أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين، أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته
وأرحب بكم في مدينة الهرمل، باسم أهل الهرمل، بمدينة الشهداء، أرحّب بكم في الاحتفال بهذا العيد الوطني الكبير والعظيم، عيد المقاومة والتحرير
اسمحوا لي، سأتحدث اليوم بسرعة لأنه لدينا ما ينبغي أن يقال، وإذا عجّلت قليلاً بالكلام اعتبروه من مقتضيات الظرف.
نحن في هذا العام انتخبنا مدينة الهرمل لاحتفالنا الوطني هذا لنعبّر عن موقع هذه المدينة وعن موقع هذا القضاء وأهل هذه البلدات، وبالتالي أيضاً نعبّر عن أهل وموقع وموقف أهل بعلبك الهرمل ومحافظة بعلبك الهرمل وأهل البقاع عموماً في هذا الانتصار العظيم الذي تحقق عام 2000، 25 أيار 2000، شباب هذه المنطقة الذين لبّوا النداء منذ الأيام الأولى وملأوا خطوط المواجهة ومعسكرات التدريب في محاور الجنوب وفي محاور البقاع الغربي وقدّموا الشهداء وذهب منهم مجاهدون إلى زنازين الأسر، اعتُقلوا وأُسروا وما زال في بيوتهم مئات الجرحى، عوائل الشهداء وعوائل الجرحى، والمجاهدون في هذه المنطقة، والبيئة الحاضنة التي شكّلها أهل هذه المنطقة للمقاومة منذ بداياتها الأولى، في زمن الغربة وفي زمن الوحدة وفي زمن تخلي العالم، يجب أن يُذكر هذا الأمر في كل عيد للمقاومة والتحرير.
تحية إلى أهلنا في الهرمل وفي بلداتها وفي كل منطقة بعلبك الهرمل والبقاع، إلى أهلها الأوفياء، إلى الرجال والنساء والصغار والكبار والذين كانوا دائماً على العهد منذ الانطلاقة الأولى، وما زالوا الثابتين والأوفياء والمخلصين والحاضرين والملبّين لكل نداء، والمستعدين لكل موقف يتطلب الشجاعة أو التضحية أو العطاء بلا حدود أو الجود، كما هو الحال في السابق وفي الحاضر وسيكون في المستقبل إن شاء الله.
أيها الإخوة والأخوات:
اسمحوا لي أن أتحدث أولاً عن المناسبة للعبرة، للإنطلاق منها إلى الوضع الداخلي، ثم إلى وضع المنطقة، ونحن اليوم في مرحلة مهمة وحساسة جداً في تاريخ لبنان وفي تاريخ المنطقة.
بالمناسبة، بمناسبة عيد المقاومة والتحرير، هناك مقطع من الكلام يجب أن يعاد في بداية خطاب كل سنة، هذا المضمون ذكرتُهُ عام 2016 وعام 2015 و2014 ويجب أن يقال وأن يعاد أولا لتطلّع عليه الأجيال من شباب ومن شابات لبنان والعالم العربي والإسلامي الذين لم يولدوا أو لم يعاصروا ذكرى التحرير وأحداث المقاومة عام 2000 وقبل عام 2000 وللذين عايشوا وعاصروا للتزود من هذه الحادثة التاريخية.
للتذكير ولتحديد المسؤوليات، بالضبط للإنصاف، عندما اجتاحت إسرائيل لبنان عام 1982 وقف العالم كله يتفرج، وعندما احتل الجيش الإسرائيلي جيش الإحتلال ما يقارب نصف لبنان ومن ضمنها العاصمة بيروت لم يحرك أحد في العالم ساكناً. اللبنانيون اتخذوا قرار مقاومة الاحتلال وتحرير الأرض، الأحزاب والحركات والفصائل الإسلامية والوطنية في لبنان أخذت هذا القرار وبدأت بإمكانياتها المتواضعة وانطلقت المقاومة وواصلت جهدها وأُنجز التحرير على مراحل وكان الانتصار الكبير في 25 أيار 2000.
في ذلك الوقت من الـ 82 وللـ 2000 لم ينتظر من آمن بالمقاومة ـ هذا كله كلام ليس جديداً ولكن للتذكيرـ لم ينتظر من آمن بالمقاومة لا دولاً عربية ولا إسلامية ولا غربية ولا أمريكا ولا مجلس أمن ولا جامعة دول عربية ولا مؤتمر إسلامي، بل بالعكس كانت أمريكا والغرب وبعض الدول العربية تقدّم الدعم والمساندة لإسرائيل لاحتلال لبنان، ولم ينتظر من آمن بالمقاومة إجماعاً وطنياً داخلياً بسبب الانقسام ولا دعماً خارجياً، نعم في 25 أيار 2017 يجب أن نعيد إلى ذاكرة العالم واللبنانيين أن الدولتين الوحيدتين في العالم اللتين وقفتا إلى جانب الشعب اللبناني في مقاومة الإحتلال وتحرير الأرض وصنع الانتصار هما فقط وفقط وفقط وفقط الجمهورية الإسلامية في إيران والجمهورية العربية السورية لم يكن هناك أي موقف وأي موقع وأي مساندة وأي دعم لا من دول غربية ولا من دول عربية ولا سعودية ولا خليجية ولا أحد، فيما كان العالم كله يقدم الدعم والحماية لإسرائيل.
يجب أن تعرف أجيالنا الحاضرة وأن نذكّر الجميع أن هذا الأنتصار الوطني والقومي والإنساني الكبير هو حصيلة تضحيات المقاومين اللبنانيين من جميع الحركات والفصائل، من المقاومة الإسلامية إلى أفواج المقاومة اللبنانية أمل، إلى أحزاب وفصائل المقاومة الوطنية اللبنانية، وإلى جانبهم إخوانهم من فصائل المقاومة الفلسطينية الذين شاركوا في القتال وفي العمليات، وقدّموا أعداداً كبيرة من الشهداء، وأيضا قوات الجيش السوري التي تحمّلت أعباء كبيرة في تلك السنوات وفي تلك المواجهات.
وفي هذا السياق يجب دائماً أن تذكر أسماء لها صلة لهذا الانتصار إيجاداً وتأسيساً واستمراراً: الإمام القائد السيد موسى الصدر أعادها الله بخير ورفيقيه، سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي، شيخ شهداء المقاومة الإسلامية الشيخ راغب حرب، القائد الجهادي الكبير الحاج عماد مغنية، وهذا أيضا ما يرتبط بكل الأسماء والقادة من كل الفصائل ومن كل الشخصيات.
هذا الانتصار هو نتيجة صمود الشعب وخصوصاً في الجنوب وفي البقاع، وبالأخص في المناطق الأمامية وتضحيات هذا الشعب وصبره وتحمله واحتضانه للمقاومة. هذا الانتصار هو أيضاً نتيجة التضحيات الجسيمة التي تحمّلها الجيش اللبناني والقوى الأمنية في مراحل مختلفة من هذه المعركة ومن هذا الصراع.
هذا الانتصار هو أيضاً نتيجة للتعاون الوثيق قبل عام 2000 وبعده ـ ولكن عندما نتحدث عن عام 2000 ـ قبل عام 2000 بين المقاومة والدولة والجيش، هذه العلاقة التي حمتها الثقة المتبادلة والاحترام والإيمان الواحد بمواجهة الإحتلال. يجب دائماً أن يُذكر أن هذا الانتصار التاريخي حصل في المرحلة التي كان يتولى فيها مسؤولية الدولة في لبنان على مستوى رئاسة الجمهورية فخامة الرئيس العماد إميل لحود على مستوى رئاسة مجلس النواب دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري، وعلى مستوى رئاسة مجلس الوزراء دولة الرئيس الدكتور سليم الحص. هذا يجب أيضاً أن يُعاد وأن يُذكّر به في كل مناسبة.
أيها الإخوة والأخوات: العبرة الأساسية التي آخذها اليوم من كل هذا الحديث هي ما يلي:
إن المسألة في مواجهة الاحتلال أو في مواجهة المؤامرات المشبوهة أو في وجه الإعتداءات الخارجية ترتبط بالدرجة الأولى بإرادتكم وتصميكم، بعزمكم، بإيمانكم، بإيمان أي شعب. أما إذا (هذا الشعب) كان لا يملك العزم ولا التصميم ولا الإيمان ولا الوعي، وإنما تتملكه روح الهزيمة والتواكل وانتظار الآخرين في العالم، الآخرون ما جاءوا ولم يجيئوا ما أتوا ولم يأتوا.
المسألة ترتبط بكم، بإرادتكم. الذي يصنع اليوم مصير شعوب ودول وحكومات هذه المنطقةهي إرادة شعوب هذه المنطقة، في سورية والعراق، في إيران وفي اليمن وفي البحرين في كل بلد يتعرض للتهديد وللمؤامرة وللاحتلال، في فلسطين التي راهن الصهاينة على موت الجيل الأول والجيل الثاني وذهاب الأجيال الباقية إلى دائرة النسيان والتخلي والاهتمام بقضايا أخرى، والمفاجأة الكبيرة في فلسطين أن المقاومة تنتقل من جيل إلى جيل وأن أغلب الاستشهاديين وحملة السكاكين والصامدين في الجبهة في ساحات المواجهة هم من جيل الشباب سواء كانوا ذكوراً أم إناثاً، المسألة إذاً هنا وما هو آتٍ في الأيام والأسابيع والشهور والسنوات المقبلة تصنعونه أنتم، لا يستطيع أحد أن يصنعه لكم، لا يستطيع أحد، لا أميركا ولا أحد في هذا العالم. عندما إجتاحت إسرائيل كما ذكرت قبل قليل في العام 1982 كان العالم معها. ولأن اللبنانيين رفضوا الاحتلال، لم يستطع أقوى جيش في المنطقة أن يبقى في لبنان، ولن يستطيع أي جيش في أي مكان في العالم أن يبقى في منطقة يرفضه شعبها، هذه هي العبرة الأساسية وهذه هي نقطة القوة الأساسية، يعني يجب أن نتوكل على الله وأن نثق بأنفسنا وبقدراتنا وبإمكانياتنا وبأننا نستطيع، والدليل الانتصار الكبير في 25 أيار 2000.
هذا في المناسبة، منه أريد أن أدخل إلى بعض العناوين المحلية.
بناءً على هذه الإرادة وعلى هذه الروح، هذا الأمر هو الذي تكرر في البقاع، في السنوات القليلة الماضية، وفي الهرمل وفي بعلبك ، عندما حدث ما حدث في سوريا وقامت الجماعات المسلحة بالسيطرة على أغلب المناطق الحدودية مع البقاع ومع بعلبك- الهرمل، وبدأت تهدد باجتياح القرى والبلدات البقاعية، وهذه القرى والبلدات ـ ومنها الهرمل ـ كان لها حظٌ كبير للأسف من الصواريخ ومن السيارات المفخخة ومن الانتحاريين، أنتم الذين حسمتم الموقف، لم يأتِ أحد من الخارج ليعينكم، بل كان الخارج يتآمر مع الجماعات المسلحة على أمنكم وعلى أعراضكم وعلى دمائكم، ويقدم لها الدعم الإعلامي والسياسي والمالي والتسليحي، ولم تنتظروا ـ كما في المقاومة ـ لم تنتظروا إجماعاً وطنياً، بسبب الانقسام الذي كان قائماً، ولا أريد أن أفتح هذا الملف كي لا أفتح جروحات، لم تنتظروا أحداً، بل بادرتم بأنفسكم، وإلى جانب جيشكم الوطني وقفتم وواجهتم ودافعتم وقدمتم الشهداء، وكانت المقاومة كلها إلى جانبكم، كما ذهب أبناء الهرمل وابناء بعلبك ليستشهدوا في بلدات الجنوب، جاء شباب الجنوب ليستشهدوا في قرى وجبال وجرود بعلبك الهرمل، هذا القرار هو الذي حمى هذه المنطقة.
لولا إرادتكم وحضوركم ومسارعتكم لحلّت النكبة في هذه البلدات وفي هذه القرى، كما حلّت النكبة في كل المناطق والقرى والبلدات التي دخلتها الجماعات المسلحة في سوريا أو في العراق أو في اليمن أو في أي مكان آخر.
إذاً، اليوم نحن أمام تكرار لهذه التجربة ولهذا المعنى ولهذا الفهم ولهذه الثقافة، ولكن في ساحة مختلفة ومع عدو مختلف. هذا الإنجاز وهذا الانتصار في مواجهة الجماعات الإرهابية المسلحة تحقّق على مراحل:
المرحلة الأولى: عندما تم استيعاب واحتواء هجوم وتمدد المسلحين، والمرحلة الثانية: عندما تم طردهم من أغلب المناطق الحدودية السورية مع لبنان ولم يتبقَّ سوى جزء بسيط من القلمون الغربي المطل على جرود عرسال، المرحلة الثالثة: عندما تم تأمين السلسلة الشرقية بالكامل. وبقيت المرحلة الأخيرة، المرحلة الأخيرة هي جرود عرسال، وهنا أعيد وأكرّر الدعوة من جديد، أهل عرسال يجب أن يبذلوا جهداً، والحكومة اللبنانية يجب أن تبذل جهداً، هذا الواقع القائم في جرود عرسال لا يجوز أن يستمر بأي سبب وبأي حجة، نحن حريصون على حقن الدماء وحريصون على إنهاء هذا الملف بالطرق السلمية وبالتسويات الممكنة، ويجب على الجميع أن يبذل جهداً في هذا المجال، لكن في نهاية المطاف لا يمكن البقاء في الوضع القائم وهناك جرود توجد فيها جماعات مسلحة ولديها سيارات مفخخة ولديها انتحاريون، ويمكن أن تهدد هذه المنطقة وقراها وبلداتها في أي لحظة من اللحظات.
أعود وأقول للجماعات المسلحة في هذه الجرود: لا أفق لمعركتكم، ولا أمل لكم، ومسار الحرب القائمة في سوريا وفي العراق مع هذه الجماعات أخذ منحىً مختلفاً تماماً، لذلك فلتكن هناك الفرصة المناسبة للانتهاء من هذا الملف بأفضل وسيلة ممكنة.
النقطة التي تليها: فيما يتعلق بالأمن الداخلي في منطقة البقاع وفي محافظة بعلبك الهرمل، الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية تقوم بإجراءات وتدابير مناسبة وجيدة، هذا الأمر كان في الحقيقة مطلب الأهالي ومطلب نواب المنطقة ووزراء المنطقة وفعاليات المنطقة والدولة استجابت على مستوى مؤسساتها العسكرية والأمنية:
أولاً: نحن نؤكد على أهمية استمرار الجهد الأمني الرسمي في مواجهة الارتكابات التي تحصل في هذه المنطقة، ومن الواضح أن الأمور قد تحسنت بدرجة كبيرة، وثانياً: نحن ندعو الأهالي إلى مزيد من التعاون مع الجيش والقوى الأمنية لتحقيق هذا الهدف الذي يعود بالخير إلى الجميع وعلى الجميع.
قد تحصل أحياناً بعض الأخطاء، هذا أمر طبيعي لأنه لا يوجد أحد معصوم، ولكن لا تسمحوا لأحد أن يستغل أي خطأ يحصل، على حاجز أو من دورية أمنية أو عسكرية لإثارة الناس ضد الجيش والقوى الأمنية، هذا ما يريد أن يستغله المجرمون والشبكات المسيئة لأهلنا في البقاع ولأمن البقاع ولسلامة البقاع.
يجب أن تحاصر هذه الحالات وتعالج بالحكمة وبالقانون وبالمسؤولية، وثالثاً ورابعاً: التأكيد على مواصلة هذا العمل ليتكامل أيضاً مع كل الجهود في الملف القضائي الذي يُعمل عليه في الليل وفي النهار، في موضوع العفو حيث يمكن العفو، وفي الملف الإنمائي وفي الملف الإداري، وفي بقية الملفات.
النقطة التي تليها في الوضع المحلي الداخلي: فيما يتعلق بالانتخابات وبقانون الانتخابات في المرحلة المقبلة، الوضع طبعاً يضيق يوماً بعد يوم، يضيق الوقت، لكن ما زلنا نأمل التوصل إلى قانون جديد، وهذا أمل حقيقي، وليس لتهدئة النفوس.
خلال اليومين الماصيين، بحسب معلوماتنا ومتابعتنا لأننا جزء من المعنيين والمتابعين، هناك بعض الأفكار الجديدة والطروحات الجديدة التي يمكن أن توصل الجميع إلى نتيجة طيبة على مستوى قانون إنتخابي جديد.
نحن ما زلنا نُصر على أهمية الوصول إلى قانون إنتخابي جديد من أجل البلد ومصلحة البلد ومصداقية الجميع، نحن جميعاً قلنا لا للفراغ ولا للتمديد ولا لقانون الستين. الذي يحفظ مصلحة البلد ومعنويات الجميع ومصداقية الجميع هو التوصل إلى قانون انتخابي جديد.
عندما يقول فخامة الرئيس العماد عون قبل يومين في مجلس الوزراء، أو في لقاء الصحفيين، إن القوى السياسية أمامها فرصة حتى 20 حزيران للتوصل إلى قانون جديد، يعني من الطبيعي ومن المنطقي أن نكون أمام عقد إستثنائي لمجلس النواب، وهذا يعطي المزيد من الأيام والمزيد من الوقت الضيق عسى ولعل أن نصل إلى هذه النتيجة المطلوبة.
على مستوى المنطقة: بطبيعة الحال الكل كان ينتظر ما سُمي بقمم الرياض، وما سينتج عنها، وما سيبنى عليها من أحداث في المنطقة وما سيبنى عليها من مشاريع. هذه القمم انعقدت وصدر عنها خطابات وبيانات ومواقف، وهو ما أريد أن أتحدث عنه لأنه مفصل مهم في مصير المنطقة وفي مصير لبنان.
لكن أسمحوا لي قبل ذلك، أن أتحدث فيما يتعلق بلبنان، لأن البعض تكلم عن قلق تجاه الوضع اللبناني، قبل قمة الرياض وبعد قمم الرياض، وهذا القلق ـ نعم ـ بشكل أو بآخر كان موجوداً وعبّر عنه العديد والكثيرون، وأن هذا من الممكن أن يكون له انعكاس في لبنان.
اسمحوا لي اليوم أن أطمئن جميع اللبنانيين، بكلمة مختصرة، أن كل ما قيل وما صمّم وما أُعلن وما صدر من مواقف ومن بيانات في الرياض، إن شاء الله وبهمّة اللبنانيين وتعقّلهم وتفهّمهم وتفاهمهم لن يكون له أي إنعكاس على الوضع الداخلي اللبناني. سوف أقول لماذا؟
نحن منذ مدة، ومنذ إنتخاب الرئيس عون وتشكيل حكومة جديدة تفاهمنا داخلياً أنه نحن في الملفات الإقليمية مختلفون. مثلاً: حزب الله يندّد بقمة الرياض وبإعلان الرياض وتيار المستقبل يُشيد بقمة الرياض وبإعلان الرياض، لا توجد مشكلة، نحن تفاهمنا أنه في القضايا الإقليمية نحن مختلفون، نحن مختلفون على سوريا وعلى العراق وعلى البحرين وعلى اليمن وعلى السعودية وعلى إيران وعلى فلسطين، لكننا تبانينا أنه في الموضوع اللبناني الداخلي، فيما يتعلق بالأمن وبالاستقرار وبإعادة بناء الدولة وبمتابعة الملفات الاقتصادية والمعيشية والحياتية للناس، في قضايا الإصلاح الداخلي وفي قضايا الحوار الوطني، أننا يجب أن نتكلم مع بعض ونتفاهم ونكون معاً في الحكومة و”نطوّل بالنا على بعض” و”ندوّر الزوايا”، وهذا ما أعطى لبنان خلال الأشهر الماضية هذا المستوى من الأمن ومن الاستقرار والهدوء، وحتى أصعب الملفات يتم مقاربتها بشكل معقول.
إذاً هذا التباني ينسحب على ما بعد قمة الرياض. هناك أمر يجب أن يُذكر هنا وساعد بقوة على تثبيت تحصين هذا الوضع، يعني هذا الذي أقوله من عدم الإنعكاس وهو ما يلي: أنه بمعزل عن ملابسات مشاركة وفد لبنان الرسمي في قمة الرياض، لكن ما جرى بعد ذلك وهو على الشكل التالي: أولاً: أنه بمجرد أن صدر إعلان الرياض، البيان الذي سأتكلم عنه بعد قليل، مجرد أن صدر البيان، والحقيقة أن هذا البيان لم يعرض في القمة، ولم يطلع عليه القادة والرؤساء والملوك والأمراء والوزراء، إنما تمت صياغته وإعلانه بعد خروج الجميع.
الأمر الأول أن وزير الخارجية اللبنانية الأستاذ جبران باسيل أخذ مبادرة أستطيع أن اصفها ـ وأنا أعني ما أقول، لا أريد أن أجامل أحداً، دعوا التفاصيل اللبنانية على جنب ـ لكن بهذا الموضوع يجب أن تقال هذه الكلمة، إنه هناك موقف صادق وشجاع ومسؤول:
ـ صادق لأن هذه هي الحقيقة، البيان لم يُعرض على القمة، ما يسمى بـ “إعلان الرياض”.
ـ وشجاع لأن الذين غادروا وسمعوا بالإعلان من وسائل الإعلام لم يجرؤ كثير منهم أن يصدر بياناً وأن يقول إنه لم يأخذ علماً ولم يخبره أحد ولم يسأله احد ولم يشاروه احد، وهذه مصيبة طبعاً.
ـ ومسؤول لأنه يحصّن البلد ويحمي البلد ويحمي النسيج الوطني والانسجام الوطني القائم في البلد.
وجاء بعده بيوم واحد موقف فخامة الرئيس العماد ميشال عون ليؤكد على هذا المعنى وأن ما يلتزم به لبنان هو خطاب القسم والبيان الوزاري. وما حصل بالأمس أيضاً في جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا، في حضور فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس الحكومة والوزراء من مختلف القوى السياسية، الذين أكدوا على أن ما يلتزمه لبنان هو خطاب القسم والبيان الوزاري، وأن إعلان الرياض لا يلزم لبنان بشيء، وهذا ما قاله أيضاً تيار المستقبل.
هذا كله طبعاً يحمي البلد ويحصّنه ويؤكد من قبل كل القوى السياسية في لبنان أننا نريد لبلدنا أن يكون بمعزل عن انعكاسات وتداعيات هذه القمم وهذا الإعلان سواء كنا كحزب أو تيار أو جماعة أو حركة نؤيد هذه القمة أو نرفضها، وهذه نقطة إيجابية جداً في السلوك الوطني الحالي في لبنان.
حسناً، إذا انتقلنا إلى وضع المنطقة والوضع الإقليمي، اسمحو لي قبل الدخول إلى القمم أن أبدأ من البحرين وما جرى فيها خلال اليومين الماضيين.
الكل يعرف أن هناك حراكاً سلمياً شعبياً جماهيرياً كبيراً وممتداً في البحرين ويشكل أغلبية الشعب البحريني، وكان يقود هذا الحراك وما زال سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم، بحكمة وروية وهدوء وسلمية وبعيداً عن العنف. لكن النظام، نظام آل خليفة بدل أن يبادر إلى الحوار وإلى التفاوض وإلى الاستماع إلى مطالب الناس، وهم جلّ ما يطالبون به بأغلبيتهم هو الإصلاح، الإصلاح فقط، وووجِهوا بالرصاص والقتل وباعتقال العلماء والقادة والرموز وقتل الشباب وإعدامهم وسحق عظامهم وسجن النساء ومداهمة المنازل وهدم المساجد والمحاصرة على كل صعيد، وصولاً إلى نزع الجنسية عن الشيخ قاسم واتخاذ قرار بتسفيره، مما دعا الآلاف من أبناء الشعب البحريني من رجال ونساء لأن يعتصموا في محيط منزله منذ ما يقارب السنة بكاملها، في العراء، في الشتاء والصيف، جلس رجال ونساء البحرين لحماية قائدهم وعالمهم وحكيمهم ورمزهم وضمانتهم، وكانت هناك محاولات متعددة من قبل السلطة البحرينية للاعتداء على هؤلاء والمداهمة.
الآن لعل هذه واحدة من إفرازات قمة الرياض ومن “بركات” ترامب ولقائه مع ملك البحرين، انه اذهب وافعل ما شئت ـ يوجد رئيس أميركي، مهما تتكلمون عن حقوق الانسان والديمقراطية، هذا لا يخجل، هذا يريد فقط أموالاً ـ إذهب وافعل ما شئت، ولذلك كان الهجوم الشرس على ساحة الفداء في الدراز وهناك شهداء ومئات الجرحى ومئات المفقودين الذين يجب أن تلزم السلطة البحرينية بكشف مصيرهم، وهناك أيضاً الإرهاب لكل البيوت والعائلات في البلدة وفرض الإقامة الجبرية على سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم. وقد عرفنا أيضاً أنهم يتصلون بدولة هنا ودولة هناك لترحيل سماحة الشيخ اليها. وهنا أيضاً أطالب الحكومة اللبنانية ـ كما اتخذت الحكومة العراقية موقفاً ـ (باتخاذ موقف) برفض تسفير سماحة اية الله الشيخ عيسى قاسم إلى لبنان، لأنهم يمكن ان يفعلوا هذا الشيء ويفاجئوا اللبنانيين بأن سماحة الشيخ بالطائرة في مطار بيروت. مسبقاً يجب أن تبلغ سلطات البحرين بموقف رافض لهذا الموضوع لأن الطبيعي والمنطقي هو أن يُطلق سراح سماحة الشيخ عيسى قاسم وأن يُفك الحصار عن بيته وأن يعيش في منزله في الدراز بأمن وأمان وسلام.
هذه ضمانة للبحرين ولشعب البحرين ولمستقبل البحرين، والخيارات الأخرى هي خيارات خاسئة وخاسرة وخاطئة، ويجب التحذير منها ويجب على الجميع في العالم أن يتحملوا مسؤوليتهم على هذا الصعيد.
نأتي إلى القمم، أولا قيل إن هناك قمماً ثلاث في الشكل. يوجد قمة واحدة، هي القمة الثنائية بين السعودية وأميركا، يعني بين الرئيس ترامب والملك سليمان والوفود التي معهم، القمة الأميركية الخليجية هي لقاء تكريمي تشريفي احتفالي، والقمة الأميركية العربية الإسلامية 55 أو 56 دولة هي احتفال واحتفاء بالرئيس ترامب ولم تكن قمة، ولا مؤتمراً، لأنه لم يكن هناك لجان تحضيرية ولا مواد وزعة على الحاضرين ولا وزراء خارجية التقوا قبل وقت ولا وزراء دفاع التقوا قبل وقت ولا مسودة بيان ولا حوار ولا مفاوضات ولا كلام ولا شيء، جمعوا الرؤساء من أغلب البلدان العربية والإسلامية وخطب فيهم الملك سلمان وخطب فيهم الرئيس ترامب وكلمتين ثلاث وانتهوا، حتى بقية الكلمات لم يقولوها، لأن الملك تعب، هكذا قالوا وقتها، وعاد المسؤولون إلى بيوتهم، حتى يوجد من الوفود من قال إنه يا أخي لم يودعنا أحد على المطار، لم يقل لنا أحد: الله معكم.
وفوجىء بعد ذلك الجميع بما سمي إعلان الرياض، هذا اعلان الرياض، هذا إعلان أميركي سعودي. 55 دولة عربية وإسلامية أغلبيتها الساحقة ليس لديها علم لا بالبيان ولا بالمضمون، وهذا بحد ذاته يشكل فضيحة.
انظروا مثلاً، في البيان نقرأ أنه: وناقش القادة الحاضرون، وأكد القادة وشدد القادة ورحّب القادة وقرّر القادة، والقادة لم يناقشوا ولم يرحبوا ولم يشددوا، وليس لديهم علم ولم يسمعوا بشيء، وهناك ناس كانوا نائمين، وبعد ذلك سمعوا البيان من وسائل الإعلام.
إعلان الرياض هو إعلان سعودي أميركي ونقطة على أول السطر.
هذا طبعاً فضيحة ونقطة ضعف ومهزلة في القمم وفي المؤتمرات، في الدنيا لا يحصل هذ. وهذا على كل حال له سوابق في السعودية، كما قبل سنة او سنتين في مواجهة صمود اليمن وشعب اليمن خرج وزير الدفاع السعودي ليعطي معنويات لجماعته، فأعلن عن تشكيل التحالف الإسلامي العسكري من حوالي 30 دولة، وبعض الدول كان لديها الجرأة لتقول: “ليس لدينا علم! لم يكلمنا أحد! ولم يتصل بنا أحد وسمعنا في الإعلام”. تصوروا، يُشكّل تحالف عسكري دولي عالمي إسلامي ويوجد دول لا علم لها، وتأخذ علماً بالاعلام، وهذا ليس بجديد لا على السعودية ولا على سلوكها. إذاً، القمة الحقيقية هي القمة الثنائية. حسناً، هذا بالشكل. الذي يجب أن يُتابع ويُنقد ويُناقش، هو الاتفاقات الثنائية وما قدم للـميركيين وما التزم الأميركيون به مع السعوديين وآثار هذا على المنطقة، هذا الجدّي، الباقي كله خطابات وكلمات ومواقف وغداء وعشاء وعرض أزياء، إلخ..
ثانياً: القمة الموسعة التي سمّيت قمة وجمع لها هذا العدد الكبير من الدول وقادة ورؤساء الدول، يأتي السؤال أن ما هذا الذي حصل أولاً، يعني توصيفه، يعني ما قامت به السعودية، ما هو بالتحديد وما هو سببه، الذي قامت فيه، أهدافها من هذا اللقاء الحاشد؟
1ـ تعظيم ترامب وتكريمه، الذي كان يحصل هو عملية تعظيم ترامب وتكريم وتجليل، ويوجد مظاهر يستحق أن يتوقف الإنسان عندها، ولا أريد أن أدخل فيها الآن.
2ـ إبراز الموقع المركزي للسعودية في الخليج وفي العالم العربي والاسلامي، بـأن يقول للأميركيين إننا نحن مركزية العالم العربي والاسلامي والخليج، نحن نجمع العالم ونحن نأتي بهم ونحن نستدعيهم ونحن نوقفهم بالصف ليستمعوا إلى خطابك هذا طبعاً بالبعد المعنوي والسياسي له نتيجة أصل إليها بعد قليل.
3ـ التهويل على ايران وعلى محور المقاومة، أن انظروا يا إيران ويا سورية، يا حزب الله، يا حماس، يا حركات المقاومة، أيضاً الشعب العراقي اليمن والكل، انظروا: أميركا قادمة، وكل هذا الحشد الدولي والعربي والاسلامي والخليجي يتبنى الحرب عليكم، هذا طبعا ليس له قيمة وأعود إليه بعد قليل.
4ـ محاولة لدفع الولايات المتحدة الاميركية وإقناعها بكل الوسائل لتدخل هي في المواجهة المباشرة، في مواجهة إيران وفي مواجهة محور المقاومة. السعودي، عندما قام بكل هذه الحفلات فإن أهم الأهداف التي يريد أن يحققها هي هذه الأهداف.
السؤال الذي يأتي بعده، لماذا السعوديين فعلوا ذلك؟ ومع هذا الرئيس بالتحديد؟
نبدأ بالهدف الأول: لماذا هذا التكريم والتبجيل والتعظيم للرئيس ترامب، وهو ما يلي:
أكثر رئيس خلال الحملة الانتخابية على مدى سنة أساء للإسلام كدين وأساء للمسلمين كأتباع دين وكأمة، وهو أكثر رئيس أساء للعرب كقومية وأساء للسعودية وأساء لدول الخليج. أليس هذا الرئيس هو الذي قال إن السعودية بقرة حلوب يجب أن نحلبها وبعد ذلك نقضي عليها؟ هذا أكثر رئيس عنصري، هذا أول رئيس عندما دخل إلى البيت الابيض أصدر قراراً بمنع المسلمين وأتباع 8 دول عربية وإسلامية من الدخول إلى الولايات المتحدة الأميركية، هذا أكثر رئيس محب لإسرائيل وداعم لإسرائيل ومساند لإسرائيل.
حسناً هذا الرئيس لم يفعل شيئاً بعد، يعني عادة أنت تنظّم تكريماً لشخص وتقدّم له الهدايا لأنه حقق إنجازاً ما، دافع عنك، عن مقدساتك، أعطى إنجازاً للشعب الفلسطيني. ما الذي فعله ترامب حتى تقدم له كل هذه الجوائز والمكافآت، وهذا الرئيس جالس على كرسي مهزوزة، لا يعرف أيا ساعة يقع، يعني “يا ضيعان المصاري” إذا عُزل ترامب، ما المنطق؟ ما العقل؟ ما الفهم؟
حقاً إن الإنسان يقف مدهوشاً أمام هذا الكرم السعودي، الكرم الاحتفالي والكرم المالي والكرم السياسي والاحتفاء. على مواقع الإنترنت هناك أحد “لاطي” سأل هيئة كبار العلماء في السعودية، قال لهم، هل تعظيم النبي والاحتفال بمولد النبي حرام وبدعة، أما تعظيم ترامب والاحتفال بمجيئه و”تشتشته” مشروع ومقرّب إلى الله سبحانه وتعالى، دعوا هذا جانباً، هذا حساب ديني بيننا، لكن بالسياسة يا أخي، ما المنطق؟
وقُدّم لهذا الرئيس ما لم يقدم لأي رئيس آخر في الولايات المتحدة الأميركية، يبقى السؤال لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟ هذا الذي سأحكيه رابعاً.
لماذا فعلت السعودية ذلك؟ أرجو هنا – هنا أتكلم وقائع، أنا لن أستعمل لا عبارات قاسية ولا هجائية ولا شيء، أريد أن أوصّف، والذي يقول يا سيد الذي تحكيه غير صحيح، (هذا رأيه):
أولاً، لتحمي نفسها، ليحمي النظام السعودي نفسه في السعودية، ليحمي نفسه أمام العالم، لماذا؟ لأن اليوم في العالم، حتى داخل الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وفي كل أنحاء العالم، لم يعد خافياً أن الذي يقف خلف الجماعات التكفيرية والفكر التكفيري هو المملكة العربية السعودية، هذا كل العالم أصبح يعرفه، وترامب شخصياً يعرفه وتكلم به بحملاته الإنتخابية، المجلات والصحف الأميركية والغربية والعالمية، الكل يعلم، داعش ماذا تدرس في مدارسها؟ كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الكتب الوهابية، القاعدة ما هو فكرها؟ وهابي، من الذي صنع القاعدة؟ السعودية، وبالتالي العالم كله يتطلع اليوم إلى النظام السعودي على أساس أنه مركز الفكر التكفيري ومركز الدعم الأساسي للجماعات التكفيرية في العالم التي لا يتألم فقط من ظلمها وسكّينها اللبنانيون والسوريون والعراقيون واليمنيون والمصريون والأفغان والباكستانيون، بل وصل الأمر إلى بلجيكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وأميركا وكل أنحاء العالم، والآن أندونيسيا والصومال والخير للأمام معهم.
السعودية تشعر أن العالم كله يتطلع إليها بعيون حمراء، لذلك هي بحاجة لتقديم رشوة للسيد الأميركي ليدافع عنها، ليحميها، ليقدّمها كمركز لمواجهة الإرهاب والحرب على الإرهاب ويدفع عنها هذه التهمة، وهذا لن يجدي نفعاً.
انظروا: السعودية في هذه القمم كل همّها وغمّها أن تقول ماذا؟ جملة واحدة قالها الملك سلمان، أن إيران هي أساس الإرهاب ومركز الإرهاب العالمي منذ انتصار ثورة الخميني بتعبيره، منذ انتصار ثورة الإمام الخميني العظيم، هذا الكلام الدفين أخرجه الملك سلمان، إيران هي مركز الإرهاب العالمي؟ إيران أسست القاعدة؟ إيران أسست داعش؟ إيران أسست طالبان؟ إيران أسست هذه الحركات والجيوش الوهابية؟ إيران التي موّلتهم وسلّحتهم؟
نعم، إيران دعمت حركات المقاومة في لبنان؟ صحيح، إيران دعمت حركات المقاومة في فلسطين؟ صحيح، إيران وقفت مع الشعب العراقي عندما كادت داعش أن تدخل إلى النجف وكربلاء وبغداد، إيران وقفت إلى جانب الشعب السوري عندما كانت السعودية ترسل السلاح والمال لهذه الجماعات في سوريا، إيران تُتهم بالتحريض الطائفي؟ من الذي يكفّر الشيعة؟ من الذي يكفّر بقية المسلمين؟ إيران أم الفكر الوهابي السعودي وهيئة كبار علماء السعودية ومراكز التعليم الديني في السعودية؟ السعودية كل تاريخها تكفير للمسلمين، وإيران كل تاريخها من الإمام الخميني التقريب بين المذاهب، وحدة بين المسلمين، تقارب، حوار، تعايش، تعاون على البر والتقوى.
لم يجدِ السعودية نفعاً أن تحوّل التهمة على إيران، عندنا هنا يقولون “الشمس طالعة والناس قاشعة” العالم كله مُبصر لأن الشمس طالعة على كل العالم، والحقائق لا يستطيع بعد الآن أن يخفيها خطاب من هنا ومؤتمر من هناك.
أولاً لتحمي (السعودية) نفسها تجاه هذه الإدانة العالمية، الآن في أميركا هناك ملفات قضائية مفتوحة على أمراء سعوديين لهم صلة بعمليات 11 أيلول التي نفذها تنظيم القاعدة في أميركا، ومليارات الدولارات السعودية في أميركا ستصادَر لمصلحة هذه العائلات.
ثانياً: لماذا السعودية فعلت هكذا مع ترامب هذين اليومين؟ لأنها بحاجة إلى السيد الأميركي للحفاظ أيضاً على دورها في المنطقة. هي فشلت في كل شيء، فشلت في كل مخططاتها وفي كل حروبها وفي كل أهدافها، في سوريا حتى الآن فشلت، في العراق فشلت، يا إخوان داعش بداياته سعودية، داعش هذا ليس فقط فكراً سعودياً، بل ماله سعودي وإدارته سعودية والآمال التي عُقدت عليه كانت سعودية.
حسناً، في اليمن (مرّت) سنتان ونصف من الحرب على شعب مضحٍّ وصابر وشريف، وجاءوا بجيوش من العالم، للأسف أن يشارك الجيش السوداني في هذه الحرب وجيوش أخرى، للأسف الشديد، ولكن على مدى عامين ونصف اليمنيون صامدون، أقوياء، رغم الجوع والحصار والفقر والقصف العشوائي في الليل والنهار، وهنا نعود إلى الإرهاب، إيران أساس الإرهاب أم أنتم؟ هذه الحرب على اليمن أليست إرهاباً؟ هذا إرهاب دولي، هذا إرهاب دولة الذي لم يترك لا بشراً ولا حجراً ولا مسجداً ولا أثراً تاريخياً ولا مستشفى ولا سوقاً ولا مدرسة ولا جامعة ولا بيت ولا قرية ولا مزرعة ولا حقل، واليوم يرسل القليل من الأدوية إلى اليمن، من الذي يحاصر اليمن؟ من الذي يجوّع اليمن؟ من الذي يتحمل مسؤولية الكوليرا في اليمن؟ من الذي يذبح شعب اليمن؟ النظام السعودي، والعالم الساكت الذي لا يجرؤ أن ينطق بكلمة حق خوفاً من التكفير السعودي أو الإعلام السعودي أو قطع المال السعودي إذا كانوا يعطونه فلسين، وهذه جريمة أخلاقية إنسانية تاريخية يرتكبها العالم بحق ما يجري في اليمن.
إذاً السعودية فشلت في كل حروبها ومخططاتها في المنطقة، وهذا الفشل بدأ ينعكس على داخلها، على علاقات أمرائها، على شعبها، على اقتصادها، ولذلك هي بحاجة للأميركيين، ليحموها في الداخل، في داخل السعودية وليحفظوا لها دورها في المنطقة.
إذاً أولاً، لتحمي نفسها ودورها.
وثانياً، هناك مشكلة عند النظام السعودي وعند آل سعود، إسمها إيران، يعني المديح الذي قالوه عن إيران قبل الإمام الخميني عجيب، شاه إيران كان أميركياً، كان إسرائيلياً، كان داعماً لإسرائيل، كان يتعاطى باستكبار وعلوّ مع ملوك وأمراء شبه الجزيرة العربية ودول الخليج، شاهدوا الصور، موجودة على الإنترنت كيف كانوا يمشون بين يديه ويجلسون بين يديه، يبدو الجماعة معتادين على الذي يهينهم ويتكبّر عليهم، أما من يقدّم نفسه كأخ وكمحترم وكمحاور وكحريص على العلاقات الإسلامية وعلى مصالح الأمة فيقابَل بهذا الحقد وبهذا العدوان.
المسألة هي مسألة إيران ومسألة محور المقاومة، السعودي قدم كل شيء لترامب من أجل الحرب على إيران، من أجل عزل إيران، من أجل الاعتداء على إيران، من أجل الحرب على محور المقاومة، ولذلك كان السعودي جاهزاً لأن يعطيه ماذا يريد، وهذا الذي حصل.
حسناً، ترامب ماذا يهمه؟ الرئيس ترامب من كل ما يجري في العالم ماذا يهمه؟ يريد مالاً، وعنده إسرائيل، مال وإسرائيل، السعودي نظر هكذا، لأحمي نفسي وأحمي دوري وآتي بأميركا لأقاتل فيها إيران ومحور المقاومة بعدما فشلت كل هذه الجماعات وكل هذه الحركات وكل هذه الجيوش ليس لي حل إلا الأميركان، حسناً أنا كيف أتقرب من الأميركان؟ الله أعرف كيف أتقرب له، صلاة وصوم شهر رمضان وحج وعمرة ودعاء وزيارة وتلاوة قرآن. حسناً كيف أتقرب من ترامب؟ بما يُرضيه، ما يُرضيه المال، خذ حتى ترضى يا ترامب، خذ حتى ترضى. الإعلام كان يتحدث عن 110 مليار دولار صفقات، بعد قليل أصبح يتحدث عن 300 مليار دولار، كم رسمياً؟ قناة العربية تحت بالشريط، (كتبت) 480 مليار دولار اتفاقات وصفقات مع الشركات الأميريكة، 480 مليار دولار والسعودية فيها تقشف وفيها فقر وفيها أزمة اقتصادية، كلما عندهم من مال قدموه لترامب.
وفلسطين؟ ولذلك أنه ماذا تريد بفلسطين نحن جاهزون، وحمل ترامب رسالة من الملك سلمان لنتانياهو، حسناً، ماذا تريد بفلسطين نحن جاهزون، ولذلك في القمم الثلاثة لا أحد فتح فمه لا عن شعب فلسطين ولا عن الأسرى المضربين عن الطعام لليوم 38 أو 39، ولا عن مئات الشباب الفلسطيني المضربين عن الطعام الذين نقلوهم إلى المستشفيات نتيجة تردي وضعهم الصحي، ولا عن المقدسات ولا عن القدس ولا عن غزة ولا عن حصار غزة، لم تقال أي كلمة يمكن تزعج خاطر ترامب في الموضوع الفلسطيني، والله أعلم ماذا قدموا له في الموضوع الفلسطيني. يجب أن ننتظر لنرى. هناك كلام عن قمة قريبة في شرم الشيخ، هناك كلام عن بدء مفاوضات جديدة، مع العلم أن ترامب عندما جاء عند نتانياهو وحتى عندما ذهب عند الرئيس عباس لم يعطِ أي إشارة ايجابية اتجاه أي قضية من قضايا الفلسطينيين، حتى في الحد الأدنى، حتى في الحد الأدنى، ولا إشارة ايجابية. قدم (السعودي) له المال، وهذه فلسطين تُقدَّم اليوم على طبق من ذهب، وكل هذا التجليل والتكريم من أجل هذه الأهداف.
حسناً، ماذا سيحصل أو يمكن أن يحصل، وهذا أهم مقطع في الكلمة – الحمد لله ما زال لدينا القليل من الوقت.
أولاً: إيران التي هي كانت العنوان الرئيسي بإعلان الرياض، وأنا أحب أن أقول لكم شيء، يا أخي حتى الكلمات التي ألقيت، مثلاً الملك الأردني ألقى كلمة، طبعاً صفحتين ونص، لم يأتِ على ذكر إيران، الرئيس المصري ألقى كلمة، ولم يأتِ على ذكر إيران، أمير الكويت ألقى كلمة، ولم يأتِ على ذكر إيران، هناك فقط الماليزي. المفترض أن هذه القمة ضد إيران وأن هذا الإعلان ضد إيران؟ هذا ما كانت السعودية تريد أن تُقوّله للقادة الذين كانوا حاضرين وليس عندهم علم بما يحصل.
النتيجة ماذا؟ أولاً بالنسبة لإيران، أنا أقول لكم ماذا سيحصل؟ أولاً بالنسبة لإيران، في الوقت الذي كان هؤلاء يجتمعون في الرياض كان الشعب الإيراني يجدّد ثقته بنظام الجمهورية الاسلامية في إيران و 42 مليون ناخب شاركوا في الانتخابات، أي أكثر من 73% ممن يحق لهم الاقتراع. وبالمناسبة الانتخابات كانت انتخابات رئاسية وانتخابات بلدية.
في إيران انتخابات بلدية، يعني فقط الذين يستلمون الصناديق بالانتخابات 650 ألف مسؤول صندوق، نحن في لبنان نعرف بعضنا، عندما نقوم بإجراء انتخابات بلدية لا نستطيع أن نجريها في يوم واحد في لبنان، بل نقوم باجرائها في المحافظات
إيران 42 مليون وانتخابات رئاسية حامية وانتخابات بلدية أكثر حماوة، مثل عندنا، ومع ذلك لم تحصل ولا ضربة كف ولا طلقة رصاص ولا حادث سير ولا جريح رغم كل الحماوة، وانتخبت رئيسها الذي جدّدت له ولايته.
هذه ايران التي يراد لدول لا تعرف لا معنى الانتخاب ولا معنى الديموقراطية ولا تعرف صندوق الانتخابات، إذا أخذت له هذا الصندوق الابيض يقول لك ماذا يوجد بداخله؟ بيض أو جبنة أو لبنة؟ لا يعرفون، ويراد أن تحارَب جمهورية حقيقية تعبر عن ارادة شعبها ويحضر شعبها بهذه القوة، من خلال بيانات وإعلانات وغيرها.
جرّبتم ذلك سابقاً. السعودية هي التي حرّضت صدام حسين على الحرب على إيران لمدة ثماني سنوات، حرب هم يقولون نحن دفعنا فيها 200 مليار دولار لصدام حسين، ماذا كانت نتيجة الحرب على كل المنطقة؟ لم تترك السعودية خلال العقود الماضية عملاً يمكن أن يضعف ايران إلا وفعلته، ما الجديد الذي ستعمله؟ دلّوني.
هذا بالنسبة لإيران، بل أقول لهم إن إيران تزداد قوة ومنعة وحضوراً ونفوذاً، وهذا ما يعترف به العالم.
وأنا أنصح السعودية، ما دمت اتكلم عن ايران، ليس فقط نريد أن نوصّف بل نريد أن ننصح: اتركوا موضوع الصراع والحقد والحرب جانباً. حلّكم الوحيد من أجل كل المسلمين وكل المنطقة ودول الخليج وشعوب المنطقة هو الحوار مع إيران، التفاوض مع إيران، وإيران دائماً كانت جاهزة. هذا الطريق الذي تسلكونه لن يؤدي إلى أي نتيجة سوى إنفاق المزيد من المليارات وسفك المزيد من الدماء وأنتم الذين ستخسرون، انتم الذين ستفشلون كما فشلتم حتى الآن وكما خسرتم حتى الآن وكما ربحت إيران حتى الآن. هذه نصيحة من شخص لبناني عربي مسلم لدولة عربية مسلمة تعلن اسم الإسلام. أما هذا المسار، هذا لن يؤدي إلى نتيجة.
ثانياً: في اليمن، هذه القمم لن تقدّم ولن تؤخر شيئاً. الشعب اليمني، القيادات الإسلامية والوطنية في اليمن، الأحزاب اليمنية، الجيش اليمني واللجان الشعبية، كلهم مصممون على المواجهة والصمود، وقد صمدوا، وكل ما يستطيع السعودي أن يفعله عسكريا خلال سنتين ونصف فعله، كل ما يستطيع أن يجلبه من مرتزقة جلبه، ما يستطيع أن يجلبه من جيوش جلبه، ما يستطيع أن يرسلمن سلاح جو أرسل، وفعل كل شيء: حصار وكوليرا وجوع ومرض، ما تكلمنا عنه قبل قليل، ولكن ما هي النتيجة؟ إخفاق عسكري وأيضاً إخفاق سياسي. الآن لا أريد أن أدخل في تفاصيل جنوب اليمن وشمال اليمن وما يجري في عدن، ولذلك ما أعرفه أيضاً أن هذا المسار السعودي وإعلان الرياض ليس له أي قيمة فيما يعني المعركة القائمة في اليمن والصمود القائم في اليمن.
في العراق، الشعب العراقي أخذ خياره، القوات العراقية تتجه إلى حسم المعركة في الموصل، أحياء صغيرة بقيت، الحشد الشعبي انتهى من ناحية القيروان ويتوجه إلى ناحية البعاج، وسيكمل إلى كل النواحي.
في العراق اجماع وطني ورسمي وشعبي وحزبي وعلمائي على الانتهاء من داعش.
في سوريا المزيد من الانتصارات في الميدان، كما يجري الآن في جنوب تدمر وفي شرق حمص وغيرها، والمزيد من الهزائم والانسحاب لتنظيم داعش.
اسمحوا لي أن اقول لكم إن هذه قوة الاحتياط من 32000 شخص التي يشكلونها لقتال داعش في عام 2018 عليكم خير، إن شاء الله حتى عام 2018 لن يكون هناك داعش لا في العراق ولا في سوريا، بالحد الأدنى في منطقتنا هنا.
بالنسبة لحركات المقاومة أنتم ذكرتم حزب الله وحماس، والمقصود بالحقيقة كل حركات المقاومة، كل من يقاتل الصهاينة والاحتلال. أيضاً أنا أريد أن اقول لكم: هذه القمم وهذه البيانات وهذه الإعلانات لن تقدّم ولن تؤخر شيئاً.
تصوروا مثلا أن ترامب رئيس الولايات المتحدة الاميركية في خطابه أمام القمة المزعومة يشيد مثلاَ ويستدل على أن السعودية تقاوم وتحارب الإرهاب يستدل بأنها يوم أمس وضعت أحد كبار قادة حزب الله على لائحة الارهاب. “وأهلا وسهلا، والأموال التي لدينا في بنوك باريس ولندن واميركا وسويسرا وغيرها مباركين عليكم ونحن مسامحينكم فيهم خذوهم”.
ولكن هذا جزء من الحرب.
ما اريد أن أقوله لهؤلاء: هؤلاء المقاومون اللبنانيون والفلسطينون، سواء اسمهم حزب الله أو أي اسم آخر، اسمهم حماس أو أي اسم آخر، هؤلاء منذ بداية الطريق يعرفون الطريق التي اختاروها ويعرفون الطريق التي يسلكونها ويعرفون ما الذي سيواجههم على طول الطريق.
نحن مكتوب اسمنا على لائحة الارهاب منذ بداية الثمانينات، ما الجديد علينا؟ عقوبات منذ زمن طويل علينا، الحرب الاعلامية منذ زمن علينا، قبل قمة الرياض بعشرات السنين مئات ملايين الدولارات لتشويه سمعتنا. أكثر من الذي قلتوه ما الذي ستقولونه؟ تجار مخدرات، ولصوص سيارات وإرهابيون وقتلة ومجرمون “خيراً إن شاء الله” ماذا يوجد بعد؟ دلونا يعني. أريد أن اقول لكم يا إخوان ويا أخوات إن لا يوجد شيء جديد نخاف منه، لا يوجد شيء جديد نخاف منه، هذا تكرار لكل ما فعلوا على مدى عقود من الزمن.
أما حركات المقاومة التي يُقتل فيها الشيخ أحمد ياسين والدكتور فتحي الشقاقي والسيد عباس الموسوي والحاج عماد مغنية فلا يخيفها التهديد بالقتل ولا بالقتال ولا بالحرب ولا بالموت، بماذا يمكن أن تأتوا إلينا؟ بالشهادة؟ نحن عشاق الشهادة، بالموت؟ لعلي آنس بالموت من أنس الطفل الرضيع بثدي أمه.
نحن أبناء المدرسة التي قال فيها الحسين عليه السلام لولده علي الأكبر قال ألسنا على الحق قال بلى قال إذن لا نبالي أَوقعنا على الموت أو وقع الموت علينا ما دمنا على الحق.
أما القاسم ابن أحدى عشرة سنة أو اثنتي عشرة سنة، والموجود في كل بيوتنا في لبنان وفي فلسطين وسوريا والعراق وإيران وافغانستان واليمن والبحرين وفي داخل السعودية وفي كل مكان من العالم الاسلامي، عندما يُسأل عن الموت يقول أحلى من العسل.
هذا الموت الذي تهددوننا به؟ نحن لا نخاف لا من موت ولا من حرب ولا من قتال ولا من عقوبات ولا من تهويل ولا من تشويه إعلامي. هذا كله قطعناه، هذا كله تم استنزافه خلال كل السنوات الماضية. لذلك حركات المقاومة لن تتأثر ولن تهتز ولن تضعف ولن تخاف. ستواصل عملها وحركتها، بل أقول لكم أكثر من ذلك: نحن اليوم، حركات المقاومة وضمن محور المقاومة، نحن اليوم أقوى من أي زمن مضى على الإطلاق، أكثر عدداً وأقوى عدة وأشد عزماً وأعلى إيماناً وأملاً ورجاء.
نحن لدينا نموذج، أنا تكلمت عليه في آخر خطاب، يوم شرم الشيخ. الذين اجتمعوا الآن في الرياض لا يتجاوزون نصف هؤلاء الذين اجتمعوا أيام شرم الشيخ 1996. في ذلك الوقت كانت أميركا، وروسيا والصين والدول الأوروبية والدول العربية ودول أفريقية. من كل العالم جاؤوا وقالوا: نحن يوجد لدينا ثلاث جماعات نريد أن نمسحها: حزب الله، حماس، والجهاد الاسلامي، ونددوا بايران وسوريا كداعمين، وأقاموا مؤتمراً وشكلوا لجاناً واجتمعوا فيما بعد في واشنطن والتقى رؤساء أجهزة المخابرات..
في ذلك الوقت كانت المقاومة الاسلامية في لبنان محدودة العدد والعدة. أقصى شيء كنا نمتلكه هو الكاتيوشا الذي يطال 20 كلم. في عام 1996 أقصى شيء، حماس والجهاد الاسلامي كانوا شيء في السجون وشيء مهجرين وشيء مختبئين، وايران كانت ما تزال خارجة من حرب وكانت تعاني، سوريا كانوا فارضين عليها شيء من الحصار ومن العزلة. ومع ذلك قمة شرم الشيخ وكل ما فعلوا نتيجة صمود المقاومة في لبنان، صمود المقاومة في فلسطين، صمود سوريا، صمود ايران، انقلب كل شيء وبعد عدة أشهر نسي العالم قمة شرم الشيخ، بعد عدة أشهر وليس بعد عدة سنوات.
أما اليوم أين هو محور المقاومة؟ في لبنان، في سوريا، في العراق. عام 1996 العراق كان مع صدام حسين، اليوم العراق يحكمه شعبه وترفع رايته القوات المسلحة وقوات الحشد الشعبي المبارك. ايران واليمن وكذلك في كثير من مناطق العالم، الوضع مختلف.
أميركا في ذلك الزمن شيء والآن شيء. إسرائيل في ذلك الزمن شيء والآن شيء. إسرائيل التي كانت تجتاح الآن تقوم بإشادة الحيطان. المسألة مختلفة، الظرف مختلف بالنسبة إلينا.
أنا أريد أن أقول لكم: خذوا الأمور بشكل عادي وطبيعي جداً. أطلت عليكم ووصّفت الأمور فقط لأقول هذه الحقيقة بالتعبير العامي “ما حدا ياكلنا راسنا” لا يوجد شيء، لم يحدث شيء.
نعم انه الآن الأميركان يريدون أن يكون لهم حضور أكثر في المنطقة، ما المشكلة. أسوأ شيء يمكن أن يحدث أن الاميركان سيأتون الى المنطقة. هم جاؤوا في السابق إلى المنطقة. يا أخي هم جاؤوا واحتلوا العراق وهددوا سوريا وهددوا إيران. وفيما بعد المقاومة العراقية وصمود محور المقاومة في المنطقة فرض عليهم أن يخرجوا وأن ينسحبوا.
ماذا تريد أن تأتي أميركا لتفعل؟ اليوم نحن عندما نكون كشعوب في بلداننا مصممين على العيش بكرامة باقين في أرضنا، نحن هنا لا نذهب إلى آخر الدنيا، نحن هنا ندافع عن دمائنا ونسائنا وأعراضنا وأموالنا وبيوتنا وكرامتنا ومستقبل أبنائنا وأحفادنا ولذلك نحن أقوى من كل العالم.
ليس هناك ما يخيفنا على الإطلاق. نحن أقوى من أي زمن مضى. لا أقول هم أضعف من أي زمن مضى، أقول هم أقل قوة من أي زمن مضى، وبالتالي نريد أن نأخذ الأمور بواقعية ونتحمل فيها المسؤولية ونواصل الطريق.
سوف نبقى ندعو إلى وقف الحرب على اليمن وإتاحة المجال لليمنيين للتفاوض، إلى وقف العدوان على الشعب في البحرين وإلى فتح أبواب التفاوض، إلى وقف دعم الجماعات التكفيرية الإرهابية في المنطقة، والبحث عن حلول سياسية، وإلا، هؤلاء، الله سبحانه وتعالى في آية قرآنية يقول عنهم “ينفقون أموالهم ليصدّوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون”. حتى لا تضيع أموالكم هدراً ولا جهودكم عبثاً وهباءً يمكن التدارك. أنا أعرف أنه لن يُصغى لهذا الصوت، ولكن أقول هذا فقط للحجة، ومن أجل يوم القيامة عندما أُسأل وأُحاسب ويحاسب كل واحد منا عن موقفه في هذه المرحلة. كل واحد سوف يحاسب يوم القيامة، عن اليمن وعن البحرين وعن العراق وعن سوريا وعن لبنان وعن فلسطين وعن المقدسات في فلسطين، ويجب أن نتحمل هذه المسؤولية.
أيها الأخوة والأخوات: قلنا سابقاً بالـ 2006 تأسيساً على انتصار أيار 2000 وانتصار تموز 2006 ، مضى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات، وهذه الانتصارات أمامنا في كل ساحة وفي كل ميدان وفي معركة وميادين من أعقد المعارك وأصعب الميادين، ولكن الأفق، كونوا على يقين، وأعود وأقول لكم: ثقوا بربكم وتوكلوا عليه، وثقوا بأنفسكم وثقوا بشعوبكم وثقوا بحلفائكم. نحن نثق بحلفائنا، نثق بكل الذين نقاتل إلى جانبهم، أما أنتم، على كل حال، قال لهم ترامب أنتم سوف تتحملون المسؤولية، لا تتوقعوا أن نأتي لنقاتل بالنيابة عنكم.
اليوم، الحلف الأطلسي، أعلن أمينه العام التحاق الحلف الأطلسي بالحرب على داعش، لكن ماذا قال ؟ قال “نحن نقاتل من الجو، لن نشارك بقوات برية” . هذا الذي تعتمدون عليه لطالما خذلكم وباعكم في أسواق النخاسة. أما في محور المقاومة، الشرفاء، المقاومون، المضحون، الصادقون، المخلصون الذين قدموا فلذات أكبادهم الذين صمدوا طوال عقود لن يخلوا هذه الساحة ولن يتركوا هذه الميادين قبل قمة الرياض وقممها وبعد قمم الرياض واجتماعاتها وخطاباتها وإعلانتها، هذه المقاومة، هذه الأمة المقاومة، هذه الحركات المقاومة، هذه الشعوب المقاومة سوف تبقى ترفع الراية. هذه الراية ارتفعت، لن تسقط على الإطلاق حتى تحقق كامل الانتصارات التي تتطلع إليها شعوبنا وأمتنا. نحن على يقين من هذا، هذا وعد الله وكان وعد الله مفعولا.
كل عام وأنتم بخير وسلمتم وحفظكم الله ونصركم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: العلاقات الاعلامية في حزب الله