تؤدي التحوّلات العديدة في مواقف الرئيس دونالد ترامب إلى شعور العديد من الأميركيين بالإحباط، لا سيّما أنه انتُخب بناءً على تعهّده بضمان الازدهار الاقتصادي.
وطرح ترامب احتمال إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، ثم تراجع عن ذلك، وربما مؤقتًا، وفرض رسوماً جمركية على الصين ليتعهّد لاحقًا بالتخفيف والتوصل إلى تسوية.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة ديوك، جوزيف غريكو، لوكالة فرانس برس: «يستبعد أن تكون التقلّبات التجارية الأميركية التي شهدناها الشهر الماضي نتيجة تخطيط من أي نوع كان… كانت مجرّد قرار مرتجل تلو الآخر».
ويشير استطلاعٌ لمركز بيو للأبحاث أُجري مطلع أبريل/نيسان 2025، عندما كان ترامب يخفّف حدة حربه التجارية ضد عدة بلدان للتركيز على الصين، إلى أن 40٪ فقط من المستطلَعين أيّدوا أداءه، في تراجعٍ بمقدار سبع نقاط مقارنة باستطلاع فبراير/شباط 2025.
ولفت المركز إلى أنه باستثناء بيل كلينتون وترامب، لطالما تجاوزت نسب تأييد الرؤساء الأميركيين الـ50٪ بعد مرور مئة يوم على تسلّمهم السلطة منذ عهد رونالد ريغان.
غير أن المركز أوضح أن معدلات تأييد ترامب المثير للانقسامات والتي تجيده استغلال نقاط قوته، توازي إلى حدٍّ كبير تلك المسجّلة في عام 2017 خلال المرحلة نفسها من ولايته الأولى.
وانتقد نحو ستة من كل عشرة من شملهم استطلاع بيو السياسات التجارية التي ينتهجها الملياردير الجمهوري. كما أشار استطلاع آخر للرأي نفّذته رويترز/إبسوس إلى أن 37٪ فقط من الأميركيين يشعرون حاليًا بالرضا عن مقاربة الرئيس الاقتصادية.
وهذه النسبة أقلّ بكثير من الأرقام المرتفعة التي كان يحققها ترامب في مطلع ولايته الأولى، علماً بأن الاقتصاد لطالما شكّل نقطة قوته سياسيًا.
وتؤكد نتائج استطلاع أجراه معهد يوغوف مطلع أبريل/نيسان 2025 هذه المؤشرات؛ إذ عبّر 51٪ من الأميركيين عن عدم رضاهم عن السياسات الاقتصادية لترامب، وهو ما يمثّل تراجعًا بأربع نقاط عن أواخر مارس/آذار 2025، قبل إعلاناته المفاجئة المتعلقة بالرسوم الجمركية والتحولات الكبيرة التي تبعتها بعد أسبوع واحد.
وفي ظلّ غياب استراتيجية واضحة للبيت الأبيض، يسود القلق الأسواق العالمية التي ترتفع وتهبط مع صدور أي تصريح عن ترامب أو كبار المسؤولين في إدارته بخصوص التجارة أو السياسة النقدية.
وقد أثارت هذه التقلّبات مخاوف ملايين المستثمرين الأميركيين، لا سيّما أولئك الذين استثمروا مدخرات تقاعدهم في الأسهم. وازدادت المخاوف عندما كثّف الرئيس انتقاداته لباول، واصفًا إياه بـ«الفاشل» لرفضه خفض معدلات الفائدة.
وأدى هذا الهجوم على استقلالية البنك المركزي إلى هبوط الأسواق، قبل أن يتراجع ترامب ويؤكد يوم الثلاثاء أنه لا ينوِي إقالة باول.
وسيكون من الصعب جدًّا التكهّن بمسار المواجهة التجارية مع الصين، رغم أن ترامب يؤكد رغبته في تخفيض كبير للرسوم الجمركية التي بلغت 145٪ على واردات ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وبحسب استطلاع حديث لمؤسسة غالوب، يعتقد 53٪ من الأميركيين أن وضعهم المالي الشخصي سيتدهور. ومنذ عام 2001، أشارت غالوب إلى أن أغلب الأشخاص الذين استطلعت آراءهم كانوا يعبرون عن تفاؤلهم بشأن أوضاعهم المالية.
ومن شأن ارتفاع مستوى القلق أن يترجم إلى تراجع في الاستهلاك، ما قد يؤدي بدوره إلى تباطؤ النمو الاقتصادي.
وعلى الرغم من تزايد عدم الثقة في السياسة الاقتصادية للبيت الأبيض، فإن غالبية قواعد الدعم الأساسية لترامب لا تزال متمسّكة به، إذ يؤيد 70٪ من الناخبين الجمهوريين والمستقلين الموالين للجمهوريين قراراته المتعلقة بالرسوم الجمركية، في حين يعارضها 90٪ من الديمقراطيين، وفقًا لمركز بيو للأبحاث.
المصدر: أ ف ب