ضمن سلسلة الاحتفالات التكريمية تخليداً للعطاءات العلمية للعلماء، أقامت جمعية الإمام الصادق (ع) لإحياء التراث العلمائي بالتعاون مع بلدية مدينة بنت جبيل، احتفالاً تكريمياً لسماحة العلامة الشيخ حسين أسعد بزي العاملي (طاب ثراه)، وذلك في قاعة مدرسة جميل جابر بزي في مدينة بنت جبيل بحضور عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي بزي، عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ حسن بغدادي، رئيس بلدية بنت جبيل المهندس عفيف بزي، إلى جانب عدد من رجال الدين، وفعاليات وشخصيات ثقافية واجتماعية وأدبية ومهتمين.
وبعد تلاوة آيات بينات من القرآن الكريم، قدم الاحتفال رئيس جمعية منتدى الوحدة للتعاون الإجتماعي الشيخ عادل التركي، ومن ثم ألقى رئيس بلدية بنت جبيل المهندس عفيف بزي كلمة لفت فيها إلى أن الشيخ حسين بزي قد تعرض للكثير من الاعتداءات والمضايقات من سلطات الاستعمار، ولم يسقط أمام المناصب الدنيوية التي عرضت عليه آنذاك، بل عمل على محاربتهم في شتى الطرق والوسائل.
بدوره ألقى الشيخ بغدادي كلمة لفت فيها إلى أن العلامة الشيخ حسين أسعد بزي كان أحد أعلام مدينة بنت جبيل، وعاصر العهدين العثماني والفرنسي، ورفض الانصياع ولم يُهادن، وعرض عليه جمال باشا العثماني منصب الإفتاء في إسطنبول فرفضه بقوة، وعرض عليه الفرنسيون رئاسة محكمة التمييز الجعفرية مع إغراءات هائلة فرفضها، وشجب سياستهم التفتيتية التي أدت إلى التقاتل بين المسلمين والمسيحيين، وحرق الممتلكات وتهجير الناس وقتل الأبرياء، قائلاً لهم كنتم بغنى عن هذه الأحداث، ولم تكونوا بحاجة إليها، وكان المسلمون والمسيحيون يعيشون معاً في هذه البلاد، من دون أية تفرقة.
وأضاف الشيخ بغدادي ما أحوجنا اليوم إلى أمثال العلامة الشيخ حسين أسعد بزي الذي عمل بالإصلاح الاجتماعي، ونشر العلم والأدب، ورفض الطائفية والمذهبية، ولم يسقط أمام المناصب الدنيوية التي ستكون على حساب دينه ووطنه، فهذا النموذج والمعيار يجب أن نقتدي به، ويكون هو الأساس عند العالم المتصدّي والشخص المسؤول، وخصوصاً نحن نمر اليوم بمرحلة دقيقة للغاية، تلامس الوجود والأمن.
وفي الشأن السياسي شدد الشيخ بغدادي على أهمية الاستحقاق البلدي بما يمثله من ضرورة اجتماعية للناس، والذي نتعاطى معه على قاعدة اختيار الأفضل والأصلح، وما التحالف مع الأخوة في حركة أمل إلاّ ضمن إطار مراعاة المصلحة العليا للجميع، وهذا التحالف لا يلغي إرادة أحد ولا دور العائلات، بل نعتبر العائلات الشريفة هي المكوّن الحقيقي لهذين التنظيمين حزب الله وحركة أمل، وتفاهمنا ليس اختزالاً بقدر ما هو توسعةً لدائرة المصلحة العامة، واختيارنا للبلديات سيكون من هذه العائلات الكريمة، فنحن لسنا من خارج السياق الاجتماعي والعائلي، بل من صميمها وجوهرها.
وأضاف الشيخ بغدادي، يأتي احتفالنا هذا في شهر نيسان، وفي ذكرى العدوان الإسرائيلي على لبنان بما يُسمى (عناقيد الغضب) سنة 1996م، والذي أدى إلى هزيمة مدوية لإسرائيل، وأنتج ما أُطلق عليه ( تفاهم نيسان)، الذي أسّس لمعادلة الردع مع العدو الإسرائيلي، ولا زال هذا الردع حاضراً ويكبر يوماً بعد يوم، حتى بات الإسرائيلي يراكم في منامه ويخشى ردكم الصاعق.
من ناحيته ألقى النائب بزي كلمة أشار فيها إلى أن الشيخ حسين بزي بدأ دراسته في بنت جبيل في مدرسة الشيخ موسى شرارة، وكان الأساتذة يرون فيه النباهة والذكاء، فكانوا يهتمون به، وسافر بعدها إلى النجف الأشرف لمتابعة دراسته الدينية هناك على يد كبار علمائها، وكان من خواص تلامذة المرجع الشيعي الأعلى آنذاك، وبعد جهد علمي طويل نال مرتبة الاجتهاد، وكان مجتهداً مطلقاً معترَفاً بإخلاصه لله ولرسوله ولأئمته الأطهار.
وفي الشأن السياسي أكد النائب بزي أن التوافق بين حزب الله وحركة أمل حول ملف الانتخابات البلدية ليس مصادرة أو اختزالاً لقرار الناس، بل هو استكمال وتتمة لقرار الناس والعائلات، داعياً جميع اللبنانيين لأن لا يسترخوا على الإطلاق، وأن يعتبروا أن الانتخابات حاصلة فعلياً، وأن ينزلوا بكثافة يوم الانتخابات إلى صناديق الاقتراع ليؤكدوا أن شراكة الدم والتحرير والمقاومة هي الأساس في كل عمل في هذا الوطن.
ودعا النائب بزي كل القوى السياسية في لبنان أن يرتقوا بأدائهم وسلوكهم إلى مستوى متقدم من الوعي والحكمة والبصيرة والمسؤولية لمواجهة كل التحديات والاستحقاقات والأزمات، وأن يضعوا جانباً كل عوامل التفرطة والنكد والتشنج والتعصب والتطرف من أجل أن نقرأ جميعاً في كتاب واحد، أن جرحنا جرح واحد، وأن دمنا دم واحد، وأن همّنا همّ واحد، وأن وطننا الحبيب لبنان وطن واحد.