أعلنت الصين فرض رسوم جمركية بنسبة 84% على المنتجات الأميركية، في وقت يواصل فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب تصعيد حربه التجارية مع دول العالم. وقد دخلت الحزمة الأخيرة من الرسوم الجمركية الأميركية حيّز التنفيذ، ما أدى إلى هزة جديدة في الأسواق المالية العالمية.
فجر الأربعاء، بدأ تطبيق موجة جديدة من الرسوم الجمركية الأميركية تستهدف عشرات الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، وتطال نحو ستين دولة، وتتراوح نسبتها بين 11% و50%، باستثناء الصين التي أصبحت منتجاتها خاضعة لضريبة تبلغ 104%.
وخلال توقيعه أوامر تنفيذية متعلقة بقطاع الطاقة الأميركي، كشف الرئيس ترامب أن إدارته تبرم ما وصفه بـ”اتفاقات خاصة” مع دول العالم بشأن هذه الرسوم. وقال:
“نقوم بعمل جيد للغاية، ونُبرم اتفاقات خاصة وليست جاهزة، أي أنها مصممة خصيصًا وعلى مستوى عالٍ من الدقة. حاليًا، اليابان في طريقها إلى هنا لإبرام اتفاق، وكذلك كوريا الجنوبية، وهناك آخرون أيضًا”.
إعلان الرسوم الأميركية الجديدة أثار قلق المستثمرين مجددًا، ما أدى إلى موجة بيع في الأسواق الأوروبية، حيث شهدت مؤشرات بورصة “يورونكست” – وهي البورصة الرئيسية في منطقة اليورو – تراجعًا حادًا، وأغلقت معظم المؤشرات على انخفاض ملحوظ، وسط ترقب لتطورات التوترات الاقتصادية العالمية. كما سجّلت الأسواق الآسيوية انخفاضًا مماثلًا.
أما الصين، المستهدَف الأكبر من هذه الرسوم، فقد تعهدت باتخاذ إجراءات صارمة ردًا على الخطوات الأميركية. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان:
“إن حق الشعب الصيني في التنمية حق لا يمكن التنازل عنه. سيادة الصين وأمنها ومصالحها التنموية مصونة، وسنواصل اتخاذ تدابير حازمة وقوية لحماية حقوقنا ومصالحنا المشروعة”.
في المقابل، لا تزال التحذيرات من تداعيات الحرب التجارية التي يقودها ترامب تتصاعد على مستوى العالم. وقد عبّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن قلقه البالغ، لا سيما حيال البلدان النامية الأكثر هشاشة، والتي ستكون الأكثر تضررًا من هذه السياسات.
الاتحاد الأوروبي يعتمد أولى حزم التعرفات ردًا على رسوم ترامب
اعتمد الاتحاد الأوروبي، يوم الأربعاء، أولى إجراءاته ردًا على الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وأعلن التكتل فرض تعرفات على مجموعة من المنتجات الأميركية، مثل الدراجات النارية وفول الصويا والدواجن، بحسب ما كشفته المفوضية الأوروبية.
وتأتي هذه الإجراءات في إطار الرد على الرسوم الجمركية البالغة 25% التي فرضتها الولايات المتحدة على واردات الصلب والألمنيوم في منتصف مارس. ومن المتوقع أن يكشف الأوروبيون في بداية الأسبوع المقبل عن خطوات إضافية ردًا على الرسوم الجمركية البالغة 20% التي فرضها ترامب في الثاني من أبريل.
من جانبه، أكد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أن الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة، ودخلت حيز التنفيذ الأربعاء، تمثل “سقفًا” إذا اختارت الدول الأخرى عدم الرد.
ودعا شركاء الولايات المتحدة التجاريين إلى التفاوض، قائلاً في كلمة له أمام جمعية المصرفيين الأميركيين في واشنطن: “أعتقد أن ما لم يلاحظه كثيرون هو أن هذه الرسوم الجمركية تمثل سقفًا. إذا لم ترد الدول الأخرى، فسيظل ذلك السقف قائمًا”.
هلع في الأسواق المالية العالمية
وأثارت زيادة الرسوم والإجراءات الانتقامية حالة من الهلع في الأسواق المالية العالمية الأربعاء في خضم مخاوف من زيادة التضخم وانخفاض الاستهلاك وتباطؤ النمو العالمي.
في أوروبا، أغلقت أسواق الأسهم على انخفاض حاد بلغ 3.34% في باريس، و2.92% في فرانكفورت، و2.92% في لندن.
وتراجع سعر برميل النفط إلى ما دون عتبة 60 دولارًا، وهو أدنى مستوى له منذ شباط/فبراير 2021.
وعم التراجع الأسواق الآسيوية ولا سيما في سيول (-1.73%)، وأغلقت بورصة طوكيو على تراجع بنسبة 3.93%، وبورصة تايبيه على 5.8%.
وأكد المحلل في شركة “إس بي آي” لإدارة الأصول ستيفن إينيس أن التصعيد الصيني الأميركي “بدد أي أمل بالهدوء”، و”أدى إلى تراجع الرغبة بالمخاطرة وإلى إغراق الأسواق في حالة من الذعر على نطاق واسع”.
في نيوزيلندا، تحرك المصرف المركزي مخفضًا معدلات الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس لتبلغ 3.5%، في أول خطوة من نوعها في خضم التصعيد، كما خفض البنك المركزي الهندي أسعار الفائدة إلى 6%.
وحذر بنك إنجلترا من أن “المخاطر المرتبطة بتجزئة التجارة العالمية للسلع وبالأسواق المالية تزايدت” ويمكن أن “تضر بالاستقرار المالي”.
وبخلاف التوقعات، شهدت بورصة وول ستريت ارتفاعًا الأربعاء بعد وقت قصير من افتتاحها، لكن مستثمرين يتخلون بشكل كبير عن السندات الحكومية والدولار.
وتراجع الدولار الأربعاء متأثرًا باحتمال تدهور النشاط الاقتصادي الأميركي.
وبحلول الساعة 12:45 بتوقيت غرينتش، انخفض الدولار بنسبة 1.14% مقابل اليورو. وانخفض الدولار أيضًا بنسبة 1.34% مقابل الفرنك السويسري، وبنسبة 1.50% مقابل الين الياباني، اللذين يستفيدان من مكانتهما كملاذين آمنين.
المصدر: المنار
