تُغادر السعودية موسكو خاوية من الأهداف، ولديها مباراة “رفع عتب” مع الفريق المصري يوم الإثنين المقبل.
الرئيس فلاديمير بوتين قال لمحمد بن سلمان بعد انتهاء مباراة روسيا / السعودية بنتيجة 5 – صفر، “لا نستطيع أن نمنحكم الفوز في مباراة افتتاحية”. والنتائج المُخيِّبة للمملكة في المونديال، لن تؤثر كثيراً على محمد بن سلمان، لأن ما يحصل على الملاعب الخضراء يحصل لمملكته في الصحراء.
نتيجة 5 – صفر في مباراة كرة قدم بمواجهة روسيا بالذات لها رمزيتها، بل تبدو وكأنها خمسٌ من كُرات النار التي أحرقت أيادي من أشعل النار في هذا الشرق وتلقّى خمس صفعات، من لبنان الى سوريا الى قطر الى إيران ووصولاً الى اليمن.
وفي عُجالة، نستذكر الأهداف الخمسة القاتلة في المرمى السعودي، رغم أن تغيير حارس هذا المرمى لا يُغيِّر في سياسة اللعبة التي تنتهجها مملكة متهوِّرة تبني أمجاداً على الرمال:
1) من لبنان تلقَّت السعودية الهدف الأول، وهي منذ العام 2000 يوم هدَّف لبنان الكُرة التي أذهلت العالم عبر تحرير أرضه، أصاب من مرمى عرب الإعتدال والخيانة المقتل المبدئي، والسعودية مهما هدَّفت في لبنان، فهي قادرة على العرقلة لكنها أعجز من أن تُحقق هدفاً واحداً في مرمى لبنان، الذي أذاب الفولاذ الصهيوني وأحرق الإرهاب السعودي / الإسرائيلي / الأميركي، ولبنان مستمرٌّ في الدفاع عن مرمى سيادته وكرامته، منذ التحرير وحتى هذه الأيام التي يتمّ فيها تشكيل حكومته، وتمكَّن من سَحب وَهَم خصوم المقاومة الدوليين والإقليميين وفي طليعتهم السعودية، بأن لبنان قد يرتضي لنفسه حكومة لا يتمثَّل فيها حزب الله، مهما وجَّهت من دعوات أو استدعاءات لزيارتها.
2) الى سوريا، وتحديداً الى جنوب دمشق، وبعد سنواتٍ من المناورات في غرفة “عمليات عمَّان” التي نسفها صمود الشعب السوري وجيشه والحلفاء، نقف على حدود “منطقة الترانسفير”، وكأننا وسط الملعب بين ثورة الشعب الفلسطيني المصيرية وانتفاضة الشعب الأردني المعيشية ونتساءل، كل قيادات الإرهاب العالمي والإقليمي كانت في “غرفة عمَّان” وانهزمت وأعلنت إغلاق تلك الغرفة، فماذا سيفعل مبلغ المليارين ونصف دولار الذي أقرَّته بعض الدول الخليجبة لِسَد العجز المالي للملكة الأردنية، التي يُحاولون توريطها مع الجارة الشقيقة سوريا وهي أعجز من أن تكون منصَّة مواجهة، خاصة أن كل الإستعدادات السورية والحليفة بدأت، لتحرير مرمى جنوب دمشق من لاعِبي هجوم عدواني هُم أصغر من تحقيق هدف ناوروا من أجله سنوات.
3) الى قطر، البلد الصغير الذي استُدعِي الى بيت الطاعة السعودي ورَفض، وتمكَّن من مواجهة السعودية وأتباعها الخليجيين، وسجَّل الهدف القاتل الذي هزّ مرمى ما يُسمَّى “مجلس التعاون الخليجي” ومزَّق شباكه الى الأبد.
4) الى إيران، ومناورات ترامب البهلوانية في الملف النووي، نستذكر الفترة التي تمّ فيها الخلط بين الطاقة النووية لدى إيران، وبين قُدراتها الصاروخية الباليستية الخارجة عن نطاق الإتفاق، هذه القُدرات التي أرعبت إسرائيل والسعودية، وأدَّت الى قرار ترامب الإنسحاب من الإتفاق ضمن صفقة النصف التريليون دولار التي اقتنصها من السعودية، فإن مواقف وكالة الطاقة الدولية ومُفوضيَّة الإتحاد الأوروبي والدول الأوروبية الموقِّعة على الإتفاق ضمن دول (الخمسة زائد واحد)، أجمعت على الإلتزام الإيراني الكامل بمضامين هذا الإتفاق، وبالتالي فإن إيران حافظت على علاقاتها الجيدة مع الدول الأوروبية المعنيَّة، واستأنفت التخصيب ضمن حدود الإتفاق مع افتتاح مُفاعلات جديدة، وكل الإتفاقات التجارية والإستثمارية مع أوروبا استمرَّت رغم عقوبات ترامب، الذي شكَّكت المستشارة أنجيلا ميركل بمصداقية التعامل معه، خاصة بعد أن تنصَّل بسخافة من البيان الختامي للدول السبع، ومع التزام أوروبا بمبادلة مصداقية إيران بالمثل، ما على السعودية سوى حماية مرماها الذي لم يكُن لإيران يوماً نيَّة تسجيل أي هدف فيه، طالما السعودية مُلتزمة باللعب في الوسط، بعيداً عن عنتريات بن سلمان بنقل حرب اليمن الى داخل إيران!
5) الى اليمن، وهذه الهمجية في القصف المجنون الناتج عن خيبات “عاصفة الحزم”، وبصرف النظر عن هذه الشراسة السعودية لإحتلال “الحُديدة” بمطارها وساحلها، فإننا لو سلَّمنا جدلاً ودخلت قوى العدوان السعودي المطار والمرفأ فماذا سيتغيَّر؟
سوف تشتعل اليمن ويشتعل معها الجنوب السعودي، وقوات الجيش واللجان الشعبية التي تواجه عدوان الأرض المحروقة، ستحرق الأيدي التي أشعلت اليمن، وليست تخشى المزيد من التدمير طالماً الروح القتالية اليمنية ورَّطت قوى العدوان بالخطر الآتي:
صراع نفوذٍ في الجنوب اليمني بين السعودية والإمارات وثالثهما “الحراك الجنوبي” الذي استجلب “الدبّ الى الكرم”، وإغراق قوى العدوان في رمال الداخل اليمني، وحريقٌ مستدام في الجنوب السعودي على يد أبطال المقاومة اليمنية، ونُذكِّر بن سلمان الذي يُغادر الملاعب الخضراء ويعود الى الصحراء خاوياً، بما قاله مؤسس المملكة عبد العزيز في وصيَّته لأبنائه: خيرُكم من اليمن وشرُّكم من اليمن، وجاء مَن استحضر “الشرّ المُحلَّل” الى قلب المملكة من قلب اليمن، وما على بن سلمان قبل الجلوس على العرش سوى أخذ العلم، أن الشر القادم من غضب اليمن لن يُبقي له عرشاً يستقرّ عليه، بعد سلسلة من الخيبات في هذا الشرق مع صفر أهداف، وسيكون الهدف اليمني هو آخرها وهو الهدف القاتل…
المصدر: موقع المنار