أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري أن مجلس الأمن الدولي عجز عن منع تصدير الإرهابيين وتسليحهم وضبط الحدود وحظر المحطات التلفزيونية التي تحرض على القتل في سورية بالرغم من كل جلساته وقراراته.
وقال الجعفري في كلمة له بجلسة لمجلس الأمن حول “الأخطار التي تهدد السلام والأمن الدوليين جراء الأعمال الإرهابية .. التصدي لأفكار وايديولوجيات الإرهاب ” إنه “بعد مضي خمسة أعوام ونيف على اغتيال أحكام الميثاق ومبادئ القانون الدولي والعلاقات الودية وحسن الجوار فوق الأرض السورية وبعد استنفاذ كل السبل والوسائل لتدمير سورية دولة وشعباً وبنىً تحتية بدءاً بالإرهاب والتضليل الإعلامي واستجلاب المقاتلين الإرهابيين الأجانب والمرتزقة من أطراف الأرض الأربعة ومروراً بتسهيل استخدام الجماعات الإرهابية للمواد الكيماوية وصولاً إلى الاتجار بآلام وأوجاع وآمال اللاجئين والمهجرين واصطناع معارضات خارجية حاقدة على وطنها ومتحالفة مع لصوص الدنيا ورعاة الإرهاب والإجرام”.
وأضاف الجعفري: “بعد كل هذا وذاك يصبح من المشروع أن نقول للمنخرطين بتأجيج الأزمة وإطالة أمدها في بلادي ارفعوا أيديكم عن بلادي سورية وتوقفوا عن ذر الرماد في العيون وكفوا عن التدخل في شؤننا الداخلية تحت مسميات واهية ثبت بطلانها في العراق وسورية وليبيا والعديد من الدول الأخرى”.
ونقل الجعفري التعازي الحارة لمصر حكومة وشعباً على الضحايا من الشرطة الذين سقطوا جراء العمل الإرهابي الشنيع الذي أودى بحياتهم قبل أيام وللعراق حكومةً وشعباً للضحايا المئة الذين سقطوا اليوم جراء تفجيرات إرهابية بالسيارات المفخخة في العراق وقال :” إن هذا الإرهاب الذي ضرب كلاً من مصر والعراق هو نفسه الذي يضرب سورية ولذلك فإن اختيار هذا الموضوع اليوم يأتي في حينه وفي وقته المناسبين”.
وتابع الجعفري :”عقد مجلس الأمن منذ بداية ما أصطلح على تسميته الأزمة السورية مئات الجلسات واعتمد عشرات القرارات والبيانات وشكل آليات لتقصي الحقائق ومع ذلك فإنه عجز عن التحرك بجدية ولو خطوة واحدة باتجاه الضغط على رعاة الإرهاب لمنع تصدير الإرهابيين والمرتزقة الأجانب إلى سورية والعراق وضبط الحدود ومنع تسلل الإرهابيين ووقف معالجة مصابيهم في المشافي الإسرائيلية والتركية بتمويل قطري وحظر المحطات التلفزيونية المغرضة التي تبث من السعودية وقطر وتركيا ولندن وتحرض على الإرهاب الطائفي والمذهبي وبما ينتهك بالجملة قرارات المجلس ذات الصلة بمكافحة الإرهاب “.
وأضاف الجعفري:” أكدت سورية مراراً دعمها الكامل والجاد للتصدي للتهديد الذي يمثله الإرهاب وأيديولوجيته السامة ولإعلاء قيم السلام والحوار واحترام التنوع الديني والفكري والثقافي وكنا وما زلنا نقول أن الإرهاب هو أخطر التحديات التي يواجهها العالم اليوم وأنه عدو مشترك للإنسانية جمعاء وهو الأمر الذي يستدعي بالتالي نهوض الأمم المتحدة ومجلس الأمن بمسؤولياتهما في تنسيق وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب”.
وقال الجعفري :”إن هذا النهوض يجب أن يكون بعيدا عن المعايير المزدوجة والانتقائية والاصطفائية إذا لا يعقل أن يكون الإرهابي إرهابياً في فرنسا وبلجيكا واسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا واستراليا وتونس بينما يحلو للبعض تسميته جهاديا وجماعات مسلحة من غير الدول ومعارضة سورية مسلحة معتدلة في سورية ويغدق عليها السلاح والمال وتأشيرات الدخول والحماية الاستخباراتية ويوصله إلى الحدود السورية ويؤمن عبوره لها إلى الداخل السوري”.
وتابع الجعفري :” لقد صنع البعض للإرهاب دولة لها علم رسمي ومواقع إعلامية وربما عين بعض رعاة الإرهاب سفراء لهم بالسر لدى هذه الدولة التي قرنها متعمدا بأسماء الخلافة والإسلام وجعل لها عاصمتين في كل من سورية والعراق “.
وأضاف الجعفري: “إن دولة الإرهاب هذه لم تنشأ في إسرائيل ولا تركيا ولا السعودية ولا قطر ولا الأردن وتم إنشاؤها وجعل لها عاصمتان الرقة و الموصل في سورية والعراق ومن ثم شكل البعض تحالفاً دولياً لمواجهة هذه الدولة كي يتم استكمال مشهد الفوضى الخلاقة وها هو العالم بأسره يتابع مسرحية مكافحة ما يسمى بالتحالف الدولي “لداعش” وهي مسرحية عبثية نظراً لافتقادها للجدية والمصداقية”.
وذكر الجعفري:” إنه بدلاً من استهداف عناصر تنظيم “داعش” الإرهابي فإن ما يسمى بالتحالف الدولي قد دمر البنى التحتية العائدة للدولة السورية والشعب السوري بذريعة مكافحة الإرهاب وتغاضى عن اتجار “داعش” بالنفط والآثار مع تركيا وتصديرهما عبر أراضيها إلى اسرائيل ودول أوربية”.
وقال الجعفري: “لقد سقط القناع عن وجوه الحكومات الراعية للإرهاب التكفيري في بلادي وفي المنطقة وأفريقيا وباءت جهود تلك الحكومات الدموية بالفشل وانتهى مسلسل الكذب وبكاء التماسيح على معاناة الشعب السوري التي سببتها نفس الحكومات التي تدعي أنها تحارب الإرهاب وقد كشفت الكثير من وثائق ويكيليكس المسربة دور تلك الحكومات في استهداف سورية بعد غزو العراق وتدميره “.
واضاف الجعفري: “إن من صنع “داعش” و”جبهة النصرة” و”القاعدة” و”جيش الفتح” و”جيش الإسلام” و”أحرار الشام” و”جند الأقصى” و”لواء السلطان مراد” وحزب التحرير التركستاني وبوكو حرام والشباب وجبهة الإنقاذ والعشرات من التنظيمات الإرهابية المرتبطة بالقاعدة ومن مدهم بالسلاح والمال والتدريب والفتاوى والحماية السياسية والإعلامية وأطلق عليهم تسميات مثل العنف السياسي والجهاديين لتحصينهم من تهمة الإرهاب هو سيد الإرهاب بلا منازع وينبغي تالياً أن يكون عدواً مشتركا للبشرية جمعاء “.
وقال الجعفري :” إن التصدي للأفكار السامة التي تروج لها التنظيمات الإرهابية و داعموها وممولوها لا يقل أهمية عن التصدي لاستخدام الجماعات الإرهابية أسلحة كيماوية أو بيولوجية”.
وأضاف الجعفري : “من غير الممكن التغاضي عن الدور الهدام الذي تمارسه حكومات الدول الداعمة للإرهاب إذا يقوم النظامان السعودي والقطري بالإساءة للعرب والمسلمين عبر نشر أفكار وهابية تكفيرية جاهلية متطرفة وتعاليم مغلوطة وتفسيرات مشوهة للدين الإسلامي كما يقومان والنظام التركي بتقديم الدعم بشتى اشكاله للإرهاب التكفيري العابر للحدود والقارات والقوانين واستغلاله لخدمات أجندات هدامة على حساب السلم والأمن الدوليين ودماء وأرواح ضحايا الإرهاب في العديد من دول الأعضاء ومن بينها بلادي “.
وأضاف الجعفري: “إن التنوع الثقافي والحضاري والديني وخيارات سورية السياسية المستقلة هو ما يتم استهدافه بهذا العدوان الآثم الذي تتعرض له بلادي بأداة الإرهاب ومشغليه إلا أن الإنجازات المشرفة التي يحققها الجيش السوري والقوات المسلحة وبدعم من الأصدقاء في معركة التصدي للإرهاب ومنها تحرير مدينة تدمر التاريخية من عناصر تنظيم “داعش” الإرهابي وعودة الفن والموسيقا إلى مسرح تدمر الأثري إنما تمثل انتصاراً للحضارة والنور على الفكر الإرهابي التكفيري المتخلف”.
وأكد الجعفري ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري المحتل وغيره من الأراضي العربية المحتلة ووضع حد لممارسات سلطات الاحتلال الداعمة للإرهاب والتي أدت إلى طرد عناصر الأندوف من منطقة خط الفصل في الجولان المحتل واستبدالها بعناصر إرهابية من جبهة النصرة ولواء اليرموك.
وشدد الجعفري على أهمية عدم مكافأة الإرهابيين وداعميهم على أنشطتهم الإجرامية وقال: “إنه لمن المؤسف والمعيب أن تذعن أوروبا لإبرام اتفاق مع نظام أردوغان الداعم للإرهاب على نحو يتيح له ابتزازها والمتاجرة بأوضاع اللاجئين والمهجرين واستغلال معاناتهم الناجمة عن ممارسته هو وذلك لإعفاء مواطنيه من سمات الدخول لدول الاتحاد الأوروبي وتحقيق مكاسب مادية رخيصة”.
وكان مجلس الأمن قد تبنى اليوم بياناً رئاسياً يطلب من لجنة مكافحة الإرهاب العمل مع الجهات الفاعلة الأخرى في الأمم المتحدة والدول الأعضاء لتقديم اقتراح إلى مجلس الأمن قبل الثلاثين من نيسان العام القادم للحصول على إطار دولي شامل لمواجهة الروايات التي تستند إليها التنظيمات الإرهابية والتي تشجع على تحفيز وتجنيد أعضاء جدد لارتكاب أعمال ارهابية عبر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتقنيات الحديثة في ذلك.
وقال مندوب روسيا الدائم لدى الامم المتحدة فيتالي تشوركين أمام الجلسة: “إن الوقت قد حان لتجميع الموارد من جانب المجتمع الدولي لمواجهة الايديولوجية الإرهابية ونحن مقتنعون بأننا بحاجة لاتخاذ تدابير فعالة في مكافحة الإرهاب على أساس القانون الدولي ووفق قرارات مجلس الأمن بمنأى عن المعايير المزدوجة وأي سياسات مماثلة”.
بدوره قال ممثل الصين في كلمة له: “أنه أصبح مطلوباً اليوم إنشاء نوع جديد من العلاقات الدولية مبني على نشر الافكار المعتدلة” داعياً المجتمع الدولي إلى التحرك لمنع التنظيمات الارهابية من استخدام الإنترنت لنشر أفكارها التكفيرية والمتطرفة من خلال انشاء شبكة عالمية لمكافحة الإرهاب ومساءلة الذين يقومون بنشر هذه الافكار وخاصة بين جيل الشباب.
وطالب بعض المتحدثين خلال الجلسة بالابتعاد عن المعايير المزدوجة وتصنيف الإرهابيين بين أخيار وأشرار.
المصدر: وكالة سانا