنتم ذهبتم لتعملوا حرباً إستباقية في سوريا وفي القصير وفي القلمون وفي الزبداني، وفي السلسلة الشرقية وفي دمشق، وقلتم هذه حرب إستباقية كي لا يأتوا إلينا، لكنهم أتوا إلينا، إذاً حربكم فاشلة، هذه مغالطة وجهل، هل تعلمون ما هو الفارق؟ الفارق هو أنه لولا هذه الحرب الإستباقية، بمعنى لو أنهم ما زالوا قاعدين ممددين في جرود عرسال وعلى طول حدودنا وبعدها والقصير وبعدها القلمون وبعدها الزبداني كنتم رأيتم كل يوم ثمانية إنتحاريين يدخلون إلى بلدات لبنانية في البقاع والشمال وفي مختلف أنحاء لبنان، كنتم بدل السيارة التي نفتش عليها كل شهر أو شهرين من قبل الأجهزة الأمنية ونحن، لكنتم رأيتم كل يوم عشرات السيارات تدخل إلى البلدات والمدن والقرى اللبنانية، هذا ليس فرق وهذا ليس نتيجة؟ يعني قلة فرق بين انه كل “كم شهر” عملية إنتحارية وكل يوم عدد من العمليات الإنتحارية، طيب لتنظروا ما الذي يحدث في المنطقة لأن هؤلاء فلتانين، هؤلاء لديهم الدافع، وعندهم عدد كبير من الانتحاريين ولديهم أموال، وكله من الخليج، وعندهم سيارات مفخخة وعندهم الدافع الإيماني، فلا نبسّط ونغالط الناس. لولا الجهد الجبار الذي قام به الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية والحرب الاستباقية للمقاومة والجيش اللبناني لكان لبنان في أسوأ حال مع جيران وحوش من هذا النوع. الذي يقتل أباه وأمه وأخاه وعمه وخاله بهذه الثقافة، والذي يقتل ويفجر، يقتل اثنين واربعين ويجرح المئات في أسطنبول التي تساعده وتدعمه وتفتح له الحدود، لا يوجد شيء يرده عن لبنان، الحرب الإستباقية والجهد الموجود في السلسلة الشرقية وعلى الحدود مع سوريا من قبل الجيش اللبناني ومن قبل المقاومة هي التي منعت وتمنع، أيضاً الجهد اللبناني الداخلي هو الذي يمنع أن تحدث حوادث خطرة بكثافة. نعم ممكن أن يحدث هناك خرق ويمكن أن يدخل أحد.
النقطة الثالثة، أريد أن أقول في النقطة الثالثة للبنانيين: لا أحد يهول عليكم ويقول لكم إن الوضع الأمني في لبنان خطير جداً وسوف ينهار الوضع الأمني وتوجد كارثة أمنية في لبنان، كلا، لا يوجد شيء من هذا القبيل، هذا غير صحيح، الوضع الأمني في داخل لبنان أفضل من أكثر دول العالم بالحد الأدنى بالرغم من كل ما يحصل في منطقتنا.
بامكاناتنا المتاحة، نساعد، هذا كله يعمل به، والأجهزة الأمنية من مدة إلى أخرى تكتشف مجموعة هنا وخلية هناك وحزاماً ناسفاً هنالك. هذا دليل على أن الامن ممسوك. نعم، هناك سيطرة أمنية في البلد، الأمن ممسوك في لبنان، ليس هناك ما يدعو إلى الهلع أو الخوف، او ماذا سيحل بالسياحة والزراعة الاقتصاد والسفر والذهاب والإياب. كلا، بالعكس، هذا يجب أن يزيد الثقة، يعني أنا أدعو اللبنانيين، وأدعو أيضاً كل شعوب المنطقة أن يثقوا بالأمن اللبناني وأن يثقوا بقدرة الأجهزة الأمنية اللبنانية والجيش اللبناني والشعب اللبناني، الذي يساعد على الأمن وعلى الاستقرار وعلى كشف هذه المجموعات وهذه الخلايا وهذه الشبكات. وإذا أخذنا الأمور بالنسبية، فالموضوع لا يقاس بكثير من دول العالم اليوم. الآن يحدث خرق في القاع، هذا طبيعي، من يقول إن الأمور مقفلة 100 %؟ حسناً، هذه تركيا، دولة كبيرة ومهمة وجيش وأجهزة امنية وعضو بالناتو، و”لحّق على تفجيرات في تركيا” وتدعم المعارضة في سورية و”لحّق على تفجيرات في تركيا”، حسناً هذه فرنسا وبلجيكا وأميركا وروسيا، دول عظمى، دول كبرى، عندها عشرات الأجهزة الأمنية، واقوى الأجهزة الأمنية في العالم، يظل يوجد إمكانية تسلل لأحد.
وحتى موضوع القاع، أتعرفون لو استكلمت الحرب الاستباقية، موضوع القاع ما كان ليحدث. أنتم ترَون ما هو جو البلد، وكيف تدار المسائل وكيف تُقاس وكيف تُقرأ، لو استكملت العملية العسكرية في هذه الجرود، ووصلنا إلى الحدود وتمركز الجيش اللبناني على الحدود وأهل القرى مستيقظون، نعم كان ممكن حتى الذي حصل في القاع أن لا يحصل، إضافة لليقظة الموجودة في الداخل اللبناني.
أنا أدعو الى الثقة بالقدرة اللبنانية على ضبط الأمن وعلى السيطرة وعلى الإمساك بالأمن، وليس هناك من داع لا للهلع ولا للخوف ولا من أي شيء.
الآن ممكن أن يخرج أحدهم ليقول لنا: لماذا ألغيتم ليلة القدر من مجمع سيد الشهداء؟ّ أليس هذا يعني أن الوضع خطير جداً؟ لا. يوجد فرق، نحن ألغينا ليلة القدر من مجمع سيد الشهداء، ولكن أحيننا ليلة القدر في مئات المساجد المملوءة بالناس، والتي كان محاطة بحماية. إذا كان الوضع منهاراً تُلغى يليلة القدر في كل المساجد، هذا واحد. وحتى في موضوع مجمع سيد الشهداء، لأنه يمكن أن يكون في حد ذاته هدفاً، ويوجد تجمع كبير جداً، وجد الإخوان أن الإجراءات الأمنية التي علينا أن نتّخذها من ساعة كذا إلى الساعة كذا، وجدوا أن الامر سيشكل عبئاً كبيراً على سكان المنطقة، يعني ستكون اجراءات فوق العادة.
وحتى في موضوع يوم القدس، نفس الشيء، يعني نحن نستطيع ـ بكل صراحة ـ أن نقوم بإجراءات أمنية نحمي بها مجمع سيد الشهداء والمراسم. ولكن وجدنا أن في الأمر عبئاً كبيراً على سكان المنطقة وعلينا وعلى الناس، ووجدنا أنه بإمكاننا أن نحيي المناسبة بطريقة أخرى، دون أن نكشف أو نعرض هؤلاء الناس في هذا المكان الذي قد يكون هدفاً، لأنهم هم لديهم أهداف محددة يريدون أن يصلوا إليها وأن يضربوها. العاقل يقول إنه لا يوجد مشكلة، أنا أؤجل الموضوع، أين المشكلة؟ ولكن هذا ليس مؤشراً على قراءتنا للوضع الأمني في لبنان. كلا أبداً.
أنا اقول لكم من موقع المسؤولية، الوضع ممسوك، الوضع تحت السيطرة، والأمور تتابع بشكل حثيث بالليل وبالنهار وبالجدية المطلوبة، نعم المطلوب كما تكلمنا منذ بضع سنوات، عندما قيل لنا “أنتم ورطونا بمطالبتنا باستراتيجية دفاعية” نعم نحن بحاجة إلى استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب، ونخرج من هذه الزواريب، وكل منا “لاطي للآخر”.
يا أخي، الآن يوجد شهداء، يوجد أناس وضُيَع مهددة، من منا معه الحق، هذا الأمر له علاقة بالأسباب. بالنتائج، لبنان بحاجة إلى استراتيجية وطنية رسمية لمكافحة الإرهاب، ونأتي ساعتها من هذه الزاوية نقارب كل المسائل، ويحضر البعد الإنساني والأخلاقي والوطني والقانوني، موضوع النازحين، موضوع المخيمات، موضوع الجرود والحدود.
بكل الأحوال، أنا أحب أن أختم هذا المقطع كله بأن أتوجه إلى أهلنا في البقاع الشمالي، وخصوصاً إلى أهل القاع الذين واجهوا هذه المحنة في الأيام القليلة الماضية. أحب أن أقول لهم إنه بالنسبة لنا، أريد أن أتكلم عن حزب الله، وأستطيع أن أضيف معي حركة أمل مع حزب الله، وكل أهل المنطقة بالبقاع، الذين هم أهلكم وجيرانكم وهم جنبكم، لأقول لكم: القاع بالنسبة لنا كما الهرمل، رأس بعلبك مثل بعلبك، هنا ليس فقط يأخذ الموضوع طائفياً ومذهبياً، والفاكهة مثل النبي عثمان، وعرسال مثل اللبوة، وكل أهلنا في البقاع هم أهلنا وناسنا، ومسؤولية الدولة ومسؤوليتنا أيضاً، مسؤولية الناس، الناس يجب أن يتحملوا مسؤولية أنفسهم لما الآخرون يتخلون عن مسؤوليتهم، نحن اهل، نحن جيران، نحن حالة واحدة، ومصيرنا واحد، لن نسمح لأن يتعرض لكم أحد بسوء، لن نسمح بأن يحصل أي عملية تهجير في هذه المنطقة، تحت أي عنوان وتحت أي ذريعة وتحت أي سبب على الإطلاق.
الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية هم المسؤولون بشكل أساسي، لكن كلنا نحن معهم وخلفهم، وإذا أرادونا أمامهم، فنحن أمامهم، ولكن بعيوننا، برموش عيوننا سنحمي كل المنطقة وكل أهل المنطقة وكل بلدة وكل حيّ في هذه المنطقة.
طبعاً هذا الأمر بالنسبة لنا هو التزامنا الوطني والإنساني والأخلاقي والديني وأيضاً هذا خطنا. هذه أمانة إمامنا العظيم والكبير سماحة الإمام السيد موسى الصدر (أعاده الله وإخوانه واعزاؤه بخير)، لذلك الناس في المنطقة فوق يجب أن يكونوا مطمئنين، الذي حصل مؤلم لكن لا يجوز أن يدفع أحداً إلى الخوف، ولا إلى القلق ولا إلى الهجرة ولا إلى إعادة النظر بوجوده في المنطقة.
المطلوب أن نبقى، أن نثبت، أن نصمد وأن نتعاون. ونحن قادرون، نعم قادرون بكل بساطة أن نلحق الهزيمة بهؤلاء الإرهابيين. وحتى الآن، كل معاركنا معهم ألحقت بهم الهزائم، وطردتهم وأبعدتهم، ونحن قادرون على ذلك، ولكن المهم التضامن والتعاون والوحدة الوطنية، وأيضاً أن يكون هناك دولة تتحمل مسؤوليتها بالدرجة الاولى، لكن إن تحملت الدولة المسؤولية نحن إلى جانبها ووراءها ومعها، وإذا كانت تريدنا أمامها، فنحن جاهزون. ولكن كالعادة، نحن لا نأخذ كثيراً بالانتقادات وبالشعارات، عندما يصبح الموضوع دماء الناس وحياة الناس وبقاءها ومنع تهجير الناس. نحن جاهزون أن نتحمل المسؤولية بدون أي تردد، وبدون أي تصنيف.
هذه هي الرسالة التي أحببت أيضا أن أوجهها.
في نهاية المطاف، نحن نأمل إن شاء الله، في يوم القدس العالمي، بالصبر، الثبات والصمود والتضحيات على مستوى كل المنطقة أن تلحق الهزيمة بهذه الموجة التكفيرية الإرهابية، ويستعيد محور المقاومة عافيته، لتعود إسرائيل لتناقش في مؤتمر هيرتزيليا الجديد، في أي عام مقبل، خطر الوجود الذي يحيط بها، لأنها وجود غير طبيعي، لأنها جرثومة فساد، لأنها غدة سرطانية، لأنها باطل محض لا مستقبل له في هذه المنطقة.
هذا وعد الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: العلاقات الاعلامية في حزب الله