الجولة الثانية من الانتخابات التمهيدية لليسار الفرنسي ستشكل منعطفا أساسياً حول حظوظ اليسار بالوصول الى الرئاسة في ايار/مايو 2017. فالمعركة الانتخابية بين بنوا هامون الذي يمثل الجناح اليساري في الحزب الاشتراكي الفرنسي (حاز على 36.21% من الاصوات) ومانويل فالس الذي يمثل جناح اليمين في الحزب (31.19% من الاصوات) ستكشف عن توجه اليسار في فرنسا والطريقة التي سيخوض بها الانتخابات الرئاسية بوجه اليمين الممثل بـ”فرانسوا فيون” واليمين المتطرف الممثل بـ”ماري لوبان”.
ويلعب هاموند على وتر الخروج من السياسات التي انتهجتها فرنسا طيلة الفترة الماضية، والبدء بسياسات جديدة على مختلف المستويات لا سيّما إصلاح المؤسسات في الدولة الفرنسيّة والسير نحو ثورة بيئية. ويبقى كلام هاموند بالنسبة للكثير من الفرنسيين غير كاف على اعتبار ان رؤيته السياسية للمرحلة القادمة غير مكتملة التفاصيل في ضوء التحديات الكبيرة التي تواجهها فرنسا خصوصا وأوروبا عموما على مستوى الامن والاقتصاد، وارتفاع أعداد المهاجرين…
أمّا مانويل فالس فيؤكد على ضرورة تحسين الأوضاع في فرنسا عبر تغيير السياسات العامة في الإتحاد الاوروبي، ومحاربة الارهاب والدفاع عن العدالة والمساواة. ويقدم فالس نفسه على انه الفائز المحتمل في الانتخابات الرئاسية إذا ما فاز في الدورة الثانية من انتخابات اليسار، وخاض المواجهة مع فرانسوا فيون في ايار/مايو المقبل.
وعلى الرغم من الحراك السياسي الكبير في دوائر اليسار الفرنسي، واللقاءات والمناظرات إلا ان نظرة اليسار لفرنسا جديدة تبقى غير مقنعة بالنسبة لعدد كبير من الفرنسيين، على اعتبار ان المرشحين لم يقدموا إجابات على أسئلة كثيرة، منها سبل مكافحة الارهاب الذي ضرب العمق الفرنسي خلال السنوات والاشهر الماضية، إضافة الى تفاقم أزمة البطالة التي فاقت الـ10%، والملف الأبرز وهو أزمة المهاجرين. وبرز تراجع اليسار بشكل واضح خلال الانتخابات المناطقية قبل أشهر، حيث خسر الكثير من المقاعد في مناطق كان يسيطر عليها لفترة طويلة، مقابل تقدم اليمين واليمين المتطرف.
اليمين يقدم مشروعا واضحاً
وعلى عكس اليسار يبدو يمين الوسط الفرنسي بقيادة المرشح للرئاسة رئيس الوزراء الأسبق فرانسوا فيون واضحا في طروحاته السياسية، ورؤيته للمستقبل الفرنسي. فبعد كلام فيون “الذي فاز على آلان جوبيه في انتخابات اليمن” طيلة الفترة الماضية عن ضرورة نسج تحالفات جديدة مع دول العالم والابقاء على التحالفات القديمة مع تعزيز مكانة فرنسا في العالم، جدد مرة اخرى تأكيده على ضرورة حماية بلاده ومحاربة الارهاب بالتعاون مع الجميع. ويؤكد فيون أن اوروبا على وشك خسارة مكانتها الدوليّة وفقدان دورها على الساحة الدولية، داعيا الى تطوير العلاقات مع موسكو وغيرها من الدول وعدم التقوقع في دائرة ضيقة، مع التأكيد على حماية الداخل الفرنسي والاوروبي وتعزيزه.
ويبدو فيون الاكثر قبولا في الشارع الفرنسي بعد تبنيه لسياسات وأفكار تهم الشارع أبرزها رفضه للزواج المثلي ووقف إعانة الأمهات العازبات، كما انه ومنذ بدء حياته السياسية لم يتم ذكر اسمه في صفقات أو تورط بالفساد. وطرح فيون وجهة نظره بخصوص التعامل مع المسلمين في فرنسا “خاصة بعد الاحداث الارهابية التي حصلت”، رافضا ان يتم الحديث عن مشكلة دينية في فرنسا، او السماح بطرد المسلمين او التضييق عليهم، مؤكدا ان المحاسبة تطال فقط من لا يلتزم بالقانون ويؤثر على امن واستقرار البلاد. ويعتبر فيون ايضا ان إلغاء نصف مليون وظيفة في القطاع العام وتخفيف المساعدات الاجتماعية للفرنسيين هو امر ضروري من اجل تعزيز الاقتصاد.
وبين هذا وذاك تقف ماري لوبان “اليمين المتطرف” واثقة في السباق نحو الرئاسة، وهي التي حققت تقدما في الانتخابات المناطقة، واستفادت من الارهاب الذي ضرب فرنسا لتشد الشارع نحوها، ولكن تبقى حظوظها غير مكتملة بحسب المراقبين.
وفي نظرة واسعة للمشهد السياسي في فرنسا، يبدو فيون “يمين الوسط” أكثر وضوحا من منافسيه في سباق الرئاسة الفرنسية، من حيث الطروحات والافكار وخطط العمل. وتبقى الفترة الفاصلة قبل الوصول الى الانتخابات حساسة وحاسمة، إذ ان كل حزب ومرشح سيقدم كل ما في جعبته ليقنع الشارع الفرنسي الذي يعاني من مشاكل كبيرة اليوم “إقتصاديا وأمنياً”.
المصدر: موقع المنار + وكالات