تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم السبت 12-05-2018 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها الاستحقاق الانتخابي العراقي الذي سيحسم عبره العراقيون اليوم هوية المجلس النيابي الجديد.
الأخبار
انتخابات العراق: رهان «التوازن» بين واشنطن وطهران
تتّجه الأنظار، اليوم السبت، إلى الساحة العراقية، حيث تُقام انتخابات برلمانية عامة هي الرابعة منذ الغزو الأميركي لبلاد الرافدين عام 2003. انتخاباتٌ تتفاوت حماسة من يحقّ لهم الاقتراع، والبالغ عددهم قرابة 25 مليوناً، للمشاركة فيها، إلا أنها تشهد حالة تنافس شديد، بدأت إرهاصاتها منذ أشهر، تعكس تطلّع القوى والأحزاب والشخصيات المتسابِقة إلى حجز مقعد متقدم لها في الخريطة البرلمانية التي ستحدّد مسار البلاد لفترة طويلة مقبلة.
ومن هنا، تتحدّد أهمية هذه الانتخابات التي يترقب أطراف إقليميون ودوليون نتائجها للتأسيس على ما ستفزره مستقبلاً. وفي مقدمة هؤلاء الولايات المتحدة الأميركية التي تطمح، بحسب الدوائر المقربة من مراكز القرار فيها، إلى «قيام حكومة عراقية صديقة» ما بعد الاستحقاق الانتخابي الذي يُعدّ الأول منذ هزم «داعش» وإخراجه من معظم الأراضي التي استولى عليها في العراق.
في الشكل، أنبأت «بروفا» الاقتراع الخاص التي أقيمت يوم الخميس بقدرة الجهات الرسمية على تأمين العملية الانتخابية، وإيصالها إلى خواتيمها من دون خروقات كان تنظيم «داعش» قد توعّد بها أواخر شهر نيسان/ أبريل الماضي. لكن ذلك لم يمنع السفارة الأميركية في بغداد من إصدار تحذيراتها من «هجمات محتملة ضد مراكز الاقتراع في جميع أنحاء العراق»، بحسب ما جاء في بيان صادر عنها أمس. تحذيرات كان بإمكان السفارة إبلاغ الحكومة العراقية بها عبر القنوات المختصة، وخصوصاً أنها مبنية على «معلومات» وفق ما ادعى البيان، إلا أن نشر تلك المعلومات عبر وسائل الإعلام بعد يوم انتخابي سُجّلت خلاله نسب اقتراع عالية لم يقلّ أدناها عن 60% (بغداد/ الكرخ)، يشي بأن ثمة غايات أخرى من وراء الإعلان الأميركي، الذي لم يتردّد البعض في وصفه بأنه أشبه بدعوة إلى العزوف عن الاقتراع. وهي دعوة مبطنة، سرعان ما جاء رد وزارة الداخلية عليها، بالتشديد على أن «القوات الأمنية جهّزت خطة أمنية محكمة لحماية الناخبين ومراكز الاقتراع»، والتحذير من «التأثر بأي وسيلة إعلام حاقدة لثنيكم عن الذهاب إلى الممارسة الديموقراطية».
ذهاب العسكريين والأمنيين، بأعداد كبيرة، إلى التصويت أول من أمس، واحتمال انسحاب المشهد نفسه على الاقتراع العام، لا ينفي تباين منسوب الحماسة من قاعدة شعبية إلى أخرى. وهو ما يبرز بوضوح لدى «القواعد الشيعية» التي ستتوزّع أصواتها على 5 تحالفات هي: «النصر والإصلاح» بقيادة حيدر العبادي، و«دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، و«الفتح» برئاسة هادي العامري، و«سائرون» (الصدريون والشيوعي)، و«الحكمة الوطني» بقيادة عمار الحكيم. من بين التحالفات الثلاثة الأولى التي تتصدّر تقديرات ما بعد التصويت، تبدو قاعدة العبادي الأقلّ حيوية مقارنةً بقاعدتَي المالكي والعامري، الأمر الذي يمكن أن ينعكس على حجم الأصوات التي سينالها التحالف الذي يقوده. ومع ذلك، يظلّ العبادي الأوفر حظاً بفارق ضئيل عن منافسيه (45 إلى 55 مقعداً)، وفق توقعات غير حاسمة لا يمكن الجزم على أساسها.
ما بعد تحالف رئيس الوزراء الحالي، يأتي في التقديرات نفسها تحالفا سلفه المالكي، والمرشّح لخلافته العامري، بفارق غير كبير أيضاً بينهما. توقعات، إذا ما صحّت، تشي بأن معركة رئاسة الوزراء لن تكون سهلة بالنسبة إلى مختلف الأطراف. إذ إنه، في حال عدم تمكّن أيّ من «التحالفات الشيعية» الرئيسة من تحقيق أغلبية وازنة في البرلمان (80 مقعداً وما فوق)، فسيكون على زعاماتها خوض مفاوضات مع بقية الكتل لحيازة «الكتلة الأكبر» التي يحقّ لها، حصراً، ترشيح رئيس الحكومة.
في هذا الإطار، يبدو رئيس «دولة القانون» أكثر قدرة من منافِسيه على المناورة؛ بالنظر إلى 3 عوامل رئيسة: علاقته المتينة بالكتلة التي يُنظر إليها على أنها صوت «الحشد الشعبي» في مجلس النواب، عدم ممانعة الأكراد مدّ اليد إليه بفعل «الجروح» التي خلّفتها سياسات العبادي في جسد كردستان عقب أزمة استفتاء الانفصال، وعلاقاته المتقادمة بشخصيات وقوى سنية من مثل رئيس البرلمان الحالي، سليم الجبوري. والأهم مما تقدّم، أن المالكي لن يكون في وضع مماثل لما آل إليه عام 2014، حينما اجتاح «داعش» مساحات واسعة من بلاد الرافدين، وتصاعد الضغط الإقليمي والدولي على نحو غير مسبوق حتى بلغ حدّاً حُمل عَقِبه الرجل على الانسحاب من المشهد، برضاء الأصدقاء الإقليميين.
لكن اليوم، لا يبدو أن الشخصيات والقوى المصنّفة في خانة «حلفاء إيران الموثوقون» ستكون مضطرة إلى تقديم تنازلات كبيرة. ومع ذلك، لن يخلو سعي هؤلاء إلى لعب الدور الرئيس في تحديد هوية رئيس الوزراء المقبل من مصاعب وعقبات، ربما تحملهم ومعهم طهران على الارتضاء بـ«الخيار الوسط» الذي يظلّ العبادي إلى الآن الأكثر تمثيلاً له. على رأس تلك العقبات تأتي إمكانية إحراز التحالفات غير المحسوبة مباشرة أو بالمطلق على إيران (كـ«سائرون» و«ائتلاف الوطنية» بزعامة إياد علاوي) حصّة مقرِّرةً في البرلمان، يمكن أن تشكّل لاحقاً رافداً للعبادي، الذي توحي معظم المؤشرات بأنه لا يزال مطلوباً أميركياً.
ومن أجل هذا الغرض، سيكثّف الأميركيون، في مرحلة ما بعد الانتخابات، ضغوطهم على العراقيين بترغيبهم بـ«حزمة متكاملة» من الدعم المالي والدبلوماسي والفني، فضلاً عن العسكري والأمني، والمساعدة في إدارة البرامج الخاصة بمشاريع البنية التحتية والاقتصادية. كلّ ما تقدم ليس من أجل الهدف الأبعد المتمثّل في كسب العراق حليفاً، إنما فقط بغرض «موازنة النفوذ الإيراني».
غرضٌ تحتفظ واشنطن من أجله بخطط بديلة أيضاً، في حال «فشِلت جهود الحفاظ على الحياد النسبي في العراق». ولعلّ من أهمّ هذه الخطط هو الحرص على لعب دور «أهل الحلّ والربط» ما بين بغداد وأربيل، كي يكون لدى الولايات المتحدة دائماً ما تستطيع ابتزاز السلطات المركزية به «إذا ما حصلت إيران على اليد العليا في بغداد يوماً ما» وفق ما جاء في دراسة حديثة لـ«معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى».
لكن ما يغيب عن بال الأميركيين ربما أن الزعامة الكردية التاريخية، المتمثلة في آل برزاني، والتي استُخدمت في ما مضى مادّة لهذا الابتزاز، ربما تتلقى في انتخابات اليوم ضربة موجعة، بعدما بات الأكراد يحمّلونها مسؤولية تخسيرهم ما كانوا قد حصدوه من امتيازات ومكاسب بعد نيلهم الحكم الذاتي. وهي ضربة لن تكون مقتصرة على «الحزب الديموقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود برزاني، بل ستطال أيضاً «الاتحاد الوطني الكردستاني» بقيادة الراحل جلال طالباني، والذي يخوض الانتخابات جنباً إلى جنب الأول، تحت لواء تحالف يحمل اسم «السلام الكردستانية».
تراجعٌ ستكون الأحزاب الكردية المعارضة، التي دخلت الاستحقاق ضمن تحالف موحد هو «القائمة الوطنية»، المستفيد الأكبر منه، وخصوصاً أن استطلاعات الرأي تفيد بأن الأكراد يميلون إلى منح أصواتهم لأحزاب غير تقليدية. ومهما تكن السياسات التي ستستقرّ عليها «الكتلة الصاعدة»، إلا أن دخولها المشهد على حساب «كتلة تاريخية» لطالما لعبت دور «صانع الملوك في البرلمان» سيعقّد حسابات الأميركيين بشأن كردستان.
على المقلب «السني»، تبدو الصورة الأكثر برودةً والأقلّ تفاؤلاً بما يمكن أن تحدثه الانتخابات الثانية منذ الانسحاب الأميركي من العراق عام 2011 من تغييرات. ذلك أن المشكلة الرئيسة المتمثلة في غياب قيادة قوية أو هيكل حزبي متين، لم تأتِ مضاعفات الحرب على «داعش» إلا لتفاقِم نتائجها، مُوسِّعةً هوة الثقة ما بين سكان المحافظات الغربية والشمالية وما بين قياداتهم. ومن هنا، تبدو الحماسة ضئيلة للتصويت لمصلحة المرشحين «السنّة» الذين يتنافسون ضمن عدة تحالفات، على رأسها ثلاثة: «التضامن العراقي» برئاسة أسامة النجيفي، «ائتلاف الوطنية» الذي يضمّ سليم الجبوري وصالح المطلك، و«تحالف بغداد» الذي يتصدّره محمود المشهداني.
مشهدٌ لعلّ الأكثر دلالةً في خطوطه أن «الكتل الكبيرة» لم تعمد إلى امتصاص حالة الضياع تلك، والانطلاق منها للتأسيس لمرحلة مختلفة عما شهده العراق طوال خمس عشرة سنة مضت، إلا بخطوات شكلية من قبيل خوض غمار المنافسة في المحافظات كافة، كما فعل ائتلاف «النصر»، أو التحالف مع وجوه «سنية» لم تخرج من «الطقم القديم» كما هي حال قائمة علاوي.
78% نسبة اقتراع الجيش والأمن
يُفتح، عند السابعة من صباح اليوم، 8 آلاف و959 مركزاً أمام الناخبين العراقيين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية، التي «ستجرى وفق ما تمّ التخطيط لها من قبل مفوضية الانتخابات» بحسب ما أكّد، أمس، رئيس «المفوضية»، رياض البدران. وسيراقب سير العملية الانتخابية، إلى جانب 133 ألفاً و415 وكيلاً حزبياً، 74 ألفاً و646 مراقباً محلياً، و963 مراقباً دولياً، في حين سيغطيها أكثر من 4 آلاف صحافي، من بينهم 329 من خارج البلاد. ويأتي التصويت العام اليوم بعدما اختُتم، أمس، تصويت الخارج في 19 دولة يتوزع عليها المغتربون العراقيون. وعلى الرغم من أن اقتراع الخارج استمرّ على مدى يومين (الخميس والجمعة)، إلا أن «المفوضية» اضطرت إلى تمديد التصويت ثلاث ساعات إضافية «في ظل الإقبال الكبير على صناديق الاقتراع». وكان عناصر الجيش والأمن والبيشمركة قد أدلوا، الخميس، بأصواتهم، في جميع أنحاء البلاد، بنسبة إقبال إجمالية بلغت 78% وفق مفوضية الانتخابات. والجدير ذكره أن الانتخابات التي تجرى في 18 دائرة لاختيار 328 نائباً، تعتمد نظام «سانت ليغو 1.9 المعدل» الذي يمنح كل حزب مقاعد تتناسب وعدد الأصوات التي حصل عليها. وقد تمّ تعديل هذا النظام العام الماضي، برفع النسبة من 1.7 إلى 1.9، وهو ما أثّر سلباً على حظوظ «الكتل الصغيرة».
الجمهورية
مانشيت:الحريري مع برّي وضد حجز الحقائب.. وواشنــطن ملتزمة الجيش رغم مكاسب «الحزب»
يدخل المجلس النيابي غداً أسبوع الوداع الأخير قبل انتهاء ولايته يوم الأحد 20 الجاري. بالتأكيد سيَصعب الوداع على 79 نائباً، غالبيتُهم لم يحالفهم الحظ بالاحتفاظ بمقاعدهم، وفُرض عليهم حزمُ حقائب المغادرة، فيما ابتسَم الحظ لـ 49 نائباً وقدّم لهم إقامة إضافية لـ 4 سنوات. وفي هذه الأثناء، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن «الجيش الأميركي ملتزم دعم ومساعدة الجيش اللبناني رغم المكاسب التي حققها «حزب الله» في الإنتخابات البرلمانية».
الأسبوع المتبقّي من الأحد إلى الأحد، يُعدّ فترةً تأسيسية للانطلاقة الفعلية للمجلس الجديد اعتباراً من الثلثاء 22 أيار، مع انتخاب رئيس جديد للمجلس ونائبه وأعضاء هيئة المكتب، وكذلك انتخاب المطبخ التشريعي المتمثل باللجان النيابية الدائمة، وهو أمر يتمّ عادةً مطلع العقد الثاني للمجلس أوّل ثلاثاء بعد 15 تشرين الاوّل من كلّ سنة.
إلّا أنّ الفترة الزمنية الفاصلة من أيار حتى تشرين نحو 4 أشهر، ليس من الجائز فيها تركُ فراغ في المطبخ التشريعي، الأمر الذي يوجب انتخابَ اللجان، سواء في جلسة تُعقَد بعد جلسة انتخاب هيئة المكتب فوراً، أو في وقتٍ لاحق غيرِ بعيد عنها، خصوصاً وأنّ أمام المجلس مهمّات تشريعية كثيرة.
إعادة انتخابِ الرئيس نبيه بري رئيساً للمجلس باتت محسومةً من دون أيّ منافس أو حاجةٍ إلى معركة، مع الإشارة الى موقف رئيس الحكومة سعد الحريري الذي أعلِن من بعبدا، وقد انتقل منها إلى عين التينة: «إذا كان الرئيس بري مرشّحاً لرئاسة المجلس فأنا معه». وعن المطالب المسبَقة حول بعض الوزارات ومنها وزارة المالية، قال «إنّ المالية ليست ما يتمّ المطالبة بها فقط»، واعتبَر أنّ «الطلبات المسبَقة بحقائب معيّنة لا قيمة لها، ولا أعترف إلّا بعرفٍ واحد في الجمهورية اللبنانية وهو رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة، ولم أسمع بأعراف أخرى، ولستُ مستعدّاً للاعتراف بها».
على أنّ الخطوة التالية بعد اكتمال الصورة المجلسية الجديدة هي صدور دعوة رئاسية، ربّما الثلثاء 22 أيار، للاستشارات الملزمة التي يُجريها رئيس الجمهورية لتسمية رئيس الحكومة الجديد، والمرجّح هنا إعادة تسميةِ الحريري، على أن تنطلق بعدها رحلة التأليف والحرب على الحصص وحجم تمثيل كلّ كتلة ونوعية الوزارات التي يريدها كلّ طرف، خصوصاً وأنّ مؤشّرات المعركة تحيط من الآن وزارات المالية والاتصالات والطاقة والأشغال والصحة والشؤون الاجتماعية.
وكان الحريري زار قصر بعبدا وأعلن بعد لقائه الرئيس ميشال عون عن انعقاد جلسة لمجلس الوزراء الأربعاء المقبل، دون أن يؤكد أنها ستكون الجلسة الأخيرة.
وقالت مصادر مطلعة لـ «الجمهورية» ان البحث تناول العناوين الاتية:
– تقويم وقائع الإنتخابات النيابية وما رافقها من مواقف، والنتائج التي آلت اليها لجهة تكوين مجلس نيابي جديد. وتوافق الرئيسان على ان الإستحقاق في يوم واحد كان استحقاقا ناجحا. وبمعزل عن بعض الأحداث الأمنية المتفرقة التي تم تطويقها بسرعة، ولولا أحداث بيروت والشويفات والتي عولجت «بحكمة امنية وسياسية وحزبية» يمكن القول انها عبرت في أجواء امنية مقبولة بفضل الإجراءات التي نفذتها القوى والعسكرية والأمنية على اكثر من مستوى.
– الحديث عن الإنتخابات انسحب لاحقا على صورة المجلس الجديد وما انتهت اليه من صورة التكتلات النيابية المعلن عنها وما هو محتمل من تحالفات جديدة توحي بحياة سياسية ناشطة تنعكس على العجلة الإقتصادية والإجتماعية في اجواء من الديمقراطية بعد الترحيب الإقليمي والدولي بما رافق هذه الإنتخابات.
– الإستحقاقات الدستورية المقبلة تحضيرا للإنتقال الى ولاية نيابية جديدة تقود حكما الى انتخاب رئيس جديد للمجلس النيابي ونائب له واعضاء هيئة مكتب المجلس ورؤساء اللجان النيابية ومقرريها وهو انتقال دستوري سلس لا بد من عبوره في إطار السعي الى فتح صفحة جديدة. وبعدما تفاهم الرئيسان على مقاربتها بما يضمن توافقا لبنانيا حيث يمكن واللجوء في حالات اخرى الى الآليات الديمقراطية التي ينص عليها الدستور.
– التشكيلة الحكومية المقبلة وما يمكن ان ينشأ من عقبات نتيجة الشروط والشروط المضادة التي عبر عنها البعض وما هو مرتقب منها. وهو موضوع سيكون مدار تنسيق متبادل متى آن اوانه وهذا لا يعني ان المشاورات المسبقة ليست مهمة بل يمكن ان تسهل عبور هذه الإستحقاقات لتجري في مواعيدها الدستورية وفي افضل الظروف. مع التفاهم ان احدا لوحده لا يمكن ان يقود اي من هذه المحطات الدستورية وعلى اهل الحكم التفاهم لعبورها بما يضمن قيام «حكومة العهد الأولى» بعد ولادة المجلس النيابي الأول المنتخب في هذا العهد.
وبالتزامن مع ذلك، ولتسهيل العمل التشريعي، يُفترض أن تُفتح دورة استثنائية للمجلس بعد 31 أيار، موعد نهاية العقد العادي الأوّل للمجلس، وهو أمر يتمّ عادةً عبر مرسوم يُصدره رئيس الجمهورية بالتوافق مع رئيس الحكومة، ولأنّ الحكومة حكومة تصريف ورئيسَها غيرُ مكتمل الصلاحيات، فقد يتمّ الركون إلى المادة 33 من الدستور التي تحدّد باباً آخر لفتح الدورة الاستثنائية عبر طلبٍ من الأكثرية المطلقة من عدد أعضاء المجلس أي 65 نائباً.
من جهةٍ ثانية، ستبرز على طريق التأليف مسألة الفصلِ بين النيابة والوزارة، وفيما حسَم بري أنّ هذا الأمر يحتاج الى تعديل دستوري في المادة 28 من الدستور التي تنصّ على الآتي: «يجوز الجمع بين النيابة ووظيفة الوزارة. أمّا الوزراء فيجوز انتقاؤهم من أعضاء المجلس أو من أشخاص خارجين عنه أو من كليهم». إلّا إذا ارتأت القوى السياسية أن تعتمد هذا الفصل ذاتياً، بحيث يكون لها أن تختار وزراءَها في الحكومة من غير النواب، على غرار ما قرّر «حزب الله»، وكذلك ما قرّره «التيار الوطني الحر».
«التيار»
ولم يتّخذ «التيار» قرارَه بعد بشأن تسمية برّي رئيساً لمجلس النواب، علماً أنّ الوزير جبران باسيل، ولدى سؤاله منذ أيام عمّا إذا كانت الإشارة الإيجابية التي عبّر عنها بري بوصفه بـ»البرغوث الذي يتحرّك كثيراً»، بأنّه سيترجمها بانتخاب برّي رئيساً للمجلس، أجاب: «كلّ إشارة إيجابية نقابلها بإشارة إيجابية، كلام بكلام، فِعل بفِعل، تصويت بتصويت، مشاركة بمشاركة».
وفي مسألة التكليف والتشكيل، علمت «الجمهورية» أنّ «التيار» سيَستند الى النتائج التي أفرَزتها صناديق الاقتراع، أمّا مفاوضات التشكيل فسيقودها باسيل حصراً، علماً أنّ «التيار» لم يَطرح بعد أيّ أسماء مرشّحة للتوزير.
تجدر الإشارة الى أنّ باسيل سيتحدّث اليوم في «مهرجان الانتصار» في «الفوروم دو بيروت» بحضور نواب «تكتّل لبنان القوي» ومشاركة مرشّحي «التيار» الذين لم يحالفهم الحظ في الانتخابات، وذلك في مشهد «استعراض قوّة» يتخلّله عرضٌ للأرقام ونِسَب التمثيل.
«القوات»
ولم تقرّر «القوات» موقفَها بشأن تسمية بري، وقرارُها سيُتخَذ في اجتماع يَعقده «تكتل الجمهورية القوية» عند تحديد جلسة انتخاب الرئيس ونائبِه وهيئة مكتب المجلس.
وقالت مصادر القوات لـ«الجمهورية»: «القوات تستعدّ في هذه المرحلة السياسية الجديدة لمواكبة الاستحقاقات المقبلة إنْ على مستوى انتخابات المجلس أو على مستوى التكليف والتأليف، وقد انطلقت في مشاورات داخلية تحضيراً لهذه المرحلة. فرئيس الحزب سيدعو «تكتّلَ الجمهورية القوية» إلى الاجتماع عند تعيين جلسة انتخابات رئاسة المجلس لاتّخاذ الموقف المناسب في شأنها وفي شأن انتخاب بديل عن النائب أنطوان زهرا في هيئة المكتب.
ومن ثمّ البحث في موضوع التكليف، علماً أنّ رئيس الحزب أعلن صراحةً أنّ التكليف يجب ان يستند بشكل واضح الى تفاهم سياسي مسبَق مع الرئيس الحريري حول عناوين المرحلة المقبلة ومن ثم الدخول في التكليف».
وأكّدت المصادر أنّ «القوات» لن تفصِح اليوم عمّا تريده من عدد مقاعد وزارية وحقائب، فالمسألة تنطلق مع المشاورات ولـ»القوات»رؤيتُها لطبيعة المرحلة ولكيفية تمثيلِها، خصوصاً بعد ما أفرَزته الانتخابات من توازنات سياسية واضحة لا يمكن القفز فوقها، وبالتالي من حقّها الطبيعي ان تكون شريكةً داخل السلطة التنفيذية نسبةً لحجمها النيابي والشعبي، ولأنها جزء لا يتجزّأ من تفاهم معراب ولأنها تشكّل توازناً على المستوى السيادي والإصلاحي انطلاقاً من ممارساتها الشفّافة».
وأكّدت المصادر حِرص «القوات» على «ترجمة الفوز الذي حقّقته في الانتخابات داخل المؤسسات الدستورية، فهي نجحت في مضاعفة نوابِها، الأمر الذي يمكّنها من مضاعفة تأثيرها وفاعليتها على المستويات الوطنية والحياة البرلمانية والحكومية، ولا شكّ، هناك من سيحاول تزويرَ الوقائع من خلال نفخِ حجمِه، لكنّ الوقائع واضحة للغاية، فـ«القوات» مِن ضِمن الكتل السياسية الكبرى، وبالتالي شريكةٌ مع سائر الكتل في المرحلة الجديدة، وهي تنصَح بعدم التفرّد الذي لن يؤدّي إلى النتائج المطلوبة، فيما الشراكة هي المعبَر الوحيد لتحقيق تطلّعات اللبنانيين».
البنتاغون
من جهة ثانية، وفي اول موقف أميركي بعد صدور نتائج الإنتخابات النيابية أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن «الجيش الأميركي ملتزم دعم ومساعدة الجيش اللبناني رغم المكاسب التي حققها «حزب الله» في الإنتخابات البرلمانية».
وقالت المتحدثة باسم البنتاغون اللفتنانت كوماندر ريبيكا ريبرتش في بيان أمس، إن «الولايات المتحدة ما زالت ملتزمة بدعم السيادة والاستقرار والأمن ومؤسسات الدولة في لبنان بما في ذلك القوات المسلحة اللبنانية بصفتها القوات المسلحة الشرعية الوحيدة في الدولة اللبنانية رغم المكاسب التي حققها «حزب الله» في الإنتخابات البرلمانية».
اللواء
برّي يستعد للحرب السياسية.. ومواجهة بين المرّ ومرشح باسيل حول نيابة المجلس
البنتاغون مستمر بتسليح الجيش.. وحادث الشويفات يتفاعل بين جنبلاط وأرسلان
رست الأيام الخمسة، التي تلت انتخابات 6 أيّار 2018، على مجموعة من المؤشرات من شأنها ان تفتح الباب على مصراعيه امام مرحلة سياسية، لا يمكن التبصر بسماتها، بمعزل عن المتغيّرات الإقليمية والدولية التي اطاحت «بالستاتيكو» القائم، من خلال انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي مع طهران والضربات الجوية الاسرائيلية المتكررة، ضد مواقع عسكرية إيرانية في سوريا، وإطلاق صواريخ في الجولان، وفوق سوريا، ومضادات بوجه الغارات التي تعلن تل أبيب انها حققت جزءاً من أهدافها.
1- من أبرز المؤشرات مضي الكتل باحتفالات النصر، فبعد احتفال المستقبل أمس في بيت الوسط، يحتفل التيار الوطني الحر في الفورم دي بيروت مساءً.
2- اعتراف الرئيس سعد الحريري ان الانتخابات «خطفت بعض المقاعد من تيّار المستقبل، لكن عملية الخطف كانت كمن يريد ان يسرق «سيتيرن» مياه من نهر الليطاني.
3- لملمة الحزب التقدمي الاشتراكي ذيول حادث قتل أحد مناصريه، وتشييعت في الشويفات أمس، على خلفية رفض الفتنة، وانتقاده الرئيس الحريري، صاحب مشروع الدولة، الذي «لا يستطيع ان يقف محايداً إزاء الجريمةالتي حصلت في الشويفات، فهو المسؤول عن ضمان المواطن، وهناك وزير في حكومته يمتنع عن تسليم المتهمين في تلك الجريمة، لا بل انه يقوم بحمايتهم».
لكن الوزير طلال أرسلان سرعان ما ردّ على بيان التقدمي.. متهماً النائب وليد جنبلاط بالوقوف وراء التصعيد الإعلامي والسياسي.
4- انطلاق الحركة السياسية للبحث في مرحلة ما بعد الانتخابات، على الرغم، مع بدّء عشرات المرشحين اعداد طعونهم بالانتخابات النيابية، في بيروت الثانية من زاوية ان «المراجعة القانونية في تقديم الطعن لمن لحقه الضرر سيكون ضد اللائحة المنافسة، فالمرشح الخاسر هنا بطعنه يكون أيضاً يطعن باسم اللائحة التي خسر معها».
وفي القراءة، ان عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي، اعتبر ان نتائج الانتخابات أدّت إلى اننا «خرجنا من الهيمنة التي فرضت علينا منذ ذلك التاريخ من العام 1992 إلى العام 2018».. على حدّ تعبير الموسوي الذي هنأ برّي، وطمأن ان «نهج المقاومة لن يطغى على المجلس النيابي».
سياسياً، زار الرئيس الحريري كلاً من الرئيس ميشال عون في بعبدا، والرئيس نبيه برّي في عين التينة، ليعلن في الأولى ان لا اعراف سوى توزيع الرئاسات الثلاث: الجمهورية (موارنة)، المجلس النيابي (شيعة) ورئاسة الحكومة (سنة)، في إشارة إلى رفضه التسليم، بأن وزارة المال يتعين ان تكون من حصة الشيعة، كما يطالب بذلك الثنائي الشيعي.
وإذا كان البنتاغون أكّد على استمرار دعم الجيش اللبناني رغم المكاسب الانتخابية لحزب الله فإن جولة الرئيس الحريري على الرئيسين عون وبري تطرقت إلى جدولة النقاط التي يتعين على الحكومة اقرارها، قبل ان تصبح مستقيلة بعد أسبوع ونيّف، لا سيما الملف الكهربائي، مع حلول الصيف، والحاجة إلى مصادر طاقة سواء عبر شراء الكهرباء أو بناء المعامل أو استئجار البواخر..
وفي المعلومات ان البحث تناول جلسة انتخاب رئيس المجلس، والمرشح الوحيد هو الرئيس برّي وسط تباين يصل الى حدّ الخلاف مع التيار الوطني الحر حول نائب رئيس المجلس.. وهيئة مكتب المجلس.
مشاورات حول المرحلة المقبلة
وفي غمرة التأزم الإقليمي والسخونة الدولية، على خلفية الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي الإيراني، كان البارز أمس، انطلاق حركة سياسية لافتة من الاتصالات والمشاورات، بهدف الاتفاق على طبيعة المرحلة السياسية المقبلة على مستويي رئاستي مجلس النواب والحكومة، وحلحلة ما يمكن ان يظهر من مطبات في سياق اعادة هيكلة المؤسسات الدستورية، ولا سيما ما يتعلق بتشكيل الحكومة، التي يعتبرها رئيس الجمهورية ميشال عون «حكومة العهد الأولى».
وفي تقدير مصادر سياسية، انه إذا كان الرئيس عون يرغب حقيقة بأن تكون الحكومة حكومته الأولى، فإنه يفترض في هذه الحالة، ان لا تتأخر عملية تشكيل الحكومة، على رغم العقد والعراقيل والشروط والشروط المضادة، لأن أي تأخير سيستنزف رصيد العهد، ويعرض البلاد لخضات هو في غنى عنها، خصوصاً وان التطورات الحاصلة في المنطقة تفرض نمطاً جدياً من التعامل مع استحقاقات المرحلة، وهو ما تتفق عليه كل القوى السياسية التي ستنخرط في الحكومة الجديدة، بمن فيهم «حزب الله» الذي يوجه بوصلة اهتماماته في اتجاه الداخل، وفي شكل خاص نحو الاقتصاد ومكافحة الفساد.
وتبعاً لهذا التحليل، فإن المصادر المطلعة تتوقع الا يطول مسار التكليف والتأليف، على الرغم من كل العقد والمطبات، وان كانت تعتقد ان مسألة اعداد البيان الوزاري، لن تكون بسهولة تأليف الحكومة، لجهة صعوبة التوفيق بين مواقف مجموعة الدعم الدولية، ومعها كتل وازنة في المجلس مثل «المستقبل» و«القوات اللبنانية» ومطالب الثنائي الشيعي في شأن القرارات الدولية، والتمسك بالمعادلة الثلاثية: الجيش والشعب والمقاومة، علماً انه امكن إيجاد حل لهذه المعادلة في بيان حكومة «استعادة الثقة» حاز على رضى جميع الأطراف، ويمكن العودة إلى هذه الصيغة، في حال رضى الحزب بأن يكون الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية مخرجاً لمعادلته الذهبية.
وقد أبدى الرئيس الحريري الذي أعلن ان حكومته ستعود إلى الاجتماع يوم الأربعاء المقبل، في أعقاب حركة المشاورات التي بدأها أمس، مع كل من الرئيس عون في بعبدا، والرئيس نبيه برّي في عين التينة، تفاؤلا حيال المرحلة المقبلة التي وصفها بأنها ستكون «افضل»، سواء على مستوى الحفاظ على الأمن والاستقرار، أو على مستوى مجلس النواب الجديد الذي سيكون «أكثر حيوية» بحسب تعبيره.
وفيما لم يدل الحريري بأي تصريح بعد زيارته الرئيس برّي الذي استبقاه إلى مائدة العشاء في عين التينة، أعلن الحريري من بعبدا ان مرشحه لرئاسة المجلس هو الرئيس برّي، إذا كان مرشحا، رافضا الدخول في جدل حول الصعوبات التي ستواجه تشكيل الحكومة، مكتفيا بالقول: «فلنتخب اولا، رئيسا للمجلس، وبعدها تجري المشاورات، ونرى ما سيحصل».
ولفت ردا على سؤال حول مطالبة البعض بوزارة المالية، الىان الطلبات السابقة لا قيمة لها، قبل استشارات التكليف، ملمحا إلى ان المالية ليست فقط الحقيبة الوحيدة التي يتم المطالبة بها، مشددا على انه بالنسبة إلى الأعراف سبق ان اعترف بعرف واحد هو الرئاسات الثلاث، مؤكدا بأنه «ليس مستعدا للاعتراف بأعراف اخرى».
وكان الرئيس الحريري قد أكّد في «مهرجان النصر» الذي أقيم في «بيت الوسط»، احتفالا بفوز لوائح «المستقبل» في الانتخابات النيابية، ان «تيار المستقبل لا زال الرقم الصعب في المعادلة الوطنية، ولا زال صاحب أكبر كتلة نيابية صافية في البرلمان»، وانه «مستمر في الخط الامامي لحماية لبنان والدفاع عن حقوق كل المجموعات التي حمت قرار تيّار المستقبل في الانتخابات». لافتا إلى ان هناك نوابا فازوا على اكتاف غيرهم وعلى اكتاف بلوكات سياسية أخرى اجتمعت لخوض المعركة ضد تيّار المستقبل، وكلهم باتوا معروفين في بيروت وصيدا والبقاع الغربي والضنية وطرابلس.
وإذ اعرب الحريري عن ايمانه بأن البلد سيتجاوز مرحلة التصعيد الإقليمي والدولي، لنفتح صفحة جديدة تضع لبنان على خريطة الاستقرار والتقدم والبناء، وقال: «كلنا نرى المنطقة كيف تغلي، والموج يعلو والريح تقوى، وعلينا جميعا مسؤولية حماية البلد، والعيش المشترك أكبر ضمانة في يدنا لنمنع دخول الفتنة».
إلى ذلك، أوضحت مصادر وزارية لـ «اللواء» ان اللقاء الذي جمع الرئيسين عون والحريري في بعبدا، والذي اتى في أعقاب الانتخابات النيابية، شكل مناسبة لتقييم العملية الانتخابية، وما أفرزته من نتائج.
وقالت ان اللقاء المطوّل بينهما والذي امتد لأكثر من ساعة، وكان ايجابياً وودياً، جال في مواضيع الساعة وما ينتظر لبنان من استحقاقات مقبلة.
ولفتت إلى أنهما تناولا مطولا التطورات الإقليمية الأخيرة وأهمية ابقاء لبنان بمنأى عنها وتحصين الاستقرار.
ونفت المصادر أن يكون البحث تناول موضوع تشكيل الحكومة الذي يبقى مناطا بصلاحيات رئيس الحكومة المكلف . وأفادت أن توافقا جرى على انعقاد جلسة لمجلس الوزراء الاسبوع المقبل قد تكون الجلسة الوداعية إلا إذا تقرر انعقاد أكثر من واحدة الاسبوع المقبل على أن يكون موعدها قبل 20 أيار الجاري . وفهم أن هناك نية لأن تكون جلسة يتم فيها تمرير سلسلة مشاريع دون أن تجزم ما إذا كان المجال سيكون مفتوحا لبحث ملف الكهرباء.
معركة نيابية رئاسة المجلس
ومع الانتهاء من مرحلة الانتخابات النيابية، بدأ العد العكسي لبلورة الصورة البرلمانية الجديدة للمجلس المنتخب، مع اقتراب موعد انتهاء ولاية المجلس الحالي في العشرين من أيّار الحالي، وبالتالي فإن الجلسة المرتقبة لترتيب التركيبة الرئاسية والمطبخ التشريعي يتوقع ان تكون بين الاثنين في 21 أو الثلاثاء في 22 أيّار الحالي.
وعلى الرغم من التغيير الذي طرأ على صعيد التحالفات والتكتلات والانتماءات السياسية، وانفراط عقد قوى 8 و14 آذار، الا ان القاعدة على مستوى رئاسة المجلس ستبقى هي هي، طالما ان المرشح الأوّل والوحيد على اتساع الندوة البرلمانية هو الرئيس برّي، باعتباره المرشح الشيعي الأوّل، ولا يوجد أحد غيره، حتى وان تمنع «التيار الوطني الحر» عن انتخابه، ردا على امتناع كتلة «التنمية والتحرير» عن انتخاب الرئيس عون، الا ان هذا الأمر في حال حصوله لن يؤثر على النتيجة الحتمية لرئاسة المجلس، وان كانت ستحجب عنه الفوز بالتزكية.
ووفق الآلية الدستورية، يفترض ان يعقد المجلس المنتخب أولى جلساته، بناء لدعوة أكبر أعضائه سناً وبرئاسته، وهو نائب المتن ميشال المرّ (87 سنة).
وتنص المادة 44 من الدستور، انه على مجلس النواب ان ينتخب اولا ولمدة ولايته، الرئيس ونائب الرئيس، كلا منهما على حدة، بالاقتراع السري، وبالغالبية المطلقة من أصوات المقترعين، وإذا لم تتوافر هذه الغالبية في هذه الدورة وفي أخرى تعقبها، تجري دورة اقتراع ثالثة يكتفي بنتيجتها بالغالبية النسبية، وإذا تساوت الأصوات يعتبر الأكبر سناً منتخباً.
واذا كانت مسألة انتخاب الرئيس ونائبه ومن ثم مسألة هيئة المكتب، أو على صعيد رؤساء ومقرري وأعضاء اللجان أكثر سهولة في المجلس السابق، نظراً للتوازنات السياسية بين فريقي 8 و4 آذار، فإن هذا الأمر لا يندرج على موقع نائب رئيس المجلس والذي تتصارع عليه الكتل النيابية منذ الآن، فبعد ان تمكنت قوى 14 آذار بالانتخاب، في المرحلة السابقة من تنصيب نائب الرئيس الحالي فريد مكاري، في هذا الموقع، الا انه مع إعادة خلط الأوراق سياسيا ونيابيا، وتوزع الكتل الكبيرة، فإن هذا الموقع الذي كانت تتم حوله ترشيحات توافقية مسبقا، ليس هو اليوم على نفس هذا المنحى، بوجود رغبة لدى أكثر من فريق بالحصول عليه.
وبحسب المعلومات، فإن التنافس على هذا الموقع، سيكون من «التيار الوطني الحر» الذي يسعى إلى ان يكون من نصيب النائب الارثوذكسي المنتخب الياس بوصعب أو النائب المنتخب عن دائرة عكار جورج عطاالله، فيما يسعى حزب «القوات اللبنانية»، وبعد حصوله على كتلة نيابية كبيرة لأن يكون المنصب من حصته، وهو يرشح له منذ الآن النائب المنتخب عن بيروت الأولى عماد واكيم أو النائب المنتخب عن عكار وهبه قاطيشا أو أنيس نصار، في حين يلوح الثنائي الشيعي مع حلفائه بورقة استعادة النائب المنتخب ايلي الفرزلي لموقعه السابق، قبل انتخابات 2005، من دون إسقاط حق النائب المرّ الذي شغل المنصب ذاته في سنوات سابقة، مع ترحيب من رئيس المجلس باسناد هذا المنصب إليه، ولو بالاقتراع.
وتتوقع المصادر، في كل الأحوال، ان تكون معركة نيابة رئاسة المجلس حامية بين الفريقين العوني والقواتي، الا في حال جرى الاتفاق بين الجانبين بشأن معقدي نائبي رئيسي مجلس النواب والوزراء والأخير يشغله اليوم وزير الصحة غسّان حاصباني.
وفي هذا الإطار، ينقل عن الرئيس بري: إذا أرادوا السلم انا له وإذا أرادوا الحرب بالمعنى السياسي انا لها.
إشكالية الطعون
في هذا الوقت، ومع بدء عشرات المرشحين إعداد طعونهم بالانتخابات النيابية، وخصوصاً في دائرة بيروت الثانية، طرحت إشكالية كيف ومتى تقدّم الطعون، لأن قانون الانتخاب الجديد لم يُحدّد آلية ذلك؟
وحول هذا الأمر يؤكد مرجع قانوني لـ«اللواء» أن الاعتماد سيتم على قانون إنشاء المجلس الدستوري الذي ينص في مادته الـ24 على مهلة تقديم الطعون المحددة بـ30 يوماً منذ إعلان النتيجة رسمياً. لكن الإشكالية هنا أن هذه المادة حددت الطعن وفق النظام الأكثري، بينما الانتخابات هذه المرة كانت وفق نظام نسبي على أساس اللائحة والصوت التفضيلي، مما يعني ان على المجلس الدستوري أن يحكم بشأن الطعون وفق أحكام المادة 24 بما يتوافق مع النظام النسبي.
وبرأي هذا الخبير أن النظام الانتخابي الذي يقوم على أساس لوائح متضامنة، أي انها أصبحت بمنزلة وحدة انتخابية متكاملة، بمعنى أن المراجعة القانونية في تقديم الطعن لمن لحقه الضرر سيكون ضد اللائحة المنافسة، كالمرشح الخاسر هنا بطعنه يكون أيضاً يطعن باسم اللائحة التي خسر معها.
من جهة ثانية، عقدت لجنة المتابعة المنبثقة عن اللوائح البيروتية المتضررة اجتماعاً لها في مكاتب جريدة «اللــواء» قررت خلاله متابعة خطواتها القانونية حيث ستجتمع اليوم مع عدد من محاميها لمتابعة صياغة الطعون الموثقة بالأدلة والاثباتات والبراهين.. كما تباحثت في خطواتها التصعيدية المقبلة من أجل إحقاق الحق.
اتهم اللواء اشرف ريفي وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بالتلاعب في نتيجة الانتخابات، قائلاً: «اللعبة أصبحت مكشوفة»، وقال: «اعتمدوا أسلوب الزعبرة في الانتخابات وبدلوا الكثير من الصناديق التي يميل التصويت فيها لصالحنا في اغلب المراكز».
وكشف ريفي ان فريقاً قانونياً يحضّر ملفاً لتقديم الطعن خلال أيام.
البنتاغون: دعم الجيش
وتزامن زيارة السفيرة الاميركية اليزابيت ريتشارد لوزير الدفاع يعقوب الصرّاف، لتهنئة على نجاح إجراءات الجيش والقوى الأمنية لحسن سير العملية الانتخابية مع تأكيد وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» بالتزام الجيش الأميركي بدعم ومساعدة القوات المسلحة اللبنانية، على الرغم من المكاسب التي حققها «حزب الله» المدعوم من إيران وحلفائه في الانتخابات.
وقالت اللفتنانت «كوماندر ريبيكا ريبرتش» المتحدثة باسم البنتاجون في بيان: «الولايات المتحدة ما زالت ملتزمة بدعم السيادة والاستقرار والأمن، ومؤسسات الدولة في لبنان، بما في ذلك القوات المسلحة اللبنانية، بصفتها القوات المسلحة الشرعية الوحيدة في الدولة اللبنانية».
وقدمت الولايات المتحدة أكثر من 1.5 مليار دولار من المساعدات العسكرية للبنان منذ العام 2006.
الشويفات
وبينما شيّعت الشوفيات والحزب التقدمي الاشتراكي جثمان الضحية علاء أبي فرج الذي قتل في الاشكال الأخير بين مناصرين من الحزب الاشتراكي والحزب الديمقراطي اللبناني، في مأتم شعبي حاشد في الشويفات، شارك في النائب المنتخب تيمور جنبلاط وشيخ عقل الطائفة الدرزية نعيم حسن والوزير السابق وئام وهّاب، وكانت للوزير السابق غازي العريضي كلمة في المناسبة باسم الحزب الاشتراكي، شدّد فيها على رفض الفتنة والاحتكام إلى الدولة لأن المرجعية والملاذ، تفاعلت مسألة عدم تسليم المتهم بالقتل من قبل الحزب الديمقراطي اللبناني، وأسهمت تصريحات الرئيس الحريري، والتي امتنع فيها عن اصدار موقف رسمي يدين طرف خارجي، في انفجار سجال سياسي جديد بين الطرفين، إذ أصبر الحزب الاشتراكي مساء، بياناً أكد فيه ان الرئيس الحريري الذي هو صاحب مشروع لدولة، لا يستطيع ان يقف محايداً إزاء جريمة الشويفات، فهو رئيس الحكومة المسؤولة عن طريق القواتي وحماية المواطنين المتهمين في تلك الجريمة لا بل انه يقوم بحمايتهم، لذا، المطلوب منه موقف حاسم وواضح في إدانة المجرين وحماتهم واتخاذ الإجراءات التي تضمن حقوق المواطنين وسلمهم الأهلي بعيداً عن اعتبارات المحاباة السياسية.
ولاحقاً، ردّ الحزب الديمقرطي اللبناني، ببيان اعتبر فيه ان ما يقوم به الحزب الاشتراكي ايعاز مباشر من رئيسه النائب وليد جنبلاط من تصعيد اعلامي حول حادثة الشويفات، ومحاولة ادخال رئيس الحكومة في الأمر، ما هو الا خرق البيان الذي صدر عن الوزير طلال أرسلان وجنبلاط ومساهمة في زيادة الاحتقان والتشنج في الجبل .
وتمنى البيان على من يطلب من رئيس الحكومة التدخل ان يطالب برفع الحصانة عن نائب الصدفة، أو بالأحرى نائب الفتنة أو ناسم الاسم والصفة التي يطلقها عليه معلمه، والتي نعتبرها أبلغ وأvق بوصفه.
البناء
العراقيون ينتخبون اليوم… وخشية أميركية من تكرار المشهد اللبناني مع ثنائي المالكي والحشد
فلسطين تختتم تحضيرات اليوم الحاسم في 15 أيار… على إيقاع توازن الردع الجديد في سورية
ترحيل العقد الحكومية لما بعد «الرئاستين»… وشظايا الشويفات تصيب علاقة جنبلاط بالحريري
كتب المحرّر السياسي
تنظر واشنطن نحو الاستحقاق الانتخابي العراقي الذي سيحسم عبره العراقيون اليوم هوية المجلس النيابي الجديد، وعبره هوية رئيس الحكومة الجديدة وتوازناتها، بقلق بالغ لجهة المعلومات التي تتداولها الأوساط السياسية والإعلامية، أنّ لائحتي دولة القانون التي يتزعّمها الرئيس السابق للحكومة نوري المالكي، وتحالف الفتح الذي يترأسه قائد قوات بدر هادي العامري، ويضمّ الكتل البارزة في الحشد الشعبي، ستحققان نتائج شبيهة بالتي حققها ثنائي حركة أمل وحزب الله في الانتخابات اللبنانية، لجهة المجيء بقوة تتيح لهما التحكّم بتسمية رئيس الحكومة المقبل، ووضع دفتر الشروط السياسي للحكومة الجديدة، وفي قلبها مستقبل الانتشار الأميركي في العراق، حتى لو كان الرئيس الحالي للحكومة حيدر العبادي هو الذي سيتولّى رئاسة الحكومة الجديدة، كما في لبنان تحتلّ معادلة الجيش والشعب والمقاومة دوراً محورياً في رسم المستقبل الحكومي حتى لو تمّت تسمية رئيس الحكومة الحالية سعد الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة.
تقارب واشنطن مرحلة ما بعد خروجها من التفاهم النووي مع إيران، التي أرادتها مناسبة لتحجيم محور المقاومة الذي تشمل إيران قاعدته الاستراتيجية، وهي ترى تراجعاً سياسياً لمناوئي هذا المحور في الانتخابات التي ستحدّد مصير بلدين هامّين في المنطقة وصراعاتها وتوازناتها، وفي النظرة الأميركية، هما لبنان والعراق، فيما تحمل مواجهات الجبهة السورية الإسرائيلية أخباراً غير سارّة لواشنطن حول نتائج اختبارات القوة التي شهدتها وولادة ميزان ردع جديد نجحت سورية برسم قواعده بالشراكة مع حلفائها، في وجه ما كانت تعتقد واشنطن أنه بداية تغيير ميداني ستفرضه «إسرائيل» في مرحلة ما بعد تسديد واشنطن لحساب تل أبيب فاتورة الخروج من التفاهم النووي.
يزيد الطين الأميركي الإسرائيلي بلة، أن تتلاحق الاستحقاقات المرّة، في ظروف عربية لن تحلم واشنطن وتل أبيب بأفضل منها، بوجود موقف خليجي يجاهر ببيع القضية الفلسطينية وبالتحالف مع «إسرائيل» ويضع خزائن ماله بتصرف واشنطن وتل أبيب، ليأتي موعد 15 أيار خلال أيام، ويتحوّل من مناسبة للاحتفال بإعلان القدس عاصمة لـ«إسرائيل» ببركة انتقال السفارة الأميركية إليها، إلى مناسبة لمواجهة بداية تصعيد فلسطيني أتمّ الفلسطينيون تحضيراتهم له مع اختتامهم أمس آخر مسيرات العودة شرق غزة قبل حلول استحقاق ذكرى اغتصاب فلسطين خلال أيام قليلة.
في قلب هذه الصورة المركبة، يقارب لبنان استحقاقات ما بعد الانتخابات النيابية، خصوصاً صورة الحكومة الجديدة المحاطة بتعقيدات ستجعل ولادتها السريعة أمراً بعيد المنال، وقد توافق الرؤساء الثلاثة على تأجيل عقد تشكيل الحكومة لما بعد إنهاء استحقاقَيْ انتخاب رئيس مجلس النواب وتسمية رئيس الحكومة، وقد صار واضحاً أنّ الرئيس نبيه بري سيشغل رئاسة المجلس النيابي لدورة جديدة، من دون أن تتضح طبيعة تصويت التيار الوطني الحر لصالحه ضمن تفاهم على منصب نائب رئيس المجلس أم لورقة بيضاء والذهاب لمنافسة انتخابية في منصب نائب رئيس مجلس النواب، كما بات محسوماً تولي الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة، دون أن يتّضح موقف حزب الله وعدد من الكتل والنواب القريبين منه، تجاه هذه التسمية، بينما طرحت بعض الأوساط السياسية المطلعة تساؤلات جديدة حول موقف النائب وليد جنبلاط وكتلته النيابية من تسمية الحريري في ضوء ما أصاب العلاقة الجنبلاطية الحريري من شظايا حادثة الشويفات، على خلفية كلام جنبلاطي يغمز من قناة التحالف بين الحريري والوزير طلال أرسلان، عبر اتهام الحريري بالتغطية على ما يصفه برفض أرسلان تسليم مَن يعتبره جنبلاط المطلوب الرئيسي في حادثة الشويفات.
الحريري «كسرها وجبرها» مع بري: رئاسة المجلس لا المالية
مع إقفال مرحلة الانتخابات النيابية، انطلقت المشاورات الرئاسية لمواكبة الاستحقاقات المتتالية لا سيما تشكيل حكومة جديدة قبيل أسبوع واحد على تحوّل الحكومة الحالية التي تعقد جلستها الاخيرة الأربعاء المقبل الى تصريف أعمال مع نهاية ولاية المجلس النيابي.
وأجرى الرئيس سعد الحريري جولة استطلاعية بين بعبدا وعين التينة للتشاور مع الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، فيما خصّ استحقاقَي رئاسة المجلس النيابي والتكليف وتأليف الحكومة.
وبحسب النظام الداخلي لمجلس النواب، فإن رئيس السنّ النائب ميشال المر سيتسلّم مهماته في رئاسة المجلس بدءاً من الحادي والعشرين من أيار الجاري وحتى تاريخ انعقاد جلسة انتخاب رئيس المجلس ونائبه وهيئة مكتبه ومطبخه التشريعي، أما موعد هذه الجلسة بحسب الرئيس بري، فكان محور تشاور بين بري والمرّ.
وبدا الحريري في حركته وتصريحاته وكأن أمر تكليفه تشكيل الحكومة المقبلة بات محسوماً حتى قبيل أوان الاستشارات النيابية الملزمة. وتمّ الاتفاق بين الرئيسين عون والحريري بعد لقائهما في بعبدا على عقد جلسة، ربما تكون الأخيرة لمجلس الوزراء قبل أن تتحوّل الحكومة الى تصريف أعمال في 20 الحالي، وربما يُصار الى عقد جلسة ثانية الخميس إذا دعت الحاجة.
وبدأت عقد التأليف تلوح في أفق المواقف السياسية، فمن بعبدا وقبيل زيارته عين التينة كسر الحريري الجرّة مع رئيس المجلس بقوله إنه يرفض الشروط المسبقة التي يضعها البعض أمام تشكيل الحكومة، وفي إشارة الى تمسّك بري بوزارة المال، وقال الحريري: «لا أعترف بالأعراف إلا بعرف توزيع الرئاسات الثلاث على الطوائف الرئيسية في البلد».
لكن الحريري المتحمّس للعودة الى السراي الحكومي عاد وجبرها مع رئيس المجلس بتأييده الرئيس نبيه بري لرئاسة مجلس النواب، وإن كان الحريري يعلم كما برّي بأن رئيس المستقبل «يبيع بري من كيس الأخير»، لأن لا مرشح منافس لرئيس حركة أمل ما يعني أن أي مقايضة بين رئاسة المجلس وتشكيل الحكومة ووزارة المال ساقطة حكماً بمفهوم بري، وأضاف الحريري: «نحن مقبلون على مرحلة أفضل ومجلس نيابي حيوي أكثر وناقشت والرئيس عون التطورات حولنا في الأيام الأخيرة، نريد المحافظة على استقرار لبنان».
ومساءً زار رئيس الحكومة عين التينة والتقى رئيس المجلس ودار النقاش حول الأوضاع الراهنة والمرحلة المقبلة، واستبقى بري ضيفه على مائدة العشاء.
وكان الحريري أكد في احتفال في بيت الوسط أن «تيار المستقبل لا زال رقماً صعباً في المعادلة الوطنية ولا يزال يملك أكبر كتلة نيابية صافية في البرلمان اللبناني».
وقالت أوساط مطلعة على موقف بري ومشاركة في مفاوضات اتفاق الطائف إن «تمسك بري بحقيبة المال مطلب سياسي، ويأتي في إطار تثبيت مشاركة الطائفة الشيعية الفعلي في السلطة التنفيذية كسائر الطوائف لا سيما السنة والموارنة في ظل النظام الطائفي السائد في البلد منذ العام 1990 الى الآن». ولفتت لــ «البناء» الى أن اتفاق الطائف ألمح إلى هذه النقطة، وكان السؤال حينها كيف نؤمن مشاركة الشيعة في السلطة التنفيذية، فكان الحديث أن ذلك يمكن من خلال أن يحتفظ الشيعة بوزارة المال التي تمثل التوقيع الثالث بعد توقيعَيْ رئيسَيْ الجمهورية والحكومة».
ورجح مصدر نيابي وسياسي في فريق 8 آذار لـ«البناء» تشكيل حكومة وحدة وطنية تجمع أكبر مروحة من التمثيل للكتل النيابية وإلا الاتجاه الى حكومة أكثرية ما ينتج عن ذلك حالة من اللاستقرار السياسي والأمني ما لا يخدم المصلحة الوطني في المرحلة الراهنة»، موضحاً أن «وضع معايير عادلة ومنطقية انطلاقاً من التوازنات النيابية أمر يسهل تأليف الحكومة»، ولفت الى أن نسبة التمثيل الحكومي يجب أن تراعي الأحجام النيابية للكتل». ويرجّح المصدر أن لا يطول أمد التأليف لسببين: «الأول خارجي في ظل تصعيد الوضع الأمني في سورية والمنطقة والخشية من انعكاسه على لبنان ما يستوجب وجود حكومة أصيلة لمواجهة التحديات وتداعيات أي حرب مقبلة، أما السبب الثاني فهو داخلي مع تفاقم الأزمات الاقتصادية والمالية والحياتية». ولفت المصدر الى أن «لا شروط بمعنى الشروط لدى فريق المقاومة لعودة الحريري الى رئاسة الحكومة، لكن لضمان الاستقرار الحكومي في المرحلة المقبلة نحتاج الى تفاهم يسبق عملية التأليف على جملة من الملفات الخلافية وباتت معروفة».
وعن مطالبة حزب «القوات» بحصة وازنة وحقيبة سيادية أوضح المصدر بأن «القوات ترفع سقف مطالبها لتحصيل أكبر حصة ممكنة»، مشيراً الى أن «الحديث عن حقائب سيادية وأخرى ثانوية بدعة سياسية وتخالف الدستور وتخلق أزمة في تشكيل الحكومة، حيث لم يكرّس الدستور طوائف فئة أولى وأخرى فئة ثانية، ولا علاقة لذلك بالطائف بل ركز على أن تمثل الطوائف تمثيلاً عادلاً».
غير أن «القوات اللبنانية» واصلت تحصين مواقعها التفاوضية وتثبيت معادلة التساوي مع التيار الوطني الحر في الحجم النيابي، وأكد النائب وزير الشؤون الاجتماعية، بيار بو عاصي، وجود نيّة لترميم تفاهم معراب. فهل تقصد «القوات» بالترميم إعادة هيكلة تفاهم حسب موازين القوى النيابية الجديدة؟ ولفت بو عاصي في حديث تلفزيوني الى أن «إذا تمّ تشكيل حكومة من 30 وزيراً فنحن نطمح للحصول على 4 وزراء ونيابة رئاسة الحكومة موقع يجب التمسك به». وقال: «من الأفضل أن يتمّ ترميم العلاقة بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر فورًا والتحالف بعدها».
قاسم: لتشكيل حكومة تراعي نتائج الانتخابات
في المقابل دعا نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، إلى «تشكيل حكومة وحدة وطنية، تراعي نتائج الانتخابات النيابية وتمثل القوى بحسب امتداداتها داخل المجلس، لنتمكن معاً من أن نبني لبنان من دون أن نقف في وجه بعضنا بسبب الخلافات السياسية على المشروع الإسرائيلي، لأن بناء الداخل اللبناني يتطلب تكاتف الأيدي معاً، بصرف النظر عما إذا كان التصنيف للبعض أنه ربح وللبعض الآخر أنه خسر، لأن ما بعد الانتخابات هي مرحلة جديدة نكون جميعاً رابحين عندما نشكل حكومة الوحدة الوطنية لمعالجة قضايا الناس الاجتماعية والاقتصادية، والانصراف إلى البناء والإعمار ومكافحة الفساد والعمل من أجل مستقبل أجيالنا».
وأشار قاسم في احتفال لحزب الله إلى «أن المجلس النيابي الجديد يشكّل حصانة أكبر لمصلحة المقاومة ومشروع لبنان المستقلّ، ونستطيع القول إن الفوز هو لعدالة الاختيار الذي تحقق بالقانون النسبي ومشاركة الناس»، آملاً «أن يتمكن المجلس النيابي الجديد من أن يُحدث تغييرات وإنجازات على مستوى البلد سواء في تشكيل الحكومة أو بالقوانين التي يقررها أو بالمحاسبة التي ستكون إن شاء الله تعالى أفضل من السابق من أجل سلامة مستقبل أجيالنا ووطننا».
ضمّ وفرز النواب
الى ذلك تستمر عملية ضم وفرز النواب بين الكتل النيابية لتحسين المواقع قبيل انطلاق مشوار التأليف، والتقى رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل في مركزية التيار «ميرنا الشالوحي» رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض. وقال باسيل بعد اللقاء «اتفقنا بأن نكون ضمن تكتل سياسي واحد وأن نوسعه أكثر لجبهة سياسية قادرة على ضمّ مناطق وطوائف أكثر». فيما أعلن النائبان المنتخبان فريد هيكل الخازن ومصطفى الحسيني بعد زيارتهما البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي ولادة كتلة «قلب القرار» التي تضمهما. وقال الخازن «نحن لسنا 8 آذار، ولم نكن، هذا ليس تقليلاً من أهمية 8 آذار، لكن موقعنا السياسي ليس في 8 آذار. لدينا تحالف مع الوزير سليمان فرنجية. وهذا التحالف ثابت ونهائي، نحاول بالتعاون معه وبمساعدته تشكيل تجمع نيابي سياسي لا طائفي يكون له حضوره في المجلس النيابي والحكومة، وحضوره السياسي والوطني».
الشويفات شيّعت أبو فرج
وعلى وقع أجواء الاحتقان في الشويفات شيّع الحزب التقدمي الاشتراكي ومدينة الشويفات علاء أبي فرج، في مأتم مهيب تقدمه النائب تيمور جنبلاط يرافقه نواب الاشتراكي.
وكانت لافتة مشاركة رئيس حزب التوحيد العربي وئام هاب في التشييع، وقال: «إذا ثبت أن المجرم موجود في سورية سأتواصل مع السلطات السورية لتسليمه. وهذا الأمر لا يمكن ان يلعب به احد او يسمح به أحد ودماء الشهيد كانت ستجرّ الى مشكلة كبيرة. وهذا غير مسموح به، لكن هناك من منعوا الفتنة في الجبل وشكراً للحزب التقدمي الاشتراكي ووليد بك الذي حقن بموقفه الدماء». وقال وهاب غامزاً من قناة الوزير طلال أرسلان: «مَن يلعب بالدم ويحمي اللاعبين بالدم هو مجرم يجب أن يُحاسَب».
وغرّد النائب وليد جنبلاط قائلاً «التحية كل التحية لك يا شهيد المحبة والإنسانية. التحية لك يا كبيراً في تواضعك يا مقداماً في واجباتك. التحية لك يا علاء عقيد أبي فرج. والتحية لكم يا أحرار الشويفات وقد ودّعتموه بالتصفيق كما تودّع الأمم الكبرى رجالاتها الكبار. خالداً إلى الأبد ستبقى يا علاء».
في المقابل أعلنت مديرية الإعلام في الحزب الديمقراطي اللبناني أن «رئيس الحزب وزير المهجرين الأمير طلال أرسلان سيعقد مؤتمراً صحافياً مباشراً يشرح خلاله تفاصيل ملابسات حادثة الشويفات ، وذلك غداً اليوم السبت الساعة 1 ب.ظ. في دارته في خلدة».
المصدر: صحف