تشير كل الوقائع في حياة الإنسان المعاصر إلى أن وقت الفراغ الخاص به أخذ “يتآكل” بصورة مفزعة، وأنه يتجه نحو ما يمكن أن يوصف بأنه “وباء قلة النوم الكارثي”، الذي تشكل عواقبه أمرا مفزعا للغاية ويفوق قدرة المرء على التخيل.
في العصر الحديث، وفي العقود القليلة الأخيرة منه على الأقل، نادرا ما نجد شخصا لا يقلق بشأن النوم، خصوصا مع تضاؤل الفرق بين العمل والاستمتاع بوقت الفراغ المتبقي له.
ووفقا لخبراء في مجال النوم، فإن هذا الأمر لن يتغير، ما لم تتدخل الحكومات في المسألة بصورة أكبر.
الخبير في دراسات النوم، ماثيو ووكر، مدير مركز علوم نوم البشر في جامعة كاليفورنيا، ومؤلف كتاب “لماذا ننام” يعالج في كتابه آثار “وباء قلة النوم” عن كثب، ويقول إنه ما أن يعرف المرء العلاقة بين قلة النوم وأمراض اللزهايمر والخرف والسرطان والسكري والسمنة، حتى يبادر إلى الالتزام بساعات النوم الثماني التي يوصي بها.
ويعتقد ووكر أن كل مناحي الحياة تتأثر بالنوم باختلاف تلك التأثيرات، السلبية منها المتعلقة بقلة النوم، والإيجابية المتعلقة بالقدرة على الإنتاج، ويشير إلى أن المشكلة تكمن في أن أحدا لا يتخذ أي إجراء حيال قلة النوم، مطالبا بتغيير الأمور “سواء في العمل، أو المجتمعات التي نعيش فيها وفي منازلنا وعائلاتنا”، ويوضح أن قلة النوم تكلف بريطانيا نحو 30 مليار جنيه إسترليني سنويا، وهو ما يعادل 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ويعتقد أن منحى قلة النوم أو الحرمان من النوم بدأ في السنوات الخمس والسبعين الأخيرة، ففي العام 1942، كان أقل من 8 في المئة من سكان العالم ينامون أقل من 6 ساعات يوميا، أما في العام 2017، فإن أكثر من نصف سكان العالم يحاولون ذلك.
ومن أسباب قلة النوم برأيه “الكهرباء في الليل” والعمل وبعد المسافات من وإلى العمل، كما أن لا أحد يرغب في التخلي عن وقت العائلة والأسرة، وهذا يكون على حساب النوم، وبالإضافة إلى ذلك يعتقد ووكر أن الناس في العالم المتقدم يميلون إلى الاعتقاد أن النوم مرتبط بالضعف والكسل وحتى “الخجل”، وقلة النوم صارت بالنسبة إليهم شيء يفتخرون به.
ووفقا للدراسات المتعلقة بالنوم، فإن ثلثي البالغين في العالم المتقدم يفشلون في النوم 8 ساعات في الليل بحسب توصية منظمة الصحة العالمية، والبالغ الذي ينام 6.75 ساعة في اليوم، يتوقع أن يعيش حتى عقد الستينيات من العمر، من دون تدخل طبي أو علاجي.
وبحسب الإحصائيات، فإن قلة النوم مرتبطة بحوادث السير، خصوصا لأولئك الذين ينامون أقل من 5 ساعات، ويصل احتمال وقوع الحادث معهم إلى 4.3 أضعاف الآخرين، وتزيد هذه النسبة إلى 11.5 ضعفا عند من ينامون نحو 4 ساعات.
المصدر: سكاي نيوز