يُعدّ النوروز (رأس السنة الهجرية الشمسيّة) عيدا قوميا لدى الشعب الإيراني. يحتفل به الإيرانيّون وشعوب أخرى، ويواظبون على أداء طقوسه وتقاليده منذ آلاف السنين، إذ تعطّل كل الجهات الحكوميّة والأهلية، اعتباراً من 20 آذار لمدّة خمسة أيام، فيما تقفل المدارس والجامعات لمدة 14 يوماً.
النوروز تعني بالفارسيّة «اليوم الجديد». ويجسّد هذا «اليوم» مدلول التجدّد بمعناه الواسع المطلق، إذ إضافةً إلى كونه العيد الرسمي لرأس السنة، فإنّه اليوم الأول من شهر «فروردين» الذي يمثل عودة الحياة وتجددها.
وفي هذا العيد، يُخفَّف عن المساجين، ويصطلح الخصوم، ويُطعَم الفقراء، ويُزار الموتى وتكرّم أرواحهم، وذلك لتكون هذه مناسبة لتهدئة الوجدان.
وقد تغنّى الشعراء الفرس بعيد النوروز في أواخر القرن السادس الهجري، لدرجة أنَّ ملك شاه السلجوقي أراد أن يصلح التقويم الإيراني، فطلب من الشاعر الخالد عمر الخيام القيام بذلك، ما دفع الأخير إلى تأليف كتاب سماه «نوروز نامه»، يتناول موضوعه عيد النوروز وطقوسه وتقاليده. كما كتب عن النوروز الشاعر الكبير سعدي الشيرازي، وكان للشاعر الخالد حافظ الشيرازي كتابات في هذه المناسبة.
وقد انتقلت الاحتفالات بالنوروز إلى البلدان القريبة من بلاد فارس، والمجاورة كذلك كالترك والكُرد والأفغان، والطاجيك وبعض بلاد الهند وباكستان والعراق وغيرها، حتى وصلت الاحتفالات بالنوروز إلى إسبانيا، حيث يُحتفل بهذا اليوم الذي يصادف 21 آذار من كل عام.
اللافت أنَّ احتفالات النوروز تتمثّل في مجموعة من الطقوس والتقاليد التي تواكب قدوم الربيع. وقد نمت هذه التقاليد في موازاة طرق الحرير، وذلك منذ القرن السادس قبل الميلاد. ويُحتَفَل بهذه الطقوس التاريخيّة في 21 آذار من كل عام، في عديد من البلدان الواقعة بمحاذاة طرق الحرير، بما فيها أفغانستان، وأذربيجان، والهند، وإيران، والعراق، وقيرغيستان، وكازاخستان، وباكستان، وطاجكستان، وتركيا، وتركمنستان، وأوزبكستان.
ولماّ كان عيد النوروز يكتسي أهمية كبرى، فقد أُدرج في قائمة اليونيسكو للتراث الثقافي غير المادّي للبشريّة، بوصفه يمثّل قيمة عالميّة للإنسانيّة. كما أنَّ الجمعيّة العامة للأمم المتحدة اعتمدت، في العام 2010، قراراً أُعلن فيه يوم 21 آذار يوم النوروز الدولي للسلام.