لقي قانون اسرائيلي اقره الكنيست ويشرع مصادرة اراض فلسطينية خاصة لصالح المستوطنين ادانة واسعة من الفلسطينيين والمدافعين عن حل الدولتين باعتباره “سرقة” وخطوة اضافية لضم كامل الضفة الغربية المحتلة/ بينما رفضت الادارة الاميركية التعليق.
ودعا الفلسطينيون المجتمع الدولي الى معاقبة الكيان الاسرائيلي اثر اقرار القانون ليل الاثنين باغلبية 60 نائبا مقابل 52 صوتوا ضده، من اصل 120 في البرلمان، لانه استملاك لاراض تخص فلسطينيين شيدت عليها مساكن استيطانية بدون موافقة حكومية، ويحمي بالتالي المستوطنين من اي عمليات اخلاء، مثلما حصل مع مستوطنة “عمونا” الاسبوع الماضي.
واكدت منظمة “السلام الآن” ان القانون سيتيح وباثر رجعي “شرعنة” 53 بؤرة استيطانية “عشوائية” تضم قرابة اربعة الاف مسكن، وسيكرس مصادرة 8183 دونما (نحو 800 هكتار) من الاراضي الفلسطينية الخاصة مقابل تعويض مادي أو اراض اخرى. واكدت المنظمة المعارضة للاستيطان في بيان انه “عبر اقرار هذا القانون فان (رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين) نتانياهو جعل من السرقة سياسة اسرائيلية رسمية ويلحق وصمة بكتب القانون الاسرائيلي”، مشيرة الى انه يقوم بذلك “لارضاء مجموعة صغيرة من المستوطنين المتطرفين لضمان مستقبله السياسي”.
واكدت منظمات حقوقية اسرائيلية انها ستقدم التماسا الى المحكمة العليا الاسرائيلية لالغاء القانون.
ومن لندن الى القاهرة، مقر الجامعة العربية مرورا بباريس وبرلين وانقرة وعمان، توالت الادانات ضد القانون الذي يوجه ضربة جديدة لعملية السلام المجمدة بين الفلسطينيين والاسرائيليين. واعرب الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش عن “اسفه الشديد” لاقرار هذا القانون مؤكدا انه “يشكل انتهاكا للقانون الدولي وستكون له تداعيات قانونية كبيرة على اسرائيل”.
وحضت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني الحكومة الاسرائيلية في بيان “على عدم تنفيذ” القانون الجديد معتبرة انه “يتجاوز سقفا جديدا خطيرا عبر تشريع مصادرة حقوق الملكية الفلسطينية وعبر السماح بمصادرة اراض فلسطينية خاصة في الاراضي المحتلة”.
من جهته، رفض المتحدث باسم البيت الابيض شون سبايسر التعليق في انتظار زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي سيلتقي الرئيس دونالد ترامب في واشنطن منتصف شباط/فبراير.
وعلى مدى اسبوعين، بقيت ادارة ترامب متحفظة عن اصدار موقف واضح من الاعلانات الاسرائيلية المتعاقبة لمشاريع التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، ما يعد تشجيعا لليمين الاسرائيلي بعد ثماني سنوات من حكم باراك اوباما الذي عارض الاستيطان.
ومن باريس، اكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد لقائه الرئيس فرنسوا هولاند ان القانون هو “تحد سافر لرغبة المجتمع الدولي”. وان مواصلة الاستيطان “عدوان على شعبنا وسنواجهه في المحافل الدولية كافة”. ودعا هولاند “اسرائيل وحكومتها الى التراجع عن هذا القانون”، مبديا قلقه حيال “تسارع وتيرة المستوطنات” التي تحظى “بغطاء قانوني كون البرلمان الاسرائيلي اقر امس نصا سيؤدي الى تشريع المستوطنات العشوائية في حال اكدته المحكمة الدستورية”.
شكرا ترامب
وشكر النائب عن حزب البيت اليهودي المتطرف بتسلئيل سموتريتش احد اشد داعمي القانون الشعب الاميركي لانتخابه دونالد ترامب مؤكدا “من دونه، فان القانون على الاغلب لم يكن سيتم اقراره”.
لكن زعيم المعارضة الاسرائيلية وحزب العمل اسحق هرتزوغ حذر من ان القانون قد يعرض الجنود الاسرائيليين والمسؤولين للملاحقة امام المحكمة الجنائية الدولية، وقال امام الكنيست ان “هذا القطار الهادر نهايته في لاهاي”. ووجه المدعي العام للحكومة افيخاي ماندلبليت تحذيرا مماثلا.
وقال استاذ القانون اميخاي كوهين انها الاولى التي ستقوم فيها اسرائيل بتطبيق قانونها المدني على اراض تعترف بانها فلسطينية. واعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش ان مشروع القانون “يعكس تجاهل اسرائيل الواضح للقانون الدولي” مشيرة الى انه يعزز “بحكم الامر الواقع الاحتلال الدائم” للضفة الغربية. وحذرت المنظمة المسؤولين الاسرائيليين من ان “ادارة ترامب لا يمكنها ان تحميهم من ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية”.
القانون يعني ضم الضفة
ويعيش قرابة 400 الف شخص في مستوطنات الضفة الغربية بحسب السلطات الاسرائيلية وسط 2.6 مليون فلسطيني، يضاف هؤلاء الى اكثر من 200 الف مستوطن في القدس الشرقية حيث يعيش نحو 300 الف فلسطيني.
ويعتبر المجتمع الدولي كافة المستوطنات غير قانونية الا ان الحكومة الاسرائيلية تميز بين تلك التي توافق عليها وتلك التي تقام عشوائيا. وفي داخل الحكومة التي تعتبر الاكثر يمينية في تاريخ كيان الاحتلال، يدعو بعض الوزراء صراحة الى ضم الضفة الغربية ومنهم وزير العلوم والتكنولوجيا عوفير اكونيس من حزب الليكود الذي قال ان “كل ارض اسرائيل هي ملك الشعب اليهودي، وهذا الحق ابدي ولا جدال فيه”.
وقالت عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي ان “مثل هذا القانون يعني الضم النهائي للضفة الغربية”، داعية المجتمع الدولي الى اتخاذ تدابير عقابية ضد اسرائيل “وفرض عقوبات قبل فوات الاوان”.
بدورها، اكدت منظمة التحرير الفلسطينية ان القانون ذا الاثر الرجعي “يشرع سرقة” اراضي الفلسطينيين، وهو ما اكده الامين العام للجامعة العربية احمد ابو الغيط بقوله انه “ليس سوى غطاء لسرقة الأراضي والاستيلاء على الممتلكات الخاصة للفلسطينيين”.
ودان الاردن القانون باعتباره “خطوة استفزازية من شأنها القضاء على أي أمل بحل الدولتين وإحلال السلام في المنطقة، فضلا عن تأجيج مشاعر المسلمين. وجر المنطقة لمزيد من العنف والتطرف”، مشيرا الى ان “الاستيطان ينم عن عقلية لا تقبل السلام ولا تؤمن به”.
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية