تزخر مدن الجنوب الشرقي من المغرب بآثار وتحف، بيع بعضها بثمن بخس لشبكات تهريب دولية، من مواطنين لا يعرفون قيمتها المادية والتاريخية.
تبدأ أولى معالم الخيوط السرية لتهريب الآثار بمناطق الريصاني، أرفود، ميدلت، وبعض الأرياف المجاورة، وغيرها من الأماكن الضاربة في تاريخ المملكة، وصولاً إلى متاحف ومزادات بأوروبا، عبر طرق ووسائل كثيرة للتخفي.
زيارة عادية لبازارات بيع الأحجار والتحف القديمة بهذه المدن تقودك إلى آثار قديمة، يباع بعضها بثمن بخس يتراوح بين 100 إلى 1000 دولار، قبل أن يتضاعف سعرها ألف مرة عند عبورها للجانب الآخر من البحر المتوسط، وفق مراسل الأناضول الذي زار المنطقة.
ونجح المغرب، الشهر الماضي، في إلغاء مزاد لبيع هيكل ديناصور في باريس، عثر عليه في البلاد، قبل أن يخرج منها بطريقة “غير شرعية”، وقدرت قيمته بـ 450 ألف يورو”.
وعقب تداول الصحف المغربية والفرنسية لخبر المزاد العلني، الذي كان مقررا لبيع هيكل ديناصور يرجع تاريخه إلى 66 مليون سنة، سارعت السلطات المغربية لتوقيف المزاد والدخول في مفاوضات مع المكتب المكلف لاسترجاعه.
شجرة تخفي غابة من القراءات والحقائق حول ظاهرة لا تكاد تختفي من الأضواء حتى تعود للظهور.
يقول صاحب بازار بمنطقة أثرية، مفضلاَ عدم ذكر اسمه، إن بعض من نماذج الديناصورات مصنوع حديثاً من بعض المواد مثل الطين والجبس والأخشاب، لكنه أقر بوجود هياكل من حفريات “تحت الطلب”.
ما يثير الدهشة أن “بيع هذه الآثار القديمة، أمر عادي لسكان المنطقة، فهي أحد موارد رزقهم”، وفق صاحب البازار.
وقال مصطفى تيلوا، مدير مركز “طارق بن زياد للدراسات والأبحاث” (غير حكومي)، إن بعض الكتب عمرها 600 سنة تم تهريبها من مكتبة قديمة قرب مدينة الراشيدية (جنوب شرق).
وأضاف، في تصريحات صحفية مؤخراً، إن العديد من الأشخاص من المنطقة من ذوي الدخل المحدود لا يعرفون قيمة بعض الكتب والمجلدات القديمة، ويبيعونها بثمن بخس.
ويقول “يوسف بوكبوط”، عالم آثار مغربي، للأناضول، إن بعض المواطنين لا يقدرون أهمية هذه الآثار، حيث لا يكترثون إلا للمبلغ المالي الذي سيحصلون عليه.
ويزيد من الأزمة، وفق العالم المغربي، وجود عصابات وشبكات داخل البلاد وخارجها تعمل على تهريب الآثار وبيعها وتجني أموالاً طائلة.
ويسهل من مهمة الاستيلاء على الكنوز المغربية بالمناطق الأثرية غياب الحراسة عن أغلبها، فمدينة سجلماسة، تفتقد لحائط يمنع الشبكات الإجرامية أو حراس لضمان حمايتها.
وسجلماسةُ مدينة تاريخية كانت تقع وسط واحة كبيرة جنوب الأطلس الكبير، وهي ثاني مدينة إسلامية تشيد بالمغرب الإسلامي بعد مدينة القيروان.
كما أنها عاصمة أول دولة في المغرب الكبير تكون مستقلة عن الخلافة بالمشرق بنيت سنة 140 هجري الموافق 757 ميلادية، وتعتبر حالياً موقعا أثرياً يضم الآثار والخرب والأطلال.
ودق باحثون ومسؤولون ناقوس الخطر بخصوص ظاهرة تهريب الآثار، والاتجار غير الشرعي في الممتلكات الثقافية المنتشرة، خصوصا في ظل غياب حراسة للأماكن التاريخية.
ويتكرر هذا المشهد في أكثر من مكان، ويقول “بوكبوط”، إن بعض المواقع الأثرية بقرية “آيت سيبرن” (تبعد عن مدينة الخميسات بـ18 كيلومتراً)، تتعرض للتخريب من جانب عصابات تبحث عن الكنوز.
ويوجد بالقرية إقامة ملكية كانت تأوي السطان ودار أم السلطان وقنطرة تاريخية، يرجع تاريخها إلى القرن 12، ولا يوجد بها حراسة أمنية.
من جانبه، يقول عبد الله العلوي، مدير التراث بوزارة الثقافة المغربية، للأناضول، إن “تهريب الآثار مشكلة كبيرة، بسبب غياب إمكانات الوزارة لحراسة كل الأماكن التاريخية”.
وطالب بعقد اتفاقيات بين وزارة الثقافة والبلديات من أجل ضمان حراسة الأماكن التاريخية، حتى يتم وضع حد لهذه الظاهرة.
كما دعا إلى ضرورة توعية المواطنين وسكان تلك المناطق بأهمية تراث بلادهم، مشيراً إلى أن بعضهم “يغريهم الطمع ويعملون على الحفر ببعض المواقع التاريخية”.
وانتقد عدم إصدار مشروع قانون إطار يتعلق بالميثاق الوطني للمحافظة على التراث الوطني الثقافي وحمايته وتثمينه.
سناء علام، مسؤولة برنامج الثقافة بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “يونسكو” لدى الدول المغاربية، حذرت من ارتفاع مؤشرات الاتجار غير المشروع في الممتلكات الثقافية وتهريب الآثار، بالمغرب.
وقالت علام إن الخطورة تكمن في أن “العديد من الجهات بالبلاد لا تعرف خطورة هذه الظاهرة، وهو ما يفسر استمرارها”.
وأشارت إلى وجود شبكات تهريب دولية، وهو ما تم ملاحظته مؤخرا بهيكل الديناصور الذي أعلن عن مزاده العلني بباريس، ليتدخل المغرب ليمنع هذا المزاد.
ودعت إلى محاربة ظاهرة تهريب الآثار، والات
المصدر: وكالة الاناضول