دخلت الأحداث في سوريا عامها السابع .. الهزيمة كانت السمة الطابعة خطابات الجماعات المسلحة، بدءأ من قائد “حركة أحرار الشام” أبو عمار العمر، وصولاً إلى المسؤول العام لـ “هيئة تحرير الشام” أبو جابر الشيخ، وصولاً إلى عصام البويضاني، قائد “جيش الإسلام”.
تبادل هؤلاء القادة الإتهامات المبطنة، وكل طرف حمل الآخر مسؤولية الفشل، فأعاد أبو عمار العمر التذكير بعمليات الإغتيال التي طالت العام الماضي قادة من حركته، واتهمت جبهة النصرة انذاك بتدبيرها.
في خضم هذه الأجواء، كان لا بد من عملية عسكرية تعيد شد عصب المسلحين، خصوصاً وأن هناك إستحقاقات قريبة، فكانت عملية جوبر.
تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى
قد يخال للوهلة الأولى أن هناك توحداً على الخيارات بين تلك الجماعات، خصوصاً وأن أحرار الشام وجبهة النصرة تشاركان في هذه العملية بقوة، إلى جانب فيلق الرحمن، رغم الخلافات الكثيرة بين الجانبين.
هذا من ناحية الشكل، ومن ناحية التوقيت، فقد جاءت هذه العملية بعد زيارة ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن الأسبوع الماضي واستقبال الرئيس دونالد ترامب له بحفاوة، في زيارة توجست منها تركيا، خصوصاً بعد بروز توجهات جديدة للإدارة الأميركية لدعم الاكراد في الشمال السوري، على عكس رغبة حكومة حزب العدالة والتنمية في أنقرة.
فسارعت تركيا إلى الإيعاز إلى أحرار الشام وفيلق الرحمن بشكل أساسي إلى القيام بعمل عسكري في دمشق، لتقول أنها “تملك مفاتيحا الى دمشق، وبالتالي منع ترامب من تسليم الملف السوري للسعودية”، خصوصاً في ظل ما حكي عن منع هذه الفصائل لـ “جيش الإسلام” المحسوب على الرياض من المشاركة في هذه العملية.
المعركة بحسب شخصيات محسوبة على جيش الإسلام حققت هدفها السياسي. وقللت هذه الشخصيات من أهمية فتح الطريق بين القابون وجوبر، خصوصاً وأنه كان مفتوحاً في السابق، وكان تأثيره محدوداً في مجريات الأوضاع في الغوطة الشرقية.
السعودية تلقفت الرسالة، فأوعزت إلى مسلحي جيش الإسلام بنقض الهدنة في حي القابون المجاور لجوبر، ومحاولة المشاركة في هذه العملية، على لسان عضو وفد الرياض إلى جنيف والقيادي في جيش الإسلام المدعو “محمد علوش”.وأعرب علوش في تغريدة له على موقع تويتر عن استعداد فصيله لإرسال المؤازرات إلى جوبر مع فتح جبهة القابون.
تصريح رجل الرياض في محادثات جنيف يعكس سعيا سعوديا إلى محاولة تجيير الأحداث في دمشق لصالحها، خصوصاً على مقربة من اجتماعات جنيف – 5 المقررة عقدها نهار الخميس، والتي يشارك فيها فصيل “جيش الاسلام”. وتسعى الجماعات المسلحة وداعموها الإقليميون إلى التعويض عن خسارتهم الإستراتيجية في حلب، بمحاولة احداث خرق على جبهة حي جوبر، ترفع من معنوياتهم المنهارة.
بالإضافة إلى علوش تحدث في الإطار نفسه المتحدث بإسم جيش الإسلام حمزة بيرقدار، الذي أشار إلى اتصالات قامت بها قيادة الجيش لارسال المؤازرات، من دون أن تتلقى جواباً على هذا الامر.
تصريحات قادة جيش الإسلام لا تخرج عن الإطار الدعائي، خصوصاً وأن تنسيقيات هذا الفصيل تحدثت مبكراً عن فشل هذه العملية، وعلى انها ستجر الويلات على الغوطة. وأعادت التنسيقيات التذكير بمعركة مرج السلطان، التي استعادها الجيش السوري بعد معارك مع جيش الاسلام، ولم ترسل أياً من تلك الفصائل التي تقاتل حالياً في جوبر المؤازرات.
وهاجم قادة من جبهة النصرة المتحدث حمزة بيرقدار، واتهموه بتجاهل الجبهة في معارك جوبر. ويشار إلى أن منطقة جوبر كان يتواجد فيها مسلحو جيش الإسلام، قبل انسحابهم منها العام الماضي بعد معارك مع مسلحي ما سمي في حينها “جيش الفسطاط”، الذي ضم فيلق الرحمن وجبهة النصرة وحركة احرار الشام، التي انسحبت منه فيما بعد.
فشل الجماعات المسلحة في تحقيق الهدف المطلوب منها في جوبر، يضعها أمام مواجهة المشغلين، لذلك فإن هذه الجماعات تخوض معركة البقاء لوجودها في ريف دمشق، وبالتحديد جبهة النصرة، التي تسعى في الآونة الأخيرة إلى إثبات “شرعية” وجودها على الساحة السورية.
وتطرح العديد من علامات الإستفهام حول الدور الصهيوني في العملية التي تقوم بها الفصائل في جوبر، خصوصاً وانها تزامنت مع غارات صهيونية على مدينة تدمر في ريف حمص الشرقي، تصدت لها وحدات الدفاع الجوي في الجيش السوري. الامر الذي اعتبرته أوساط صهيونية أنه تغيير في قواعد الإشتباك من قبل القيادة في سوريا.
المصدر: موقع المنار