دعا بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام المسلمين والمسيحيين في المنطقة العربية إلى توحيد الجهود في مواجهة التيارات التكفيرية مؤكداً أن أساس المشاكل في المنطقة هو الاحتلال الصهيوني الذي شرد الشعب العربي الفلسطيني وزعزع الاستقرار في المنطقة.
وبين لحام في ندوة بمكتبة الأسد الوطنية بدمشق السبت تحت عنوان”رسالة بطريرك عربي مسيحي إلى إخوته المسلمين حيثما كانوا في العالم “بمناسبة مرور 50 سنة على صدور وثيقة المجمع الفاتيكاني الثاني عام 1965 والذي حمل عنوان”علاقة الكنيسة بالديانات غير المسيحية” إن ما دفعه إلى توجيه هذه الرسالة إلى المسلمين ولاسيما في العالم العربي الوضع الراهن الخطر في الشرق العربي حيث جلبت الحركات التكفيرية الدمار في أوطاننا ولاسيما في سورية والعراق واليمن وليبيا.
واستعرض لحام علاقة الكنيسة بالإسلام سارداً مقاطع من وثيقة أصدرها المجمع الفاتيكاني الثاني يوم 17 كانون الأول عام 1965 وهي بعنوان”تصريح حول علاقة الكنيسة بالديانات غير المسيحية “وتطرقت هذه المقاطع إلى وحدة الجنس البشري واحترام كل الديانات والديانة الإسلامية والأخوة الشاملة ونفي كل تمييز.
وتلا لحام مقاطع من رسائله منها علينا مسيحيين ومسلمين أن نكون في “لقائنا” خلاقين رواداً مخترعين لنبني معاً مجتمعاً عربياً نشعر أنه مجتمعنا بيتنا لنا كلنا نحن مواطني هذا العالم العربي الكبير. لذا لا يجوز أن نترك إخوتنا المسيحيين الغربيين وحدهم في موضوع موقفهم من الإسلام ومن الحوار وعلاقات الشرق والغرب والعالم العربي مع الغرب وعلاقات الغرب بالعالم العربي والإسلامي، متسائلا ” أليست الظروف العالمية الحالية والعربية الراهنة هي دعوة ملحة لتفعيل هذا الدور التوافقي الفريد أليست الضغوطات الحالية الممارسة على العالم العربي والإسلامي نداء ملحا لتكثيف التفاعل المسيحي الإسلامي في منطقتنا ” داعيا إلى “تجنيد قوانا المشتركة في مسيرة المستقبل العربي المسيحي الإسلامي المشترك في مطلع هذه الألفية الثالثة “.
وبين لحام إن العيش المشترك في المنطقة مهدد بسبب الهجرة التي سببها الأشد خطورة هي الحروب والأزمات والتي أصلها كامن في الصراع العربي الإسرائيلي والظلم الحاصل بسببه ومن إفرازاته التطرف والتزمت والأصولية والعنف والإرهاب ومشاعر العداء والكراهية في المجتمع.
وأشار إلى أن الكنيسة الأنطاكية كنيسة عربية بجذورها وقوميتها. والأهم من ذلك أنها كنيسة العرب وكنيسة الإسلام والمناخ الملائم لكل هذه العناصر السابق ذكرها وهي التعددية والعيش المشترك ومع ما ذكر حولهما المناخ الملائم هو السلام في المنطقة والسلام العادل والشامل والثابت الكفيل بإنهاء الصراع العربي”الاسرائيلي”.
وأبدى لحام خوفه على الإسلام من التكفيريين وقال “إننا كمسيحيين عرب مشرقيين في تواصل مع العالم المسيحي في العالم أجمع نخاف على إسلامنا الحبيب وعلى إخوتنا المسلمين الأحباء نخاف عليه وعليهم من تيارات تكفيرية أصولية هدامة هي الخطر الأكبر علينا جميعا على الإسلام والمسلمين وعلى المسيحية والمسيحيين في العالم العربي وفي الغرب وفي كل مكان. ويخطئ من يظن أن هذه التيارات التكفيرية هي لصالح انتشار الإسلام ونصرة المسلمين “.
وأوضح البطريرك لحام إن التيارات التكفيرية أداة شريرة لأجل تحقيق أهداف هدامة خفية همجية تستهدف البشرية كلها وتحقق ما سبق أن أشار إليه الكاتب الأميركي هنتنغتون الذي دعا إلى صراع الحضارات .
ودعا البطريرك لحام المشرقيين مسيحيين ومسلمين أن يكونوا صفاً واحداً وسداً منيعاً أمام خطر الإرهاب التكفيري الداهم. مبينا إن موقف المسيحيين والمسلمين المشترك تجاه التيارات التكفيرية وتجاه نظرية هنتنغتون الهدامة هو الذي سيجنب الشرق والغرب معا والعالم بأسره نتائج هذه الأخطار الكونية الوبائية.
وشدد لحام على “مسؤولية المسلمين ولاسيما في الشرق العربي بأن يحاموا عن الإسلام ويحموا الإسلام من هذه التيارات وأن يبينوا أن هذه التيارات التكفيرية وما ينشر يومياً في العديد من وسائل الإعلام ومن الفضائيات من تعاليم تدعو إلى القتل والإرهاب ليست من الإسلام”.
وحذر لحام من “الخطر على الشباب العربي وخطر تقسيم الدول العربية ومن خطر”الربيع العربي”المدمر “داعياً المسيحيين رعاة ورعايا ليبقوا في التواصل مع الإسلام والمسلمين وألا يقعوا معا في فخ أهداف تيارات الفرق التكفيرية الهدامة المأجورة المظلمة السوداء التي تشكل الخطر العالمي الحقيقي الشامل للعالم بأسره ولشعوب الأرض بأسرها.
وزير الأوقاف محمد السيد: نفرق بين الإسلام الصحيح والاسلام الوهابي المتطرف
من جانبه أكد وزير الأوقاف الدكتور محمد عبدالستار السيد أنه يجب التفريق عندما يتم الحديث عن سورية وعن بقية الدول العربية والإسلامية فنحن في سورية مهد المسيحية وفي بلادنا يعانق المسجد الكنيسة وسورية هي التي تمثل الإسلام كما انزله الله فهناك في سورية العلمانية التي تعني عدم تسييس الدين ولكن لا تعني إلغاءه بل تضمن حرية الاعتقاد ونحن نعيش أسرة سورية واحدة بجميع أبنائها مسلمين ومسيحيين.
وأضاف الوزير السيد ولذلك يجب أن نفرق بين الإسلام الصحيح الحق كما أنزله الله تعالى وبين الإسلام الوهابي المتطرف.
الشيخ أحمد بدر الدين حسون: نريد حواراً يحمي أبناء سورية مسلمين ومسيحيين
بدوره أكد سماحة المفتي العام للجمهورية الدكتور أحمد بدرالدين حسون أن على من يتشدقون بحماية المسيحية من قادة بعض الدول الأوروبية أن يسألوا كم كان عدد المسيحيين في مهد المسيحية بيت لحم المحتلة الآن فقد كان عددهم في عام1967نحو 62 ألفاً واليوم أصبح عددهم فقط 7 آلاف ولذلك كان على أوروبا أن تعمل على إعادة القدس إلى أصحابها الحقيقيين.
وأضاف لقد ساهمت سورية في إعادة الأمن والاستقرار إلى لبنان ومنعت تهجير المسيحيين منه وأعادت الاستقرار إليه وها هي سورية التي تضم في مسجدها الأموي النبي يحيى ونقول إننا نريد حوارا يحمي أبناء سورية مسلمين ومسيحيين ونؤكد أن العراق شهد بعد الاحتلال الأميركي له مليوناً ومئة ألف حالة طلاق مختلط بينما في سورية خلال السنوات الخمس الماضية ورغم المؤامرة حدثت 300 ألف حالة زواج مختلط فأبناء سورية لا يحتاجون لمن يذكرهم بأنهم أبناء أسرة واحدة ولمن يذكرهم بالحوار الإسلامي المسيحي فهم مؤمنون بأنهم أخوة لا يستطيع احد أن يفرق بينهم.
من جانبه ألقى الأب ميخائيل فننغر رسالة نيافة الكاردينال جان لوي توران رئيس المجلس الحبري للحوار بين الأديان في حاضرة الفاتيكان إلى الندوة ترجمها المونسنيور توماس حبيب أشار فيها إلى أهمية ودور لجنة العلاقات الدينية مع الإسلام التي أسسها البابا بولس السادس بهدف إقامة حوار مثمر مع المسلمين للمكانة المهمة التي يتمتع بها الدين الإسلامي من الكنيسة الكاثوليكية.
وأوضحت الرسالة أنه تمت دعوة المسيحيين الكاثوليك لمعرفة وفهم الإسلام بشكل أفضل حيث يمهدون معا لعالم يسمح للنساء والرجال في يومنا هذا بالتمتع بالعدالة الاجتماعية وبالحرية وبالسلام. ولفتت الرسالة إلى الخدمات الكبيرة التي قدمها البابا يوحنا بولس الثاني والبابا بندكتوس السادس عشر والبابا الحالي فرنسيس من خدمات لقضية الحوار بين الأديان من خلال تعاليمهم ومبادراتهم وزياراتهم الرسولية، وأشارت إلى استعداد المجلس باستمرار الحوار الذي اثبت نجاحه.
وخلصت الرسالة إلى أهمية ما يمكن انجازه بالحوار الإسلامي المسيحي مع ضرورة التنبه إلى أن الكثير من الصعوبات ترجع إلى عدم فهم الواحد منا الآخر ولذلك فإذا ما تفادينا صراع الحضارات فعلينا أن نتفادى أيضا صراع عدم الفهم.
شعبان: ما يتم اقترافه من جرائم إرهابية باسم الإسلام هدفه تشويه صورة الإسلام في أذهان العالم
من جانبها وفي تصريح ل”سانا”عقب الندوة أكدت المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان أن الرسالة الموجهة إلى المسلمين من غبطة البطريرك غريغوريوس الثالث لحام رسالة مهمة وهي للتذكير بالرسالة التي أرسلها المجمع الفاتيكاني الثاني قبل خمسين عاماً والتي تؤكد وحدة الرسالات السماوية.
وأشارت شعبان إلى أن سورية هي انموذج لوحدة هذه الرسالات على أرضها ووحدة الشعب السوري ولكن نحن نواجه واقعا مشوها يحاول فيه خصوم وأعداء سورية النيل من وحدة الشعب السوري ولذلك من المفيد جداً إعادة التأكيد على هذه الرسالة.
وخلصت المستشارة السياسية والإعلامية إلى القول “اعتقد أن سورية قادرة على أن تكون أيقونة وأنموذجاً للعالم لأن الشعب السوري يشعر أننا كلنا أسرة واحدة مسلمين ومسيحيين في هذا البلد وموحدين في وجه ما يتم اقترافه من جرائم إرهابية باسم الإسلام فهدفه ليس فقط التفرقة المسيحية المسلمة وإنما تشويه صورة الإسلام في أذهان العالم.
بدوره في تصريح مماثل أكد أمين فرع دمشق لحزب البعث العربي الاشتراكي الدكتور وائل الإمام أن العلاقة بين المسلم والمسيحي في سورية هي العلاقة مع العروبة فكل من يحاول بث التفرقة يعتدي على الإسلام وعلى المسيحية فان ما يجمع أبناء الأسرة السورية الواحدة أنهم سوريون.
أدار الندوة الكاتب اللبناني جوزيف أبو فاضل وحضرها عدد من أعضاء مجلس الشعب وحشد من علماء الدين الإسلامي ورجال الدين المسيحي وفعاليات ثقافية وإعلامية وشعبية واقتصادية.
المصدر: وكالة سانا