قامت إدارة التلفزيون الحكومي في الجزائر بتوقيف الصحافي ومقدم الأخبار أحمد لحري بسبب عدم ذكره صفة الرئيس بوتفليقة خلال إذاعته خبر اجتماع مصغر عقده الرئيس بمناقشة موضوع القدرات الغازية للبلاد. وفي نفس التوقيت تقريبا قامت إدارة صحيفة «المحور» (خاصة) بإقالة الصحافي بلقاسم عجاج مدير تحرير ومسؤول نشر الصحيفة بسبب مقال صحافي، اعتبرته إدارة الصحيفة مخالفا لخطها الافتتاحي.
وتعيش الصحافة الجزائرية هذه الأيام على وقع أخبار الإقالات ذات الخلفية السياسية، خاصة بعد أن انتشر خبر توقيف الصحافي أحمد لحري، وهو من أحسن مقدمي نشرات الأخبار في التلفزيون الحكومي في نسخته الناطقة باللغة الفرنسية، بسبب ما اعتبر أنه خطأ مهني «جسيم»، فالصحافي لم يتحدث عن التفاصيل، لكنه اكتفى بشكر من تضامنوا معه في هذه المحنة، وهو ما اعتبر كافيا لتأكيد هذا الخبر الذي تم تداوله على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي وفي بعض المواقع الإخبارية خلال اليومين الماضيين، في حين لم تعلق إدارة التلفزيون الحكومي لا لتأكيد ولا لنفي الخبر.
وبحسب ما تم تداوله فإن أحمد لحري وخلال قراءته لنشرة الأخبار قبل أيام ذكر»أشرف عبد العزيز بوتفليقة على اجتماع مصغر..».، بدل أن يقول» أشرف رئيس الجمهورية أو «فخامة الرئيس» أو «الرئيس السيد عبد العزيز بوتفليقة»، علما أن لحري ومنذ سنوات لا يقول «فخامة الرئيس» في نشراته الإخبارية في التلفزيون وفي الإذاعة، ويكتفي بالقول «رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة»، خلافا للكثير من صحافيي الإعلام التابع للدولة.
وقد أثار خبر توقيف الصحافي جدلا واسعا، وتم تداوله بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وأعرب الكثير من زملائه عن تضامنهم معه في هذه المحنة، معتبرين القرار بالستاليني، والذي يؤكد أن الصحافة الجزائرية لم تخرج بعد من عنق الزجاجة، رغم الوعود الرسمية التي تتحدث عن توسيع هامش الحريات. وتساءل كثيرون إن كان القرار الصادر في حق الصحافي مصدره جهات عليا في الدولة، رأت فيما قام به الصحافي إساءة مقصودة تستحق العقاب، حتى يكون عبرة لمن لا يعتبر، لكن الرد جاء سريعا على لسان وزير الإعلام حميد قرين الذي قال أمس في تصريح صحافي إنه انطلاقا من قيم الجمهورية واحترام أخلاقيات مهنة الصحافة فإنه من الضروري القول: «رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة»، وهو ما يؤكد أن وزارة الإعلام تؤيد القرار الذي اتخذته إدارة التلفزيون الحكومي دون أن يكون هناك أي مسؤول طالب بمعاقبة الصحافي، وهو الاحتمال الأقوى، خاصة وأنه في الكثير من الحالات يوجد تعسف في التزلف أكثر من تعسف في استعمال السلطة.
وفي الوقت نفسه تقريبا تفاجأ الوسط الإعلامي بإقالة الصحافي بلقاسم عجاج مدير تحرير ومسؤول نشر صحيفة تسمى «المحور» (خاصة) ولم يكن أحد بحاجة إلى تأكيد الخبر، لأن إدارة الصحيفة بادرت لنشر خبر إقالة بلقاسم عجاج، وبررت ذلك بأن الصحافي لم يحترم الخط الافتتاحي للصحيفة، ولم يستشر هيئة التحرير. بل واعتبرت أن عجاج ارتكب خطأ مهنيا مس بالخط الافتتاحي للصحيفة وكذلك باستقرار البلاد، وأنه نشر مقالا دون استشارة هيئة التحرير، ودون العودة إلى المسؤولين عن الصحيفة، وأن مديرية الصحيفة قررت إقالته ابتداء من 24 من فبراير/ شباط 2016.
تصرف غريب أقدمت عليه إدارة الصحيفة التي قدمت مدير تحريرها السابق ومسؤول النشر قربانا لإرضاء السلطان، لمجرد أنه نشر مقالا مأخوذا من تقرير لإحدى المنظمات يتحدث عن مخاطر انفجار اجتماعي، وهو كلام يرد على لسان المسؤولين في الدولة قبل أي أحد آخر، مما يشتم منه رائحة مزايدة من إدارة الصحيفة التي تصنف ضمن الصحف التي تغرد للسلطة ليل نهار، ولعل إدارتها خشيت من ردة فعل تنعكس على تقليص صفحات الإعلانات التي تحصل عليها، فسارعت إلى التضحية بالصحافي وسحب النسخة الإلكترونية من العدد الذي نشر به المقال، لتجديد الولاء والطاعة، فمن الغريب لوم مدير التحرير ومسؤول النشر (أكبر منصبين في الصحف الجزائرية) أنه لم يستشر هيئة التحرير قبل نشر موضوع صحافي، في حين أنه هو الشخص الذي يقرر وهو الذي يستشار وليس ملاك الصحيفة.
المصدر: جريدة القدس العربي