تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاربعاء 5-3-2025 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
أموال مكدّسة في الحساب 36 وقانون يسمح بإنفاق مليار دولار فوراً: أين «الدولة» من إعادة الإعمار؟
ثمّة سردية رائجة في هذه الأيام مفادها أن إعادة الإعمار يجب أن تحصل من خلال «الدولة» التي استعيدت من حزب الله، وأن يتم ذلك بواسطة «صندوق خاص» يديره البنك الدولي، وتجمع فيه القروض والهبات من المانحين الدوليين. يعني، ببساطة، نحن مدعوون إلى حفلة تسوّل جديدة، ولو أن الجميع يعرف أن نجاحها يبقى رهن تحقّق شروط واضحة عنوانها «المتطلبات الأساسية للإصلاح» كما عبّر عنها نائب رئيس البنك الدولي عثمان ديون بعد لقائه وزير المال ياسين جابر، ما يقود إلى الاستنتاج الأكثر خطورة، وهو ربط إعادة الإعمار بقنوات الضغط الخارجية التي ترفض التمويل مجاناً.
لكن، أين «الدولة» من كل ذلك، ألا تملك الموارد المناسبة، وهل هي فعلاً غير قادرة على تأمين انطلاقة مشروع إعادة الإعمار من دون تحميله الضغوط الخارجية؟
السردية التي تربط الإعمار بالخارج تعترف بأن العدو أحدث كل هذا الدمار، لكنها تقول لنا إنها قاصرة رغم استعادة «الدولة وقرار الحرب والسلم فيها»، وأنها لن تتحرك من دون تمويل خارجي. ثم تضيف أن استقطاب «الدعم الخارجي» يتطلّب «شفافية» لا يملكها إلا البنك الدولي، لذلك ستوكل إليه مهمة تأسيس الصندوق والإشراف على إنفاق الأموال. وبناءً عليه، اجتمع ديون يرافقه المدير الإقليمي جان كريستوف كاريه، مع وزير المال.
ولخّص البيان الصادر عن الاجتماع أن البنك الدولي سيمنح لبنان قرضاً بقيمة 250 مليون دولار ليكون عامل جذب للمانحين الآخرين من هبات وقروض، ليصل حجم الصندوق إلى مليار دولار بحسب ديون الذي قال: «سنذهب إلى مجلس إدارة البنك الدولي بمشروع بقيمة 2 مليار»! وبرأيه، فإن جهود إنشاء الصندوق «ستتوافق مع أجندة الحكومة الجديدة وستشكل أساساً للتقدّم». وردّاً على سؤال يتعلق بوجود شروط لـ«تأمين الدعم للبنان»، أجاب: «أنتم تتحدّثون عن شروط للإصلاحات أو توصيات محدّدة، بينما أنا أتحدّث عن المتطلّبات الأساسية للإصلاحات».
كلام ديون لا يحتاج إلى تفسير في ما يمكن اعتباره المتطلبات الأساسية للإصلاحات، أو في الاعتبارات التي تدفعه إلى الحديث عن توافق بين أجندة الحكومة والبنك الدولي وعما يشكّل أساساً للتقدّم. بل هو يترجم الجزء المعروف من السردية: الحصول على الدعم يتطلّب نزع سلاح حزب الله (وربما الانخراط في مشروع التطبيع أو السلام الموعود).
بمعزل عن أي نقاش في عمق الحفرة التي وقع فيها لبنان من الإفلاس المصرفي والنقدي، وصولاً إلى العدوان الإسرائيلي، وبما ظنّه كثيرون بأن هذه التغييرات في شكل السلطة تمثّل فرصة للتغيير الجذري، فإن التحوّل الحاصل في شكل السلطة كان قائماً على حصرية «الدولة» في كل الملفات. لكنّ هذه «الدولة» لم تتحرّك بعد في اتجاه إعادة الإعمار، ولا توجد مؤشرات على أنها ستفعل قريباً. فعلى جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي ستُعقد اليوم، بند أساسي وحيد أتى كأنه وليد بيروقراطية متكاسلة: آلية تنفيذ الإصلاحات التي تضمّنها البيان الوزاري. إعادة الإعمار ليست ضمن هذه الإصلاحات حتماً، ما يعني أن الحكومة لم تعقد العزم بعد على إعداد خطّة لإعادة الإعمار، ولا تسعى لتخصيص الأموال اللازمة لذلك طالما تراهن على التسوّل من الخارج.
وعلى هذا المنوال، لم تدفع الحكومة أي قرش بعد لمتعهد إزالة الردم في الضاحية الجنوبية رغم أنه تقدّم في الأعمال، بل إن الردم المنقول من الضاحية يتكدّس في «بورة» بحجّة أنه لم يتم الاتفاق على مكان لنقلها إليه بعد فرزه وتكسيره. كذلك لم تبدأ بعد ورشة إزالة الردم في الجنوب والبقاع. وليس مطروحاً تخصيص أي أموال للإيواء لا عبر مجلس الجنوب ولا عبر الهيئة العليا للإغاثة ولا حتى عبر صندوق المهجرين. وفي المقابل، سُجّل جنوباً أن «الدولة» حضرت عبر قوى الأمن الداخلي التي سطّرت محاضر ضبط في من تجرّأ بنفسه على بدء إعادة الإعمار!
هل نحن بحاجة فعلاً إلى الصندوق؟
ما يحتاج إليه لبنان من أجل إطلاق ورشة إعادة الإعمار، هو التمويل. وبحسب المعلومات المتوافرة من مصادر مسؤولة، فإن حساب الخزينة (المعروف بحساب الـ36) لدى مصرف لبنان، فيه أكثر من مليار دولار قابلة للاستعمال فوراً. وفيه مبالغ إضافية متراكمة من السنوات الماضية بما يفوق المبلغ القابل للاستعمال، إنما في ظل قرار مصرف لبنان بالامتناع عن صرف أي مبالغ ليست مغطّاة بقانون، سواء قانون الموازنة أو أي قانون آخر، فإن إنفاق هذه الأموال يتطلّب إصدار مجلس النواب قانوناً يشرّع استعمالها. واستعمالها ممكن بعد اتخاذ تدابير تتعلق بالسياسة النقدية، لأن ضخّ الأموال بطريقة عشوائية قد ينعكس سلباً على سعر الصرف.
إذاً، هل المطلوب من «الدولة» أن «تتفرّج» وتمارس الانتظار؟ قد يُردّ على هذا الأمر بخبث سياسي مفاده أن الأموال المتوافرة لدى الدولة يجب أن تُستعمل من أجل ردّ أموال المودعين الذين يمثّلون أولوية تعهّدت بها الحكومة في بيانها الوزاري. هذا الأمر ينقل النقاش نحو اتجاه أكثر جذرية: هل مارست الدولة التقشّف الشديد خلال السنوات الماضية لتكديس الأموال في حساباتها، بينما هي تعمل الآن على المفاضلة بين المودعين وإعادة الإعمار؟ هل كانت تنوي تسديد هذه الأموال للمودعين أصلاً؟ ألا يوجد في حسابات مصرف لبنان بالعملة الأجنبية أكثر من 10 مليارات دولار تُصنّف بشكل أو بآخر على أنها من «حقوق المودعين»؟
عملياً، كل المشاريع التي يفترض أن تنفق عليها الدولة من أجل تثبيت الشباب في أرضهم ومنع هجرتهم إلى الخارج، مثل التغطية الصحية الشاملة للمقيمين، والنقل العام المشترك، والاستثمار في خلق الوظائف… ليست مُدرجة على أجندة المانحين. فهل كان تكديس الأموال مقبولاً في السابق، وأصبح الإنفاق على تثبيت الناس في أرضهم مرفوضاً؟ بهذا المعنى، يتم تبرير ما يتردّد بأن رئيس الحكومة نواف سلام يدرس مشروعاً أتاه من المصارف الكبرى باستعمال جزء من الذهب لتسوية ملفات كبار المودعين. لكنّ الواقع، أن «الدولة» هي سلطة اتخاذ القرار بعد درس الخيارات المتاحة التي لا يفترض أن تخلو من وسائل تدمج بين الأولويات. لكن عليها أن تبدأ، لا أن تراهن على التسوّل.
واشنطن والرياض لحلفائهما: تحضّروا للانتخابات… وبعدها نتحدّث!
هل كان متوقّعاً خلاف ما صدر عن قمة الرياض بين الرئيس جوزيف عون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان؟
السؤال مردّه إلى ارتفاع سقف التوقعات من الزيارة. فبعد انتخابه رئيساً للجمهورية، جرى الحديث عن رغبة عون بإنجاز سريع لعملية تكليف رئيس الحكومة وتأليفها، لأنه يستعدّ لجولة خارجية تبدأ بالسعودية. وتولى مقرّبون من الرئيس، ومعهم «إعلاميو كل العهود»، الحديث عن «نقلة نوعية لأن السعودية كانت أكثر دعماً لانتخاب عون من الولايات المتحدة».
وبعد تكليف القاضي نواف سلام بتشكيل الحكومة، صبّت الخطوة في سياق تعزيز الوصاية الأميركية – السعودية على السلطات التنفيذية في لبنان، علماً أن لهذه الوصاية نفوذاً قوياً داخل المؤسسات الرسمية، السياسية والأمنية والعسكرية والقضائية، إضافة إلى نفوذها المستمر بين السياسيين والاقتصاديين والإعلاميين. وعندما نالت الحكومة الثقة، تصرّف فريق الوصاية الجديد على أن زيارة عون للسعودية ستكون بداية انقلاب كبير، يبدأ بإنهاء «عزلة» لبنان التي تسبب بها حزب الله وحلفاؤه، ولا تنتهي مع فتح خزائن الدعم.
الواضح أن في لبنان من لم يقرأ حجم المتغيّرات التي طرأت على العالم، وعلى السعودية في العقدين الأخيرين. فجاء من يلقي الماء البارد لتهدئة النفوس، إذ تقرّرت زيارة تعارف سريعة بدل زيارة عمل طويلة كان يُفترض أن تستمر أياماً، يرافق فيها عون رئيس الحكومة ووزراء، ويصار إلى توقيع 22 اتفاقية تعاون بين البلدين، وتُتوّج بإعلان سياسي من حاكم السعودية، يقول فيه إن بلاده رفعت الحظر عن لبنان، وصار في إمكان مواطنيه زيارة بيروت، ورجال الأعمال السعوديين الاستثمار فيه. كما توقّع أصحاب الآمال العالية أن يتوّج ابن سلمان موقفه هذا بـ«مكرمات»، تشمل العفو عن معتقلين لبنانيين في سجون المملكة، وهبات مالية لمساعدة الجيش، ودعم إعادة إعمار ما هدّمته الحرب الإسرائيلية الأخيرة. وذهب البعض إلى الحديث عن نية السعودية تخصيص لبنان بكمية من المشتقات النفطية لزيادة ساعات التغذية بالتيار الكهربائي.
ما الذي حصل؟
زوار السعودية قبل أسبوعين عكسوا خلاف توقّعات أتباع الوصاية في بيروت. أحدهم خرج من الرياض بانطباع ومؤشرات على أن ابن سلمان غيّر رأيه في ما يتعلق بلبنان، وبات يظهر اهتماماً لم يكن موجوداً سابقاً، لكنه يعتقد بأن الظروف لم تنضج إلى مستوى القيام بقفزة كبيرة في العلاقات الآن. وتوقّع الزوار أن تبادر السعودية إلى «دعم ما»، لكن ليس من الوزن الذي يحدث فارقاً. وأوضح هؤلاء أن السعوديين يوجّهون سيلاً من الأسئلة إلى الجهات المعنية بملفات لبنان، بما في ذلك الأوروبيون والهيئات المالية والنقدية الدولية، وأن الرياض تصرّ على أن في لبنان مشكلة كبيرة في القوانين وفي الإدارة، وأنه من دون إصلاحات جدية، لا معنى لأي دعم.
ساد إحباط بعدما تحوّلت زيارة عون للسعودية إلى لقاء «سهرة تعارف» حتى من دون «مكرمات» ملكية
لكنّ الأمور لا تقف عند هذا الحد. فما لا يقوله أهل الوصاية الجديدة علناً، يبعثون به على شكل رسائل شديدة الوضوح، إذ تريد واشنطن والرياض أن يثبت الحكم الجديد في لبنان قدرته على تحويل حزب الله إلى طرف غير قادر على تعطيل أي قرار سياسي كبير، وأن العاصمتين ستدعمان أي خطة لفرض مزيد من الحصار على الحزب وإضعاف موقفه، وأن أي دعم مالي أو سياسي أو عسكري لن يأتي من خارج سياق استكمال معركة ضرب حزب الله بصورة تامة.
وبحسب الزوار أنفسهم، فإن إسرائيل من جهة، والوصييْن الأميركي والسعودي من جهة ثانية، أجروا مراجعة لمئة يوم بعد وقف إطلاق النار، وتبيّن لهم أن المؤشرات ليست إيجابية في شأن خطة عزل حزب الله. فقد فشلت محاولة إبعاده عن الحكومة، وبعكس ما هو متوقّع، يؤكد الرئيسان عون وسلام أن الحزب يتعامل معهما بإيجابية ويلتزم بما هو مطلوب منه لتنفيذ القرار 1701 جنوب نهر الليطاني، ولم يبادر إلى أي عمل عسكري ضد العدو رغم استمرار الاحتلال والعدوان. وإلى ذلك، تلقّى الأميركيون والسعوديون باستغراب كيفية تعامل الحزب مع التوترات الداخلية، وسمعوا من جهات لبنانية خبيرة بحزب الله أنه لم يكن فعلياً خلف التحركات الشعبية التي حصلت على طريق المطار. لكن ما أفاض الكأس، كان التشييع الكبير للشهيد السيد حسن نصرالله، إذ تلقّى الجميع الأمر على شكل رسالة قوية، إلى الداخل والخارج، لا تعبّر عن واقع شعبية الحزب فحسب، بل تشير إلى متانة وضعه التنظيمي وقدرته على التحشيد من جهة، وإلى قدراته القيادية التي أتاحت تنظيم حشد هو الأضخم في تاريخ لبنان الحديث.
ما سبق يدفع الوصييْن الأميركي والسعودي إلى طلب المزيد من أتباعهما في لبنان، ويرجّح أن يكون على شكل مزيد من خطوات الحصار على الحزب لمنعه من استقدام أموال لعملية إعادة الإعمار، وتعزيز الإجراءات التي تعرقل تواصله مع إيران وحتى مع العراق، والشروع في خطوات تهدف إلى محاصرة «دورة العمل المالية» الخاصة بالحزب داخلياً.
لكنّ الأهم، كما تشير مداولات «أتباع الوصاية»، يتعلق بالتحضير لإطلاق حملة سياسية مبكرة تهدف إلى خلق مزاج عام في كل لبنان، يعتبر الحزب مصدر خطر على مستقبل لبنان وازدهاره، من خلال رفع شعار «نزع السلاح لضمان رفع الحصار»، بالتزامن مع محاولة بناء تحالف سياسي يجمع كل القوى والشخصيات الخاضعة للوصاية الأميركية – السعودية، تمهيداً لخوض الانتخابات البلدية ثم النيابية، بغية تحقيق نتائج تظهر حزب الله عاجزاً عن الاحتفاظ بتمثيله الحالي، بلدياً ونيابياً.
وإذا كان الغرب وعربه يربطون دعمهم للبنان بالانتخابات النيابية المقبلة، فهذا يعيدنا من جديد إلى السؤال الملحّ: من قال إن أولوية إعادة الإعمار يجب أن تبقى رهن ما يريده الأميركيون والسعوديون؟
هذا التحدّي سيكون عنوان المرحلة المقبلة، خصوصاً أن محاولة ربط الإعمار بأي خطوات أخرى، سياسية أو إصلاحية أو أمنية، هي محاولة للمسّ بالسلم الأهلي، إذ كيف يستقيم لسلطة أن تبتزّ شعبها، وأن تمنعه من إعمار ممتلكاته بيده، ثم ترفض مساعدته في هذه الورشة… وهل في لبنان من يصدّق فعلاً أن المقاومة ستترك القرى والمنازل مدمّرة حتى يرضى عنا الوصيان الأميركي والسعودي؟
والأهم من كل ذلك، كيف لهذه السلطة أن تمنع النقاش حول وجود قدرات مالية للمساهمة في هذه المهمة الوطنية، وهي أموال لا تكلّف الدولة اللبنانية أي نوع من الأعباء، ولن تؤثّر لا على سعر الصرف وعلى نسبة العجز في الموازنة، بينما سيكون لها أثرها الكبير في إطلاق عجلة اقتصادية كبيرة، تشمل كل القطاعات المنخرطة في الإعمار؟
قمة القاهرة تكرّر المكرّر: ثرثرة لا تغْني الفلسطينيين
القاهرة | خرجت القمة العربية الطارئة التي انعقدت في القاهرة، أمس، تحت عنوان «قمة فلسطين»، بنتائج وصفتها مصادر مطّلعة بـ«الهزيلة»، مقارنة بحجم التوقعات معها، بعد تحضيرات استمرت خمسة أسابيع، وعقدت عليها القاهرة «آمالاً» بإمكانية الخروج بموقف عربي موحّد وقوي قادر على التأثير الفعلي في مسار القضية الفلسطينية، رداً على التهديد بالعودة إلى الحرب في قطاع غزة، والتهجير القسري للفلسطينيين منه، والحديث عن الضمّ الإسرائيلي للضفة الغربية.
وعلى الرغم من تلك «الأهمية» التي أُحيطت بها القمة، ترى المصادر أن غياب دول المغرب العربي، وخصوصاً الجزائر وتونس والمغرب، ألقى بظلاله على المشهد، وعكس «تبايناً كبيراً» في مواقف الدول العربية تجاه القضية الفلسطينية. كما لم يكُن مستوى التمثيل العربي، بشكل عام، بـ«القوة» المتوقّعة مصرياً، في ظلّ تراجعه خليجياً، والتباين في الخطابات الصادرة عن الزعماء العرب، على رغم حديث هؤلاء عن «دعم» القضية الفلسطينية.
وفي هذا السياق، بدا الموقف الخليجي «متحفّظاً» تجاه الفصائل الفلسطينية، ولا سيما حركة «حماس»، التي غابت عن القمة بشكل كامل. ويعود هذا الغياب إلى موقف عربي متصاعد يرفض التعامل مع الحركة كـ«طرف شرعي» في أي ترتيبات مستقبلية للقطاع، بشكل يتّسق مع المواقف الغربية. كما أن الحديث العربي الرسمي لم يخرج عن سياق التأكيد على دعم السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، مع تجاهل واضح لتمثيل «حماس» أو أيّ من فصائل المقاومة في المشهد السياسي الجديد الذي تحاول بعض الدول العربية رسمه.
وفي المقابل، ثمّنت المصادر كلمة أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، نظراً إلى أنه شدّد فيها على ضرورة قيام «تحرك فعلي» لحماية الفلسطينيين ومنع تهجيرهم، علماً أنه لم يخفِ استياءه من غياب خطوات عملية واضحة لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة.
تبقى الخطة المصرية لإعادة الإعمار «مرهونة» بالتطورات السياسية والموقف الإسرائيلي من أي ترتيبات جديدة
وتركّزت المناقشات، خلال اجتماعات القمة، حول «الخطة المصرية لمستقبل غزة»، والتي تمّ اعتمادها في مسوّدة البيان الختامي، علماً أنها تقوم على تشكيل لجنة غير فصائلية تتولى إدارة قطاع غزة لمدة ستة أشهر، مع الإشراف على الإغاثة وإعادة الإعمار، تمهيداً لعودة السلطة الفلسطينية بشكل كامل إلى القطاع. كما تضمّنت الخطة إجراءات لتدريب الكوادر الأمنية الفلسطينية في مصر والأردن، بهدف تمكين الأجهزة الأمنية من فرض الاستقرار، في ظل المطالبات بتوحيد الأجهزة الأمنية تحت مظلة واحدة.
وإلى جانب ذلك، شدّدت القمة على ضرورة دعم إعادة إعمار غزة، وتم الاتفاق على استضافة مؤتمر دولي في القاهرة خلال الشهر المقبل لحشد الموارد المالية وإطلاق عملية إعادة الإعمار. وفيما أشارت المسوّدة الختامية للقمة إلى أن تكلفة إعادة الإعمار تُقدّر بحوالي 53 مليار دولار، تتضمّن مشاريع تطويرية تشمل بناء مساكن ومرافق عامة ومراكز اقتصادية، تبقى هذه الخطة «مرهونة» بالتطورات السياسية والموقف الإسرائيلي من أي ترتيبات جديدة في القطاع.
وبشكل عام، ركّز البيان الختامي على أربعة محاور رئيسية، شملت: رفض تهجير الفلسطينيين، ودعم خطة إعادة إعمار غزة، وتعزيز دور السلطة الفلسطينية، والتأكيد على مسار «حل الدولتين كمسار وحيد لتحقيق السلام». غير أن هذه العناوين العريضة، والتي لم تتطرّق القمة إلى آليات واضحة لتنفيذها، تبدو أقرب إلى «ثرثرة بروتوكولية» منها إلى مخرجات قادرة على إحداث تغييرات حقيقية إزاء المخاطر التي تتهدد القضية الفلسطينية، ومساعي تصفيتها. كما أن البيان الختامي لم يتطرق إلى أي خطوات تصعيدية تجاه إسرائيل، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، ما نمّ عن فقدان القمة رؤية استراتيجية حقيقية، في وقت بات فيه مسار «حل الدولتين»، والذي لا يزال يُنادى به عربياً، يواجه عراقيل متزايدة في ظلّ التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، ورفض الحكومة الإسرائيلية لأي مسار تفاوضي يؤدي إلى إقامة «دولة فلسطينية مستقلة» حتى على حدود 1967.
العدو ينفّذ توغّله الأعمق جنوباً: ساعات رعب في أحياء اللاذقية
شارك الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، في القمة العربية الطارئة حول فلسطين، أمس، في القاهرة، حيث أجرى سلسلة لقاءات عربية ودولية. ويأتي هذا في وقت تتابع فيه إسرائيل اعتداءاتها على الجنوب السوري، والذي سيطرت على مئات الكيلومترات منه، بما فيها من مرتفعات استراتيجية كاشفة ومنابع المياه العذبة، في إطار تمدّدها على الساحة السورية، والتي تسعى لاستغلال ملف الأقليات فيها، وبشكل خاص وضع الطائفة الدرزية، بهدف تقسيم البلاد، الممزّقة أصلاً، والتي تعيش محافظاتها أزمات أمنية مستمرة على وقع عمليات تنفذها الفصائل التابعة للإدارة السورية الجديدة، بحجة «ملاحقة فلول النظام»، وكان آخرها في حي الدعتور في اللاذقية.
والتقى الشرع ووزير خارجيته، أسعد الشيباني، في القاهرة على هامش القمة – التي تلقّى دعوة إلى حضورها من قبل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي -، الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش. كما التقى رئيس المجلس الأوروبي، أنتونيو كوستا، ورئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، ورئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس. وفي وقت تُعتبر فيه مشاركة الشرع في القمة التي دعت إليها مصر للرد على خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وتقديم خطة إعادة إعمار بديلة، بروتوكولية، فهي تمثّل إقراراً عربياً جامعاً، وأممياً، بالتغييرات التي حصلت في سوريا، واعترافاً بسلطة الإدارة السورية الجديدة.
ويأتي هذا على رغم بعض التوجس العربي، وتحديداً المصري، والعالمي من الخلفية المتشددة لهذه الإدارة، التي باتت تحكم قبضتها بشكل كامل على مفاصل الحكم في سوريا، باستثناء مناطق «الإدارة الذاتية» التي يسيطر عليها الأكراد، والسويداء الخاضعة لسيطرة الفصائل المحلية، ومنطقة التنف الخاضعة لسيطرة الولايات المتحدة، والمناطق التي تحتلها إسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر في الجنوب.
وفي كلمته، كرّر الشرع تأكيده التزام سوريا باتفاقية وقف إطلاق النار الموقّعة عام 1974، والتي تعتبر إسرائيل أنها انتهت مع سقوط نظام الأسد، وطالب المجتمع العربي بالوقوف مع سوريا للتصدي للهجمات الإسرائيلية، و«المجتمع الدولي» بـ«الضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي السورية». وأكّد أن «سوريا ستظل داعمة للقضايا العربية العادلة»، معتبراً أن «دعوات التهجير القسري لسكان غزة وصمة عار على الجبين الإنساني».
قُتل 15 شخصاً منذ بداية شهر رمضان على وقع حالة الفلتان الأمني التي تعيشها سوريا
وفي هذا الوقت، وفي سياق سلسلة اعتداءاتها التي يتذرع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأنها تهدف إلى ضمان فراغ الجنوب السوري (الذي يشمل القنيطرة ودرعا والسويداء) من الوجود العسكري للإدارة السورية الجديدة – التي لم تقُم أصلاً بإرسال أي جنود، واكتفت بحضور أمني صوري في بعض المناطق -، توغّلت قوة إسرائيلية شمال درعا بالقرب من قمة تل المال في محافظة درعا. ويُعتبر هذا التوغل الأعمق داخل الأراضي السورية؛ إذ يقع التل على بعد 13 كيلومتراً خارج المنطقة العازلة، والتي احتلتها إسرائيل بعد سقوط النظام السابق. ورافقت هذا التوغل طائرات مُسيّرة ومروحيات حلّقت على ارتفاع منخفض، كما اصطحب القائمون به معهم جرافات قامت بتدمير بعض المقرات العسكرية الفارغة في التل، قبل أن تنسحب في وقت لاحق صباح أمس.
كذلك، تابعت الطائرات المُسيّرة والمروحيات تحليقها بشكل مكثّف في سماء القنيطرة، لليوم السادس على التوالي، في خطوة استعراضية تهدف إلى تأكيد إسرائيل بسط سيطرتها على المنطقة، في وقت بدأت فيه قوة إسرائيلية إزالة ألغام مزروعة على الشريط الحدودي في الجولان السوري المحتل، والذي بدأت إسرائيل محاولات ربط اقتصاده بالأراضي المحتلة، عبر فتح الباب أمام استقدام مزارعين سوريين للعمل في الجولان. وفي تطور جديد أيضاً، اقتحمت قوة تابعة للاحتلال، مصحوبة بجرافات، مساء أمس، قرية عين النورية في ريف القنيطرة الشمالي بالتزامن مع تحليق طيران استطلاع مكثّف في المنطقة.
أما في اللاذقية، التي يشهد ريفها انفلاتاً أمنياً وعمليات قتل وخطف بعضها مرتبط بخلفيات طائفية، فعاش سكان حي الدعتور ساعات طويلة من الرعب بعد اقتحام الحي من جانب المئات من عناصر قوى الأمن العام التابعة للإدارة الذاتية، والذين اصطحبوا معهم آليات ثقيلة بينها ناقلات جند وعربات مصفّحة وأسلحة رشاشة ثقيلة، وقاموا بتنفيذ سلسلة اعتداءات هناك. وجاء ذلك بعد أن تم العثور على عنصرين من قوى الأمن كانا قد اختطفا في وقت سابق، وقيل إن مسلحين يتبعون للنظام السابق يعيشون في الحي قاموا بقتلهما.
وفي هذا الإطار، تفيد مصادر أهلية، «الأخبار»، بأن القوات الأمنية دخلت إلى الحي على وقع إطلاق نار كثيف، وقامت بعمليات تخريب للممتلكات الخاصة واعتقال عدد من السكان، قبل أن تهدأ الأوضاع لبضع ساعات ظنّ خلالها الأهالي أن الأمور عادت إلى الشكل الطبيعي، ليقوموا بإرسال أبنائهم إلى المدارس. غير أن القوى الأمنية تابعت في وقت لاحق ما بدأت به، الأمر الذي تسبّب بحالة رعب كبيرة بين طلاب المدارس.
وفي وقت لا يمكن فيه التأكد من عدد الأشخاص الذين تم اعتقالهم، وعدد المصابين والقتلى جراء هذه العملية، ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن شخصين فارقا الحياة، أحدهما يعمل حارساً لمدرسة في الحي، في حين تداول سكان محليون صوراً لطفل يبلغ من العمر 15 عاماً فارق الحياة، وطفل آخر قيل إن إصابته حرجة. وفي سياق متصل، ذكر «المرصد» أن 15 شخصاً قُتلوا منذ بداية شهر رمضان على وقع حالة الفلتان الأمني التي تعيشها سوريا، موضحاً أنه وثّق مقتل «3 أفراد من نفس العائلة في حلب، و4 مصلين في حادثة مؤلمة في ريف حماة، و4 آخرين في جرائم جنائية في عدة محافظات سورية، معظمها لم يُكشف عن هوية الفاعلين أو كانت بدافع السرقة».
اللواء:
عون يربط السلام بتحرير الأرض والأسرى.. وبدولة فلسطينية
ضبط الحدود بين لبنان وسوريا بين الرئيسين… وأولى جلسات الحكومة الإصلاحية غداً
من البيان السعودي – اللبناني في ختام القمة التي عقدها الرئيس جوزاف عون مع ولي عهد المملكة العربية السعودية الامير محمد بن سلمان، الذي اكد على اهمية التطبيق الكامل لاتفاق الطائف، وتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة وبسط الدولة اللبنانية سيادتها على كامل اراضيها، وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية والتأكيد على الدور الوطني للجيش اللبناني، ودعمه وضرورة انسحاب جيش الاحتلال الاسرائيلي من كافة الاراضي اللبنانية.
الى ما تضمنه البيان الختامي للقمة العربية الطارئة حول غزة لجهة التأكيد على انسحاب الاحتلال الاسرائيلي من كل الاراضي التي يحتلها في لبنان وسوريا ومن دعم لإجراءات الدولة في ما خص اطلاق ورشة النهوض والجهود لإنهاء الاحتلال وبسط سلطة الدولة، مروراً بالكلمة التي القاها الرئيس عون باسم لبنان امام القمة، والتي لاقت ارتياحاً واسعاً لدى الملوك والرؤساء والامراء المشاركين في القمة.
قالت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن زيارة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى المملكة العربية السعودية حققت نتائجها فور حصولها من خلال التفاهم على مجموعة ثوابت والتأكيد على الصفحة الجديدة في العلاقة بين البلدين وتفعيلها والتي توافق عليها الرئيس عون مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وقالت المصادر إن البيان السعودي- اللبناني عكس دلالة واضحة على مسار هذه العلاقة وما ينتظرها في المستقبل القريب لا سيما بعدما وضعت على السكة الصحيحة، وقد أتى انتخاب الرئيس جوزاف عون ليساهم في هذا الإطار، متوقفة عند الحفاوة البالغة التي احيطت بالزيارة والمودة التي عبر عنها ولي العهد السعودي في خلال لقائه برئيس الجمهورية، كاشفة عن إجراءات تتخذها القيادة السعودية حيال لبنان والتي تعبر عن الثقة برئيس البلاد.
إلى ذلك توقفت المصادر عند أهمية مشاركة رئيس الجمهورية في قمة القاهرة والكلمة التي ألقاها ووصفت بالاستثنائية سواءٌ لجهة توصيف الوضع أو لعرض الموقف من الواقع الفلسطيني، لافتة إلى أن معظم لقاءات رئيس الحمهورية كانت غاية في الأهمية والتي اظهرت تقديرا لإحاطة الرئيس عون بكل ملفات المنطقة.
إلى ذلك لفتت إلى أن مجلس الوزراء الذي يعقد جلسة هي الأولى له بعد نيل الحكومة الثقة لن تطرح ملف التعيينات من خارج جدول الأعمال الذي وزعت بنود جدول أعماله ويتضمن ملفي الإصلاحات والموازنة.
كلمة عون
وجاء في كلمة الرئيس عون: أنّ في بلدي، تماماً كما في فلسطين، ما زالت هناك أرضٌ محتلة من قبل إسرائيل. وأسرى لبنانيون في سجونها. ونحن لا نتخلى عن أرضنا ولا ننسى أسرانا ولا نتركهم، ولا سلام من دون تحريرِ آخر شبرٍ من حدودِ أرضِنا، المعترفِ بها دولياً، والموثقة والمُثبتة والمرسّمة أممياً. ولا سلامَ من دون دولةِ فلسطينية.
وأضاف: لا سلامَ من دون استعادةِ الحقوق المشروعة والكاملة للفلسطينيين. وهو ما تعهدنا به كدولٍ عربية. منذ مبادرةِ بيروتَ للسلام سنة 2002، حتى إعلان الرياض في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
وتابع الرئيس عون: أنّ لبنان علّمني أولاً، أنّ فلسطينَ قضيةُ حق. وأنّ الحقَ يحتاجُ دوماً إلى القوة. وأنّ القوةَ في نضالات الشعوب، هي قوةُ المنطق. وقوةُ الموقف. وقوةُ إقناعِ العالم. وقوةُ حشدِ تأييدِ الرأي العام. وقوةُ موازين القوى الشاملة.
وقال: علّمني لبنانُ ثانياً، أنّ فلسطينَ قضيةٌ ثالوث: فهي حقٌ فلسطينيٌ وطني. وحقٌ عربيٌ قومي. وحقٌ إنسانيٌ عالمي. وأننا كلما نجحنا في إظهار هذه الأبعاد السامية لفلسطين، كلما نصرْناها وانتصرنا معها. بالمقابل، كلما حجّمناها وقزّمناها، إلى حدودِ قضيةِ فئةٍ أو جهةٍ أو جماعةٍ أو محور… وكلما تركنا فلسطينَ تُزجُّ في أزقةِ صراعاتٍ سلطويةٍ هنا، أو نزاعاتِ نفوذٍ هناك… كلما خسرناها وخسرنا معها.
وأضاف عون:علّمتني حروبُ لبنان أنّ البُعدَ الفلسطيني لقضية فلسطين، يقتضي أن نكون دائماً مع شعبِها. أصلاً وفعلاً. أي أن نكونَ مع خياراته ومع قراراته. مع سلطاتِه الرسمية ومع ممثليه الشرعيين. أنْ نقبلَ ما يقبلُه شعبُها. وأن نرفضَ ما يرفضُه. علمتني حروب الآخرين في لبنان، أنّ البُعدَ العربي لقضية فلسطين، يفرضُ أن نكونَ كلُنا أقوياء، لتكونَ فلسطينُ قوية. فحين تُحتلُ بيروت، أو تُدمّرُ دمشق، أو تُهدّدُ عمّان، أو تئنُّ بغداد، أو تسقطُ صنعاء… يستحيل لأيٍ كان أن يدّعي، أنّ هذا لنصرة فلسطين. أن تكونَ بلدانُنا العربية قوية، باستقرارِها وازدهارِها، بسلامِها وانفتاحِها، بتطورِها ونموِها، برسالتِها ونموذجيتِها… إنه الطريقُ الأفضلُ لنصرةِ فلسطين.
وشدد الرئيس عون على أنّ «سيادة لبنان الكاملة والثابتة، تتحصّن بالتعافي الكامل في سوريا، كما بالاستقلالِ الناجز في فلسطين، الأمر نفسه بالنسبة إلى كل دولة من دولنا، في علاقاتها وتفاعلها مع كل جار عربي، ومع كل منطقتنا العربية»، مضيفًا «أيُ اعتلالٍ لجارٍ عربي، هو اعتلالٌ لكل جيرانه. والعكسُ صحيحٌ.
وأضاف «علّمني لبنان بعد عقودٍ من الصراعات والأزمات والإشكاليات، أن لا صحة لأي تناقض موهوم، أو لنزاع مزعوم، بين هوياتنا الوطنية التاريخية والناجزة، وبين هويتِنا العربية الواحدة والجامعة. بل هي متكاملة متراكمة، أنا لبنانيٌ مئة بالمئة. وعربيٌ مئة بالمئة. وأفخرُ بالاثنين. وأنتمي وطنياً ورسالياً إلى الاثنين. أما أن تكون فلسطين قضية حقٍ إنساني عالمي، فيقتضي أن نكون منفتحين على العالم كله. لا منعزلين. أصدقاء لقواه الحيّة. متفاعلين مع مراكز القرار فيه. محاورين لها لا محاربين. مؤثرين لا منبوذين. هذا ما علمني إياه لبنان عن فلسطين، وهذا ما أشهد به أمامكم.
وقال: أشهدُ به، بعدما تعهدتُ أمام شعبي، بعودةِ لبنانَ إلى مكانِه ومكانتِه تحت الشمس. وها أنا هنا بينكم، أجسّدُ العهد. فها هو لبنانُ قد عادَ أولاً إلى شرعيته الميثاقية، التي لي شرفُ تمثيلِها. ها هو الآن، يعودُ ثانياً إلى شرعيتِه العربية، بفضلِكم وبشهادتِكم وبدعمِكم الدائم المشكورِ والمقدّر. ليعودَ معكم ثالثاً إلى الشرعيةِ الدولية الأممية. التي لا غنى ولا بديلَ عنها لحمايتِه وتحصينِه واستعادةِ حقوقِه كاملة.
وتابع: لقد عانى لبنانُ كثيراً. لكنه تعلّمَ من معاناته. تعلّمَ ألا يكونَ مستباحاً لحروبِ الآخرين. وألا يكونَ مقراً ولا ممراً لسياساتِ النفوذِ الخارجية. ولا مستقَراً لاحتلالاتٍ أو وصاياتٍ أو هيمنات. وألا يسمحَ لبعضِه بالاستقواء بالخارج ضدَ أبناءِ وطنِه. حتى ولو كان هذا الخارجُ صديقاً أو شقيقاً. وألا يسمحَ لبعضِه الآخر، باستعداءِ أيِ صديقٍ أو شقيق. أو إيذائه فعلاً أو حتى قولاً.
وذكر الرئيس عون أنّه «تعلمَ لبنان أنّ مصالحَه الوجودية هي مع محيطِه العربي. وأنّ مصالحَه الحياتية هي مع العالمِ الحرِ كلِه. وأنّ دورَه في منطقته أن يكونَ وطنَ لقاء. لا ساحةَ صراع. وأنّ علةَ وجودِه هي في صيانةِ الحرية، وصياغةِ الحداثة، وصناعةِ الفرح».
وقال: فرحُ الحياةِ الحرة الكريمة السيدة المزدهرة اليانعة، المنفتحة على كلِ ما هو جمالٌ وحقٌ وخيرٌ وعدلٌ وقيمٌ إنسانية جامعة حيّة»، مضيفًا «اليوم يعودُ لبنانُ إليكم. وهو ينتظرُ عودتَكم جميعاً إليه غداً. فإلى اللقاء. وحتى ذاك لكم من لبنانَ كلُ التحية وكلُ الأُخوّة.
لقاءات
ومن ابرز لقاءات الرئيس عون، الاجتماع مع الرئيس السوري احمد الشرع على هامش القمة.
وحسب ما صدر عن المكتب الاعلامي للرئاسة الاولى، فإنه تم التأكيد على ضرورة ضبط الحدود بين البلدين لمنع كافة انواع التجاوزات.
كما تم الاتفاق على تشكيل لجان تنسيق بعد تأليف الحكومة السورية الجديدة.
وقبل ذلك، التقى الرئيس عون امير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وعرض معه العلاقات اللبنانية- القطرية والأوضاع العامة في لبنان والمنطقة. وبعد ان قدم الشيخ تميم التهنئة لرئيس الجمهورية بانتخابه، اكد استعداد بلاده مواصلة تقديم الدعم للجيش اللبناني، والمساعدة في دعم مشاريع حيوية كتطوير قطاع الكهرباء.
وفي ختام اللقاء، تبادل الرئيس عون والشيخ تميم الدعوات الرسمية لزيارة البلدين.
ملك الأردن
والتقى الرئيس عون ملك الاردن عبدالله الثاني في حضور اعضاء الوفدين اللبناني والأردني إلى القمة، وبحث معه في العلاقات بين البلدين والأوضاع العامة في المنطقة والوضع في سوريا في ضوء التطورات الأخيرة.
كما التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي تبلَّغ منه دعم السلطة الفلسطينية للاجراءات التي تتخذها الحكومة لتعزيز سيادة الدولة اللبنانية على كامل اراضيها وتطبيق القرار 1701.
وأكد الرئيس السيسي امام الرئيس عون ان بلاده على اتصال دائم مع الجهات الضامنة لوقف النار، لحمل اسرائيل على الانسحاب من كامل الاراضي اللبنانية، مخاطباً الرئيس عون بالقول: إبنِ لبنان ونحن معك.
ووصف الرئيس نبيه بري كلمة عون في القمة «بالرائعة جداً»، حيث تحدث عن مواضيع تخص لبنان والقضية الفلسطينية، لا سيما لجهة تأكيد الرئيس عون عن عدم تخلي لبنان عن اي جزء من اراضه التي تحتلها اسرائيل في الجنوب واستعادة الاسرى.
وتضمن البيان المشترك عن نتائج المحادثات بين الرئيس عون وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان خلاصة ما تم التفاهم عليه لجهة عقد جلسة مباحثات رسمية، استعرضا خلالها العلاقات الثنائية الوثيقة بين البلدين، وسبل تطويرها في المجالات كافة، وأن لبنان عضو أصيل في المنظومة العربية، وأن علاقاته العربية هي الضمانة لأمنه واستقراره. وتم تبادل وجهات النظر حول مجمل الأوضاع الإقليمية والدولية الراهنة، وأكد الجانبان أهمية تعزيز العمل العربي وتنسيق المواقف تجاه القضايا الهامة على الساحتين الإقليمية والدولية.
وحسب البيان «اتفق الجانبان على البدء بدراسة المعوقات التي تواجه استئناف التصدير من الجمهورية اللبنانية إلى المملكة العربية السعودية، والإجراءات اللازمة للسماح للمواطنين السعوديين بالسفر إلى الجمهورية اللبنانية.وأكد الجانبان أهمية تطبيق ما جاء في خطاب القسم الرئاسي الذي ألقاه الرئيس جوزاف عون بعد انتخابه وأعلن فيه رؤيته للبنان واستقراره، ومضامين البيان الوزاري. كما أكداأهمية التطبيق الكامل لاتفاق الطائف، وتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة، وبسط الدولة سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية، وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، والتأكيد على الدور الوطني للجيش اللبناني، وأهمية دعمه، وضرورة انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من كافة الأراضي اللبنانية».
واتفق الجانبان على «ضرورة تعافي الاقتصاد اللبناني وتجاوزه لأزمته الحالية، والبدء في الإصلاحات المطلوبة دوليًا وفق مبادئ الشفافية وتطبيق القوانين الملزمة».
«وفي ختام الزيارة،وجَّه الرئيس عون، دعوة للأمير محمد بن سلمان بن عبد لزيارة بلده الثاني لبنان، من جانبه أعرب سموه عن تقديره لهذه الدعوة والترحيب بها».
مجلس وزراء الخميس
يعقد مجلس الوزراء جلسة عند الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الخميس في القصر الجمهوري لبحث المواضيع المدرجة على جدول أعمالها وهي 25 بندًا، أبرزها ما يتعلق بموضوع موازنة 2025 التي أقرتها الحكومة السابقة ورفعتها إلى مجلس النواب الذي لم يناقشها، وأيضًا موضوع اعادة تعيين سفراء من خارج الملاك في السلك الخارجي في الوزارة مؤقتاً تعتبارا من 9 اذار الحالي ومشروع قانون لتمديد سن التقاعد للدبلوماسيين، إضافة إلى أمور تنظيمية منها رحلات سفر إلى الخارج.
وعلمت «اللواء» من مصادر رسمية ان عدد السفراء من خارج الملاك يبلغ ستة وسيتم تمديد مهامهم مؤقتاً لمدة شهرين تقريباً ريثما يتم البت بوضعهم في التشكيلات الدبلوماسية، فإما يتم التمديد لهم فترة اخرى وإما يُتخذ قرار بإعتبارهم مستقيلين حكماً.
واوضحت المصادر ان التشكيلات الدبلوماسية لاحقا ستشمل نحو 50 سفيراً امضوا فترة عملهم خارج لبنان او تجاوزوها لمدة 10سنوات واصبح من الضروري اعادتهم الى الادارة المركزية.
وابرز البنود المطروحة في الجلسة:
– عرض رئيس الحكومة آلية تنفيذ الاصلاحات التي حددها البيان الوزاري وفقا لجدول زمني يراعي الاولويات الملحة.
– مشروع قانون يرمي الى منح المتضررين من الحرب الاسرائيلية على لبنان بعض الاعفاءات من الضرائب والرسوم والى تعليق المهل المتعلقة بالحقوق والواجبات الضريبية.
اضافة الى بنود تتعلق بشؤون وظيفية كإنتداب موظفين مديرين عامين للقصرالجمهوري، وشؤون ادارية وتنظيمية كسفر الوفود الرسمية وقبول هبات.
جهوزية للإنتخابات البلدية
عقدت لجنة الدفاع والداخلية والبلديات النيابية جلسة قبل ظهر أمس في المجلس النيابي، برئاسة النائب جهاد الصمد، وحضور وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار والنواب الاعضاء وممثلين عن الادارات المعنية.
وقال الصمد بعد الجلسة: الموضوع الاساسي كان الانتخابات البلدية والاختيارية، وما يهمنا ان نؤكد، وكان رأي كل الحضور وكل الكتل السياسية ومكونات المجلس النيابي، على اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في مواعيدها، وان هذه الانتخابات ستجري على اربع مراحل: المرحلة الاولى تبدأ في الرابع من ايار وخلال مهلة الشهر وفق المادة الرابعة عشرة من قانون البلديات ستتم دعوة الهيئات الناخبة.
اضاف: الوزير حجار والجهاز الفني في الوزارة يقومون بكل الاجراءات الفنية واللوجستية وكل التحضيرات على قدم وساق، وأكدنا في اللجنة ان الجهاز البشري الذي سيقوم بالعملية الانتخابية من كاتب ومحرر في كل قلم اقتراع والهيئات القضائية التي ستشرف على الانتخابات والأجهزة الامنية والعسكرية التي ستواكب العملية الانتخابية ان يكون هناك بدل عادل ويتم اعداد الكلفة».
واوضح: انه تم التطرق إلى الاعتمادات المالية اذ هناك مبلغ 11مليون دولار في موازنة العام 2024، ما يعني ان الاعتمادات اللازمة متوافرة وما من عائق أمام اجراء الانتخابات في مواعيدها.
ورفض «الثنائي الشيعي» الميغاسنتر، وخلال المناقشات التي عقدت في اجتماع لجنة الدفاع النيابية امس، بحضور وزير الداخلية احمد الحجار، وطالب الثنائي بإجراء الانتخابات في موعدها على ارض الجنوب، ووضع صناديق الاقتراع عند مداخل البلدات، حتى ولو كانت مهدمة.
واعلن الوزير حجار ان الانتخابات البلدية ستجري في 4 ايار وعلى اربع مراحل.
رفع التجميد الأميركي عن 95 مليون للجيش
واعتبر مسؤولون اميركيون ان رئاسة عون تشكل فرصة تاريخية لتغيير الواقع في لبنان، نحو الافضل.
ونقل موقع اكسيوس عن مسؤولين اسرائيليين ان الخارجية الاميركية رفعت التجميد عن 95 مليون دولار من المساعدات العسكرية للبنان، وهي جزء من استراتيجية للتأكد من استمرار وقف اطلاق النار مع اسرائيل وهي تهدف الى اضعاف حزب الله، وتقليص نفوذه، مشيرين الى ان آلية مراقبة وقف اطلاق النار تعمل بشكل جيد، والجيش اللبناني دمر بنية تحتية لحزب الله وصادر مخازن ذخيرة تابعة له.
وقال هؤلاء ان هدف «الوجود الاسرائيلي تمكين الجيش اللبناني من تأمين استقرار الجنوب.. وهو يهدف الى ضمان أن حزب الله لم يعد يشكل تهديداً لاسرائيل».
والاغرب ما اعلنه اكسيوس عن هؤلاء المسؤولن ان هناك تفاهماً بين اسرائيل واميركا ولبنان على استمرار الوجود العسكري الاسرائيلي لأسابيع او اشهر.
بالمقابل، كشف قيادي في حزب الله ان الحزب ابلغ المعنيين عن رفضه النهائي لتسليم سلاحه ولكنه مستعد لبحث مستقبل هذا السلاح تحت بند الاستراتيجية الدفاعية، وحتى ذلك الحين لا يخفى على اي جهة ان العدو الاسرائيلي ما زال محتلا لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا وزاد عليها اليوم خمس نقاط جديدة،وتابع القيادي، حاليا نحن نقف خلف الدولة لنرى كيف ستحرر الارض بالسياسة والدبلوماسية ولكننا لن نسمح بان يبقى لبنان مستباحا ونحتفظ لانفسنا بالوقت المناسب للدفاع عن لبنان وايقاف العدو عن استباحة اجوائنا وارضنا والاعتداء علينا.
ومما كشفه القيادي ان هناك جهات في لبنان من داخل الحكومة بدأت باجراء اتصالات وترتيبات مع جهات دولية لفرض نزع السلاح كشرط نهائي للبحث في مسألة تمويل اعادة الاعمار وتأمين الدعم اللازم للنهوض الاقتصادي وحتى في انسحاب العدو الاسرائيلي من النقاط الخمس المحتلة.
الجنوب: غارات وشهيد
وفي الجنوب، شنت مسيرة معادية غارة على منزلين في المنطقة الواقعة بين بلدتي رشكنانيه وكفرا (قضاء صور)، كما اغارت مسيرة معادية على سيارة في رشكنانيه كانت مركونة الى جانب منزل، ما ادى ارتقاء شهيد حسبما افاد مركزطواريء وزارة الصحة اللبنانية.
وزعم مسؤول إسرائيلي: «قتلنا شخصية محورية في قوة الرضوان بالحزب بغارة على جنوب لبنان. وان القيادي يدعى خضر هاشم وأنّه شغل منصب قائد القوات البحرية في قوة الرضوان»..
لكن عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن عز الدين قال في تصريح:ان العدو أقدم على استهداف سيارة مدنية بعد أن أوصل صاحبها عائلته إلى البيت حيث ارتقى صاحبها خضر هاشم شهيداً.
اضاف: إننا نضع هذا الاعتداء برسم لجنة الإشراف الدولية والحكومة اللبنانية لوضع حدّ لهذا التمادي في استباحة السيادة الوطنية، وإلى متى ستبقى الدولة تتغاضى عن هذه الخروقات دون أن تحرك ساكناً أو تعلن موقفاً وهي التي تعهدت بالدفاع عن مواطنيها وحماية شعبها.
واكد «على ضرورة التعامل مع هذه الاعتداءات بكل جدية ومسؤولية وطنية ويضع الجميع أمام مسؤولياتهم في ممارسة كل الضغوطات لإخراج العدو من الأرض التي يحتلها. وإذ نشير إلى أن أي تقاعس أو تهاون في هذا الصدد سيدفع أهلنا وشعبنا لممارسة حقهم في مقاومة العدو وطرده».
وتوغلت دورية لجيش العدو الاسرائيلي ظهراً من موقعها عند الاطراف الجنوبية لبلدة العباسية الحدودية باتجاه سهل العباسية، واقدمت على خطف مزارع كان يعمل في أرضه قبل أن تعود وتطلق سراحه لاحقا.
وحلّقت طائرة مسيرة معادية من نوع «هرمز 450» في اجواء مدينة صور وقرى الجوار على علو منخفض، حيث قامت بالتحليق على شكل دائري وتشاهد بالعين المجردة. واستكرتحليق المسيرات المعادية طيلة النهار في منطقة صور ووصلت الى منطقة الجبل والهرمل..
وليلاً، ألقت محلّقة اسرائيلية قنبلتين في محيط منزل مأهول في مجدل سلم من دون تسجيل اصابات.
البناء:
القمّة العربيّة تنجح بقيادة مصريّة بالردّ على مشروع التهجير وتقديم خطة واقعيّة:
• غزة جزء من فلسطين والحل دولة فلسطينية
• لجنة توافقية فلسطينية لإدارة مؤقتة
عون أمام القمة: فلسطين حق يحتاج للقوة… وأولويتنا رد العدوان وزوال الاحتلال
كتب المحرّر السياسيّ
جمعت القمة العربية المنعقدة في القاهرة بين الموقف السياسي والإجراءات العملية، ولو بالحد الأدنى، وكان واضحاً أن التقدم الحاصل في الموقف العربي تقف وراءه قيادة مصرية لمسار القمة ورسم لسوق الموقف فيها، بما ردّ الاعتبار لمفهوم الأمن القومي ولو عند حد رفض الانخراط في تصفية القضية الفلسطينية من بوابة مشروع التهجير الذي طرحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب وهدّد مصر والأردن بوقف المساعدات عنهما إن لم يقبلا باستقبال المهجَّرين من غزة. وجاء البيان الختامي للقمة بإعلان واضح عن رفض التهجير والتمسك بأن حكم غزة لا يمكن أن يكون إلا فلسطينياً، وأن لا حلّ لغزة خارج إطار حلّ القضية الفلسطينية بإقامة دولة فلسطينيّة مستقلة. وعملياً خطت القمة عبر الخطة التي قدّمتها مصر وأقرّتها القمة، خطوة هامة نحو الإطار الإجرائي لمواجهة مشروع الاحتلال والعدوان الذي يلوّح به رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو، فقرّرت تشكيل لجنة مؤقتة من الخبراء لإدارة قطاع غزة بموافقة حركتي فتح وحماس بانتظار أن تنجز خطوات عملية على طريق الوحدة الوطنية تتيح نقل إدارة غزة إلى السلطة الفلسطينية بينما تتولى مصر إعادة ترتيب وضع الشرطة الفلسطينية في غزة بصورة تنفي عنها أي صبغة فصائليّة.
يبقى التحدّي في كيفية إدخال المواد الإغاثية ومواد الإعمار والمعدات الثقيلة، دون موافقة لن يقدّمها جيش الاحتلال، ما دامت القمة لم تضع موضع التنفيذ القرار السابق للقمة العربية الإسلامية بفتح معبر رفح دون استئذان الاحتلال، باعتباره معبراً فلسطينياً مصرياً خالصاً، بانتظار ما سوف يقرّره مؤتمر وزراء الخارجيّة في منظمة التعاون الإسلامي خلال أيام في جدة.
في القمة أيضاً كانت مواقف لرئيس الجمهورية العماد جوزف عون حازت تنويهاً في الداخل، كان أبرزها ما نقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي وصف الكلمة بالرائعة، ومما قاله رئيس الجمهورية كان تقديمه عرضاً مفصلاً للأهمية القومية والإنسانية للقضية الفلسطينية، وقوله إنّها قضيّة حق يلزمها القوة، وإن ضعفها ضعف للعرب وقوتها قوة لهم، معلناً أن لا سلام دون فلسطين، وعن لبنان قال رئيس الجمهورية إن الأولويّة تبقى لزوال الاحتلال ووقف العدوان.
بعد زيارته الأولى إلى المملكة، يتوجّه رئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون في زيارة ثانية قريباً إلى السعودية، يرافقه رئيس الحكومة نواف سلام على رأس وفد وزاريّ موسّع، حيث من المتوقع أن يتخلل الزيارة توقيع اتفاقيات، وذلك بعد شهر رمضان.
وكان خلص البيان المشترك الذي صدر في ختام زيارة رئيس الجمهورية إلى المملكة العربية السعودية، بدعوة وجّهها عون لولي العهد الامير محمد بن سلمان لزيارة لبنان، وترحيب بن سلمان بالدعوة. واتفق الجانبان بحسب البيان على البدء في الإصلاحات المطلوبة دولياً وفق مبادئ الشفافية وتطبيق القوانين، كما تأكيد المملكة ولبنان، أهميّة تعزيز العمل العربي وتنسيق المواقف تجاه القضايا المهمة على الساحتين الإقليمية والدولية.
وبحسب البيان، أكد الطرفان أهمية التطبيق الكامل لاتفاق الطائف، وتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة، وبسط الدولة سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية، وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، وتأكيد الدور الوطني للجيش اللبناني، وأهميّة دعمه، وضرورة انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيليّ من كافة الأراضي اللبنانية. واتفق الجانبان على ضرورة تعافي الاقتصاد اللبناني وتجاوزه لأزمته الحاليّة، والبدء في الإصلاحات المطلوبة دوليًا وفق مبادئ الشفافيّة وتطبيق القوانين الملزمة.
واتفق الجانبان على البدء بدراسة المعوقات التي تواجه استئناف التصدير من الجمهورية اللبنانية إلى المملكة العربية السعودية، والإجراءات اللازمة للسماح للمواطنين السعوديّين بالسفر إلى الجمهورية اللبنانية.
وأمس، ذكّر الرئيس عون أن «في بلدي، تماماً كما في فلسطين، ما زالت هناك أرضٌ محتلة من قبل إسرائيل، وأسرى لبنانيون في سجونها»، مؤكداً «نحن لا نتخلى عن أرضنا ولا ننسى أسرانا ولا نتركهم»، كما أكد عون في كلمته في افتتاح أعمال القمة العربية الطارئة التي تستضيفها القاهرة أنّه «لا سلام من دون تحريرِ آخر شبرٍ من حدودِ أرضِنا، المعترفِ بها دولياً، والموثقة والمُثبّتة والمرسّمة أممياً. ولا سلامَ من دون دولةِ فلسطينية».
وعلى هامش القمة، عقد الرئيس عون سلسلة لقاءات ثنائيّة. واستقبل في مقرّ إقامته في فندق توليب بالقاهرة، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على رأس وفد من المنظمة، وجرى استعراضٌ للتطورات الإقليميّة وعمل منظمات الأمم المتحدة في لبنان والتحديات التي تواجه القضية الفلسطينية. كما التقى الرئيس عون أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي كرّر استعداد بلاده «لمواصلة الدعم للجيش اللبناني والمساعدة في دعم مشاريع حيوية كتطوير قطاع الكهرباء».
والتقى أيضًا الرئيس العراقيّ عبد اللطيف رشيد الذي هنأه بانتخابه وأكد عمق العلاقات الثنائية، مثنيًا على دور لبنان الإقليمي.
على خط آخر، يعقد مجلس الوزراء أول جلسة عملية له في الحادية عشرة قبل ظهر غد في قصر بعبدا، وعلى جدول أعمالها 25 بندًا، أبرزها ما يتعلق بموضوع موازنة 2025 التي أقرّتها الحكومة السابقة ورفعتها إلى مجلس النواب الذي لم يناقشها، وأيضًا موضوع تعيين سفراء من خارج الملاك في السلك الخارجي في الوزارة، إضافة إلى أمور تنظيميّة منها رحلات سفر إلى الخارج. واستقبل رئيس الحكومة نواف سلام مديرة شؤون «وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطيين في الشرق الأدنى (الأونروا)»، في لبنان دوروثي كلاوس وتم استعراض التحدّيات التي تواجه الوكالة في نطاق عملها المحليّ والإقليميّ. كما بحث مع المنسّق المقيم للأمم المتحدة في لبنان عمران ريزا، التنسيق بين الحكومة اللبنانية ومؤسسات الأمم المتحدة.
وأكد وزير الداخلية أحمد الحجار أن الحكومة ووزارة الداخلية عازمتان على إجراء الانتخابات البلدية في موعدها خلال شهر أيار على أربع مراحل، وخلال اجتماع لجنة الدفاع والداخلية في البرلمان طُرحت أسئلة من النواب حول موضوع دعوة الهيئات الناخبة، وقال الحجار: القانون يسمح لنا بأن ندعو خلال شهر أو شهرين كحد أدنى ثلاثين يوماً، وإذا بدأنا في الرابع من أيار يكون علينا قبل الرابع من نيسان دعوة الهيئات الناخبة أسبوعاً تلو أسبوع، أي اعتباراً من اليوم تسري المهلة».
واستهدفت طائرة مسيّرة إسرائيليّة سيارة في بلدة رشكنانية في قضاء صور جنوبي لبنان وأدّت إلى استشهاد المواطن خضر هاشم وهو قياديّ في قوة الرضوان في حزب الله. وقبل الاستهداف أُفيد عن تحليق طائرة مسيّرة إسرائيلية من نوع هرمز 450 في اجواء مدينة صور وقرى الجوار على علو منخفض.
الى ذلك كشف موقع «اكسيوس» نقلًا عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين عن «تفاهمٍ بين تلّ أبيب وواشنطن وبيروت يقضي باستمرار الوجود العسكريّ الإسرائيليّ في جنوب لبنان لأسابيعٍ أو حتّى أشهر، في خطوةٍ تهدف إلى ضمان استقرار المنطقة وتعزيز قدرة الجيش اللّبنانيّ على تولي مسؤولياته الأمنيّة».
وأكدّ موقع «أكسيوس» نقلًا عن مسؤولين أميركيين، أنّ وزارة الخارجيّة الأميركيّة رفعت التجميد عن 95 مليون دولار من المساعدات العسكريّة للبنان، ضمن استراتيجيّةٍ أوسع لدعم الجيش اللّبنانيّ وتعزيز الأمن في الجنوب.
في المقابل، أكد مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي أن «حزب الله سيواصل مسيرة المقاومة بقوة لأن غالبية الشعب اللبناني تدعمه وستقف مع المقاومة».
المصدر: صحف