خطبة الجمعة لنائب رئيس المجلس التنفيذي سماحة الشيخ علي دعموش 30-3-2018 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

خطبة الجمعة لنائب رئيس المجلس التنفيذي سماحة الشيخ علي دعموش 30-3-2018

دعموش

نبارك لكم ولجميع المسلمين ولادة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الذي ولد في يوم الجمعة في الثالث عشر من شهر رجب بعد ثلاثين سنة من عام الفيل في بيت الله في جوف الكعبة المشرفة ولم يولد قبله ولا بعده أحد في بيت الله،  فكان ذلك تكريما وتعظيما وإجلالا من الله له.

ولد علي بن أبي طالب من أبوين قرشيين هاشميين فأبوه أبو طالب واسمه عبد مناف وأمه فاطمة بنت أسد وكلاهما من بني هاشم وينتهي نسبهما الى عدنان ، ونسبه هو نفس نسب رسول الله (ص) ولذلك قال(ص): أنا وعلي من شجرة واحدة وسائر الناس من شجر شتى.
وسمته أمه علياًً. وقد روي عن فاطمة بنت أسد أنها قالت: إني دخلت بيت الله الحرام وأكلت من ثمار الجنة وأرزاقها، فلما أردت أن أخرج هتف بي هاتف: يا فاطمة سمه علياً، فهو علي، والله العلي الأعلى.
ويبدو أن الأم كانت هي التي تسمي ولدها حين ولادته إما بالتوافق مع الأب او بدونه، ثمّ يختار الأب إما الابقاء على ذلك الاسم أو تغييره، وهذا ما جرى بالنسبة إلى الامام(ع). وقيل: إنّ النبي(ص) هو من تولى تسميته.
وقيل في سبب تسميته بعلي : أنه إنما سمّي عليا لأنه علا بقدميه كتفي رسول الله(ص)  لكسر الأصنام.
وقيل: لعلوه على كل من بارزه.

وقيل: لأن داره في الجنان تعلو حتى تحاذي منازل الأنبياء.
ولعلي(ع) العديد من الكنى، أشهرها أبو الحسن وأبو تراب وقد كناه النبي(ص) بأبي تراب حين وجده نائما على الأرض وقد علا جبينه التراب، فقال له ملاطفاً: قم يا أبا تراب. وقد كان علي(ع) يحب هذه الكنية .
كما أن له (ع) ألقابا كثيرة منها: أمير المؤمنين، الوصي، الولي، المرتضى، سيد العرب، سيد المسلمين، أعلم الأمة، يعسوب الدين، قائد الغر المحجلين، إمام المتقين، وغيرها.
وهذه الألقاب لها دلالتها الهامة، ولها دورها أيضاً في إظهار مكانة وموقع علي(ع) من هذا الدين وموقعه في الأمة، ومنزلته الكبيرة التي استحقها بجهده وجهاده وعمله وباصطفاء الله له.
والروايات تؤكد على أن لقب أمير المؤمنين هو منحة من الله ورسوله(ص) لعلي(ع) دون سواه.
وهو لقب خاص به لا يحق لأحد حتى للأئمة من ولده أن يتسمى به.

وألقاب الأئمة عليهم السلام توقيفية أي من عند الله،  بمعنى أن الله سبحانه هو الذي منحهم هذه الألقاب، وأتحفهم  ووصفهم بها، كرامة منه لهم، ودلالة على حقيقة صفاتهم ومزاياهم واستحقاقهم  التقدير والتشريف والتعظيم.
وهناك العديد من الأحاديث الواردة عنهم (ع) التي تدل على أن الله سبحانه هو الذي سماهم بتلك الأسماء أو ان جبرائيل(ع) قد جاءهم بها أو ان النبي(ص) أخبر بها عن بعض الكتب السماوية.
وكان عمر رسول الله(ص) حين ولد علي  ثلاثين سنة، وكان (ص) لا يزال في بيت أبي طالب، فأحبه النبي(ص) حبّاً شديداً وقال لفاطمة بنت أسد: اجعلي مهده بقرب فراشي.
وكان النبي(ص) يتابع تربيته، ويطهره في وقت غسله، ويعطيه اللبن، ويحرك مهده عند نومه، ويناغيه في يقظته، ويضمه إلى صدره ويقول: هذا أخي ووليي وناصري وصفيي وذخري وكهفي وصهري ووصيي وزوج كريمتي وأميني على وصيتي وخليفتي.

لقد كان علي(ع) أحب الناس الى رسول الله(ص) ولذلك تفل برعايته وتربيته منذ أن كان صغيرا وبقي معه حتى بعثه الله رسولا فكان أول من صدق وآمن به واتبعه.
ويتحدث علي(ع) عن تلك المرحلة في خطبته المسماة بالقاصعة يقول عن رسول الله(ص): وضعني في حجره وأنا ولد، يضمني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسني جسده، ويشمني عرفه، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول، ولا خطلة في فعل… إلى أن قال: ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً، ويأمرني بالاقتداء به. ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري.
كان علي(ع) مع النبي(ص) حين يكون في غار حراء فيراه ولا يراه غيره، ولم يكن (ع) معه (ص) مجرد متفرج بل كان يشارك النبي(ص)  في تعبده وتوجهه إلى الله سبحانه في تلك الغار.
أما لماذا في غار حراء؟
فيبدو أنه بسبب أن الأصنام كانت قد وضعت حول الكعبة وفيها وعليها، فلم يكن النبي(ص) يتعبد عندها أو فيها خشية أن يتوهم أحد أنه إنما يسجد للأصنام، أو يخضع لها، أو انّه يُكنُّ لها في نفسه شيئاً من الاحترام والتقدير، كما أنّ بني هاشم عموما وعلى رأسهم عبد المطلب وأبو طالب لم يكونوا في عداد على الكعبة او في جملة الذين يجلسون عندها، أو في جملة من كان يعظم تلك الأصنام، ربما لأنهم كانوا أيضاً على دين الحنيفية، ويريدون أن ينأوا بأنفسهم عن أن يتوهم أحد في حقّهم أنهم يقدسون تلك الأصنام.

وعلى كل فإن علاقة علي (ع) بالله وعبوديته لله الواحد كانت من مميزات شخصيته، فهو جمع في شخصيته الى جانب العلم والمعرفة والجهاد والشجاعة.. العبادة والخضوع لله والخشوع بين يديه سبحانه وتعالى ، فعلي في الوقت الذي بطلا في ميادين الجهاد وفي الوقت الذي كان يضرب فيه بسيفه في الحروب والمعارك فلا يكون أحد مثله في الشجاعة والبسالة، كان هو نفسه يقف بين يدي الله في جوف الليل فيطيل البكاء والتذلل لله سبحانه يقول ضرار لمعاوية عندما سأله أن يصف له أمير المؤمنين: “أشهد لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله، وهو قائم في محرابه  قابض على لحيته، يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين “.
ويقول(ع) عن نفسه: “وإني لمن قوم لا تأخذهم في الله لومة لائم، سيماهم سيما الصّدّيقين، وكلامهم كلام الأبرار، عمّار الليل ومنار النهار. متمسكون بحبل القرآن يحيون سنن الله وسنن رسوله، لا يستكبرون ولا يعلون، ولا يغُلّون ولا يفسدون. قلوبهم في الجنان، وأجسادهم في العمل”.
علي(ع) كان يجسد اعتقاداته وإيمانه وما انطوى عليه قلبه في العمل والممارسة والعبادة والطاعة، وما كانت متابعاته ومشاغله وجهاده ومسؤولياته واهتماماته لتشغله عن التوجه الى الله والتفرغ أحيانا للعبادة والصلاة والخضوع واخشوع بين يدي الله في جوف الليل.

وكان كل عمل يقوم به علي (ع) يقوم به خالصا لوجه الله ومن أجل كسب رضا الله ولم يكن يقصد منه الحصول على الدنيا ومصالحها ومظاهرها او السلطة او الجاه أو المواقع والمنصب، فعلي(ع) كان أزهد الناس بالدنيا ومواقعها ومناصبها، يقول(ع):”اللهم إنّك تعلم أنه لم يكن الذي كان منا منافسة في سلطان، ولا التماس شيء من فضول الحطام، ولكن لنرد المعالم من دينك ونظهر الإصلاح في بلادك، فيأمن المظلومون من عبادك، وتقام المعطّلة من حدودك. اللهم إني أول من أناب وسمع وأجاب، لم يسبقني إلا رسول الله صلى الله عليه وآله بالصلاة”.

فلم يجاهد علي(ع) او يقاتل او يضحي أو يقاطع أو يؤيد بالساسة من أجل الوصول الى السلطة والحصول على مكاسب  الدنيا وحطامها وإنما جاهد وقاتل وضحى وفعل ما فعل من أجل دين الله (لنرد المعالم من دينك) وتطبيق أحكام الله وإقامة حدود الله وخدمة أهله وشعبه وتحقيق مصالحهم وإصلاح أمرهم وبلادهم ورفع الحرمان عنهم والدفاع عن المظلومين والمقهورين والمستضعفين، وليأمن عباد الله ويعيشوا في بلاد الله بأمن وسلام.
ونحن على طريق علي(ع) لسنا طلاب سلطة ولا نسعى للوصول الى السلطة، وإنما نخوض الانتخابات ونعمل على الفوز وندخل في المجلس النيابي وفي الحكومة من أجل حماية وجودنا وبلدنا ومقاومتنا ومن أجل خدمة أهلنا ورفع الحرمان عنهم، وعندما نخلص لله في كل ذلك سنكون مطمئنيين الى النتائج التي سنحصل عليها.
البعض يتحدث عن وجود قلق وخوف لدى حزب الله من الانتخابات وخشية لديه من خسارة بعض المقاعد، والبعض يرجع الإطلالات المتكرر لسماحة الأمين العام حفظه الله وحثه على التصويت بكثافة إلى وجود مثل هذا القلق.. لكن الأمر ليس كذلك، نحن لسنا قلقين ولا خائفين بل على العكس من ذلك.. حزب الله وحركة أمل أكثر الناس اطمئناناً نتيجة التحالف الثنائي بينهما، وإذا كان هناك من قلق وخوف وإرباك فهو لدى غيرنا ممن يحرض ضدنا.

نحن ندخل إلى الانتخابات بهدوء وطمأنينة ولدينا ثقة عالية بجمهورنا ولسنا بحاجة من أجل كسب أصوات جمهورنا إلى إثارة العصبيات وإطلاق الاتهامات والتحريض ضد الآخرين واستخدام الخطاب المذهبي كما يفعل البعض الذي ليس لديه شيء يستقطب به جمهوره إلا أسلوب التحريض وإثارة العصبيات المذهبية والمناطقية وغيرها..
نحن ندخل الى الانتخابات دخول الواثقين من أن كل محاولات إضعاف المقاومة ستفشل، وسيكتشف البعض ممن يراهن على تبدل المزاج العام في بيئة المقاومة وعلى تراجع شعبية المقاومة بأن رهانه كان خاطئاً وخائباً، فأهلنا الذين كانوا على الدوام إلى جانب المقاومة في كل الاستحقاقات الماضية هم اليوم أقوى حضوراً وأكثر استعداداً للتصويت لخيارات المقاومة ولوائحها في الانتخابات النيابية؛ لأنهم يدركون حجم الاستهداف الذي تتعرض له المقاومة من قبل المتآمرين والمتربصين والحاقدين وفي مقدمهم أميركا واسرائيل والسعودية .

وإذا كنا نبدي اهتماماً خاصاً بدائرة بعلبك الهرمل فليس ذلك لأننا خائفون بل لأننا نريد أن يكون الإقبال على دعم لائحة الأمل والوفاء كبيرا وقويا في هذه الدائرة ، ونريد لإخواننا أن يبذلوا المزيد من الجهد لتلافي الخرق بأقل ما يمكن .. لأن طبيعة القانون النسبي في هذه الدائرة يعطي فرصة للطرف الآخر للفوز بمقعد أو أكثر ، وهذا أمر نعرفه منذ أن وافقنا على القانون، إلا أن هذا القانون يعطينا ويعطي حلفاءنا في دوائر أخرى في زحلة والبقاع الغربي وبيروت الثانية وصيدا جزين وغيرها من الدوائر..
ونحن نعرف من الآن أنهم اذا خرقوا بمقعد سني او مسيحي سيعتبرون ذلك انجازا كبيرا بالنسبة لهم وسيكبرون الأمر إعلاميا ويبنون تصورات وتحليلات وأوهام كثيرة ولكننا نقوا لهم من الآن أي خرق للائحة الأمل والوفاء في بعلبك الهرمل أو في أي دائرة أخرى لن يكون أكثر من إنتصار وهمي لن يغير من الوقائع  والحقائق ولا من المعادلات السياسية والداخلية، لأن المقاومة هي حقيقة لبنانية ثابتة لا يمكن لأحد كسرها لا  بالإنتخابات ولا  بغيرها.

والحمد لله رب العالمين

المصدر: موقع المنار