لا تبالي كثير من السيدات بإنفاق كمية لا بأس بها من الدولارات على عمليات التجميل، وخاصة تلك التي تتعلق بإزالة التجاعيد، والتي يستخدم فيها “البوتوكس” الشهير، ولا يعرف إلا قلة قليلة من البشر، الحقيقة المخيفة لطبيعة هذه المادة التي تعتبر الأكثر إدرارًا للأرباح في مجالات الصناعة الدوائية، إذ تنتج صناعته أكثر من 3 مليارات دولار من العائدات كل عام.
ويستخدم الاسم التجاري “بوتوكس” لتخفيف وطأة الاسم الحقيقي لنوع مخيف من السموم يدعى “الذيفان الوشيقي”، الذي يعتبر أحد السموم الأكثر فعالية على وجه الأرض، إذ يمكن لأقل من جزء من المليون من الغرام في مجرى الدم أن يتسبب بموت الإنسان، كما يمكن لكيلوغرام واحد أن يقتل كافة سكان الأرض.
وتقول مهندسة التصنيع الغذائي يارا حيدر،: “يؤدي هذا الذيفان إلى حدوث تسمم غذائي نادر عند البشر، يعرف باسم “التسمم الوشيقي” حيث يحقن الناس وجوههم بالبوتوكس للسبب نفسه، الموت، إذ يسبب شللًا في العضلات، فعندما تحقن كمية صغيرة منه في الجبين تؤدي بشكل فعال إلى استرخاء العضلات المسببة للتجاعيد المزعجة، إلا أنه قد يؤدي إلى الاختناق في حال انتشاره في بقية أجزاء الجسم”.
وتتابع: “يحدث التسمم الوشيقي للإنسان عند تناوله منتجات غذائية تحوي الذيفان الوشيقي الذي تنتجه بكتيريا المطثيات الوشيقية Clostridium botulinum، أو بسبب تلوث الجروح بالذيفان، أو عند الأطفال الرضع بسبب تناولهم لأبواغ البكتيريا (خلية بكتيرية كونت جدارًا سميكًا وأصبحت ساكنة) من التربة أو العسل”.
وتضيف حيدر: “تعتبر هذه البكتيريا لا هوائية، أي أنها تعيش في الأوساط التي يغيب منها الأوكسيجين، لذلك تعتبر الأطعمة غير المعقمة بشكل كاف، والمعلبة في علب مفرغة من الهواء بشكل كاف أوساطًا محتملة لنموها”.
وتتابع: “من الجدير بالذكر أن البكتيريا نفسها أو أبواغها ليست ما يسبب المرض لأنها لا تستطيع العيش في حموضة المعدة، بل تناول أغذية ملوثة بالذيفان الوشيقي ما يعتبر خطرًا على صحة الإنسان”.
ويهاجم الذيفان بعد وصوله إلى دم الإنسان، الجهاز العصبي المركزي، ويؤدي إلى حدوث اضطرابات في نقل السيالة العصبية إلى العضلات، مما يسبب الشلل وقد ينتهي بالوفاة، ويشكو الشخص المتسمم في البداية من غثيان وإنهاك وصداع، قبل أن يتطور الأمر بعد ساعات أو أيام أحيانًا، إلى أعراض عصبية كاضطرابات الرؤية، بالتزامن مع حدوث صعوبة في البلع والنطق، كما يصاب المريض أيضاً بالإمساك بسبب الشلل الذي يصيب الأمعاء أو احتباس البول بسبب شلل المثانة وعدم قدرتها على التفريغ.
وتنصح المهندسة يارا حيدر بعدم تخزين الطعام بشكل معلب ومفرغ من الهواء في المنزل، لأن ذلك يوفر ظروفًا مناسبة لنمو البكتيريا المطثية الوشيقية، مع عدم إمكانية التعقيم بشكل مناسب على درجات حرارة مرتفعة، 120 درجة مئوية لمدة ربع ساعة تقريبًا، كما تحذر من تناول المعلبات ذات العلب المنتفخة، لأن هذا قد يشير إلى وجود بكتيريا نشيطة داخلها، تطلق غازًا ناتجًا عن استقلابها للمواد الغذائية، مما يسبب انتفاخ العلب.
كما تؤكد المهندسة حيدر، أن هذه البكتيريا لا تستطيع العيش في الأوساط الحامضية، لذلك تعتبر المخللات آمنة من هذه الناحية، وتنصح بإضافة الأحماض والملح إلى الأطعمة وحفظها على درجة حرارة منخفضة، لمنع نمو البكتيريا وتكوين السموم تمامًا، وبعدم إطعام الأطفال الرضع العسل، لأنه وسط محتمل بشدة لاحتواء أبواغ هذه البكتيريا.
المصدر: العربي الجديد