بينَ عنترياتِ السلاطينِ وواقعِ الميادين، مَسافاتٌ من الحقيقةِ التي لن تتغيرَ بصُراخِ المأزومينَ ولا باستراتيجياتِ الواهمين .. فخطابُ الرئيسِ الاميركي الذي عَجَزَ عن ترجمتِه المحللون، لم يُهلِّل له الا الاسرائيليونَ وخنادقُ الديمقراطيةِ في الخليجِ كما اسماها الوزيرُ محمد جواد ظريف.
فماذا بعدَ الخطاب؟
الاتفاقُ النوويُ باقٍ ولم يَمَسَّهُ الخطاب، وحتى لو ارادَ ترامب فلن يقدرَ كما قال الاوروبيون لانهُ اتفاقيةٌ دوليةٌ مرعيةٌ من الاممِ المتحدة.
العقوباتُ على ايرانَ سمفونيةٌ امريكيةٌ ملَّها العالم، وردَّ عليها الفرنسيون والبريطانيون والالمانُ بالاستعدادِ لتطويرِ العلاقاتِ معَ طهران.
اما سقفُ الخطابِ الاميركي فرفعَ سقفَ الحركةِ في الجمهوريةِ الاسلاميةِ الايرانيةِ التي أكدَت حقَّها بتطويرِ منظومتِها الدفاعية، وتعزيزِ برنامجِها النووي السلمي، فضلاً عن رصِّ صفوفِها الداخليةِ بوجهِ الاخطارِ الخارجية. فماذا فعلَ ترامب سوى ان باعَ كلاماً للاسرائيليينَ وللسعوديةِ واتباعِها الخليجيين، وغداً تنتهي مفاعيلُ الخطابِ ويعودُ بعدَها الرئيسُ الاميركيُ ليواجهَ ازماتِه الداخلية..
فيما حقيقةُ الميدانِ من اليمنِ الى سوريا والعراقِ أكثرُ مرارةً على الرئيسِ الذي يفاوضُ داعش لاخراجِها من الرقةِ السورية، بحثاً عن نصرٍ ما ولو عبرَ حليفه “قصد” الكردي ، فيما انجازاتُ الجيشِ العربي السوري وحلفائِه الايرانيينَ والروسِ ومعهم المقاومون، تحررُ مدينةَ الميادينِ في دير الزور، وما تعنيهِ من فتحٍ للطريقِ نحوَ البوكمال لاكمالِ الانجازِ وتطهيرِ المحافظةِ كاملةً من تنظيمِ داعش الذي اعلنَ ترامب نفسُه مسؤوليةَ الادارةِ الاميركيةِ عن انشائِه خدمةً لمشاريعِها في المنطقة.
في لبنانَ يبدو ان المنطقَ والعقلانيةَ هما الحاكمانِ للمساراتِ السياسية، معَ معرفةِ البعضِ بخطورةِ المضيِّ بالخياراتِ الاميركيةِ والسعودية، او فهمِ آخرينَ لعدمِ قدرةِ أحدٍ على فرضِ تلك الخياراتِ على اللبنانيين..
المصدر: قناة المنار