تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الجمعة 06-04-2018 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها تركز الأنظار على باريس، حيث ينعقد اليوم مؤتمر سيدر المخصص لدعم الاقتصاد اللبناني، والمخصص لمناقشة مشاريع يعود أغلبها للبنى التحتية، يحملها الوفد الحكومي اللبناني الذي يترأسه رئيس الحكومة سعد الحريري، طلباً لتمويلها من الدول المشاركة بصفة أصدقاء لبنان، تحت مسمّى المانحين..
الأخبار
الحكومة في باريس ــ 4: المديونية سببها اللاجئون السوريون
تناولت الأخبار الشأن المحلي وكتبت تقول “تستضيف العاصمة الفرنسية، اليوم، مؤتمر باريس ــ 4 (سيدر). وقد وجّه المنظمون دعوات الى نحو 50 حكومة ومنظمة اقليمية ودولية لحضوره، والاطلاع على العروض السخية التي سيقدّمها الوفد اللبناني الرسمي، بهدف الحصول على المزيد من القروض الخارجية والاستثمارات الاجنبية المباشرة. وكذلك الاطلاع على مروحة واسعة من الالتزامات والتعهدات والضمانات، التي ستعطيها الحكومة للدائنين والضامنين والمستثمرين، بهدف طمأنتهم.
تقدّم الحكومة اللبنانية اليوم، في مؤتمر باريس ــ 4، برنامجها الطويل الاجل للاستثمار في تجهيز البنية التحتية، باعتباره “السلعة” المعروضة للبيع. وستطرح عدداً هائلاً من المشاريع في المرحلتين الاولى (2018 ــ 2021) والثانية (2022 ــ 2025)، تقدّر كلفتهما الاجمالية بنحو 17.253 مليار دولار أميركي، بما فيها كلفة استملاكات الاراضي المقدّرة بنحو 1.7 مليار دولار.
ترتكز خطّة الحكومة لتمويل هاتين المرحلتين الى 3 مصادر:
ــ 40% (6.9 مليارات دولار)، عبر عقود الشراكة مع القطاع الخاصّ، وهي بمثابة دين مخفي على الدولة، أو بمثابة نقل الكلفة من موازنة الحكومة الى موازنة الأسر. ولكن، في ضوء المخاطر السياسية وغير السياسية، التي قد ينظر إليها مستثمرو القطاع الخاص، بحسب ما جاء في وثائق الحكومة الى المؤتمر، فإن الاستثمارات الخاصة المباشرة قد لا تتجاوز 5 مليارات دولار للمرحلتين الأولى والثانية، منها 3 مليارات دولار للمرحلة الاولى.
ــ 50% (8.6 مليارات دولار)، عبر القروض الخارجية من دول ومؤسسات تمويل دولية وبرامج إقراض مخصصة للاجئين السوريين. ولكن، بحسب مصادر في الوفد اللبناني، فإن جلّ ما ستحصل عليه الحكومة هو اعلانات لتجديد قروض متفق عليها سابقاً مع الاتحاد الاوروبي والبنك الدولي، ولذلك ستبذل الحكومة جهودها مع المشاركين في المؤتمر من اجل حشد تمويلات بقيمة مليار دولار، تمهيداً للانضمام الى برنامج مخصص للدول المستضيفة للاجئين، وهو برنامج شراكة بين مجموعة البنك الدولي والأمم المتحدة ومجموعة البنك الإسلامي للتنمية، يقوم على آلية محددة تسمح باقتراض 4 دولارات مقابل كل دولار يؤمنه المانحون للبرنامج، ما يعني أن الحكومة ستحصل على قروض خارجية جديدة بقيمة 4 مليارات دولار في حال نجحت في سعيها، بالاضافة الى القروض القديمة غير المقرّة والمعروضة امام الحكومة ومجلس النواب.
ــ 10% (1.7 مليار دولار)، عبر سندات دين محلية مخصصة لتسديد تعويضات استملاكات الاراضي. وستعلن الحكومة عن برنامج مع مصرف لبنان لإصدار سندات بقيمة 700 مليون دولار لهذا الغرض في العام الحالي والعام المقبل.
تتوقع الحكومة ان لا تحصل على اﻟﻘروض اﻟﺟدﯾدة قبل اﻟﻧﺻف اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن ﻋﺎم 2019. وتتوقع ايضاً أن لا ﺗﺗﺟﺎوز اﻟﻣدﻓوﻋﺎت اﻟﻔﻌﻟﯾﺔ 1.6 ﻣﻟﯾﺎر دوﻻر كمتوسط سنوي، ما يعني انها ستكون قادرة على تنفيذ مشاريع بقيمة 12.8 مليار دولار في السنوات الثماني المقبلة، 5 مليارات دولار منها عبر الاستثمارات الخاصة، و4 مليارات عبر القروض الخارجية، والباقي عبر الاستدانة المحلية والاعتمادات في الموازنة، أو عبر إلغاء المشاريع التي لا تثير اهتمام المستثمرين والدائنين.
خيار الخصخصة: التجربة خير برهان
خصصت الحكومة المشاريع المدرّة للأرباح لعرضها امام المستثمرين المحليين والاجانب، وتشمل عقود الشراكة المطروحة انتاج الكهرباء وتوزيعها، محطات تسييل الغاز وتخزينه، ادارة قطاع المياه، ادارة النفايات ومعالجتها، الاتصالات، الطرق السريعة، النقل المشترك، المرافئ والمطارات وغيرها… وهذه العقود في حال تمّ إبرامها ستمثل واحدة من أكبر عمليات نقل الثروة العامة الى الثروة الخاصة، من خلال الاستحواذ على امتيازات واحتكارات ومرافق لا بديل منها امام المقيمين في لبنان. وتتضمن خطة الحكومة أشكالاً مختلفة من هذه العقود، بعضها يتيح للمستثمرين جباية ايرادات مباشرة من المقيمين لاسترداد كلفة الاستثمار مع الارباح خلال فترة قصيرة (كما في حالة مشاريع الطرق السريعة والنقل المشترك والاتصالات مثلاً). وبعضها يتيح للمستثمرين الحصول على ايرادات مضمونة من الحكومة، تسدد سنوياً من الموازنة العامة (كما في حالة مشاريع انتاج الكهرباء وادارة قطاع المياه مثلاً)، إذ تلتزم الدولة بشراء الانتاج او الخدمات بالاسعار المتفق عليها مع المستثمر، والتي تتضمن كلفة الاستثمار والتشغيل والفوائد على ديون المشروع والربح.
باعتراف الجميع، فإن هذه الاشكال من العقود أعلى كلفة من استدانة الحكومة مباشرة لتنفيذ هذه المشاريع والاحتفاظ بها كأصول وتجهيزات عامّة، أي ملك المجتمع. كذلك فإنها ذات أثر اجتماعي سلبي أكبر بكثير من أثر زيادة الضرائب المباشرة على الارباح والريوع لتمويل المشاريع المطروحة. وبالتالي، يرى الكثير من الخبراء أن الحجّة وراء تبنّي مثل هذا الخيار ضعيفة جداً، ولا يمكن تفسير إصرار الحكومة على الخصخصة واستعدادها لتحميل المجتمع المزيد من الخسائر، الا بوصف ذلك من آليات عمل ما يسمّى “رأسمالية الكوارث” أو “عقيدة الصدمة”، التي اعتمدتها سياسات “النيوليبرالية” في تشيلي في ظل الحكم الديكتاتوري، وفي تايلاند وسيريلنكا بعد التسونامي، وفي العراق في ظل الاحتلال الاميركي، وفي الولايات المتحدة بعد إعصار كارولينا، وفي اليونان في ظل وصاية “ترويكا” الدائنين… تقوم هذه السياسات على استغلال كل أزمة أو حرب أو كارثة لطرح افكار “السوق الحرّة”، وتمكين رأس المال الخاص من الاستحواذ على رأس المال العام، وإيهام الناس المصدومين أن لا خيار آخر امامهم للخروج من صدمتهم الا التنازل امام الشركات.
الدوران في حلقة مفرغة
لا يوجد دليل واحد في جميع هذه التجارب المذكورة على ان الاوضاع صارت افضل بعد تحرير الاقتصاد والخصخصة والتقشف، بل اسفرت جميعها عن مديونيات مرتفعة وحلقات عجز مالي مقفلة ومستويات عالية جداً من التفاوت في توزيع الدخل والثروة.
لقد اختبر المقيمون في لبنان، على مدى ربع قرن تقريباً، شتى صنوف الشراكات مع القطاع الخاص، واضطروا في صيف عام 2015 للخروج الى الشوارع احتجاجاً على نتائج إحدى هذه الشراكات في ادارة النفايات (سوكلين وشقيقاتها). وكذلك خسر اصحاب الحقوق في وسط بيروت امام قوة شركة “سوليدير”، التي استحوذت على املاكهم في قلب العاصمة، واستولت على ردم البحر في الواجهة البحرية، وحصلت على حصرية ادارة وتشغيل البنية التحتية والخدمات، بما في ذلك المرفأ السياحي الغربي الذي تدفع “سوليدير” 2000 ليرة فقط لا غير بدل ايجار كل متر مربع فيه، وتجني منه ملايين الدولارات كأرباح.
واختبر المقيمون أيضاً تجربة شركات مقدمي خدمات توزيع الكهرباء وصيانتها وجباية فواتيرها، إذ استمرت الخدمات بالتراجع وارتفعت الاكلاف، في حين يمضي الكثير من العمّال (المياومين) شهوراً عدّة من دون اجورهم ويواجهون خطر فقدان وظائفهم. وهذا ما حصل ايضاً في الجامعة اللبنانية التي تتولى شركة خاصة صيانتها وتشغيل تجهيزاتها. وفي سياق الامثلة، يعدّ عقد صيانة مبنى وزارة التربية مكلفاً جداً، وكذلك استئجار مبنى الاسكوا والكثير من المباني الحكومية واسطح المنازل والبنايات (اعمدة الاتصالات). وكذلك يعرف المقيمون نتائج هذه العقود في رفع الاسعار وتضخيم الارباح، كما هي حال موقف السيارات التابع لمطار بيروت ومغارة جعيتا والاستراحات وسائر الاملاك العمومية البحرية والنهرية وغيرها…الخ.
زيادة الاستدانة الخارجية والداخلية
تسعى الحكومة للحصول على قروض من “برنامج تسهيلات التمويل المُيسّر” (GCFF)، التابع للبنك الدولي، ومن برنامج “آلية تسهيل الاستثمار في دول الجوار” (NIF) الخاص بالمفوضية الأوروبية. وقررت الحكومة، بالتشاور مع مصرف لبنان، إصدار سندات لتمويل استملاكات الأراضي وغيرها من الأموال المقابلة المطلوبة بمبلغ 700 مليون دولار أميركي.
بالاستناد الى وثائق الحكومة الى باريس ــ 4، ستقوم الحكومة بمواكبة زيادة الدين الخارجي والتحويلات الى المشاريع المخصخصة بخفض العجز المالي سنوياً بنسبة 1% من مجمل الناتج المحلي على 5 سنوات، أي بما بين 500 مليون و600 مليون دولار، وسيتم ذلك عبر زيادة الضرائب على الاستهلاك (TVA ومحروقات وغيرهما) وعبر الإلغاء التدريجي لدعم اسعار الكهرباء، وتخفيض كلفة نظام التقاعد، كذلك تتعهد الحكومة بمواصلة سياسة تجميد التوظيف في الادارات العامّة (الا بقرار يصدر عن مجلس الوزراء بغرض التحكم في عملية التوظيف واستخدامها في سياق شراء الولاءات). ولكن في مقابل هذه الاجراءات المؤلمة، ستزيد كلفة مدفوعات الفائدة في الموازنة العامّة، وتستحوذ على المزيد من الايرادات.
الحق على اللاجئين!
تضع الحكومة كل اسباب الازمة في سلّة اللاجئين السوريين، كما لو ان الاوضاع المالية قبل عام 2011 كانت جيدة، وهو ما توحي به المقارنة بين معدّلات النمو الاقتصادي قبل الصراع في سوريا وبعده. تقول وثيقة الحكومة إن معدّل النمو بلغ 8% وسطياً في السنوات الثلاث التي سبقت انفجار الوضع في سوريا وانخفض الى 1% في عامي 2016 و2017، علماً بأن معدّلات النمو خلال الاعوام 2008 و2009 و2010 هي استثنائية ومرحلية، وارتبطت بهروب الرساميل في خضم الازمة العالمية وارتفاع اسعار النفط، علماً بأن قاعدة بيانات البنك الدولي تبين أن معدّلات النمو المحققة بين عامي 1997 و2006 بلغت أقل من 2% وسطياً، وسجلت انكماشاً بنسبة ــ0.45% في عام 1999، أي إن معضلة انخفاض النمو باتت بنيوية منذ فشل رهانات ما سمّي “مشروع الاعمار” في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي.
تستند الحكومة الى تقديرات البنك الدولي حول الكلفة التراكمية على لبنان منذ بداية الصراع في سوريا، وتقول إنه كان يقدر للدخل أن يرتفع نحو 18.15 مليار دولار حتى عام 2015، في حين بلغت التحويلات الاضافية من الحكومة إلى مؤسسة كهرباء لبنان لتوفير الكهرباء للنازحين نحو مليار دولار سنوياً، وبلغت الزيادة في الدين العام اللبناني نحو 6 مليارات دولار، نتجت من تمويل العجز الإضافي المتصل بالأزمة السورية والفوائد المترتبة عليها بين نهاية عام 2011 وعام 2016!
وتنطلق الحكومة من هذه التقديرات لتشير الى ارتفاع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 150٪ بحلول نهاية عام 2017، في حين بلغت مدفوعات الفوائد على الديون نحو 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2017، واستحوذت على أكثر من نصف الإيرادات الحكومية. الا ان الحقائق الاحصائية تفيد بأن الدين العام يرتفع بمعدّلات مرتفعة منذ عام 1992، وقد بلغ نسبة 183% من مجمل الناتج المحلي في عام 2006، وبالتالي لا يوجد أي دليل على ان آلية تنامي الدين ارتبطت بأي شكل من الاشكال بأزمة اللاجئين السوريين.
ترجيح انفجار «القنبلة الموقوتة»
تكرر الحكومة في وثائقها الى مؤتمر باريس ــ 4 ما درجت عليه في المؤتمرات السابقة، إذ تقول إنه من دون “دعم المجتمع الدولي لتجنب المزيد من تصاعد مستويات ديون الأسواق وتخفيض عبء الفائدة… من المرجّح أن تنفجر القنبلة الموقوتة”. وتشرح ان “الزيادة الحادة في الاستثمار العام” ستساعد على الإسراع في تدعيم الاقتصاد المنهك وتعزيز ثقة القطاع الخاص في لبنان.
تضع الحكومة رؤيتها للاستفادة ممّا تسميه “دعم المجتمع الدولي” على 4 ركائز:
1. زيادة كبيرة لمستوى الاستثمار العام على المدى القصير، من خلال تنفيذ المشروعات التي تم تخصيص قروض أجنبية لها (…) مع زيادة دور القطاع الخاص.
2. التكيف المالي الذي سيتيح سيناريو دين مستدام.
3. ضمان تحقيق النمو الذي يقوده القطاع الخاص إلى أقصى حدّ ومستدام. وتشمل هذه الجهود إعادة هيكلة القطاع العام.
4. وضع استراتيجية لإزالة الاختناقات امام استثمارات القطاع الخاص، وتأمين استقرار الاقتصاد الكلي والمالي.
تقر الحكومة في وثائقها بأن المعضلة تكمن في انخفاض مستوى الاستثمار العام بشكل مطرد إلى 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 2001 ــ 2005 و2٪ خلال الفترة 2006 ــ 2010 وثم الى 1.4% خلال الفترة 2011 ــ 2017. وبهذا، تقرّ الحكومة بأن الفجوات الكبيرة بين الاحتياجات والعرض تعود الى حقبة ما قبل بداية الأزمة السورية. ويشمل ذلك معدل الاستثمار الخاص أيضاً، الذي انخفض من 30٪ خلال الفترة 2007 ــ 2010 إلى ما يزيد قليلاً على 20٪ خلال الفترة 2011 ــ 2015.
نتيجة ذلك، لم يعد الاقتصاد اللبناني قادراً على خلق فرص العمل، كمّاً ونوعاً، بما يغطي الطلب على الوظائف. واستناداً إلى تقديرات البنك الدولي الواردة في وثائق الحكومة، فإن كل مليار دولار من النفقات الرأسمالية يولد ما يقرب من 50.000 فرصة عمل ، بما في ذلك الوظائف المباشرة والوظائف الناشئة في صناعات سلسلة التوريد والأنشطة الاقتصادية الأخرى المستحدثة. هذه التقديرات دفعت برئيس الحكومة، سعد الحريري، الى الاعلان منذ ايام، في لقاء انتخابي، ان برنامج الحكومة الى مؤتمر باريس ــ 4 سيوفر 900 الف فرصة عمل، إذ عمد الى ضرب 17 مليار دولار (قيمة البرنامج على مدى 8 سنوات) بعدد الوظائف المقدّر، كما لو ان ذلك جائز حسابياً، ومن دون أي تمييز بين المشاريع والقطاعات وآثارها، والأهم من دون أي اشارة الى طبيعة هذه الوظائف ونوعها، إذ هي بمعظمها مؤقتة ومتدنية الاجور ولا تحتاج الى عمالة ماهرة كثيفة، وخاصة في ظل تلزيم معظم هذه المشاريع الى شركات أجنبية أو شركات تعمل من الباطن وتستغل العمالة الوافدة الرخيصة.
إعادة هيكلة القطاع العام
تلتزم الحكومة في وثائقها الى مؤتمر باريس ــ 4 بـ:
1) تجميد التوظيف العام ما لم تتم الموافقة عليه من قبل مجلس الوزراء.
2) تصميم نظام موحد لجميع المنافع الاجتماعية لموظفي القطاع العام.
3) مراجعة سياسة الحكومة بشأن الإعانات والمساهمات في الأموال العامة المتبادلة.
4) ترشيد الإنفاق على الوقود في الإدارات العامة.
5) تقييم أداء الموظفين العموميين.
الجمهورية
النقمة على باسيل تشتدّ.. وتعيين قناصل مفاتيح إنتخابية
وتناولت الجمهورية الشأن الداخلي وكتبت تقول “لم ينقطع سيلُ الكلام على استمرار مخالفة قانون الانتخاب في دوائر انتخابية كثيرة، ولا سيّما منها الدوائر التي يحاول «التيار الوطني الحر» وبعض حلفائه الجدد أن يقصي أو يلغي الآخرين، من مرشحين وبيوتات سياسية، في وقتٍ تحرّكت وزارة الداخلية طالبةً من الأجهزة الأمنية والقضائية التحرّك لمنعِ هذه المخالفات وإحالة مرتكبيها إلى القضاء، علماً أنّ البارز أمس كان ما سرى من معلومات عن رشاوى بدأت تُدفع لشراء الصوت التفضيلي، في الوقت الذي تتّجه السلطة إلى شراء ديون جديدة عبر مؤتمر «سيدر» الذي سينعقد في باريس اليوم ويُختتم بعد الظهر بخلوة بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة سعد الحريري، في حضور وزيرَي المال والخارجية الفرنسيَين، ويكون ختام المؤتمر بكلمتين لماكرون والحريري.
على مسافة شهر من موعد إجراء الانتخابات النيابية في 6 أيار المقبل، ظلّ الداخل اللبناني منشغلاً بمتابعة التحضيرات لخوض هذا الاستحقاق، وما يرافقه من عملية بيع وشراء الاصوات والذمم يمارسها البعض على «عينك يا تاجر» بحيث بلغ سعر «الصوت التفضيلي» في بعض المناطق أرقاماً خيالية، وعمد بعض المرشحين الى رفع سعر المندوبين من 200 الى 500 دولار للمندوب الدائم، و700 دولار للمندوب المتجول.
في هذا الوقت، اشتدّت حالة التململ والنقمة بين صفوف محازبي «التيار الوطني الحر» ومناصريه وارتفعت الشكوى «من المنحى الاستبدادي الذي يسلكه رئيسه الوزير جبران باسيل، في اعتبار أنّه يجوّف «التيار» من قيَمه ومبادئه ويُفرغه من مناضليه الحقيقيين الذين نهض «التيار» على اكتافهم، ويستبدلهم بجماعة «البيزنس» التي «لا يرتاح باسيل إلّا بالتعاطي معها»، على حدّ تعبيرهم.
وإذ أشارت المعلومات إلى استمرار عملية حجزِ المواقع للذين يخصّون باسيل ويعتبر انّهم يجلبون المليارات، لفتت الى انه فاحت رائحة لجوء رئيس» التيار» الى توظيف بعض اللبنانيين في شركات اجنبية لديها مشاريع في لبنان واقتطاعه حصة «حرزانة» من رواتبهم لمصلحته ويُبقي لهم على النذر اليسير. وقالت: «إنّ كلّ فرصة عمل متاحة امام باسيل يتركها لأبناء منطقة البترون خصوصا، ودائرته الانتخابية عموما خدمةً لمصلحته الانتخابية اوّلاً واخيرا».
فرنجية والتدخّلات
وفي غضون ذلك تحدّث رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية عن تدخّلات في الانتخابات، وقال: «إنّ من يتهجّم على الإقطاع ويتهم الآخرين به نراه في مشهد من الإقطاع العائلي». وأكّد «أنّ البعض يخوض معركة مبدأ والبعض يخوضها معركة مصلحة». وشدّد على أن «لا أحد يمكنه إلغاء الآخر، وكل المحاولات التي جرت فشلت».
وأكّد فرنجية خلال لقاء مع إعلاميين «أنّ هناك مساحة مشتركة في السياسة مع «التيار الوطني الحر»، ولكن المشكلة هي ان ليس لديه ايّ مساحة مشتركة مع كافة الافرقاء المسيحيين على اختلافهم، من «مردة» و«قوات» و«كتائب» ومستقلين، وهو بذلك يريد احتكار المسيحيين». وقال: «اليوم هناك لوائح العهد وليس لوائح «التيار»، ومن كانوا يتّهمونهم بالسرقة والإلغاء والاقطاع باتوا الى جانبهم، بل يتقدمون المشهد».
واعتبَر «أنّ مشكلة «التيار» من خلال قرارات قيادته أنّه يريد من «حزب الله» التطلع اليه وحده وإلغاء بقية الحلفاء على رغم وجودهم على الارض، فالتيار لا يريد حلفاء بل اتباعاً، فلا في ايام السوريين ولا قبلهم ولا بعدهم حصلت مثل هذه التدخلات، وفي تاريخ الانتخابات لم يقم احد بجولة انتخابية على حساب الدولة»، مشيراً إلى أنه «تمّ تعيين 50 قنصلاً فخرياً قبل الانتخابات، وهؤلاء هم 50 مفتاحاً انتخابياً» .
وأكد فرنجية «أنّ أيّ حرب إلغاء هي حرب غباء، لأنّ الحقد هو الذي يتحكّم، ومن يحاول إلغاء الآخر يحصل على نتيجة عكسية، لأنّ المستهدف يتحول ضحية ويتعاطف الناس معه». وأضاف: «التوقع كان ان يحدث تغيير جذري مع فخامة الرئيس عون في سياسة الدولة، إلّا أننا لم نشهد ذلك».
إشكال
وفي مؤشّر على ارتفاع حدّة التنافس الانتخابي وقع إشكال أمس في بلدة بوداي البقاعية بين أنصار المرشح النائب السابق يحي شمص الذي يخوض الانتخابات الى جانب تحالف «القوات» وتيار «المستقبل»، وأنصار لائحة الثنائي الشيعي (الأمل والوفاء)، تطوّر إلى تبادل رشقات من أسلحة رشاشة، وإطلاق بعض القذائف، من دون وقوع إصابات، ممّا استدعى تدخّلَ الجيش اللبناني الذي عملَ على تهدئة الوضع.
الخطة الأمنية
وقبل شهر على موعد فتحِ صناديق الاقتراع ترَأس وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أوّل اجتماع لمجلس الأمن الداخلي المركزي خُصّص للبحث في الخطة الأمنية التي ستواكب الانتخابات، وأطلع المجتمعين على هدف الاجتماع وهو إمرار العملية الانتخابية في افضل ظروف أمنية وإدارية وأوعَز الى قادة الأجهزة بتشديد الإجراءات الأمنية قبَيل حصول العملية الانتخابية وفي أثنائها، خصوصاً في مكافحة الرشاوى الانتخابية وإحالة الموقوفين بهذا الجرم أمام القضاء. وطلب التشدّد قضائياً مع الموقوفين بهذا الجرم بعد إلغاء كل تراخيص نقلِ الأسلحة وحملها.
وعلمت «الجمهورية» أنه تقرّر أن يتولى نحو 20 ألف عسكري من قوى الأمن الداخلي وأمن الدولة والأمن العام حماية 7000 مركز اقتراع تجمع 1800 قلم اقتراع، مِن الداخل وأبوابها وباحاتها، على أن تتولّى وحدات الجيش مؤازرة هذه القوى في محيط المراكز وعلى الطرق العامة، وأن تكون وحدات الدفاع المدني والصليب الأحمر في جهوزية تامة على كلّ الأراضي اللبنانية.
وتمّ ترميز مراكز الاقتراع وتصنيفها بنوعين، منها ما هو «أحمر» وهو ما يَستدعي اتّخاذ تدابير أمنية استثنائية فيها نظراً الى حساسية موقعها الجغرافي والانتخابي، وأُخرى عادية لا تستدعي أيّ تدبير استثنائي.
وأبلغَ المشنوق الى المجتمعين التدابيرَ التي ستتولّاها الشركة الدولية التي تعهّدت توفير مكننةِ عملية الفرز في لجان القيد بعد إجراء اوّل عملية عدّ للأصوات في اقلام الاقتراع عبر شاشات التلفزة، ليتسنّى لمندوبي المرشحين مراقبة العملية بدقّة.
ريفي
مِن جهة ثانية، قالت مصادر اللواء أشرف ريفي لـ«الجمهورية»: «إنّ الإعلامي حسين مرتضى هدّد ريفي بالقتل، وحتى اللحظة لم يتحرّك القضاء لمساءلته حول التهديدات المصوّرة التي وجّهها، ويفترض بالنيابة العامة أن تتحرك تلقائياً في هذه القضية». وسألت المصادر: «أين هو وزير العدل؟ وأين هو القضاء؟ ولماذا لم يتحرّك بعد»؟
«سيدر» وتراجُع الطموحات
وفي هذه الأجواء، ينطلق اليوم مؤتمر «سيدر» في باريس بدعوة من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والذي من المتوقع ان يقدّم للبنان قروضاً لتمويل مشاريع في البنى التحتية.
وقد وصَل رئيس الحكومة سعد الحريري ليل أمس الأول الى العاصمة الفرنسية مترئساً وفد لبنان الى هذا المؤتمر الذي يتوقع ان يشارك فيه نحو 50 دولة ومؤسسة مالية عالمية.
وفي معلومات لـ«الجمهورية» مِن مصادر فرنسية أنّ برنامج المؤتمر هو الآتي: يُفتتح في التاسعة صباح اليوم بتوقبت باريس بكلمة لوزير الخارجية الفرنسي جان-ايف لودريان، تليها كلمة الحريري. وعند الأولى والربع بعد الظهر كلمة لوزير المال والاقتصاد الفرنسي برونو لومير. ثمّ يُعقد عند الثالثة و25 دقيقة عصراً لقاءٌ يَجمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والحريري، في حضور الوزيرين لودريان ولومير، على أن يلقي الحريري كلمته في المؤتمر عند الرابعة، تليها كلمة ماكرون ختاماً.
وفي معلومات أُخرى لـ«الجمهورية» أنّ طموحات الوفد اللبناني «تراجعت قليلاً، وأصبحت اكثر عقلانية، وساد اقتناع بأنّ لبنان لن يحصل على المبلغ الذي كان يأمل تحصيله. وهذا الوضع الذي قد يُزعج السلطة يُريح اللبنانيين القلِقين من تكبير حجم الدين العام وتنفيذ مشاريع قد يتبيّن لاحقاً أنها غير مجدية، على عكس ما صوّرتها الحكومة. كذلك، ساد ارتياح شعبي بعد تأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري انّ كلّ قرضٍ يحصل عليه لبنان يجب ان يمرّ في المجلس النيابي للموافقة عليه، بما يعني وجود رقابة نيابية من شأنها كبحُ جماح الشطحات، والمغامرات بالاموال العامة.
جابر
وقال النائب ياسين جابر لـ«الجمهورية»: «قد يكون مؤتمر «سيدر» فرصةً إذا عرفنا كيف نغتنمها، وكيف نرضخ للإصلاح الحقيقي، وعدم إضاعتِها مثلما أضَعنا «باريس 1 و2 و3».
وإذ أشار جابر إلى أنّ مبالغ قروض البنك الدولي والاتحاد الأوروبي «أصبحت معروفة»، اعتبر «أنّ القطبة المخفية تبقى في موقف دولِ الخليج المشاركة في المؤتمر، علماً أنّ همساً يدور حول مفاجأة سعودية وإماراتية وكويتية». ولفتَ الى «أنّ بين يدي لبنان قوانين قروض أقرّها مجلس النواب بقيمة نحو 3 مليارات من الدولارات لا نقدِر على تنفيذها بسبب كلفة الاستملاكات. فإذا وصَل مبلغ نقدي خليجي تبدأ العجَلة في الدوران».
ولفتَ الى «أنّ مؤتمر «سيدر» ركّز على البنى التحتية، وكنتُ أتمنّى لو أخذت الحكومة بالاقتراح الذي تقدّمتُ به والقاضي بالمطالبة بإنشاء صندوق خاص لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة وتوفير قروض إسكان لذوي الدخل المحدود والمتوسط وبفوائد مخفوضة، على ان يتمّ التعاون مع القطاع المصرفي. فلو أدرجت ما اقترحته في خطتها المقدّمة الى المؤتمر لانعكسَ ذلك مباشرةً على الاقتصاد أكثر من الاتكال على مشاريع البنى التحتية فقط».
الفصح الشرقي
وتخرق عطلة عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي، الصخبَ السياسي في البلاد. وقد احتشَد المؤمنون في المناطق كافة للمشاركة في يوم الخميس العظيم بخدمة أناجيل الآلام المقدّسة. وترَأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة الصلوات في كاتدرائية القديس جاورجيوس في ساحة النجمة. على ان يقيم اليوم خدمة جناز المسيح في الكاتدرئية، فيجتمع المؤمنون وراء نعشِ المصلوب.
كذلك يترَأس قداس «سبت النور» صباح غدٍ السبت في كنيسة القديس جاورجيوس ــ الرميل. ويستقبل شعلة النور المقدّس بعد ان تصل إلى مطار بيروت الدولي عند الثامنة مساءً وتنتقل الى الكاتدرائية. ويحتفل عودة صباح الأحد بقدّاس الفصح في الكاتدرائية بعد خدمة «الهجمة»، وبيوم «إثنين الباعوث» في كنيسة القديس نيقولاوس في الأشرفية.
اللواء
سيدر: احتضان أوروبي – سعودي للبنان وتبني المطالب برزنامة زمنية
«قلاقل أمنية» ترافق معركة بعلبك – الهرمل.. وتفاهم حكومي على تمرير «البواخر» قبل 6 أيار
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “ينطلق مؤتمر «سيدر» حول دعم اقتصاد لبنان ومشاريعه الإنمائية، التي من شأنها ان توفّر فرص عمل للشباب اللبناني، مع بدء العد التنازلي لتوجه اللبنانيين، في بلاد الاغتراب (40 دولة) ولبنان إلى صناديق الاقتراع للاقتراع من أجل مجلس نيابي جديد، على وقع التزامات لبنانية، بعضها إصلاحي، مالي، إداري، وبعضها يتعلق بالاستراتيجية الدفاعية، واحترام القرارات الدولية.
وعشية المؤتمر، أكّد الرئيس ميشال عون للمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان برنيل دالر كارديل: «حرص لبنان على تعزيز الأمن والاستقرار على الحدود الجنوبية، لأنه بلد يؤمن بالسلام وينبذ الحروب، الا انه لا يُمكن ان يقبل بالتهديدات التي يطلقها المسؤولون الاسرائيليون من حين لآخر لانها عمل حربي».
وأفاد مصدر مرافق للتحضيرات الباريسية لإنطلاق المؤتمر «اللواء» بأن التحضيرات جيدة، واسفرت عن تفاهم الدول الاوروبية والعربية المشاركة على تبني معظم المطالب اللبنانية التي ستطرح على الدول الـ50 المشاركة في المؤتمر.
وكشف المصدر انه من الصعب الحديث قبل التئام المؤتمر عن حجم المساعدات، الا انه استدرك أنها ستقدم على مراحل ثلاث، وان دول الخليج، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية مستعدة لجهة المساهمة بتمويل المشاريع اللبنانية.
مؤتمر «سيدر»
في هذا الوقت، باتت كل الأنظار مشدودة إلى النتائج التي يُمكن ان يتمخض عنها مؤتمر «سيدر» الذي يبدأ أعماله اليوم في باريس، والتي وصلها ليل أمس الأوّل الرئيس سعد الحريري على رأس وفد ضم 5 وزراء، مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي شارل عربيد ومستشارين، فيما الحماوة الانتخابية بلغت اوجها، ولا سيما في بوداي قرب بعلبك، حيث تحدثت معلومات عن اشكال مسلح بين أنصار النائب السابق المرشح يحيى شمص، وانصار لائحة «الامل والوفاء» المدعومة من حزب الله وحركة «امل» تطوّر إلى تبادل رشقات من أسلحة رشاشة وإطلاق بعض القذائف، دون وقوع اصابات، مما استدعى تدخل الجيش الذي عمل على تهدئة الأمور، لكن مصادر مختار البلدة نفى وقوع هذا الاشكال، وقالت انه أثناء مغادرة وزير الصناعة حسين الحاج حسن، والمرشح على لائحة الحزب والحركة، البلدة، بعد لقاء مع الأهالي، تعرض موكبه لاطلاق نار في الهواء من بعض المواطنين على خلفية الانتخابات النيابية، الا ان المكتب الإعلامي للحاج حسن نفى تعرض موكبه لاطلاق نار.
وحرصت مصادر الوفد اللبناني إلى مؤتمر باريس على ان تكون حذرة بالنسبة إلى التوقعات التي يُمكن ان يحصل عليها لبنان من المؤتمر سواء على صعيد المساعدات المالية أو القروض الميسرة، لكنها شددت على ان الأجواء إيجابية، خصوصا وان العاصمة الفرنسية بذلت جهودا كبيرة لأن تكون نتائج «سيدر» أفضل من نتائج مؤتمر روما-2، وتحدثت هذه المصادر عن احتمال حصول مفاجأة من المملكة العربية السعودية بالنسبة إلى لبنان، خصوصا وان انعقاد المؤتمر يتزامن مع زيارة رسمية لولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان للعاصمة الفرنسية.
وقالت مصادر «المستقبل» ان المساعدات الخليجية ستكون مهمة، الا انها رفضت الحديث عن أرقام والتي يرجح ان تتراوح بين 4 و6 مليارات دولار أكثرها من بلدان الخليج، بحسب مصادر أخرى قالت انه سيتم متابعة تنفيذ الإصلاحات من قبل الدول المشاركة والمنظمات الدولية، وانه على هذا الأساس سيتم إعطاء القروض بفوائد ميسرة.
وبحسب المعلومات، فإن المؤتمر سيعقد ثلاث جلسات عمل، الأولى صباحية، وستكون بمثابة افتتاح للمؤتمر برئاسة وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لو دريان، وسيتحدث فيهاالرئيس الحريري الذي سيطالب الشركات بالاستثمار في لبنان، وسيعدد المشاكل التي يُعاني منها، وأولها النزوح السوري، بعد أن يطرح رؤيته الاقتصادية والبرنامج الاستثماري الذي اعدته الحكومة، إضافة إلى خطة لبنان للمحافظة على الأمن والاستقرار.
اما الجلسة الثانية، فستعقد بعد الغداء، برئاسة وزير الاقتصاد الفرنسي، على أن تكون الجلسة الثالثة ختامية، وستلتئم في الخامسة عصراً بتوقيت بيروت (الرابعة بتوقيت باريس)، وستكون فيها كلمة ثانية للرئيس الحريري، وكلمة للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وصفت بأنها ستكون مهمة.
ونفت مصادر الوفد اللبناني أن يكون المؤتمر سينعقد على مدى يومين، وقالت انه سيختتم مساء اليوم، اما مؤتمر السبت فسيخصص للمغتربين، وقد يُشارك فيه الرئيس الحريري، إلى جانب وزير الخارجية جبران باسيل الذي يرافقه مع الوزراء الآخرين.
واللافت أن المؤتمر الذي تأمل منه الحكومة اللبنانية أن يكون بمثابة رافعة لتمكينها من النهوض بالبلد اقتصادياً، تعرض لاطلاق نار سياسي من داخل الحكومة نفسها، حيث أكّد الوزير القواتي غسان حاصباني بأن ما نريده من المؤتمر ان يكون اصلاحياً قبل أن يكون مؤتمراً استثمارياً، فيما اعرب وزير «حزب الله» في الحكومة محمّد فنيش عن خشيته من زيادة الأعباء بعد مؤتمر «سيدر» وتوريث المزيد من الأعباء للأجيال المقبلة، تبعاً لما كان أعلنه الامين العام للحزب السيّد حسن نصر الله من ان المؤتمر قد يضاعف حجم الدين العام الذي يناهز الثمانين مليار دولار.
تجدر الإشارة إلى أن السيّد نصر الله ستكون له إطلالة عصر الأحد من مدينة النبطية، للحديث عن الشأن الانتخابي في هذه الدائرة إلى جانب التطورات التي تشهدها الدوائر الأخرى، ولا سيما في بعلبك – الهرمل، في ضوء ما شهدته امس من اشكالات ارتدت طابعاً مسلحاً.
وفي هذا السياق، نفى المرشح يحيى شمص ما اشيع عن تعد حصل من قبل مناصريه على أحد، لافتاً إلى انه تمّ التعدّي على مناصرين له، على خلفية التحضير للقاء انتخابي في بلدة بوداي من قبل أطراف لم يسمها، لكنه قال انها ترفض التنوع والرأي الآخر وتقف سداً بوجه انماء المنطقة ورفع الحرمان عن أهلها.
واستنكر شمص ما حصل بين أبناء الدم الواحد والعائلة الواحدة جملة وتفصيلا، آملاً من أهله أن يبقوا موحدين، وألا يتكرر ما حصل أمس تحت أي ظرف، مشدداً على ان الانتخابات هي معركة ديمقراطية للتمثيل الصحيح، وانه يحق لكل فرد ان يناصر من يشاء ويختار من يشاء ليحقق له ما يراه بحرية تامة، بعيداً عن أي تهويل أو ضغوط أو انتقال للمشاكل والشغب.
مجلس الوزراء
إلى ذلك، أوضحت مصادر وزارية لـ«اللواء» أن جلسة عادية لمجلس الوزراء متوقعة أن تعقد الأسبوع المقبل، ولكن أياً من الوزراء لم يتبلغ بموعد، وما إذا كان ملف الكهرباء سيكون حاضراً فيها.
وقالت أن هناك انشغالاً رسمياً بالمؤتمرات الخاصة بلبنان فبعد مؤتمر سيدر هناك مؤتمر بروكسل الخاص بالنازحين، ومن المفترض أن تقدّم ورقة لبنانية إليه شاملة ومتضمنة لرؤية لبنان وتداعيات النزوح الاقتصادية والاجتماعية على الوضع اللبناني بفعل الأعباء المترتبة عن النزوح والتي يتحملها لبنان.
وكشف مصادر دبلوماسية لـ«اللواء» انه لم يتم حتى الآن طرح أو رفع أي اسم ليخلف سفير لبنان لدى الفاتيكان انطونيو العنداري الذي يحال إلى التقاعد مع التقدير للاسماء التي طرحت في الإعلام مؤخراً.
واكتفى وزير الإعلام ملحم الرياشي بالعودة إلى البيان الذي صدر عن قصر بعبدا وذلك في ردّ على سؤال لـ«اللواء» حول لقائه الرئيس عون أمس والذي تحدث عن شكر رئيس «القوات» سمير جعجع على مواقفه من ادراج بند مشروع الصرف الصحي لوادي قاديشا خلال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة.
وكان الرئيس عون أبلغ المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان برنيل دالر كارديل ان «لبنان حريص على تعزيز الامن والاستقرار على الحدود الجنوبية، لأنه بلد يؤمن بالسلام وينبذ الحروب. إلا انه لا يمكن القبول بالتهديدات التي يطلقها المسؤولون الاسرائيليون من حين لآخر لانها هي ايضا عمل حربي».
وشكر الرئيس عون كارديل على الجهود التي بذلتها والامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش خلال مؤتمر «روما 2»، مؤكدا «حرص لبنان على استمرار هذا التعاون، لا سيما خلال مؤتمر «بروكسل» الذي سيتطرق الى قضية النازحين السوريين.
وكانت كارديل اطلعت الرئيس عون على «مداولات مؤتمر «روما 2» والتحضيرات التي تجريها الامم المتحدة لمؤتمر «سيدر» في باريس غدا» (اليوم)، ووضعته في صورة «اللقاءات التي عقدتها في الامم المتحدة لاطلاع أمينها العام وكبار معاونيه على تطور الاوضاع في لبنان».
واعتبرت أن «المواقف التي صدرت عن الرئيس عون قبيل انعقاد مؤتمر «روما 2»، لا سيما في ما خص مسألة الاستراتيجية الوطنية الدفاعية، ساهمت في انجاح المؤتمر، اضافة الى اوراق العمل اللبنانية الجيدة والواضحة التي قدمت الى المؤتمرين».
اقتراع المغتربين
وبينما صدر في ملحق للجريدة الرسمية أمس، مرسوم تحديد مراكز أقلام اقتراع المغتربين في 40 دولة، الذي اعدته وزارتا الخارجية والداخلية، ووافق على مضمونه مجلس الوزراء أمس الأوّل، بقي موضوع اقتراع المغتربين الذين سيجري يومي 27 و28 نيسان الحالي، محور تجاذب سياسي، كاد ان يفجر الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، ولا سيما في ما يتعلق «بداتا» المعلومات عن هؤلاء أسماء وعناوين، وكان جديده أمس تأكيد مصدر في تيّار «المردة» ان «الداتا» الكاملة باتت في حوزة «التيار الوطني الحر»، فيما كشف النائب سليمان فرنجية، من تعيين 50 قنصلا فخريا قبل الانتخابات، وان هؤلاء يعتبرون بمثابة مفاتيح انتخابية. واتهم التيار العوني بالسعي بالاحتكار المسيحيين. وقال ان «مشكلة التيار انه يريد من حزب الله التطلع إليه وحده وإلغاء بقية الحلفاء، رغم وجودهم على الأرض، وهم لا يريدون حلفاء بل اتباع، معتبرا ان أي حرب إلغاء هي حرب غباء.
انتخابيا ايضا، يكاد يكتمل اعلان اللوائح الانتخابية في بيروت وباقي المناطق، واخرها في بيروت الاولى لائحة «نحنا بيروت» التي تضم: النائب سيرج طور سركيسيان وسيبوه مخاجيان وميشال جبران تويني ورفيق بازرجي وجورج صفير.
كما أطلقت لائحة «الوفاء لبيروت» في دائرة بيروت الأولى برنامجها الانتخابي في الاشرفية، وهي تضم روبير عبدو الأبيض رئيسا عن مقعد الروم الارثوذكس، جينا جميل الشماس عن مقعد الاقليات، روجه امال الشويري عن المقعد الماروني وانطوان جوزف قلايجيان عن مقعد الارمن الكاثوليك.
واعلنت لائحة «البيارتة المستقلين» في دائرة بيروت الثانية، برئاسة وليد شاتيلا، برنامجها الانتخابي في احتفال اقيم في فندق الكومودور – الحمراء، وضمت اللائحة: ليون سورين سيوفي (المقعد الأرثودكسي)، فادي بهنان زرازير (المقعد الإنجيلي)، جهاد حمود (المقعد الشيعي)، وسام سعيد عكوش (المقعد الشيعي)، وليد شفيق شاتيلا (المقعد السني)، عبد الرحمن خضر الغلاييني (المقعد السني)، انديرا سمير الزهيري (المقعد الدرزي)، عبد الكريم حسين عيتاني (المقعد السني)، خالد ابراهيم حنقير (المقعد السني) وخالد سعيد ممتاز (المقعد السني).
وأُعلنت في النبطية لائحة «صوت واحد للتغيير» وذلك في احتفال حاشد أقيم في صالة لافيتا بالاس في النبطية الفوقا ، وضمت اللائحة المرشحين: الدكتور علي حاج علي ( مقعد النبطية) ، الدكتور هلا فيليب ابو كسم، الدكتور سعيد عيسى، والمهندس غسان حديفة ( مرجعيون- حاصبيا)، والدكتور احمد مراد، المحامي عباس سرور، وحسين بيضون ( بنت جبيل).
وأعلنت مجموة «كلنا وطني» لائحتها في دائرة بعبدا، وضمت: واصف الحركة، م اري كلود حلو، علي درويش، زياد عقل، رانيا المصري،جوزيع وانيس.
وانصرفت الماكينات الانتخابية الى توزيع الاصوات التفضيلية على المرشحين على اللوائح في المناطق ضمن كل دائرة،وهي عملية شائكة ودقيقة،وجرت بين القوى السياسية المتحالفة اتصالات ولقاءات للاتفاق على كيفية توزيع الاصوات التفضيلية وللاتفاق على المرشح الذي سيعطي هذا الحزب اوذاك اصواته له خاصة اذا لم يكن لديه مرشحين في الدائرة.
البناء
موسكو تُربك لندن وواشنطن وباريس في مجلس الأمن… ودمشق ترفض تشريع السلاح في دوما
باريس: 5 مليارات ديون وودائع مقابل 15 ضريبة قيمة مضافة وفتح ملف سلاح المقاومة
محاولات تحرّش بحزب الله في بعلبك… وعون للأمم المتحدة: التهديدات «الإسرائيلية» مرفوضة
صحيفة البناء كتبت تقول “نجحت موسكو في نقل المعركة إلى صفوف خصومها في قضية تسميم الجاسوس سيرغي سكريبال في بريطانيا، بدعوتها المركّزة والمفتوحة بلا شروط للجنة تحقيق أممية تشارك فيها الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، مذكّرة بأنّ التملص الغربي من دعوات التحقيق الشفاف والمحايد تعيد إلى الذاكرة ما جرى في سورية، وكيف كانت الجهات التي تصدر الاتهامات تتهرّب من كلّ دعوة مماثلة لتحقيق تشاركي يكشف الحقائق ويبتعد عن التسييس.
في المقابل، تعرّضت مفاوضات الوفد الروسي مع مسلحي جيش الإسلام لتسوية مدينة دوما آخر ما بقي من مناطق غوطة دمشق تحت سيطرة المسلحين لانتكاسة، مع محاولة إدخال شروط للتفاوض تشرّع بقاء بعض السلاح الميليشياوي في دوما، تحت مسمّى مجلس محلي، ما يعيد للذاكرة مشروع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا لتسوية وضع الأحياء الشرقية في حلب قبل دخول الجيش السوري إليها في عملية قيصرية أنهت الوجود المسلح وفرضت الانسحاب بلا شروط. وهو ما عاد للواجهة مع الشروط الجديدة التي أبلغت دمشق للوفد الروسي ولقيادات أهلية من دوما تتولى التفاوض. وفيما وصفت مصادر معنية بالتفاوض الطلبات الجديدة بإبقاء الجرح مفتوحاً وقابلاً للانفجار، مشيرة إلى أنّ بناء نواة للتقسيم خط أحمر بالنسبة للدولة السورية كبرت مساحة المنطقة المعنية أم صغرت، وأنّ هذه النواة مشروع مواجهة عسكرية لاحقة، وما دام الأمر كذلك فلتكن المواجهة الآن.
لبنانياً، حيث الانتخابات النيابية هي الحدث الأول والتهديدات الإسرائيلية هي القلق الدائم، شهدت منطقة بعلبك الهرمل حادثاً أمنياً لافتاً، بين موكب للمرشح يحيى شمص وموكب للائحة الأمل والوفاء، ما فتح باب التساؤل عن وجود خطة للتحرّش بحزب الله، لتظهير السلاح مفردة انتخابية يسهل اتهام حزب الله عبرها بالترهيب والضغط على الناخبين وإظهاره قلقاً من المسار الانتخابي، والتمهيد لربط فوزه اللاحق بحضور السلاح. بينما على مستوى التهديدات الإسرائيلية، تقاطعت مواقف واتصالات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع مواقف واتصالات رئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث أبلغ رئيس الجمهورية لممثلة الأمم المتحدة رفض لبنان التهديدات الإسرائيلية واعتبارها إعلان حرب، وتحضيره لشكوى سيتقدّم بها إلى مجلس الأمن الدولي.
لبنانياً، أيضاً تتركز الأنظار على باريس، حيث ينعقد اليوم مؤتمر سيدر المخصص لدعم الاقتصاد اللبناني، والمخصص لمناقشة مشاريع يعود أغلبها للبنى التحتية، يحملها الوفد الحكومي اللبناني الذي يترأسه رئيس الحكومة سعد الحريري، طلباً لتمويلها من الدول المشاركة بصفة أصدقاء لبنان، تحت مسمّى المانحين، وبعدما كان الحديث عن تخطّي سقف الخمسة عشر مليار دولار، قالت مصادر مطلعة لـ «البناء» إنّ الرقم الذي يبدو أنّ المؤتمر سينتهي إليه هو وعود بخمسة مليارات دولار مشروطة بالتزام الحكومة اللبنانية بشرطين، واحد سياسي، تحت مسمّى فرض سيادة الدولة الكاملة على كامل أراضيها وتأمين حصرية سيطرتها على السلاح وتطبيق القرارات الدولية، خصوصاً القرار 1559، ما يعني وضع سلاح المقاومة على طاولة البحث، كعامل ضغط على الحكومة الجديدة التي ستولد بعد الانتخابات، وإلزامها سلفاً بسقوف سياسية مسبقة، وبالتوازي ربط التمويل بالقروض والودائع المصرفية التي يرجّح أن تبادر إليها دول الخليج، والتمويل بقروض وودائع يعني إبقاء سيف السداد والاسترداد متاحاً كقوة ضغط على الاقتصاد والمالية العامة، بينما يفسّر الشرط الثاني التوجهات الاقتصادية والاجتماعية التي يُراد تقييد الحكومة الجديدة، بربط المساهمات التي يقرّها المشاركون بالأخذ بشروط البنك الدولي، المعروفة لبنانياً بوصفة السنيورة، نسبة للرئيس فؤاد السنيورة، وفي طليعتها رفع الضريبة على القيمة المضافة إلى 15 . وهو ما يعني دفع الطبقات الفقيرة والمتوسطة للمزيد من الإنهاك الاقتصادي والاجتماعي.
«باريس 4»: السياسة المالية «الحريرية» باقية وتتمدّد
في وقتٍ يسير القطار الانتخابي بسرعة قياسية نحو المحطة الفاصلة في 6 أيار المقبل، كانت الأنظار منصبّة الى العاصمة الفرنسية، حيث يفتتح مؤتمر باريس 4 أعماله اليوم بكلمة لرئيس الحكومة سعد الحريري بمشاركة نحو 50 دولة ومؤسسة مالية عالمية، ويشرح الحريري والوفد الوزاري المرافق على مدى يومين للجهات المانحة ورقة المشاريع التي أعدّتها الحكومة اللبنانية وتتضمّن بحسب المعلومات 250 مشروعاً، لكن دائرة التساؤلات والشبهات تتوسّع لجهة تزامن موعد المؤتمر مع الانتخابات النيابية والجدوى الاقتصادية المتوقعة والشروط المالية والسياسية التي تفضحها بعض التصريحات المحلية والخارجية. أما السؤال الأبرز الذي يدور في الأوساط المالية والاقتصادية فهو الفرق بين باريس 4 وباريس 1 و2 و3؟ ولماذا تغيير الاسم الى «سادر»؟ وهل ما عجزت عن تحقيقه مؤتمرات باريس الثلاثة سيتحقق في باريس 4؟ وهل سيحول الاقتصاد اللبناني من ريعي إلى إنتاجي؟ هل يخفي مشاريع سياسية تفرض على الدولة اللبنانية ما بعد الانتخابات إن على المجلس الجديد أو الحكومة المقبلة وعلى العهد الحالي والعهود المقبلة أيضاً؟
مرجع وزاري ومالي سابق أشار لـ «البناء» في معرض قراءته لمؤتمر باريس 4، الى أن «المؤتمر هو استمرار لمؤتمرات باريس 1 و2 و3 التي كرّست التبعية الاقتصادية والسياسية للخارج والاعتماد عليه للتنمية الداخلية. وهذا مسلك خطير. فالتنمية الشاملة يجب أن تراعي حاجات الطبقتين الفقيرة والمتوسطة وليس أصحاب رؤوس الأموال المساهمين في وصول البلاد إلى الأزمة الاقتصادية».
وحول كلام رئيس الحكومة بأن هذه المؤتمرات الدولية تشكل فرصة ثمينة للبنان لإنقاذ اقتصاده من الانهيار، تساءل المرجع: هل أنقذ باريس 1 و2 و3 لبنان من أزمته الاقتصادية والمالية؟ وهل خفف المديونية أم أدّى الى ارتفاع إضافي في معدلاتها الى 80 ملياراً فضلاً عن الحجم المرتفع لخدمة الدين؟ وهل حققت التنمية الشاملة في المناطق الأكثر فقراً في الشمال والبقاع؟
وشكّك المرجع بتحقيق ارتفاع في النمو بالاعتماد على الدعم الخارجي، لافتاً الى أن «البلد يحتاج الى خطة إنقاذية أو على الأقل وضع قانون ضريبي فعّال وتفعيل أجهزة الرقابة لمكافحة الهدر والفساد، ما يمكننا من تخفيض معدلات المديونية والعجز في الموازنة»، ورأى المرجع أن «المؤتمر ينعقد تحت دواعٍ اقتصادية، لكنه يتخذ أبعاداً سياسية وتعويم عدد من رجال السياسة ورؤوس الأموال». وأوضح أن «السياسة الاقتصادية والمالية «الحريرية» لا زالت هي الحاكمة والمؤتمرات الحالية استمرار لهذه السياسة التي أدّت الى الأزمات في لبنان في ظل صمت القوى السياسية الأخرى». ويؤكد المرجع أن «الخطر من انهيار مالي واقتصادي قائم منذ العام 1990 وصحيح أن السياسة النقدية حالت دون الانهيار وثبتت سعر صرف العملة الوطنية، لكنها لم تتمكن من تأمين ظروف اقتصادية مريحة للشعب اللبناني، بل حققت فئة المتموّلين اللبنانيين والخليجيين أرباحاً طائلة من خلال الفوائد الخيالية على سندات الخزينة والفارق بين نسب الفائدة بين الليرة والدولار».
ووجد المصدر باستخراج النفط والغاز من البلوكات اللبنانية في غضون ثلاث أو أربع سنوات بصيص الأمل لوحيد للإنقاذ، «لأن بذلك يحقق لبنان قفزة نوعية من دون منّة من أحد ما ينشط الدورة الاقتصادية عبر إقامة مشاريع استثمارية دون حاجة لدعم خارجي».
وترصد المصادر الحركة والاندفاعة السعودية للمشاركة في مؤتمر الدعم الاقتصادي للبنان، إن كان سيفتح باب نفوذ جديد في لبنان؟ وهل ستبادر المملكة الى إيداع وديعة مالية ضخمة في البنك المركزي لتصبح لاعباً مؤثراً في اللعبة المالية والسياسية كما حصل إبان حكم الرئيس رفيق الحريري، ما يؤشر الى أن السياسة الحريرية المالية باقية وتتمدّد.
كما يعتبر المرجع المذكور أن «باريس 4» لن يحقق جدوى اقتصادية فحسب، بل سيخلّف مخاطر اقتصادية خطيرة على لبنان، وأبدى استغرابه حيال الأرقام التي تطرح عن جدوى المؤتمر لا سيما توفير 900 الف فرصة عمل، كما قال رئيس الحكومة، مشيراً الى أن هذا الكلام يعبّر عن جهل بأبسط القواعد الاقتصادية. فهذا الرقم يشكل 25 في المئة من عدد سكان لبنان، إلا إذا كان الحريري يقصد بكلامه النازحين السوريين؟».
غير أن اللافت هو «الحركة الدبلوماسية الدولية في لبنان المواكبة لانطلاقة المؤتمر في باريس، وتذكير المسؤولين اللبنانيين بالاستراتيجية الدفاعية كمعبرِ للحصول على المال ضمن سلة شروط سياسية وأمنية ومالية لم تظهر الى العلن حتى الآن».
وحضرت المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان برنيل دالر كارديل، الى بعبدا أمس، للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، واعتبرت كارديل أن «المواقف التي صدرت عن الرئيس عون قبيل انعقاد مؤتمر «روما 2» لا سيما في ما خصّ مسألة الاستراتيجية الوطنية الدفاعية ساهمت في إنجاح المؤتمر، إضافة الى اوراق العمل اللبنانية الجيدة والواضحة التي قُدمت الى المؤتمرين». وأكدت كارديل «استمرار دعم الامم المتحدة للبنان في كل المجالات والعمل مع الحكومة اللبنانية لتحقيق الاهداف التي تسعى اليها».
بدوره، أكد عون حرص لبنان على استمرار هذا التعاون لا سيما خلال مؤتمر «بروكسل» الذي سيتطرق الى قضية النازحين السوريين الذين يدعو لبنان الى تأمين عودة تدريجية لهم الى المناطق الآمنة في سورية، لا سيما أن تداعيات هذا النزوح على الاقتصاد اللبناني بلغت حدًا كبيرًا لم يعُد في قدرة لبنان تحمّله. وأبلغ عون ضيفته أن لبنان «حريص على تعزيز الأمن والاستقرار على الحدود الجنوبية، لأنه بلد يؤمن بالسلام وينبذ الحروب، إلا انه لا يمكن القبول بالتهديدات التي يطلقها المسؤولون الإسرائيليون من حين إلى آخر، لأنها هي ايضاً عمل حربي».
وكان الحريري غادر الى فرنسا على رأس وفد ضم الوزراء: علي حسن خليل، جبران باسيل، يوسف فنيانوس، رائد خوري وسيزار أبي خليل، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي شارل عربيد ومستشاري رئيس الجمهورية الياس أبي صعب وميراي عون ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري والمستشار نديم المنلا.
وأشار الحريري في حوار مع مجلة «الأمن العام»، الى أن «الطريق الى بناء قوات عسكرية وأمنية لبنانية قوية قطع شوطاً طويلاً جداً، واستلزم ذلك جهوداً كبيرة جداً وتضحيات، وهو لا يزال يتطلّب المزيد من الصبر والحكمة والالتزام». وقال «الحشد الدولي الذي رأيناه أظهر مرة جديدة، أن بلدنا لا يزال حاجة عربية ودولية، لكي يكون واحة استقرار للجميع من دون استثناء، وأن المشاركين في المؤتمر أصبحوا مدركين جيداً أن أحد أبرز شروط الاستقرار فيه هو تقوية الجيش وكل القوى الأمنية اللبنانية، بحيث تتمكن من بسط سلطتها على كل الأراضي والحدود اللبنانية، وأن الدولة وحدها تشكل المظلة والضامنة لأمن جميع اللبنانيين من دون استثناء».
توترات أمنية مشبوهة بقاعًا وجنوباً
على صعيد آخر، تنطلق المرحلة الأولى من العملية الانتخابية باقتراع المغتربين تحديد مكان أقلام الاقتراع في الخارج في 27 و28 نيسان المقبل، على أن تنتهي غداً المهلة التي نصّ عليها قانون الانتخاب لتحديد مراكز الاقتراع في أقلام الاغتراب، وسط خلاف وسجال بين المسؤولين على نزاهة عملية الاقتراع في الخارج.
وسجل يوم أمس تطورات أمنية بقاعاً وجنوباً، فقد وقع خلاف مساء أمس، في بلدة بوداي البقاعية بين أنصار المرشح النائب السابق يحيى شمص، وأنصار لائحة «الأمل والوفاء» تطوّر إلى تبادل رشقات من أسلحة رشاشة، وإطلاق بعض القذائف، دون وقوع إصابات، مما استدعى تدخل الجيش اللبناني الذي عمل على تهدئة الأمور. فيما شهد مخيم عين الحلوة -حي الصفصاف اشتباكاً مسلحاً بين كل من العنصرين الإسلاميين م. شريدي وم. حمد أدى الى سقوط قتيلين هما عامر شريدي وشادي حمد، وثلاثة جرحى فيما نقل الجرحى الـ 3 وهم: فخرية زيدان، علي حمد ومحمد زيدان الى مستشفى النداء للمعالجة. وتعمل القوى الإسلامية ولا سيما عصبة الانصار على تطويق الإشكال.
وكان مسؤولون في حزب الله قد حذّروا في وقت سابق من تحضير بعض المجموعات المشبوهة لافتعال أحداث أمنية متنقلة في البقاع ومناطق أخرى لتحميل الحزب المسؤولية واستهداف المقاومة وتشويه صورتها والتشويش على الانتخابات بتواطؤ من بعض القيادات الأمنية المولجة أمن المنطقة.
ورأى رئيس المجلس السياسي في حزب الله السيد ابراهيم امين السيد أن «المطلوب من المعركة الانتخابية هو رأس حزب الله، وليس هذا الشخص او ذاك الشخص»، مشيراً الى أن «أميركا وحلفاءها وأتباعها يعتبرون الانتخابات النيابية ما هي الا للانتقام مما جرى في سورية ومن حزب الله، لأنه في مواجهة إسرائيل».
بدوره أكد رئيس لائحة «الأمل والوفاء» الانتخابية النائب محمد رعد أن «اللائحة ستنجح بفضل أصوات جمهور المقاومة، لافتاً إلى أن ثمة مسؤولية جديدة تقع على عاتق شعب المقاومة وهي عدم السماح باختراق لوائح المقاومة في الجنوب». وأشار في لقاء انتخابي في الجنوب، إلى أن «6 أيار هو موعد استفتاء، إما أن تدلوا بالصوت نعم لخيار المقاومة والتنمية او انه سيتسلّل إلى المجلس النيابي في منطقتكم من يحمل خياراً آخر لا يمت بصلة إلى خيار المقاومة»، مشيراً إلى أن «هناك مَن لا يريد خيار المقاومة بل يتآمر عليها».
وقبيل اندلاع الحادثين الأمنيين ترأس وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق اجتماعاً استثنائياً لمجلس الأمن الداخلي المركزي لبحث الخطة الأمنية التي ستواكب الانتخابات وللتنسيق بين الأجهزة الأمنية. وأوعز المشنوق الى قادة الأجهزة بتشديد الإجراءات الأمنية قبيل حصول العملية الانتخابية وفي أثنائها، خصوصاً في مكافحة الرشى الانتخابية وإحالة الموقوفين بهذا الجرم أمام القضاء، الذي طالبه بالتشدّد أيضاً مع الموقوفين بهذا الجرم.
وتطرّق المجتمعون إلى تأمين حماية مراكز وأقلام الاقتراع وخطة السير لتسهيل تنقل المواطنين ووصولهم إلى المراكز، ومواكبة القوى الأمنية لعملية نقل صناديق الاقتراع إلى مراكز لجان القيد. واطمأن وزير الداخلية إلى جهوزية القوى الأمنية لمنع حصول أي حادث قد يخلّ بالعملية الانتخابية.
المصدر: صحف