أمين أبوراشد
لن نتناول معزوفة “المملكة لا تتدخل في الشأن اللبناني الداخلي”، لأن من اعتادوا عزفها يُدركون قبل سواهم، أن المملكة تحشر نفسها – متى استطاعت – في كل الشؤون اللبنانية، ولن نتناول أيضاً زيارات البعض الى المملكة، والتي تحصل إما نتيجة “دعوة” أو “إستدعاء”، لأن معظم الذين شملتهم بَرَكة زيارة “العلولا” من خارج الإطار الرسمي والحكومي، يتوقون عادة لزيارة المملكة سواء كانت بموجب دعوة أو استدعاء، والترياق الذي اعتادوا تجرُّعه هناك أخذوا بعضاً منه لمجَرَّد أن زارهم العَلُولا، أو جلس الى مائدتهم.
“المملكة لا تتدخل في الشأن اللبناني”، والبعض أجَّل الإعلان عن مرشَّحيه وتحالفاته بانتظار انتهاء مهام العلولا، الذي ألزمته تقنية تنفيذ المهام، الذهاب الى الرياض والعودة مجدداً الى بيروت لإستكمالها، وليست تفاصيل مهام العلولا مُبهمة، ومن التَبَست عليه طبيعتها فسوف يُدركها فور الإعلان عن الترشيحات المؤجَّلة وما يلي ذلك من تحالفات.
المهام المُكَلَّف بها العلولا، قد يكون جزء منها مرتبط بمسألة مؤتمرات دعم لبنان، لكن مناسبة الترشيحات للإنتخابات النيابية جاءت فرصة سانحة لإستخدام الضغط على الوطن المُثقل بالديون المُستحقة والتي سوف تستحق، إنما ترميم “الجرَّة المكسورة” بين حلفاء السعودية يبدو الأكثر إحراجاً لمن يعتقد أن ما انكسر قد يلتحم، منذ أزمة “تمرُّد” بعض النواب على صيغة التسوية الرئاسية، حتى “استقالة الرياض” وملابسات فبركتها من طرف بعض “الحلفاء”.
أن يكون الرئيس الحريري مُلزماً بعد عودته من السعودية بترشيح من كان قد قرر استبعادهم سابقاً، أو أن يكون مُجبراً على مهادنة من يعتبرهم خصوماً، فهذه ستكون نتائج مهمَّة العلولا، وهي التي سوف تُبلور المرحلة المقبلة بصرف النظر عن التحالفات الإنتخابية للوصول الى البرلمان، وما يبقى منها كتحالفات سياسية بعد الوصول!
هنا تكمن مشكلة الخائفين من أكثرية قد تنالها المقاومة وحلفاؤها، أميركا خائفة، والسعودية خائفة، والقرار بيد الشعب اللبناني.
وليست الأكثرية البرلمانية هي الغاية، لأنه سبق لسماحة السيد نصرالله أن وصَّف الواقع اللبناني عندما تساءل منذ نحو ثلاث سنوات:
“لديكم أكثرية منذ العام 2005، ماذا استطعتم تحقيقه عبر هذه الأكثرية؟”، مما يعني أن الأكثرية الشعبية هي التي تحكم مسار الأمور وليست الشعبية الإنتخابية الآنية التي يُمكن تحصيلها لدى البعض عبر “بونات بنزين” أو “أوراق خضراء” !
لن نُطيل بموضوع مهمَّة العلولا، لأن السقف اللبناني عالٍ، عالٍ جداً، والشعب اللبناني باتت لديه “السيرة الذاتية” لكل حزبٍ ولكل تيار ولكل نائبٍ أو وزير، والإنضواء الحزبي وبرنامج العمل الواعد مع الحفاظ على المكتسبات السيادية والسقف الوطني، هي التي يجب أن تكون حوافز المشاركة في انتخابات مصيرية ترسم ملامح الوطن والدولة.
ميزة الإنتخابات المقبلة، أن التسوية الرئاسية التي حملت بكل فخر دمغة “صُنع في لبنان”، يجب أن تنسحب على مسار الجو العام لإنتخابات لبنانية، وكائناً ما كانت النتائج ولكن، التحالفات الإنتخابية غير المبنيَّة على تفاهمات سياسية ووطنية هي رفقة طريق، وتنتهي عند أي مُفترق، وهنا يكمُن الرهان على الوعي الشعبي، لأن من يتمّ حالياُ زواجهم بالإكراه للوصول الى المجلس سيفترقون فور الوصول الى الدرج الخارجي للمجلس!
نعم للترشيحات الحزبية، ونعم للتحالفات السياسية مع مستقلِّين ضمن الخط الواحد، ولا كبيرة لرفقة الطريق الى حيث المصالح الذاتية، ولينتخب الشعب اللبناني ضميره وذاكرته ورؤيته لوطنٍ سيادي سقفه عالٍ، وبالتوفيق لمن سقوف كرامتهم اللبنانية عالية ولا ينتظرون الترياق من علولا أو سواه…
المصدر: موقع المنار