من جديد ضرب الارهاب التكفيري في لبنان عبر تنفيذ اعتداءات بالجملة في بلدة القاع في البقاع اللبناني قرب الحدود مع سوريا، ليؤكد أن هذا النهج الظلامي لا يميز بين أحد من اللبنانيين لأي منطقة او طائفة او مذهب انتموا، فالارهاب في هذا المجال يساوي بين الجميع في القتل وسفك الدماء دون أي معيار لرحمة او رأفة او دين او اخلاق او حرمة لشهر فرض فيه الصيام.
وصحيح ان الاوضاع الامنية في لبنان لم تغب منذ فترة طويلة بل كانت حاضرة دائما بقوة وبالاخص من بوابة التهديدات الارهابية المستمرة والاجراءات التي تقوم بها الاجهزة الامنية والعسكرية والمقاومة للحد من المخاطر الارهابية، إلا ان التفجيرات التي حصلت في بلدة القاع أثارت العديد من التساؤلات تتمحور حول أسلوبها وطريقة تنفيذها وعدد الاعتداءات التي نفذت، بالاضافة الى طبيعة البلدة المستهدفة حيث تعتبر هذه هي المرة الاولى التي يضرب الارهاب بهذا الشكل في منطقة مسيحية في لبنان، ففي السابق كانت الاستهدافات تتنقل بين العديد من المناطق اللبنانية حيث التواجد الاسلامي من الضاحية الى البقاع وصولا الى الشمال، حتى ذهب البعض في لبنان الى طرح تساؤلات عن سعي ارهابي لتهجير المسيحيين من تلك المنطقة الحدودية مع سوريا والتي تضم في محيطها عددا كبيرا من النازحين السوريين.
أين الدعم الدولي للجيش اللبناني؟
والحديث عن النازحين السوريين يدفع للتساؤل لماذا المجتمع الدولي كله يتحرك في السنوات الاخيرة لدفع الاموال لدعم النازحين السوريين بينما لا نراه يدفع الاموال المطلوبة لدعم الاجهزة الامنية والعسكرية اللبنانية وبالاخص الجيش اللبناني كي يقوم بكل ما يستطيع لحماية لبنان من الهجمات والاعتداءات الارهابية، فأين الأموال لمساعدة الجيش اللبناني لمحاربة الإرهاب؟ فالامن والحماية لا يحتاجان الى مواقف سياسية واستنكارات وبيانات شجب بقدر ما يحتاجان الى تضحيات وعمل متواصل للقضاء على الارهاب.
كما ان الاعتداءات الارهابية في القاع تدفع للحديث عن أداء بعض السياسيين الذين يرفعون السقف بانتقاد المقاومة لصدها الارهاب في سوريا وإبعادها الاخطار المحدقة عن مجمل الاراضي اللبنانية، فهؤلاء بتوجيههم السهام لدور المقاومة يحاولون تحميلها المسؤولية، وهم بذلك يظهرون بمظهر المبرر للجماعات الارهابية عبر رفع المسؤولية الكاملة والمطلقة عنها، فما كان عليه الحال لو ان المقاومة لم تصد الارهاب في الداخل السوري ومهاجمة اوكارهم وتجمعاتهم، أليس المرجح وقتها ان التفجير الذي وقع في القاع سيتكرر دائما في العديد من المناطق اللبنانية وبصور أفظع بكثير؟ وبالاضافة الى ان مهاجمة الجهات التي تحارب الارهاب تعطي نوعا من الغطاء للجماعات المسلحة للعمل ضد المقاومة والقوى العسكرية والامنية اللبنانية التي لا توفر جهدا في ملاحقة هذه الجماعات وتفكيك خلاياها.
استنكارات.. ولكن؟
وهل يكفي بعد اليوم إصدار البيانات للاستنكار والشجب ام يجب العمل الفعلي للوقوف الى جانب الجيش والمقاومة في حماية كل لبنان من اقصاه الى اقصاه دون الاهتمام بمواقف بعض الدول التي تدعم الارهاب وتموله؟ ولماذا يقف البعض مكتوفي الايدي امام عواصم القرار العربية والغربية التي أوجدت الارهاب بينما الأَولى المطالبة بتجفيف منابع هذا النهج التكفيري الضلالي.
أما من الناحية العملية فقد تطرح الكثير من الاسئلة حول كيفية وصول هذه المجموعة التكفيرية الى بلدة القاع؟ وهل هي فعلا جاءت من سوريا ام انها قدمت من مخيم للنازحين السوريين؟ وهل الهدف كان القاع ام المحيط في البقاع ام الوجهة كانت مناطق اخرى كبيروت والضاحية مثلا؟ وهل ثمة خرق امني حصل سمح للمجموعة بالوصول الى القاع؟ وهل ثمة مجموعات اخرى تنتظر ساعة الصفر للتحرك؟ ومن يتحمل المسؤولية السياسية والتقنية عن كل ما جرى وما قد يجري في المستقبل؟ كلها أسئلة برسم الجهات المختصة والمعنية بتوفير إجابات عنها وإن لم تعلن امام الرأي العام في وسائل الاعلام حرصا على سلامة الاستقرار والامن العام في البلد.
الفكر التكفيري الوهابي هو المسؤول..
حول كل ذلك أكد مسؤول العلاقات السياسية في “التيار الوطني الحر” ومنسق “لقاء الاحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية” الدكتور بسام الهاشم تنديده بالتفجيرات الارهابية التي وقعت في بلدة القاع، واعتبر ان “اللافت في هذه التفجيرات هو كم الجنون والهلوسة التي تميز بها عناصر المجموعة الارهابية”، وتابع “هؤلاء صحيح انهم مجرمون إلا انهم أيضا ضحايا للفكر التكفيري الوهابي الذي تصدره السعودية بدعم تركي اسرائيلي الى المنطقة لبث القتل بين الناس وضرب استقرار وامن الدول”، وشدد على ان “المسؤول الاول عن كل ما يجري هو القوى الظلامية التكفيرية التي تنفذ مؤامرات بحق المنطقة بتخطيط اميركي واضح”.
واعتبر الهاشم في حديث لموقع “قناة المنار” ان “ما جرى في القاع هو جزء من سياسة التطويق والحصار التي يحاول المحور المذكور اعلاه تنفيذه ضد المقاومة، فهم يريدون استهداف حلفاء المقاومة عبر التفجير في القاع ومحاولة ضرب اسفين بين المسيحيين والمقاومة بالتزامن مع محاولة استهدف بيئة المقاومة عبر الحصار المالي والمصرفي والسعي لتقليبها ضد المقاومة”.
واكد الهاشم ان “حزب الله يدافع عن كل اللبنانيين من كل المذاهب والطوائف وعن كل المناطق اللبنانية”، ولفت الى ان “حلفاء المقاومة لا يتخلوا عنها خاصة انها تقدم الدماء للدفاع عن الوطن كل الوطن”، وأشار الى ان “تفجير القاع هو محاولة لتخويف المسيحيين وتهجيرهم ودفعهم الى ترك المنطقة”، واوضح ان “من يهدف الى ذلك فهو واهم لان المسيحيين لن يتخلوا عن ارضهم وعن اخوتهم في الوطن”، وأسف ان “بعض السياسيين في لبنان يسيرون بهذا الخطاب التهديدي والتخويفي ضد المسيحيين لتقليبهم على المقاومة التي تدافع عن الجميع”.
الهاشم: “تيار المستقبل” يساوي بين الضحية والجلاد!!
وأشار الهاشم الى ان “مواقف تيار المستقبل وقياداته تحاول ان تساوي بين الضحية والجلاد اي بين الارهاب والمقاومة”، وسأل “كيف يمكن لتيار المستقبل ان يساوي بين الارهاب الذي يقتل الابرياء واللبنانيين مسيحيين ومسلمين وبين حزب الله الذي يدافع عن الجميع ويحمي لبنان ويقدم التضحيات في سبيل ذلك”، ولفت الى ان “هذا الخطاب يقدم التبريرات للارهاب بما يقوم به وهذا هو ما تريده اسرائيل التي تسعى لاشعال النار في كل المنطقة”.
وختم الهاشم ان “اسرائيل والولايات المتحدة الاميركية ومن معهم من الانظمة في المنطقة لا يريدون بقاء المسيحيين في الشرق لان المسيحيين هم الذين يظهرون الصورة الناصعة لحركات المقاومة”، مشيرا الى ان “الجماعات التكفيرية تنفذ المطلوب منها في هذا المجال في محاولة للتخفيف عنها لما تتلقاه من خسائر ميدانية كبيرة في العراق وسوريا عبر محاولة التنفيس وايجاد مخارج لقتل الابرياء في لبنان”.
غرافيكس: وسيم صادر
المصدر: موقع المنار
