أثار تعيين الجنرال فرانسوا لوكوانتر في منصب رئيس أركان الجيش الفرنسي خلفا لبيير دو فيلييه الذي قدم استقالته الأربعاء، ردود أفعال كثيرة. ففي حين أكد إيمانويل ماكرون أن الدفاع عن ميزانية الجيوش هو دور الوزير لا رئيس الأركان، اعتبرت المعارضة أن أزمة الثقة بين الجيوش ورئيس الدولة مثيرة للقلق. وتوالت ردود الفعل السياسية داخل المعارضة اليمينية، بعد إعلان استقالة رئيس أركان الجيوش الفرنسية دو فيلييه.
وكتب النائب من حزب “الجمهوريون” داميان أباد العضو في لجنة الدفاع “مبالغة إيمانويل ماكرون في فرض سلطته أدت إلى استقاله رئيس الأركان بيار دو فيلييه”. وأضاف “أنه نبأ سيء لجيوشنا”. أما رئيسة الجبهة الوطنية مارين لوبان فقد اعتبرت أن الواقعة تجسد “المحدودية المثيرة للقلق للسيد ماكرون”. وعبر رئيس كتلة اليسار الجديد في البرلمان أوليفييه فورا عن أسفه “لأزمة ثقة بين الجيوش ورئيس الدولة”.
استقالة رئيس أركان الجيوش بسبب خلافه مع ماكرون
وشكلت استقالة رئيس أركان الجيوش الفرنسية بيار دو فيلييه الأربعاء من منصبه، بعد خلاف مع الرئيس إيمانويل ماكرون حول اقتطاعات في ميزانية الدفاع، أول أزمة كبيرة لولاية الرئيس. وقال ماكرون مساء الأربعاء لقناة فرانس2 “ليس من دور رئيس أركان الجيوش” الدفاع عن ميزانية الجيوش “بل هذا دور الوزير”. وكتب الجنرال دو فيلييه في بيان يبرر فيه استقالته “في الظروف الحالية، لا أعتقد أنني قادر على الحفاظ على استمرارية نموذج الجيش الذي أؤمن به لضمان حماية فرنسا والفرنسيين”.
فرنسا: تعيين رئيس أركان جديد للجيش بعد استقالة بيير دو فيلييه من منصبه
وعين الجنرال فرانسوا لوكوانتر الذي كان يتولى حتى الآن منصب رئيس المكتب العسكري لرئيس الوزراء، في مكانه. وقال عنه ماكرون إنه “بطل عسكري قل نظيره” و”جنرال كبير في جيش البر (..) سيكون رئيس أركان كبيرا للجيوش”. ولوكوانتر (55 عاما) عمل في مشاة البحرية ولديه خبرة ميدانية طويلة (العراق والصومال ورواندا ويوغسلافيا السابقة) وعمل في عدة قيادات أركان وفي الوزارة. وقالت فلورنس بارلي وزيرة الجيوش عنه “إنه ضابط محنك ويملك تجربة” مشيدة في الآن نفسه بـ “عمل الجنرال دوفيلييه” المستقيل.
دو فيلييه: “وضع الجيش الفرنسي لا يمكن أن يستمر بهذا الشكل”
ومع أن ماكرون حرص بدوره على الإشادة بدوفيلييه “العسكري الكبير الذي يملك خصالا كبيرة وخدم بمسؤولية وشرف الدولة”، فإن استقالته تشكل سابقة في عهد الجمهورية الخامسة وأتت بعد عدة انتقادات من الرئيس.
وكان دو فيلييه انتقد اقتطاعات بقيمة 850 مليون يورو في ميزانية الجيش للعام الحالي في إطار تقشف شامل في موازنة الدولة. واعتبر دو فيلييه المعروف بنزاهته وشخصيته الصارمة والذي يحظى بتقدير العسكريين، في جلسة مغلقة أمام لجنة الدفاع في مجلس النواب، أن وضع الجيش الفرنسي “لا يمكن أن يستمر بهذا الشكل”. وكثيرا ما اشتكى رئيس الأركان السابق الذي تولى المنصب منذ 2014 من نقص الموارد المخصصة للعسكريين في الوقت الذي تشارك فيه فرنسا في عدة جبهات ضد الجهاديين والتهديد الإرهابي في منطقة الساحل (قوة برخان أربعة آلاف عنصر) وفي الشرق الأوسط (شامال 1200) مرورا بالأراضي الفرنسية (سانتينيل سبعة آلاف).
وكان ماكرون وبخ الجنرال أمام عسكريين عشية العيد الوطني في 14 تموز/يوليو بالقول له “أنا رئيسك”، كما انتقد طرحه النقاش حول الميزانية “بطريقة غير لائقة (…) على الملأ” دون أن يسميه بالاسم. وقال ماكرون لصحيفة “جورنال دو ديمانش” إنه “إذا وقع خلاف بين رئيس أركان الجيوش وبين رئيس الجمهورية فرئيس الأركان يتغير”. من جانبه قال رئيس الوزراء إدوار فيليب الأربعاء “عبر الجنرال دو فيلييه عن عدم موافقته. وهذا حقه بالتأكيد” مضيفا “لكن باعتباره عسكريا شريفا لا يمكنه الاحتجاج على خيارات رئيسه. وهو بالتالي استخلص نتائج الخلاف”.
“عقبة”
وحتى الآن كانت العلاقات بين العسكريين والرئيس الجديد ممتازة. وعدد ماكرون المبادرات الإيجابية تجاههم فقد قطع جادة الشانزليزيه على عربة عسكريين وزار جرحى الحرب في يوم تنصيبه وزار القاعدة العسكرية الفرنسية في غاو بمالي وتفقد غواصة نووية قاذفة.
كما تعهد الرئيس منذ توليه منصبه تخصيص 2% من إجمالي الناتج الداخلي للدفاع بحلول 2025، طبقا لوعوده خلال حملته الانتخابية. وقال لفرانس2 “أنا أدعم جنودنا (..) وأسرهم والدولة ملتزمة بالكامل” حيال ذلك.
وقال الجنرال المتقاعد دومينيك ترينكان المستشار السابق لماكرون “نجح ماكرون في كسب تعاطف العسكريين. والآن هناك بالتأكيد عقبة ستكون هناك بعض الصعوبة في تجاوزها” معتبرا أن الواقعة تشكل “أول أزمة” للرئيس منذ انتخابه في 7 أيار/مايو.
المصدر: فرانس24