ازدادت في الفترة الماضية الحلول المقترحة حول قانون الانتخاب وطرحت العديد من الافكار التي تتعلق بمشاريع انتخابية أنجزت او يمكن انجازها في فترة وجيزة قبيل موعد الانتخابات النيابية المقبلة في ايار/مايو المقبل، إلا انه حتى الساعة لا جديد في هذا الملف حيث ما زالت الامور على حالها دون اي تقدم فعلي، رغم ان الحكومة تجتمع بشكل دوري ومع ذلك لم يتم وضع اي مشروع لقانون الانتخاب على جدول اعمال اي جلسة لبحثه قبل ارساله على عجل الى مجلس النواب لمناقشته واقراره، ما يؤكد المؤكد ان لا توافق سياسي بين مختلف الاطراف حول قانون جديد للانتخاب.
ولكن في ظل هذه الحال من المراوحة والاخذ والرد والتراشق المستمر اعلاميا وسياسيا على المنابر والشاشات بين مختلف الاطراف كيف ستكون خاتمة الامر؟ وعلى اساس اي قانون انتخابي ستجري الانتخابات؟ هل ستجري على اساس قانون جديد ام على اساس القانون النافذ حاليا اي قانون “الستين”؟ والاهم من كل ذلك هل ستجري الانتخابات النيابية في لبنان ام سيجري تطييرها او بالمعنى القانوني اللجوء الى التمديد لتغطية العجز في انتاج قانون انتخابي جديد؟
اي قانون انتخاب.. والعناد مستمر؟
ويشار الى ان مختلف الاطراف تعلن بشكل صريح رفضها للتمديد كما تعلن رفضها للعودة الى الستين وتؤكد وجوب اقرار قانون جديد للانتخاب، إلا ان هذه القوى تختلف باختلاف رؤيتها للقانون، ففيما يوجد فريق له ثقله السياسي والشعبي يصر على اعتماد النسبية الكاملة لانه يخدم المصلحة العامة، يقابله فريق يرفض النسبية ويطالب باعتماد قانون غيره انطلاقا من مصلحته الذاتية الخاصة دون التفات لمصلحة الوطن وإن كان يصدر بعض الحجج المصبوغة بشعارات وطنية رنانة، وينقسم هذا الفريق الى قسمين: قسم يطالب بالاكثري حصرا ولا ضير لديه من العودة الى قانون “الستين”، وقسم آخر يطالب باقرار قانون عتمد النظام المختلط(النسبي والاكثري) بما يوصل الى نتائج “تفصّل” على قياسه وقياس بعض الاطراف اللبنانية.
والحقيقة ان الامور لا تستوي في ظل بقاء كل فريق على موقفه بينما يلقي التهم بالتعطيل على الآخرين، إلا انه ايضا لا يستوي بشكل فاضح ان يبقى من يعطل هو من يضع العوائق امام تطوير القانون الانتخابي وبمعنى اخر يمنع وضع اللبنة الاولى باتجاه بناء الدولة في لبنان على اساس قانوني ديمقراطي صحيح، فتصحيح التمثيل النيابي للشرائح اللبنانية يعني ان الناس ستتمكن من ايصال من تريد عبر صناديق الاقتراع وهو ما يعني انه تصحيح للوضع في لبنان مما هو عليه الى وضع اكثر ديمقراطية، وغير ذلك يبقى ما يقال من قبل المعطلين في اللقاءات السياسية والبرامج التلفزيونية والمؤتمرات الصحفية هو مجرد كلام بكلام لا يغني ولا يسمن ولا يحقق اي شيء من دولة القانون والمؤسسات بما تعنيه الكلمة لا بما نسمعه من السياسيين منذ عشرات السنين ولا سيما منذ ما بعد اتفاق الطائف وحتى اليوم.
الخازن: سوق عكاظ لبناني والعد العكسي بدأ
حول كل ذلك، اعتبر رئيس “المجلس العام الماروني” في لبنان الوزير السابق وديع الخازن ان “الوضع بخصوص قانون الانتخاب في لبنان يشبه سوق عكاظ حيث كل طرف يقدم الطروحات التي لديه من دون التوصل الى حل يرضي الجميع”، وتابع “لا أرى اي شيء جدي او ملموس على هذا الصعيد رغم ان العد العكسي الى موعد الانتخابات قد بدأ”.
واكد الخازن في حديث لموقع قناة المنار “رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري لن يرضى بحصول التمديد لمجلس النواب كما لن يقبل بحصول الفراغ في الحياة التشريعية”، ولفت الى ان “هذا الامر غير وارد لان المجلس سيد نفسه ولا يمكن القبول بحصول الفراغ في مؤسسة دستورية بحجم مجلس النواب لان في ذلك مساس بالحياة الديمقراطية وبوحدة لبنان والتوازنات فيه”.
وشدد الخازن على “ضرورة حل مشكلة قانون الانتخابات في لبنان والوصول الى جامع مشترك يرضى به كل الافرقاء للذهاب الى الانتخابات في موعدها المقرر”، وأشار الى انه “بذلك يظهر لبنان كبلد ديمقراطي كما كان دائما”، ولفت الى ان “لبنان هو البلد الوحيد في المنطقة الذي يحافظ على الاستقرار والحياة الديمقراطية التوافقية في ظل كل ما يجري في دول الجوار من ازمات”.
حسابات البعض ومصلحة لبنان..
وعن سبب تمسك كل فريق برأيه، قال الخازن إن “هناك توازنات سياسية في البلد وكل فريق يريد ان يحافظ عليها ويريد السير بالقانون الذي يحقق له اعلى نسبة من المقاعد والحصص”، واضاف “لذلك نرى هذا الفريق يؤيد المختلط بينما فريق آخر يؤيد النظام الاكثري بينما هناك اطراف كحزب الله وحركة امل والتيار المسيحي يريدون القانون الذي يخدم المصلحة العامة ولا يقيمون وزنا لخسارة بعض المقاعد هنا وهناك”.
وأكد الخازن انه “يجب اقرار قانون انتخابي منصف وتمثيلي كما طرحه رئيس الجمهورية العماد ميشال ويلتقي معه بذلك حزب الله وحركة أمل وشريحة كبيرة من المرجعيات السياسية التي تبتغي إعادة تكوين السلطة في لبنان”، ورأى انه “إذا صدقت النوايا يمكن خلال 24 ساعة إقرار مثل هذا القانون”، ولفت الى ان “القوي يجب ان يحافظ على الضعيف في هذا البلد حفاظا على اللبنانيين وعلى البلد”، مشيرا الى ان “الامثلة كثيرة حيث ضحى القوي في لبنان وما زال في سبيل لبنان واللبنانيين”.
يبقى انه من المهم الاشارة الى ما نقل عن الرئيس نبيه بري مؤخرا بخصوص قانون الانتخاب بأن “.. التأخير الحاصل في هذا المجال لا يصب في مصلحة احد.. لا يظن احد ان البلاد تمر في شهر عسل بل ان الشهر الحقيقي للعسل والراحة عند توصل الافرقاء الى اتفاق على قانون انتخاب..”، فهل ستجد هذه الاحجية المعقدة لقانون الانتخاب الحل قبل موعد الانتخاب ام ان اللبنانيين لن يستغلوا الشهر المتبقي جيدا لاخراج البلد من الازمة التي يمر بها؟
المصدر: موقع المنار