اعتبر السيد علي فضل الله في خطبة الجمعة ان “مسيرات العودة تظهر مدى ثبات الشعب الذي استطاع بشيوخه وأطفاله، بنسائه وشبابه، بالرضع من أبنائه، وبالمعوقين والمقعدين، أن يتحدى، وبالصدور العارية، آلة القتل الإسرائيلية، لقد أثبتت هذه الهبة الجديدة للشعب الفلسطيني أن رهان العدو على أن الأجيال الجديدة ستنسى القضية الفلسطينية، ذهب مع الريح، وأن كل قرارات العالم، وكل عسف العدو وصلافته وجبروته، لم يستطع أن ينال من شغفهم في العودة إلى أرضهم والمطالبة بحقهم في استعادة الأرض التي دنسها الاحتلال”.
واكد “ان رهاننا كان وسيبقى على هؤلاء الشباب الذين عاشوا طهر القضية ولم يتلونوا، ولذلك أخلصوا لأرضهم وامتلكوا زمام المبادرة، ولن يسمحوا للأمر الواقع الذي يراد فرضه بأن يمر، وبالتالي فإن قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس لن يغير شيئا، فالأرض لأهلها ولمن هو على استعداد دائم لأن يبذل الدماء رخيصة في سبيلها”.
وقال “لقد كان لافتا أن المواقف الغربية، والأوروبية تحديدا، كان فيها من الحرارة أكثر من المواقف العربية الرسمية التي اكتفت بالإدانة الشكلية للمجزرة التي ارتكبها العدو، من دون اتخاذ القرارات الرادعة إلا متأخرا، وبعد أن بلغ السيل الزبى، ليكون بالمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق دولية في جرائم غزة، وكأن الأمر فيه شك!
واضاف نأسف لأن لا نرى في كثير من بلدان العالم العربي وغيره الحشود الشعبية التي ترفد الفلسطينيين وتؤازرهم وتدافع عنهم إلا القليل. وننوه هنا بالشعب اليمني الذي خرج، رغم كل الظروف التي يعيشها، ليعبر عن إدانته للمجازر التي جرت بحق الشعب الفلسطيني في غزة.. ولذلك، فإننا ندعو الجميع، من هيئات علمائية ونقابية ونخب وطلائع طلابية وجماهير شعبية، إلى التضامن مع هذا الشعب، وعدم تركه وحيدا، لأن خذلان هذا الشعب سيشجع العدو الصهيوني على الاستمرار بمجازره ومشروعه لإسقاط القضية الفلسطينية بالكامل”.
واشار الى “إننا نرى خطرا كبيرا في السكوت في هذه المرحلة، التي يراد فيها أن يضيع مستقبل القضية الفلسطينية التي هي قضية كل إنسان عربي ومسلم ومسيحي، فيما يعرف بصفقة القرن”.
وتابع “وإلى لبنان الذي ينتظر في الأيام القليلة القادمة انطلاق عقد المجلس النيابي الجديد الذي تقع عليه مسؤولية كبيرة، لكونه المؤسسة الأولى التي نرى أنها، إن أدت الدور المطلوب، ستصلح بقية المؤسسات، وإن لم تؤد دورها، فسينعكس ذلك على مسار كل المؤسسات. ونحن إزاء هذه المرحلة الحساسة التي يمر بها الوطن، حيث تعصف الأزمات في الداخل، أو في ما يجري في الخارج، والذي بدأ ينعكس على الداخل.. وقد كان آخر تجلياته في العقوبات التي فرضت على مكون أساس من مكونات هذا الوطن.. فإننا نأمل أن لا يطول الانتظار لتشكيل حكومة، كما جرت العادة في هذا البلد، وألا يدخل البلد في أزمة تقاسم الحقائب وفرض الشروط والشروط المضادة”.
وأمل “أن تفضي الأجواء الإيجابية التي عبرت عنها القوى السياسية أو اللقاءات التي تجري في ما بينها، إلى تشكيل حكومة نريدها أن تكون حكومة على صورة الأحلام التي وعد بها اللبنانيون، حكومة عمل لا حكومة تسيير أعمال، حكومة متعاونة لا حكومة مناكفات وصراعات، حكومة خالية من الفساد والمفسدين، حكومة تسعى لخدمة مصالح الناس لا لمصالح مكوناتها، حكومة تنقذ البلد من أزماته وتعمل على حمايته من تطورات المنطقة، لا حكومة هي انعكاس للتوترات الحاصلة في المنطقة والعالم”.
ولفت الى ان “اللبنانيين يتطلعون إلى كل القوى السياسية حتى تقوم بأداء جيد يعيد الثقة للناس، بعد الرسالة الواضحة التي عبر عنها اللبنانيون في صناديق الاقتراع، أو بعدم مشاركتهم الانتخابات، والتي أظهروا فيها عدم رضاهم على الأداء السياسي للكثير من هذه القوى”.
وأعلن اننا “لا نريد أن نحكم سريعا على المرحلة القادمة، ولكننا نريد أن نسجل نقطة سوداء على الأداء السياسي للحكومة بعد الانتخابات، حين عادت إلى سابق عهدها في المحاصصات التي جرت في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، سواء في ما يتعلق بالتعامل مع أزمة بواخر الكهرباء أو بالأملاك البحرية أو الجامعات.. ونخشى أن تستكمل ذلك في الجلسة الأخيرة المتبقية لمجلس الوزراء”.
ودعا إلى “معالجة حاسمة لما يجري من التفلت الأمني المتصاعد في البقاع، والذي هدد ويهدد حياة الناس هناك وأرزاقهم”، كما دعا “الدولة، بكل أجهزتها، إلى تحمل مسؤولياتها بعدما أمنت لها كل القوى السياسية والشعبية الغطاء الكافي للقيام بدورها في هذا المجال، وعليها أن تسارع للقيام به”. وقال: “ان للبقاع حقا كبيرا على الدولة واجب القيام به، فهو كان دائما حاضرا في قضايا الوطن، وكان خزانا للجيش وللمقاومة، وسيبقى حاضرا فيها”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام