اعتبر السيد علي فضل الله في خطبتي صلاة الجمعة ان لبنان الذي دخل في المرحلة ما قبل الأخيرة من الانتخابات النيابية، بتشكيل اللوائح التي ستتنافس فيما بينها، وبحسب توزيعها المناطقي، لكسب عطف الجمهور، وكل منها يهدف إلى الوصول إلى الندوة البرلمانية، أو إثبات حضوره فيها أو تعزيزه، إن أمكن له ذلك، هذا أمر طبيعي في أي انتخابات، ولكننا كنا نخشى، ولا نزال، أن يخرج هذا التنافس عن إطاره، ليتحول إلى صراع تستعمل فيه كل الوسائل، حتى تلك المحرمة دينيا وأخلاقيا أو وطنيا، بحيث تستباح في ذلك كل الحرمات، ومن هنا، فإننا نعيد دعوة هذه القوى والشخصيات التي تنضوي في هذه اللوائح إلى الارتقاء بخطابها، لتحاكي أولويات الناس واهتماماتهم، بدلا من أساليب لا تخدم وحدة البلد واستقراره”.
واردف “إن من المعيب في بلد عنوانه بلد الأديان وبلد القيم، أن نسمع من الذين تصدروا أو يتصدرون مواقع المسؤولية، مثل ما سمعناه في الأسبوع الماضي بحق من ينافسونهم في الانتخابات.
إننا نرى أن هذا الأسلوب غير مقبول في التخاطب بين أبناء الوطن الواحد، ومن يفترض أن يتحملوا المسؤوليات الكبيرة، إن اللبنانيين ينتظرون من كل المرشحين أن يقنعوهم بأشخاصهم وببرامجهم، لا بشد عصبهم، وزيادة منسوب توترهم، وزرع أحقاد وضغائن تجاه من يعيشون معهم في الوطن أو في المنطقة أو داخل العائلة أو العشيرة، أو استخدام الحرب على هذا الفريق أو ذاك للحشد والتعبئة الشعبية والانتخابية”.
ولفت السيد فضل الله انه على اللبنانيين أن “يعبروا عن رفضهم لكل هذه الأساليب، وأن يعتبروا ذلك علامة سوداء في سجل من يقوم بها، إن خيار اللبنانيين أن يعيشوا معا بكل تنوعاتهم الطائفية والمذهبية والسياسية، فلا نجعل هذا الخيار صعبا عندما تثار في البلد أجواء الانقسام والفتنة.
في غضون ذلك، هناك حديث متزايد، ومن أعلى المواقع، عن واقع اقتصادي صعب، ونحن في هذا المجال، لا نتفق مع من يقول إن البلد دخل مرحلة الانهيار أو الإفلاس، هذا لا يعني، كما يتحدث البعض، أنه في وضع اقتصادي مقبول، هو مقبل على مخاطر حقيقية إن لم تتم معالجتها جذريا.
ومع الأسف، لا تجد الكثيرين ممن هم في مواقع المسؤولية في الدولة يتعاملون مع هذا الأمر بجدية، حيث لا يزال الإنفاق على حاله بلا حدود ولا ضوابط والبلد يضج بالفساد والهدر والعشوائية في التوظيف والتعيينات والتلزيمات”.
واردف “استمع اللبنانيون إلى السجال الذي جرى في المجلس النيابي حول الموازنة، التي أصبح واضحا أنها “سلقت”، وفيها من العيوب ما يحتاج إلى إعادة النظر في العديد من بنودها، وحسنا فعل الذين لم يصوتوا لها مع بقاء هذه الثغرات، ونحن في الوقت الذي نرى الإيجابية في النقاش التفصيلي الذي جرى، فإننا ندعو إلى تعزيزه في كل مواقع الدولة.
ونحن في هذا المجال، نشدد على أن مهمة المجلس النيابي لا تقتصر على إحصاء الفضائح والارتكابات، ثم يعود كل إلى موقعه، إننا نريده منبرا للمحاسبة الحقيقية للفاسدين، وصوتا للناس، ومعبرا عن آلامهم وآمالهم وطموحاتهم، ومساهما في تقديم الحلول لمشاكلهم وإرغام المسؤولين على الالتزام بتنفيذها. وضمن هذه الأجواء، ينتظر لبنان انعقاد مؤتمر سيدر في فرنسا لدعم لبنان، حيث تنهال وعود المن والسلوى عليه، ونحن نأمل أن يكون ذلك، ولكننا نرى، وانطلاقا من الوقائع الحالية ومن المؤتمرات السابقة، أنها لن تحمل الكثير للبنانيين، بل نخشى أن تزيدهم أعباء سياسية واقتصادية، لكونها تنحصر في القروض والمشاريع الاستهلاكية التي لا تمنح من هذا العالم بالمجان لذلك، فإننا ندعو إلى دراسة واعية لما سيلتزم به لبنان في هذا المؤتمر، وإلى أن يكون ذلك ضمن خطة اقتصادية ومالية تساهم في النهوض الاقتصادي وفي بناء مشاريع ذات طابع إنتاجي، لا مشاريع استهلاكية، وأن يكون هناك وعي مسبق للتبعات التي قد تترتب عليها”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام