على درب الخلاص من الحصار التكفيري، سلك أهالي بلدتي كفريا والفوعة طريقهم إلى حلب، متجهين حيث يجدون الأمان من بطش الإرهاب المحيط بقريتيهم الصامدتين.
ما يتجاوز السنوات الثلاث، قبع المحاصَرون في كفريا والفوعة، تحت ضربات الإرهاب، فكل المحيط حولهم كان عبارة عن بحر من القتل وآلة للدمار والتجويع، واليوم يجدون الخلاص بحلٍّ لم يعد أمام الدولة سواه ريثما تنتهي أزمة البلاد، بعد معادلة قذرة فرضها الإرهاب على حياة الأبرياء.
حوالي 8000 من مواطني البلدتين، غادروا القرية مع ساعات الفجر الأولى لليوم الجمعة، تاركين ورائهم عبئ حصار أوقف مسيرة حياتهم الطبيعية.
الخارجون من كفريا والفوعة، ما بين مقاتلي اللجان الشعبية الذين دافعوا عن المدنيين في وجه الإرهاب، وقدموا خلال مواجهاتهم على تخوم البلدتين عشرات الشهداء، رافقهم أيضاً الكثير من الحالات الإنسانية بين جرحى ومرضى وكبار السن، ممن أنهكتهم الحرب التكفيرية بكل ممارساتها. و أبرز المغادرين أطفال لم يعرفوا من طفولتهم ما كان يجب أن ينعموا به من رخاء وسعادة.
اتفاق التسوية هذا قبل أن ينجح في مرحلته الأولى، جرت محاولات كثيرة من أجل التخفيف عن الأهالي المحاصرين، إلا أن الإرهابيين كانوا يصرون على أن يذيقوهم أكبر أنواع العذاب والتجويع. مراكز إيواء مؤقتة جهزتها الدولة السورية لاستقبال القادمين من الحصار في جبرين بعد صمودهم الاسطوري، وبعدها سينتقلون إلى مكان آخر من محافظة حلب.
في المقلب الآخر من الاتفاق، ستون حافلة غادرت بلدتي الزبداني ومضايا، حاملة مسلحي وادى بردى الذين عاثوا خراباً بقراهم قبل المغادرة وأحرقوا مقارهم، وجوههم لم تحمل أيّا من ملامح البراءة، فوجهتهم إلى مقر تجمع مسلحي النصرة في إدلب، شمال البلاد.
في المرحلة الاولى من التسوية بلغ عدد المغادرين من مضايا والزبداني حوالي 3800 شخص وهم المسلحون وعائلاتهم.
بسلاح فردي توجهوا إلي مكان جديد بالنسبة لهم، إنما وجوههم تحمل ملامح الارتياح الذي عاشوه خلال مكوثهم في قريتهم، ملامح لا تدل على أن مكانهم الجديد سيكون غريباً عنهم، ولو أن بعض الندم ظاهر عليها لما اقترفوا وأدى لخروجهم بهذه الطريقة. هذا وبعد نجاح المرحلة الأولى، سيتم استكمال المرحلة الثانية لاحقاً من الاتفاق الذي ينص على إخراج المدنيين المحاصرين من كفريا والفوعة مقابل إخراج المسلحين وعائلاتهم من وادي بردى.
المصدر: موقع المنار