ذكر تقرير صحفي أن السلطات كانت تراقب منفذ هجوم الدهس في برلين، التونسي أنيس العمري، منذ وقت مبكر كثيرا وبشكل مكثف أكثر مما هو معروف حتى الآن. واعتبر وزير الداخلية الألماني دي ميزير طريقة تعامل السلطات “خطأ مريرا”. “كان خطأ مريرا”، يقول وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير، في حديث لصحيفة “بيلد أم زونتاغ”، في إشارة إلى خطأ الدوائر الألمانية المختصة في طريقة تعاملها وتقديرها لخطورة منفذ هجوم الدهس في برلين أنيس العمري.
وبحسب أبحاث أجرتها صحيفة “فيلت أم زونتاغ” الألمانية الأسبوعية، ونشرتها في عددها، الصادر اليوم الأحد (17 ديسمبر/كانون الأول)، فإن ذلك يتضح من آلاف الملفات وعشرات التقارير الصادرة من مخبرين سريين وكذلك من بروتوكولات مراقبة الهاتف والإنترنت التي توجد نسخة منها لدى الصحيفة، بحسب ما ذكرته.
وأضافت الصحيفة أن الادعاء العام سمح منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 2015 كحد أقصى بمراقبة العمري بشكل مقصود من جانب المكتب الاتحادي لمكافحة الجرائم ونظيره المحلي بولاية شمال الراين-ويستفاليا من خلال مخبر سري من الشرطة، يدعى “مراد” وظهر في الملف تحت اسم “في بي 01”. وأوضحت الصحيفة أن ذلك كان جزءا من التحقيقات السرية ضد الخلية الإرهابية المشتبه بها للداعية عبد الله عبد الله، الملقب بـ “أبو ولاء” والتابعة لتنظيم داعش الارهابي. يذكر أن العمري دهس بشاحنة مسروقة جمعا من الأفراد في سوق عيد الميلاد أمام كنيسة الذكرى في 19 كانون أول/ديسمبر عام 2016. وأودى الهجوم بحياة 12 شخصا وإصابة نحو مئة آخرين. وفرّ العمري عقب الحادث وقُتل برصاص الشرطة الإيطالية خلال رحلة فراره.
وبحسب تقرير صحيفة “فيلت أم زونتاغ”، قام العمري بتنزيل تعليمات مفصّلة عن مزج متفجرات وصنع قنابل وقنابل يدوية في يوم 14 كانون أول/ديسمبر عام 2015 من خلال هاتفه الذكي الذي كان تحت المراقبة على مدار الساعة تقريبا. وبدأ العمري الاتصال على هذا الهاتف باثنين من كوادر تنظيم (داعش) في ليبيا، اعتبارا من الثاني من شهر شباط/فبراير عام 2016، وقدم نفسه بصفته انتحاريا مستعدا لشن هجوم في ألمانيا.
علاقة للمخابرات الأمريكية؟
وذكرت الصحيفة أيضا أنباء عن رسائل على البريد الإلكتروني للسلطات وملفات تثبت مشاركة قوية لأجهزة استخبارات ألمانية (في مراقبة العمري)، حيث كتبت الهيئة الاتحادية لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية بألمانيا) تحليلا مكونا من صفحتين عن العمري في شهر كانون الثاني/يناير عام 2016 كان قد تم توقيعه من رئيس الهيئة هانز-جورج ماسن ذاته، واستعانت الهيئة بموظفة إدارية خاصة للعمري، العميلة إف. ببرلين، وفقا للصحيفة. وبحسب الصحيفة، فمن شأن الأبحاث التي أجرتها أن تثبت أيضا أنه كان للعمري علاقات شخصية وعائلية وثيقة مع مقاتلين وكوادر قيادية بتنظيم داعش الارهابي في ليبيا حتى قبل وصوله إيطاليا في نيسان/أبريل عام 2011.
وأضافت الصحيفة في تقريرها أنه لم يتضح من الملفات الموجودة لديها السبب وراء عدم اعتقال العمري قبل قيامه بهجوم الدهس على الرغم من توافر كل هذه المعلومات. ولكن الأبحاث التي قامت بها الصحيفة لشهور تشير إلى تورط استخبارات دولية أيضا، قد تكون رأت في العمري “طعما” من شأنه أن يقودها إلى داعميه، مخططي تنفيذ الهجوم الموجودين في ليبيا. وأضافت الصحيفة أنه بعد أسابيع قليلة من هجوم الدهس ومقتل العمري، هاجمت طائرات شبح من طراز “بي 2” تابعة للولايات المتحدة الأمريكية مخيما صحراويا لداعش في ليبيا كان يشتبه أنه كان يأوي داعمي هجوم الدهس ببرلين. ولهذا السبب يخمن هانز-كريستيان شتروبله، العضو السابق بلجنة مراقبة الاستخبارات بالبرلمان الألماني “بوندستاغ” وجود يد للاستخبارات الأمريكية أو الجيش الأمريكي وراء عدم إلقاء القبض على العمري “الذي لا يمكن تفسيره بخلاف ذلك”.
المصدر: دوتشيه فيلليه