أكد المؤتمر الشعبي اللبناني، في بيان اصدرته قيادته المركزية بعد اجتماع درست في خلاله أجواء قمة الرياض، أن “الولايات المتحدة الأميركية تستغل توتر العلاقات الخليجية الإيرانية لسرقة مزيد من أموال العرب وأسلمة الصراع خدمة لاسرائيل الكبرى”، رافضا “تصنيف حركات المقاومة ضد العدو الصهيوني بالارهابية”.
وقال “اننا لا نقلل من خطورة التناقضات الايرانية الخليجية، ومن التدخلات السلبية المتبادلة في الشؤون الداخلية، بما يضعف المسلمين عموما، ولا نقلل من أهمية اطلاق عصبيات مذهبية تضرب وحدة المجتمع العربي والاسلامي بمشاريع امبراطورية. لكن في ظل التوازنات الدولية الجديدة وصعود دول البريكس وعلى رأسها روسيا والصين، فان مصلحة العرب تتحقق بالاستفادة من هذه التناقضات الدولية لصالح قضاياهم، لا أن يعلن بعض القادة العرب في مؤتمر الرياض انحيازهم الى الولايات المتحدة الاميركية، وهي تعاني من التراجع الاستراتيجي ماديا وعسكريا وسياسيا، وتناصر عدونا الاسرائيلي بشكل أعمى وتضرب وحداتنا الوطنية بالارهاب الوحشي”.
ورأى ان “مؤتمر الرياض برئاسة الرئيس الاميركي دونالد ترامب لم ينعقد لمناصرة الحقوق العربية ولا للنهوض بالاقتصاد العربي، انما انعقد تحت شعار مكافحة الارهاب وبمشاركة دول اقليمية وأجنبية تدعم وتسلح وتناصر الارهاب، فكيف يكون مؤتمرا ضد الارهاب بمشاركة دول إرهابية؟ وكيف يثق بعض العرب بالولايات المتحدة وهي الدولة الارهابية الاكبر في العالم؟ ومهما قيل من تعديلات في الموقف الأميركي، غير أن الولايات المتحدة اتفقت مع ايران في الملف النووي، وترامب يقول لدول الخليج على الملأ بأن “لا تطلبوا منا أن نقاتل بدلا منكم”، وفي المقابل يطلق المخاوف من ايران ليمتص أموال الخليج ويساهم بحل مشاكل بلاده المالية، ويبيع بمئات المليارات من الدولارات أسلحة تشعل حروبا بين المسلمين وتنتقل من مشروع تعريب الصراع الى مشروع أسلمة الصراع، وصولا الى حروب أهلية اسلامية تقضي على الكيانات فتقسم الدول، وتحول اسرائيل الى دولة كبرى وتضيع الثروة ومعها الحقوق والوجود العربي نفسه”.
واعتبر ان مؤتمر الرياض “انعقد في ظل تهديدات ترامب بمصادرة أموال المملكة السعودية، فكان ما جرى ابتزازا علنيا وتهديدا صريحا ضد السعودية وبلدان الخليج وتمت الاستجابة لاوامره”. واشار الى ان “المشروع الاميركي هو انشاء قوة شرق اوسطية (من ضمنها اسرائيل وتركيا) وهو حلف جديد سيسقط كما سقطت كل احلاف الاستعمار، فالتطبيع العربي – الاسرائيلي تمت تجربته في التسعينيات وفق مشروع شيمون بيريز وسقط في اجتماع الاسكندرية بتعاون مصري سوري سعودي، حينما امتنع القادة عن حضور مؤتمر الدوحة الشرق الاوسط وتوقفت لجان متعددة الاطراف التطبيعية. ان المشروع الجديد الاوسطي يتكرر اليوم بغطاء “اسلامي نظامي” ترفضه الشعوب العربية والاسلامية، والهدف منه أسلمة الصراع على حساب قضية فلسطين وحقوق الامة”.
اضاف: “إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم يعتذر في قمة الرياض عن الجرائم التي ارتكبتها دولته ضد ملايين المدنيين ومؤسسات الدولة الوطنية وجيشها في العراق وليبيا وافغانستان، ولم يشطب تصريحاته العنصرية ضد العرب والمسلمين، ولا حتى مواقفه المعروفة السابقة ضد المملكة العربية السعودية نفسها، ولم يعلن الغاء قانون “جانتا” الذي أصدره الكونغرس ضد المملكة نفسها، ولم يعلن عدم الإلتزام بتوصية مؤسسة راند التابعة للبنتاغون والداعية لتقسيم السعودية، ولا سحب مشروع الشرق الاوسط الكبير التدميري التقسيمي لكل البلاد العربية وما رافقه من دعم لقوى التطرف والارهاب في أكثر من بلد عربي، فضلا عن أنه لم يتراجع عن وعده بنقل سفارة بلاده الى القدس المحتلة، حتى يتم الاستعانة به في ما يسمى الحرب على الارهاب، أو الاحتفاء به على هذا المستوى المؤلم وتقديم الهدايا الشخصية له بملايين الدولارات، في وقت تتصاعد حدة الفقر والجوع في أكثر من بلد عربي وإسلامي”.
وتابع “ان العلاقة المتوترة بين بعض دول الخليج وإيران تدخل في إطار الصراع السياسي وليس المذهبي، وبالتالي فإنه لا يجوز بأي معيار إلباسها لبوس الصراع السني الشيعي لأن ذلك يجافي الواقع والحقيقة من جهة، ويصب الزيت على نار العصبيات المتأججة في أكثر من بلد، ما يؤدي الى تعميم الخراب والتدمير الذي يضر بكل الدول العربية والإسلامية ولا يخدم الا العدو الصهيوني وقوى التطرف والارهاب وأصحاب مشروع الأوسط الكبير”.
واوضح ان “المصلحة السعودية والإيرانية والعربية والاسلامية تستدعي محاصرة الخلافات المتصاعدة بين الرياض وطهران، وتبريد التوتر القائم، من خلال الحوار البناء، للوصول الى تفاهمات مشتركة قائمة على توفير عوامل الاطمئنان المتبادلة والاحترام وعدم التدخل السلبي المتبادل وحل المشاكل العالقة، أما اللجوء الى سباق التسلح والصراع العسكري لحل هذه الخلافات فإن ذلك يعني دمارا شاملا لن ينجو منه أحد، وهنا يأتي دور مصر ومنظمة التعاون الإسلامي التي عليهما إطلاق كل المبادرات لوقف هذا الانهيار المريع في العلاقات الخليجية الإيرانية”.
وشدد على ان “خارطة الطريق لمواجهة إرهاب جماعات التطرف موجودة في خطاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي نحييه على موقفه المسؤول والحكيم في هذا الزمن الصعب، وكل من يريد فعلا التصدي للارهاب، عليه الإلتزام بهذه الخارطة قولا وفعلا. وهنا لا بد من التأكيد على أن رأس الارهاب في العالم هو الكيان الصهيوني ومن يساند ويحمي جرائمه المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، وهذا الكيان هو العدو الوحيد للعرب والمسلمين، ومن حق وواجب كل عربي ومسلم مقاومة هذا العدو بكل الوسائل المتاحة حتى تحرير فلسطين واستعادة الحقوق العربية، وبالتالي فإن أي دمج لحركات المقاومة في لبنان وفلسطين في سلة واحدة مع قوى إرهابية ومتطرفة، هو أمر مرفوض جملة وتفصيلا، مهما بلغت حدة الخلافات بين دول خليجية وهذه الحركات، ولقد بات ملحا من جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وضع تعريف موحد للارهاب يتم الالتزام به من جميع الدول الأعضاء والتعامل على أساسه، وعدم ترك هذه المسألة خاضعة للانفعالات وحسابات نظم أو منظمات”.
وقال المؤتمر الشعبي “إننا في لبنان اذ نرفض تجريد وطننا من مقومات قوته المتمثلة في جيشه ومقاومته على قاعدة الوحدة الوطنية ونؤكد على وحدة لبنان وعروبته واستقلاله والمحافظة على علاقاته العربية، الا اننا نرفض ان يكون لبنان ساحة صراع اقليمي او صراع مذهبي، فوحدتنا الاسلامية والوطنية فوق كل اعتبار سياسي او اقليمي وعروبة لبنان لا تعني التبعية لاي أنظمة او قوى دولية، فما نحتاجه هو شجاعة الموقف وحرية القرار والمصارحة مع المعنيين”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام