أصدر القادة العرب، اليوم السبت، البيان الختامي لأعمال القمة العربية الرابعة والثلاثين التي عقدت في العاصمة العراقية بغداد، تحت شعار “بغداد السلام تحتضن قضايا العرب”. وجاء في البيان تأكيدٌ على الرفض القاطع لتهجير الشعب الفلسطيني، وإدانة شديدة للاعتداءات الصهيونية التي طالت سوريا ولبنان.
وجدد البيان رفضه القاطع لتهجير الفلسطينيين، مشددًا على ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مع التأكيد على ضرورة ممارسة ضغوط دولية فعالة لوقف إراقة الدماء في القطاع. وأكد البيان أن الهدف من القمة يتمثل في توحيد الجهود لخدمة مصالح شعوب المنطقة وتحقيق الأمن والاستقرار فيها.
كما شدد البيان على أهمية إيجاد حل سياسي عاجل لوقف الصراع في السودان، إضافة إلى إدانة الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على الأراضي السورية.
وتناول جدول أعمال القمة عددًا من القضايا الرئيسية، منها وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وإعادة إعمار المناطق المتضررة، ومنع تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، إلى جانب رفض الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان. وقد أكدت الجلسة الافتتاحية ضرورة الضغط على الكيان الصهيوني لوقف العدوان على غزة والضفة الغربية، والبدء الفوري بعملية إعادة الإعمار في المناطق المتضررة.
كما تناولت القمة الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، مؤكدة ضرورة وقفها بعد التزام لبنان باتفاق وقف إطلاق النار، والتشديد على ضرورة انطلاق ورشة لإعادة الإعمار في المناطق اللبنانية المتضررة.
ومثّل الإدارة السورية في القمة وزير الخارجية الدكتور أسعد الشيباني، الذي أكد على أهمية الدعم العربي لسوريا، مشيرًا إلى ضرورة التضامن العربي لمواجهة الظروف الصعبة التي تشهدها المنطقة.
وفي وقت سابق اليوم، انطلقت في العاصمة العراقية بغداد الدورة الرابعة والثلاثون للقمة العربية بمشاركة عدد من قادة الدول العربية، في توقيت حساس تمر فيه المنطقة بأزمات متشابكة، أبرزها العدوان الصهيوني المستمر في قطاع غزة، وسوريا، واليمن، ولبنان. وعقدت القمة تحت شعار “حوار وتضامن وتنمية”، وهو شعار يعكس تطلّع العراق للعب دور محوري في تعزيز العمل العربي المشترك.
وأفاد مراسلنا عادل الفياض بأن الحكومة العراقية استكملت تحضيراتها لاستضافة القمة، وبدأ توافد رؤساء الدول العربية إلى مطار بغداد، حيث كان وزير الخارجية العراقي في استقبالهم.
وبحث القادة العرب خلال القمة مجموعة من الملفات الجوهرية، أبرزها الأمن القومي العربي، والتحديات السياسية الإقليمية، وعلى رأسها تطورات القضية الفلسطينية، والأزمة السودانية، والأوضاع في اليمن وسوريا ولبنان.
كما تناولت القمة محاور استراتيجية تتعلق بالتنمية المستدامة، والتعاون الاقتصادي، وتعزيز آليات التكامل العربي لمواجهة الأزمات الاقتصادية والغذائية والبيئية المتفاقمة.
محمد شياع السوداني: دعم إعادة إعمار غزة ولبنان ومبادرات لتعزيز التعاون العربي
وفي افتتاح القمة، أكد رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن الشعوب العربية تنتظر خطوات عملية وواقعية من قادة الأمة، مشددًا على أن العراق يعتمد منهج الشراكة والأخوة مع محيطه العربي، ويدعم الحلول التي تقوم على التفاهم والحوار.
وحذّر السوداني من أن العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين يغذي الصراع والعنف، ووصف ما تشهده غزة بـ”الإبادة الجماعية التي لم يشهد التاريخ مثلها”. وأضاف: “ندعو إلى عمل عربي جاد ومسؤول لإنقاذ غزة وإعادة تفعيل دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) في القطاع والضفة الغربية”.
وأعلن رئيس الوزراء العراقي عن مبادرات عربية لتعزيز العمل المشترك، منها تقديم العراق مبلغ 20 مليون دولار لإعمار غزة، ومثله لإعمار لبنان، بالإضافة إلى إطلاق 18 مبادرة لتنشيط التعاون العربي، على رأسها تأسيس صندوق عربي لدعم التعافي ما بعد الأزمات.
كما شدد السوداني على ضرورة وقف إطلاق النار في جنوب لبنان، مؤكداً دعم العراق الكامل لسيادة سوريا على كامل أراضيها، معربًا عن ترحيبه برفع العقوبات الأمريكية عنها، وداعيًا إلى إنهاء الأزمة الإنسانية في السودان من خلال حل مستدام.
وأكد دعم بلاده للمفاوضات الأمريكية-الإيرانية، واختتم بالقول: “بغداد، مدينة الحضارة والتاريخ، تفتح أبوابها للأخوة العرب، وتؤكد استعدادها لصناعة مستقبل عربي يليق بتطلعات شعوبنا”.
أحمد أبو الغيط يحذر من التحديات الجسيمة وأهمية قضية فلسطين
من جهته، حذّر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط من التحديات الجسيمة التي تواجه العالم العربي، مؤكّدًا أن الإقليم كان ولا يزال هدفًا للأطماع والتدخلات الأجنبية، وأن بعض الدول العربية تواجه تهديدات وجودية حقيقية.
وأشار أبو الغيط إلى أن استمرارية جامعة الدول العربية على مدى ثمانية عقود دليل على عمق الروابط بين الشعوب العربية، وأهمية الإطار الجماعي في التصدي للأزمات والتحديات.
وأكد أن قضية فلسطين ما تزال القضية الأساسية للعرب، لافتًا إلى أن قتل الأطفال والمدنيين في فلسطين أصبح أمرًا طبيعيًا أمام العالم. وأوضح أن كيانات الدولة في السودان باتت مهددة بفعل الحرب المدمرة التي تشهدها البلاد، معربًا عن ثقته بقدرة الشعب السوداني على إعادة بناء ما دمّرته الحرب واستعادة المسار الوطني.
وحول الأزمة الليبية، اعتبر أبو الغيط أن الانقسام السياسي لا يزال يهدد وحدة البلاد واستقرارها، داعيًا إلى دفع عجلة التوافق الشامل لإنهاء حالة الجمود السياسي. وشدد على أن سوريا تمر بمرحلة صعبة وتحدٍ كبير، معبرًا عن دعم الجامعة العربية للشعب السوري في مسيرته نحو بناء “سوريا جديدة” تتجاوز آثار الحرب والمعاناة.
وأشار أيضًا إلى أن لبنان يواجه تحديًا حقيقيًا في مسار التعافي الاقتصادي والمؤسساتي، في ظل العدوان الصهيوني المتواصل على أراضيه، داعيًا إلى ضرورة توفير الدعم العربي للبنان لتجاوز أزماته المتعددة.
وفي ختام كلمته، وجّه أبو الغيط الشكر للجهود التي تبذلها مصر وقطر للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.
رئيس وزراء إسبانيا يدعو لوقف الإبادة الجماعية في غزة وتعزيز الحل السياسي
من جانبه، دعا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى وقف “الإبادة الجماعية” في غزة، محذرًا من أن التاريخ لم يشهد مثل هذه الفظائع، مشددًا على أن إسبانيا ستستخدم كل رصيدها السياسي لدعم جهود وقف العنف ضد الفلسطينيين.
وأشار سانشيز إلى أن الأزمة الإنسانية في غزة منذ أكتوبر 2023 أسفرت عن أكثر من 50 ألف قتيل وأكثر من 100 ألف مصاب، إلى جانب نزوح نحو مليوني شخص. وأكد أن هذه الأرقام “مهولة وغير مقبولة، وتنتهك القانون الدولي والإنساني”، داعيًا إلى تحرك عاجل لوقف دوامة العنف.
وأعلن تقديم إسبانيا وفلسطين مشروع قرار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة يطالب بإنهاء الحصار الإنساني على غزة وضمان وصول المساعدات دون عوائق، معتبرًا أن وقف المجازر أولوية قصوى.
وكشف عن نية بلاده تقديم اقتراح لمحكمة دولية لمراقبة مدى امتثال إسرائيل للقانون الدولي، واستكشاف تفعيل “الولاية القضائية العالمية” لمحاسبة مرتكبي الجرائم.
وشدد سانشيز على ضرورة حل الدولتين، مؤيدًا مؤتمر السلام الذي ترعاه السعودية وفرنسا، وداعيًا إلى تعزيز الحوار العربي-الأوروبي-الإسلامي لتحقيق السلام في المنطقة. واختتم قائلاً: “إسبانيا ستظل حليفًا للسلام، ويمكنكم الاعتماد على التزامنا”.
غوتيريش: رفض العقاب الجماعي ودعوة لوقف فوري لإطلاق النار
بدوره، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن “لا شيء يبرر هجمات حركة حماس، كما لا شيء يبرر العقاب الجماعي لشعب غزة”، داعيًا إلى وقف فوري لإطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى دون شروط.
وشدد على رفض المنظمة الدولية لأي عمليات تهجير داخل أو خارج قطاع غزة، محذرًا من التوسع العسكري الإسرائيلي الذي “لا يتوافق مع القانون الدولي”.
وأعلن دعم الأمم المتحدة الكامل لحل الدولتين مع القدس عاصمة مشتركة، معتبرًا أن مؤتمر يونيوز يمثل فرصة تاريخية لتحقيق هذا الهدف.
كما تطرق غوتيريش إلى الأزمات الإقليمية، داعيًا إلى سيطرة الحكومة اللبنانية على كامل أراضيها، وإلى عملية سياسية شاملة في سوريا، وإلى حوار يمني-يمني لضمان الاستقرار، معبرًا عن قلقه من أن هجمات البحر الأحمر تضر بالاقتصاد العالمي.
وأشاد بالتقدم العراقي منذ عام 2014، معربًا عن ثقته في أن الحوار سيحل القضايا العالقة. وختم مؤكّدًا أن الأمم المتحدة ستواصل دعمها للعراق وشعبه في مسيرة الاستقرار والازدهار.
عبد الفتاح السيسي يعلن عن تنظيم مؤتمر دولي لإعمار غزة بعد وقف إطلاق النار
أما الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فقد أعلن عزم بلاده تنظيم مؤتمر دولي لإعمار قطاع غزة فور توقف إطلاق النار. وأشار إلى أن القمة تعقد في ظرف تاريخي حرج تمر فيه المنطقة بتحديات متعددة، تستدعي وقفة موحدة وإرادة صلبة لا تلين.
وقال إن القضية الفلسطينية تمر بأخطر مراحلها، حيث يتعرض الشعب الفلسطيني في غزة لإبادة تهدف إلى إنهاء وجوده. وأضاف: “آلة الحرب دمرت كل شيء، وتسببت في نزوح نحو مليون ونصف مليون فلسطيني”.
وشدد على ضرورة تعزيز الجهود العربية والدولية لتوفير الدعم الإنساني وإعادة إعمار غزة، معلنًا استعداد مصر لتقديم كل الدعم اللازم لإنجاح هذا المؤتمر، ومؤكدًا أن القضية الفلسطينية تبقى القضية الأولى للعرب.
المصدر: قناة المنار