دعا عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين محمد الهندي إلى عقدِ لقاءٍ وطنيٍ فلسطينيٍ واسع وشاملٍ لبحث أزمة المشروع الوطني بما فيها القضايا الخلافية الفلسطينية؛ ولإيجاد قواسم مشتركة والبحث في استراتيجية تساعد في التصدي للمؤامرة الكبرى التي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية.
وشدَّد الهندي في حوار مع “وكالة فلسطين اليوم الإخبارية ” على أهمية بحث الاتفاق على استراتيجية وطنية للتصدي للتصورات الامريكية والإسرائيلية التي تهدف لتصفية القضية، مشيراً إلى أن إنقاذ المشروع الوطني يتطلب إعادة بناء منظمة التحرير على الأسس والتفاهمات التي جرت في القاهرة وبيروت، داعياً الرئيس محمود عباس وقادة السلطة إلى التراجع الفوري عن العقوبات والإجراءات التي اتخذت ضد قطاع غزة، مشيراً إلى أن رفض السلطة لصفقة القرن لا يستوي مطلقاً مع استمرار فرض العقوبات.
وأوضح الهندي أن جدِّية السُلطة ومصداقيتها في رفض “صفقة القرن” مرتبطة ارتباطاً وثيقاً في رفع العقوبات عن قطاع غزة، داعياً الرئيس عباس إذا ما كان جاداً في إفشال “صفقة القرن” لرفع العقوبات على وجه السرعة، وأن لا يترك قطاع غزة نهباً لمؤامرات التصفية والتضييع.
وقال الهندي: السلطة لم يبق أمامها شيء، وهناك الكثير من الأصوات الإسرائيلية باتت تتجاهلها، وهناك تجاهلٌ إقليمي لرئيس السلطة والترتيبات تجري على قدمٍ وساق من خلف ظهر الرئيس عباس، وفي هذا السياق لا أفهم كيف تُصرُ السُلطة على استمرار العقوبات بعد أن فقدت كل شيء، لذلك أطالب الرئيس بوضع حد لهذه السياسية التي اثبتت أنها لا طائل من ورائها، مضيفاً “على الرئيس أن يفهم تماماً أن إسرائيل والولايات المتحدة لن تعطيه شيء”.
وأشار الهندي إلى وجود ترتيبات إقليمية من خلف ظهر رئيس السلطة محمود عباس، داعياً إياه للاحتماء بشعبه الفلسطيني في الضفة وغزة ومناطق اللجوء والشتات.
وقال: السلطة في مازقٍ حقيقيٍ وليس لها أي قيمة الآن في إطار ما يحاك ضد القضية، والترتيبات تجري من ورائها، وأمام حجم المؤامرة التي تتعرض لها القضية الفلسطينية والترتيبات التي تجري من خلف ظهر الرئيس عباس ادعوه إلى الإحتماء بشعبه الفلسطيني خاصة في قطاع غزة الذي يتصدر المشهد، ونحن مستعدون وأيدينا ممدودة للسلطة وللرئيس عباس وجميع القوى للتفاهم ولإيجاد القواسم المشتركة التي يمكن ان تساعدنا على افشال الصفقة، ويمكن للقوى والوطنية والإسلامية والسلطة إن تكاتفوا أن يسَّرعوا في إفشال الصفقة التي مصيرها إلى فشلٍ وزوال إمام إرادة وعنفوان الشعب الفلسطيني.
“السلطة للأسف ليس لديها أي شيء الآن، كل المشروع الذي دخلت على أساسه هذه المسيرة منذ أكثر من ربع قرن وصل إلى نهايته بل وصل إلى طريقٍ مسدود، وإن وهم حل الدولتين انتهى عملياً وفعلياً على الأرض، ولم يحقق مشروع التسوية أي شيء بالنسبة للفلسطينيين، وفي هذا السياق الخطر الكبير يتهدد اليوم الضفة والقدس، لذلك نحن نتوقع من أهلنا في الضفة الغربية أن يخرجوا في انتفاضة عارمة لأن رأس الضفة والقدس هو المستهدف ضمن صفقة القرن”، قال الهندي.
ودعا الهندي إلى إتمام المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام على قاعدة حماية الثوابت والالتزام بما تم التوافق عليه في القاهرة واتفاق بيروت، مشيراً إلى أنَّ ميادين المقاومة والجهاد والنضال وحَّدت الشعب الفلسطيني، وأن مسار التسوية السياسية مع العدو الذي وصل إلى طريق مسدود استطاع أن يخلق الفرقة والانقسامات بين أطياف الشعب الفلسطيني.
وعن محاولة الاحتلال الإسرائيلي عسكرة مسيرات العودة السلمية، شدَّد الهندي على أنَّ “مسيرة العودة هي مسيرة سلمية بالكامل، إذ يخرج الشعب الفلسطيني أمام مرأى العالم الذي يرصد ويتابع تطورات المسيرة التي تضم الأطفال والشباب والنساء والشيوخ العُزل الذين لا يستخدمون سوى وسائل سلمية للدفاع عن حقوقهم”.
وأشار الهندي إلى أنَّ محاولة إسرائيل عسكرة مسيرات العودة من خلال القصف والنفخ في أدوات المسيرات كـ”الطائرات الورقية الحارقة” وإظهارها على أنها وسائل عسكرية ضخمة محاولة فاشلة ومكشوفة ونابعة من المأزق الذي تعانيه إسرائيل من مسيرات العودة التي أربكت جميع المستويات الإسرائيلية.
ولفت في السياق، إلى أن من حق المقاومة الرد على الاعتداءات والجرائم التي يرتكبها العدو بحق شعبنا الفلسطيني ومحاولته التغول في دماء الأطفال والنساء والشيوخ، مشيراً إلى أنَّ المقاومة تمارس حقها في الرد بشكل موزون ومدروس ومتيقظ من المحاولة الإسرائيلية لعسكرة المسيرة.
وفيما يتعلق بالأفكار والحلول والرؤى الإنسانية تجاه قطاع غزة التي يثيرها الاحتلال، قال الهندي: إن العروض والتلويح بالتخفيف عن حصار غزة وإمكانية إنشاء ميناء وما إلى ذلك هي مجرد مناورات مكشوفة ومحاولة للالتفاف على الانتفاضة الفلسطينية العارمة وعلى مسيرة العودة التي توجعهم، مضيفاً “أنها مناورات وليس عروض الهدف من ورائها زرع البلبلة في صفوف الشعب الفلسطيني، وليس هناك أيُ اقتراحٍ محددٍ وواضحٍ حتى هذه اللحظة”.
وشدد على أنَّ صراع القضية الفلسطينية ليست مشكلة إنسانية ناتجة عن كوارث طبيعية وإنما صراع ناتج عن اغتصاب للحقوق السياسية والتاريخية والدينية.. الخ، قائلاً طمحاولة إسرائيل اختزال مسيرات العودة وانتفاضة شعبنا في الحلول الإنسانية وتخفيف الحصار يهدف لتخدير شعبنا والتأثير على صورته أمام العالم لإظهار أن مشكلة شعبنا مشكلة إنسانية، لكن كل المؤامرات الإسرائيلية ستبوء بالفشل، ولن يستطيع الاحتلال الالتفاف أو خنق هذه المسيرة التي عبِّدت بدماء الشهداء”.
وعن استمرار زخم مسيرات العودة، قال: لقد اختار شعبنا الفلسطيني بوعي وإرادة كاملة طريق الجهاد والمقاومة وهو يعلم أنها طريق طويل وشاق، وأن الفاتورة ستكون كبيرة من الدماء والجرحى والأسرى، شعبنا لم يختار هذا الطريق حديثاً انما اختارها منذ بداية هذا الصراع، منذ ثورة عام 1919 وعام 1929 وعام 1936 وعلى امتداد الأعوام الماضية، واختار تلك الطريق لأنه يدرك أنها الطريق الأصوب في استعادة الحقوق والحفاظ على الثوابت.
وعن رسائل مسيرة جمعة “من غزة للضفة”، أشار إلى أن الرسالة الأبرز تتمثل في التأكيد على وحدة الشعب الفلسطيني، تأكيداً على أنَّ الوحدة هي الطريق القادر للتصدي للعدو، ولجميع المؤامرات التي تهدف لتصفية القضية.
وأشار الهندي إلى أن الضفة المحتلة على موعد مع انتفاضة عارمة ضد المحتل الإسرائيلي، قائلاً “صحيح أن غزة الآن تتقدم المسيرة ولكن الضفة عندما أتيحت لها الفرصة في عام 2000 كانت أكثر تألقاً (..) الضفة هي ضفة العياش والطوالبة وضفة كل الشهداء، وهي امتداد للقسام وعبد القادر الحسيني وكل الأبطال والمجاهدين والشهداء.
“طالما الشعب الفلسطيني يقاوم هذا المشروع فلا قيمة لأي مواقف إقليمية متخاذلة ولا مواقف دولية متآمرة على الشعب الفلسطيني، الأساس في التصدي لهذه المؤامرة هو وحدة موقف الشعب الفلسطيني شعبيا ورسمياً وفصائلياً، وبهذه المعادلة مهماً كان حجم المؤامرات سيتم إفشالها كما أفشل شعبنا مؤامرات بيع فلسطين منذ الخمسينيات”، قال الهندي.
وفي معرض رده على ما نشرته جريدة “الأخبار” اللبنانية من أن الولايات المتحدة الأمريكية عرضت على روسيا تسوية سياسية إقليمية مهمة، حيث تقوم روسيا بتسهيل مرور “صفقة القرن”، مقابل انسحاب الولايات المتحدة من سوريا واعتبارها منطقة نفوذ روسية خالصة، قال الهندي إن “الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا تبحثان عن مصالحهما ولا يهمهما لا شعب فلسطيني ولا شعب سوري، فهما لا يبحثان إلا على مصالحهما لا أكثر ولا أقل، وهذه مسألة طبيعية كل الدول كذلك، فكيف هذه الإمبراطوريات التي تهيمنُ على العالم اليوم هذا من جانب، من جانب آخر روسيا ليس لديها أي ورقة تقدمها في الملف الفلسطيني، ماذا ستقدم وكيف ستسهل صفقة القرن، واعتقد أن تلك الأنباء والتسريبات غير عميقة وأخبار إعلامية ليس لها قيمة، القيمة الحقيقية في المنطقة هي الشعب الفلسطيني في التصدي لهذه الصفقة.
وجدد الهندي تأكيده على قدرة الشعب الفلسطيني بجميع مكوناته على إفشال “صفقة القرن”، قائلاً “نحن شعبٌ حيٌ ومقاومٌ ومستعدٌ للتضحيةِ، وبهذه الروح الوثَّابة لا يمكن أن تمر أي صفقة أياً كان من يقف خلفها”.
المصدر: فلسطين اليوم