اعتبر السيد علي فضل الله في خطبتي الجمعة ان الوضع في لبنان الذي لم تهدأ بعد فيه العاصفة السياسية على خلفية مرسوم الأقدمية للعام 1994، والتي هي أشد من العاصفة المناخية التي تضرب لبنان هذه الأيام، لما تتركه من تداعيات على استقرار البلد السياسي، وعلى التوازن المطلوب بين الطوائف، وعلى صورة القضاء الذي كنا نريد أن لا يقحم في أي سجال سياسي، وأن لا يكون موضع شبهة، بحيث توجه إليه السهام”.
وتابع “لقد أصبح واضحا أن هذا الجو السياسي العاصف لن يهدأ سريعا، كما هو الجو المناخي، بل سيستمر لعدم وجود مرجعية حل تنهي هذا الخلاف، وتعيد البلد إلى استقراره، وإن كنا سنبقى نؤكد أن مرجعية الحل ينبغي أن تكون في المؤسسات التي يلتقي فيها الجميع”.
واكد السيد فضل الله “اننا لسنا من الذين يقللون من تداعيات هذا المرسوم، حتى يقال ان الدنيا تقام ولا تقعد من أجل أقدمية بعض الضباط، ويحصل للبلد كل ما يحصل، فالحدث يحمل أبعادا تستحق التوافق عليها ومعالجتها، حتى نحفظ التضامن الذي نريده في هذا البلد، ولا سيما في ظرف حساس يعيشه لبنان والمنطقة من حوله”، مراهناً على حكمة القيادات في لبنان، والتي تجلت في معالجة ملفات سابقة، بأن تتجلى في هذا الملف، لعودة الانتظام العام إلى عمل المؤسسات، وتخفيف أجواء التوتر والتشنج التي أصبحت طابع الخطاب السياسي خارج المؤسسات الدستورية أو داخلها، ما ينعكس سلبا على هذا البلد”.
واشار الى ان “هناك الكثير من الملفات التي تنتظر، ولا يمكن أن تعالج إلا بالاستقرار والهدوء، ولا سيما القانون الانتخابي، الذي لا بد من أن ينجز بشكل كامل، وأن تعالج كل العوائق التي قد تعترض تنفيذه، فإن لم تعالج، ستكون بابا ينفذ منه الذين لا يريدون لهذا الاستحقاق أن يتحقق، ولا بد من أخذ الملف الأمني بعين الاعتبار، وهو الذي عاد إلى الواجهة من خلال عملية الاغتيال الفاشلة في صيدا، التي تحمل بصمات العدو الصهيوني، أو من خلال التحذيرات التي صدرت عن أكثر من دولة لرعاياها، بتجنب كثير من المناطق اللبنانية، فلا يمكن إلا أن تحمل على محمل الجد”.
وقال إن “لبنان لا ينبغي أن ينام على حرير الأمان الذي نعيشه، والرغبة الدولية في استقراره، في عالم لم يعد الأمان بيد أحد معين، فلا يزال البلد عرضة للتهديد من الجماعات الإرهابية وخلاياها النائمة، التي تنتظر أي غفلة من القوى الأمنية أو أي توتر سياسي أو أي اعتداء من العدو الصهيوني أو من العابثين بالأمن الداخلي من المجرمين أو المعتدين على المؤسسات المصرفية أو الاقتصادية”.
وتابع “بالانتقال إلى فلسطين المحتلة، لا بد من أن نتوقف عند المقررات التي انتهى إليها المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ردا على إعلان الرئيس الأميركي القدس عاصمة للكيان، حيث قرر المجلس أن “الفترة الانتقالية التي نصت عليها الاتفاقات الموقعة في أوسلو والقاهرة وواشنطن لم تعد قائمة”، ونحن في الوقت الذي نقدر هذا الموقف، نريد له أن يتجسد بإعلان نفض اليد كليا من هذه الاتفاقات، وعلى رأسها اتفاق “أوسلو”، الذي كبل الفلسطينيين، وترك الهامش كله للاحتلال ليعبث بالأراضي والمقدسات وبالإنسان الفلسطيني، وإلغاء الاعتراف بالكيان الصهيوني.. لأننا نعتقد أن المرحلة الخطيرة التي تواجه القضية الفلسطينية، تحتاج إلى قرارات جريئة وحاسمة بمستوى هذا التحدي، لا إلى توصيات تبقى حبرا على ورق”.
واضاف “إننا نريد للقيادات الفلسطينية أن ترتقي إلى مستوى آمال شعبها وطموحاته، وهو الذي لم يخذلها طوال تاريخه، ولا يزال حاضرا في أي موقف يحتاج إلى تضحية وبذل دم، رغم كل ما يعانيه هذا الشعب. إن الشعب الفلسطيني أحوج ما يكون إلى أفعال وقرارات، وإلى دعم ينعكس على الأرض، لا إلى مؤتمرات وقرارات سرعان ما تنتهي بانتهاء الاجتماعات فيه”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام