محاكمة آية الله الشيخ عيسى قاسم تقف أمام خيارين لا ثالث لهما، يختصرهما العلامة البحريني السيد عبد الله الغريفي: “إما إلى انفراج كبير ينفتح بالوطن على الخير كلّ الخير، وإما إلى خيار مآلاته قاسية وصعبة، ومؤلمة”. يشير موقع “البحرين اليوم” إلى أن مُحرّكو النظام البحريني يضعون أنفسهم اليوم في الزواية الحرجة، “ولكن الرماديّة، أي اختيار المراوحة في المكان نفسه، وبما يُجنب آل خليفة – مؤقتاً على الأقل – مخاطر الذهاب إلى الخيار الأسوأ”، قد يكون مطروحاً بالنظر إلى العوامل التي تفرض نفسها على القضية.
مجدداً أعلن قضاء النظام البحريني تأجيل النطق بالحكم في قضية الخمس لآية الله الشيخ عيسى قاسم لتاريخ ٢١ أيار / مايو الجاري للنطق بالحكم، فأي ضغوط تدخل في لجوء النظام إلى المنطقة الرمادية اليوم؟
الموقف الشعبي في الميدان الداخلي
الغليان الشعبي الداخلي المتزايد منذ بدء الاستهداف المباشر ضد الشيخ قاسم؛ أخذ موجةً أخرى من التصعيد المتصاعد، وأتاح للناس إثبات مقدرتهم الإضافية على الصمود وابتكار وسائل “المقاومة”. وهذا يُفسِّر، بشكل من الأشكال، سرّ الاستمرار الشعبي في الميادين،والالتماع في أفكار الاحتجاج وأساليبه. يمكن التمثيل على ذلك بإعادة تكثيف البروز العلمائي في الحدث السياسي المحلي، والحيوية الضامنة والصامدة في اعتصام الدراز، وكذلك المقدرة “الفردية” و”الجماعية” على إزعاج “قوة القمع المتعددة الجنسيات”وتفريغها من رسالتها الرادعة والترهيبية، وفق موقع البحرين اليوم.
الشعارات التي يرفعها البحرينيون اليوم في ساحاتهم:”لن نخذلك” أو “فدائيون لن نركع”، مع شعار “فلنمت من أجل أعراضنا”. في هذه الشعارات يحضر مفهوم الشهادة، أو “الدفاع حتى الموت” عن الشيخ قاسم، بينّت أن قضية استهداف الشيخ عيسى قاسم وضعت كافة أطياف المعارضة في خندق واحد لناحية الخطاب، نتيجة طبيعة لتصعيد الموقف الرسمي.
الموقف الرادع للمرجعيات الدينية
صاعدَ موقفُ المرجعيات الدينية إزاء استهداف الشيخ قاسم، ويبدو أن دوائر القرار “المؤثرة” على الوضع الداخلي في البحرين؛ تقرأ هذا الأمر بشكل جدّي، وتأخذه بعين الاعتبار. كبار مراجع الدين على مستوى العالم الإسلامي أوصت بحفظ آية الله قاسم، ووجهت البحرينيين إلى الدفاع عنه مهما بلغت التضحيات.
انكسار توازنات المصالح الإقليمية والدولية
يصعب على المراقبين رسْم خارطة واضحة لتوازنات القوى المتصارعة على المستوى الإقليمي والدولي. فالوضع الراهن، طولاً وعرضاً، يأخذ بعضاً من تكتيكات “الحرب الباردة”، كما أنه مفتوح دون مواربة على “ضرورات الاشتباك العسكري”، ولكن المحدود في المكان وفي دحرجة ردود الأفعال القاسية والمتهورة. في الوقت نفسه، فإن مسار الخرائط الإستراتيجية لم يعد محصورا بيد الأقطاب الثنائية، كما فقدت المحاور التقليدية قدرتها المطلقة على فتْح المسارات أو إغلاقها. وهذا يعني أن مفهوم المصالح – وهو قطب الرحى في العلاقات الدولية – بات مشبعاً بعوامل مركبة ومتناقضة، ولم يعد العامل الاقتصادي وحده هو الحاضر. يستحضر موقع “البحرين اليوم” هنا الحالة السعودية: “السعوديون، مثلا، معنيون بتمرير آمن لأزمة التناقض البنيوي في ثناية الوهابية وآل سعود، وهم قد يجدون أنفسهم مضطرين للتضحية بكل شيء من أجل ذلك. هذا يعني أن السعوديين يمكن أن يبيعوا ثروتهم النفطية (أرامكو) في سبيل المحافظة على العرش، كما أنهم قد يمارسون تعديلات “اضطرارية” في قوانين العلاقة مع المؤسسة الوهابية والنخبة النجدية – وعلى طريقة القفزات المفاجئة وغير المحسوبة النتائج – وذلك تحت تأثير الصداع (وربما فقدان الوعي) الناتج عن صراع الأجنحة وتنازع الأمراء داخل القصور السعودية.”
الحل والعقد في البحرين ليست بيد النظام، القرار ترسمه مصالح الخارج، وليس لآل خليفة “مساحات للاجتهاد والاختيار المتعدّد. ولذلك، فإن التعاطي مع جلسة الأحد ٧ مايو، وما بعد هذا اليوم؛ لابد أن يذهب مباشرة لمعرفة ما يدور في رأس الخارج الذي يدير داخل الخليفيين”، وفق تعبير الموقع البحريني.
والخلاصة وفق “البحرين اليوم” أن “مصلحة الخليفيين، في حال عزْل الخارج المهيمن عليهم، هو إنهاء الأزمة، والقبول بالخيارات الشعبية، وإيقاف التورط في خرق الخطوط الحمراء، ولجْم هذا الجنون الذي حوّل آل خليفة إلى وحش بغيض في كلّ العالم.”
المصدر: موقع البحرين اليوم