لم تكن عملية دير الزور شبيهة بما سبقها نظرا لحساسية موقعها وأهميتها بالنسبة للجيش السوري وحلفاءه من جهة وللتكفيريين من جهة أخرى ، الأمر الذي استدعى التعامل معها بحرفية وأسلوب متقن يناسب وضعها فمرت عملية تحريرها بمراحل عدة شكلت جزءا من عمليات الجيش السوري والحلفاء، في ريف حلب الشرقي، وفي البادية السورية وصولاً إلى الحدود الأردنية والعراقية.
“استكمالا لعمليات والفجر 1 و2، التي أدت إلى تحرير منطقة شرق الضمير حتى الحدود الأردنية، وامتدت حتى تحرير مثلث البصيري وصولا الى الحدود العراقية والمحطة الثالثة، وتحرير محور السخنة حتى دير الزور، .. بدأت عمليات والفجر 3 للوصول إلى منطقة البوكمال الحدودية مع العراق وتطهير هذه المنطقة الواسعة والاستراتيجية من داعش.بهذه الكلمات خرج بيان قائد غرفة عمليات حلفاء سوريا في 16/9/2017،
بيان تلقفته الإدارة في واشنطن، بعد قطع ذراعها شمال التنف. الجيش السوري والحلفاء الذين أظهروا جدية تحركاتهم وعملياتهم في البادية السورية، خصوصا بعد الكلام الأمريكي الذي جاء على لسان جو بايدن نائب الرئيس الامريكي الاسبق باراك اوباما عند تمدد داعش واجتياح الحدود مع العراق، عندما تحدث عن تقسيم سوريا إلى 3 دول.
هذا الموقف الأميركي استدعى رداً حازماً من قائد فيلق القدس الحاج قاسم سليماني، قائلاً :”كم تبعد طائراتكم في قاعدة عين الأسد عن منطقة الرمادي؟”.
خطوات الجيش السوري والحلفاء على الخارطة السورية كانت مدروسة ودقيقة، اللون الأحمر (القوات السورية والحلفاء) بدأ يتمدد من أعلى الخارطة ويتجه نحو جنوب شرق البلاد بشكل تدريجي ومنسق.
اتبعت القوات المتقدمة سياسة العزل والتطويق لارهابيي داعش الذين عجزوا ومشغليهم عن ايقاف هذا التقدم، الذي استطاع عند تحرير قرية واحدة اسقاط عشرات الكيلومترات معها ، او يتم محاصرتها وفرض الطوق عليها أو الاشراف الناري الكامل، وهذا بالعلوم العسكرية بحكم الساقطة.
مهد اعلان السيطرة على كامل ريف حلب الشرقي في منتصف تموز 2017، والسيطرة على مساحات غرب الرقة، وعلى مئات الكيلومترات في ريفي حمص وحماة الشرقيين الى ايقاع خسائر فادحة بصفوف تنظيم داعش، واستعادة كامل بادية السويداء بمساحة مايقارب الـ 4000كم2 ما يعني قطع طرق الامداد التي كانت تأتي من المنطقة الجنوبية السورية للمجموعات المسلحة في درعا تحت إدارة غرفة الموك في الاردن وحتى الى مسلحي الغوطة الشرقية لدمشق.
تحرير معظم دير الزور وكسر الحصار عن المدينة أتى بشكل سريع وغير متوقع في حسابات واشنطن وحلفائها، فكانت الصفعة الثانية بعد وصول القوات إلى شمال التنف عند الحدود العراقية والتقائها مع الحشد الشعبي في 10 حزيران/يونيو 2017،وهذا بحد ذاته كان انتصارا استراتيجيا كبيرا لمحور المقاومة وهذه الخطوة كسرت الخطوط الحمر التي وضعها الكيان الصهيوني والامريكي بفتح ما بات واقعا خط ايران / العراق/سوريا / لبنان اضافة لنجاح المرحلة الثانية والتي توجت بوصول القوات الى مدينة دير الزور وفك الحصار عنها وتلتها السيطرة على كامل القرى والبلدات الواقعة في الضفة الغربية لنهر الفرات انطلاقا من مدينة دير الزور، ووصولا إلى مدينة الميادين المعقل الأبرز لداعش والذي أجبر على وضع ثقله العسكري فيها ظنا منه انها اخر مدينة يقاتل وهذا ما برز في الكميات الضخمة للاسلحة والذخائر ومنظومات الاتصالات وبعض الطائرات المسيرة هناك منها اسرائيلية الصنع وظهر ذلك في المشاهد التي عرضت مؤخرا.
تشكل البادية السورية ما مساحته 48.5 % من مساحة سوريا أي ما يقارب نصف مساحة سوريا، بمساحة تقدر بـ 90000كم2.
الجيش السوري وحلفاؤه استطاعوا تحرير حوالي 57500كم2 من مساحة البادية الإجمالي ، من سيطرة المجموعات المسلحة بمختلف أصنافها، “داعش، أسود الشرقية، قوات أحمد العبدو، جيش الإسلام وجيش سوريا الجيش الجديد” وغيرها من التشكيلات، لتتركز المواجهات مع تنظيم داعش الذي فقد معظم مساحة سيطرته في البادية السورية لتنحصر بما يعادل 10% أي 19000كم2.
وفي الضفة المقابلة لتقدم الجيش السوري والحلفاء استطاعت القوات الكردية تحت غطاء جوي من التحالف الظولي التقدم شرق نهر الفرات والسيطرة على مساحة 3500كم2. والجدير ذكره أن القوات الأمريكية استوطنت في مساحة 5000كم عند منطقة التنف، وأنشأت قاعدة عسكرية هناك تشرف من خلالها على الفصائل التي تدعمها منها “جيش سوريا الجديد” و”أسود الشرقية”، الذين كان لهم دور في نشر الفوضى والاخلال بالأمن والاستقرار في مدينة القريتين شرق حمص بعد ضرب المشروع الامريكي (التقسيم) بعرض الحائط وهزيمة ادواته في المنطقة.
والارياف التي تحررت مع عشرات المدن ومئات القرى هي ريف حلب الشرقي، ريف الرقة الجنوبي، ريف حماه الشرقي، ريف حمص الجنوبي وكامل بادية السويداء .
المشروع الظلامي لصنيعة امريكا وبعض الدول الخليجية لما يسمى “الدولة الاسلامية” داعش يلفظ انفاسه الاخيرة في سوريا والعراق بعد التقدم الكبير لمحور المقاومة والدعم الروسي الجوي المستمر لا يبقى لهذا التنظيم سوى مساحات قليلة وبعض المدن كالبوكمال التي تعد اهم تلك المناطق حتى معبر القائم مع العراق ويعتمد يوميا تنظيم داعش مبدأ الاغارات الهجومية الموضعية بالاليات المفخخة وهذا الاسلوب اصيب بالفشل بعد معالجته ميدانيا من قبل غرفة عمليات محور المقاومة من خلال استهداف هذه الآليات بالصواريخ الموجهة وتدميرها وقتل واحراق العشرات من “نخبة” مقاتلي التنظيم في اغلب هذه الحملات .
المصدر: الاعلام الحربي