ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، وأبرز ما جاء فيها، “لأن المنطقة تعيش لحظة حرب مصيرية، فإننا ندعو القوى السياسية إلى كلمة وطنية بعيدة عن الأنانية والشخصانية والارتهان، تحيي المؤسسات الميتة، وتؤمن الحد الأدنى من صمود الدولة في وجه حرائق الحرب العمياء، وإلا فإن وطننا سيعيش هيستيريا الصراع، وما جرى في القاع سيتكرر في أكثر من منطقة، لأن الأيام علمتنا أن الوطن الذي يتهدده التناقض ويتآكله الصراع السياسي لا بد أن تتسلل إليه نار الفتنة”.
وتابع: “إن لبنان كان وما زال بلد الصمود والمقاومة والعض على الجراح، ولن نقبل بأن يكون لعبة المجتمعات الدولية والإقليمية التي حولت اليمن إلى رماد، وفلسطين إلى متحف قضية، وسوريا إلى ساحة صراع، دون أن يلتفت أحد من المجتمعات الدولية إلى المذابح التي غطت وجه الأرض، بل سننتصر، وسينهزم كل فكر تكفيري وإرهابي وكل من يريد شرا بهذا البلد، وذلك بفضل وحدتنا ووقوفنا إلى جانب هذا الجيش البطل، وهذه المقاومة التي قدمت الكثير وضحت من أجل وحدة وسيادة واستقلال لبنان”.
وأكد “أننا سننتصر، رغم كل هذا الانحطاط السياسي ورغم كل هذا الفساد، لأن أملنا كبير بهذا البلد، وثقتنا ثابتة بأن ما يجمع اللبنانيين أكثر من كل الحالات العابرة التي تفرقهم. نعم، سيعود لبنان إلى أهله وأبنائه، بلد التعايش والأمن والاستقرار، وسنكون جميعا في مواجهة ثقافات الضلالة والتكفير، وسنبرهن للقريب والبعيد أن لبنان باق، وأن الدولة ستبنى من جديد، وسننهض من كل هذه الكبوات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية رغم صعوبة المرحلة وخطورة ما يجري في المنطقة، وسنفشل كل محاولات ضرب الوحدة الوطنية التي وإن اهتزت ستبقى صامدة في وجه الإرهاب الصهيوني والتكفيري، ترفدها دماء الشهداء الأبرار الذين أبوا إلا أن يصنعوا نصر ومجد لبنان، لبنان الذي خذلته واستنفذته سياسة البعض الذين لم يفكروا يوما إلا بمصالحهم وبغاياتهم، بعدما تنازلوا عن مسؤولياتهم لحسابات الآخرين، ولا زالوا يمارسون سياسة الهدم للدولة ولمؤسساتها من أجل سلطة ما دامت لأحد”.
وأضاف: “إن ما جرى في بلدة القاع، وما تحملته هذه البلدة الصامدة والصابرة شكل عرسا وطنيا بامتياز، وبرهن أن اللبنانيين متمسكون بهذه الأرض، ومستعدون لتقديم أغلى وأنفس ما لديهم من أجل مصيرهم ومصير بلدهم، لذا نأمل من السياسيين أن يعتبروا من الدروس، ويدركوا ولو متأخرين بأن الوطن لا يتاجر به، والشهداء لا يساوم على دمائهم، والدولة لا تقوم على المحاصصات الطائفية والمذهبية، بل على الشراكة الوطنية، وعلى تطبيق الدستور، والتزام القانون، وبناء المؤسسات، وتعزيز الإنماء، وحفظ المال العام، واحترام حقوق الناس، ومحاسبة كل فاسد ومرتكب. نعم، الدولة تقوم بقانون انتخابي يؤمن صحة التمثيل، ويجسد فعلا طموحات وآمال الناس بسلطة عادلة تحتضن الجميع، وترعى شؤونهم بما يؤمن لهم حياة كريمة وعيشا يليق بشعب دفع وضحى بالكثير من أجل أن يبقى لبنان وطنا يحتذى، ورسالة تذكر هذا العالم المتغول بقوله تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير)”.
وختم بالقول: “اتقوا الله أيها السياسيون وعودوا من غربتكم إلى رحاب الوطن الذي يجمعكم ويجمعنا ويوحدنا من أجل أن ننتصر وينتصر لبنان”.