بعد 40 عامًا من النزاع المسلح.. حزب العمال الكردستاني يعلن وقف إطلاق النار مع تركيا – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

بعد 40 عامًا من النزاع المسلح.. حزب العمال الكردستاني يعلن وقف إطلاق النار مع تركيا

حزب العمال الكردستاني

أعلن حزب العمال الكردستاني، السبت، وقف إطلاق النار مع تركيا، بعد دعوة تاريخية لإلقاء السلاح وحل الحزب، وجهها زعيمه عبدالله أوجلان من السجن، يُؤمَل أن تنهي عقودًا من النزاع الدامي.

وفي أول تعليق من حزب العمال الكردستاني على دعوة زعيمه التاريخية، قالت لجنتُه التنفيذية: “من أجل تحقيق والمضي قدمًا في دعوة القائد آبو (لقب أوجلان) المتمثلة في السلام والمجتمع الديمقراطي، نعلن وقف إطلاق النار اعتبارًا من اليوم”، وذلك في بيان نقلته وكالة فرات للأنباء (أي. إن. أف) المؤيدة للحزب.

وأضافت: “نتفق مع مضمون الدعوة المذكورة بشكل مباشر ونعلن أننا سنلتزم بمتطلبات الدعوة وننفذها من جانبنا”، مؤكدةً أن “سنلتزم بمتطلبات الدعوة وننفذها من جانبنا، ولكن مع ذلك، لا بد من ضمان تحقيق الظروف السياسية الديمقراطية والأرضية القانونية أيضًا لضمان النجاح”.

وتابعت: “لن تقوم أي من قواتنا بتنفيذ عمليات مسلحة، ما لم تُشن الهجمات ضدنا، كما أن تحقيق قضايا مثل وضع السلاح لا يمكن أن يتم إلا بالقيادة العملية للقائد آبو”.

تأسس حزب العمال الكردستاني في العام 1978، وتعتبره تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي “إرهابيًا”. وأطلق تمردًا مسلحًا ضد أنقرة عام 1984 لإقامة دولة للأكراد الذين يشكلون حوالى 20% من سكان تركيا البالغ عددهم 85 مليون نسمة.

ويعد الأكراد أكبر أقلية في تركيا، وينتشرون في دول عدة في المنطقة، خصوصًا العراق وسوريا وإيران.

وفي حين أكد الحزب استعداده لتلبية الدعوة، شدد على أن تنفيذها لا يمكن أن يتم ما لم يتمتع أوجلان، المسجون منذ أكثر من ربع قرن، بالقدرة على “العيش والعمل بحرية جسدية”.

وشددت اللجنة التنفيذية على وجوب “ضمان تحقيق الظروف التي تمكن القائد عبدالله أوجلان من العيش والعمل بحرية جسدية، وأن يكون له اتصال مع كل من يريد، بما في ذلك رفاقه، دون عوائق، ونأمل أن تفي مؤسسات الدولة (التركية) المعنية بمتطلبات ذلك”.

وتابعت: “لقد قمنا حتى الآن بإدارة الحرب رغم كل الأخطاء وأوجه القصور، ولكن القائد آبو هو الوحيد القادر على إدارة حقبة السلام والمجتمع الديمقراطي”.

ومنذ سجن أوجلان في العام 1999، جرت محاولات عديدة لإنهاء النزاع الذي خلّف أكثر من 40 ألف قتيل. وبعد انهيار آخر جولة محادثات في العام 2015، لم يتم إجراء أي اتصال آخر لاستئنافها، وصولًا إلى تشرين الأول/أكتوبر عندما بادرت الحكومة التركية إلى هذه العملية عبر حليفها زعيم “حزب الحركة القومية التركية” دولت بهجلي.

وبينما دعم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التقارب، كثّفت حكومته الضغوط على المعارضة واعتقلت مئات السياسيين والناشطين والصحافيين.

وبعد عدة اجتماعات مع أوجلان في سجنه في جزيرة إيمرالي قبالة إسطنبول، نقل حزب المساواة والديمقراطية الشعوب، الخميس، دعوة الزعيم الكردي لإلقاء السلاح وعقد مؤتمر لإعلان حل الحزب.

ورأى إردوغان، الجمعة، أن دعوة أوجلان الحزب إلى إلقاء السلاح وحل نفسه تشكل “فرصة تاريخية”. وأكد أن أنقرة “ستراقب عن كثب” لضمان أن تصل المحادثات لإنهاء التمرد إلى “نهاية ناجحة”، محذرًا من أي “استفزازات”. وأضاف إردوغان: “عندما تتم إزالة ضغط الإرهاب والسلاح، فإن مساحة السياسة في الديمقراطية سوف تتسع بشكل طبيعي”.

من جانبها، رحبت وزارة الخارجية العراقية بدعوة أوجلان، معتبرة إياها “خطوة إيجابية ومهمة في تحقيق الاستقرار في المنطقة”. ويشكل وجود حزب العمال الكردستاني في شمال العراق مصدرًا متكررًا للتوتر بين بغداد وأنقرة.

وللحزب قواعد خلفية في مناطق جبلية بإقليم كردستان العراق الذي يتمتع بالحكم الذاتي، حيث تحتفظ تركيا أيضًا بقواعد عسكرية وتنفذ في كثير من الأحيان عمليات برية وجوية ضد المسلحين الأكراد.

بدوره، رحب مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، بدعوة أوجلان “الإيجابية”، لكنه أكد أن قواته غير معنية بها. كما لقيت الدعوة، الجمعة، ترحيب إيران التي رأت على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها إسماعيل بقائي إن “القرار خطوة مهمة نحو نبذ العنف”.

من هو عبد الله أوجلان؟

عبد الله أوجلان، المعروف أيضًا باسم “آبو”، هو مؤسس حزب العمال الكردستاني. وفي عام 1979، ذهب إلى سوريا من أجل التحضير لحرب الاستقلال الكردية. وأقام المقر الرئيسي لحزب العمال الكردستاني في سهل البقاع اللبناني. وبعد الانقلاب العسكري في تركيا عام 1980، تبعه الكثير من الناشطين إلى معسكرات حزب العمال الكردستاني هناك.

وفي عام 1998، اضطر أوجلان إلى مغادرة سوريا تحت ضغط من أنقرة. وقد تلت ذلك رحلة لم يكن فيها أي بلد على استعداد لقبوله. وأخيرًا، اعتقلته المخابرات التركية عام 1999 في العاصمة الكينية نيروبي.

وفي تركيا، حُكم على أوجلان بالإعدام بتهمة الخيانة العظمى وتأسيس تنظيم إرهابي انفصالي. وفي وقت لاحق، تم تخفيف الحكم إلى السجن المؤبد. ومنذ ذلك الحين، يقبع أوجلان في حبس انفرادي داخل سجن يقع في جزيرة إمرالي في بحر مرمرة بالقرب من إسطنبول. ونادرًا ما كان يسمح لعائلته ولمحاميه بزيارته.

وبعد نحو عشرة أعوام، استقبل أوجلان داخل سجنه في نهاية العام الماضي 2024 وفدًا من حزب المعارضة الموالي للأكراد. وأوجلان عمره اليوم 76 عامًا، وعلى الرغم من عدم ظهوره أمام الجمهور منذ عام 1999، إلا أنه ما يزال يحظى بثقة كبيرة بين مؤيديه.

ما هي تأثيرات التطورات في سوريا؟

يشير العديد من المحللين إلى أن تطورات الحرب في سوريا كان لها “دور حاسم”، بالإضافة إلى العدوان على غزة وعملية “طوفان الأقصى”، والعواقب الإقليمية الناجمة عنها دفعت الحكومة التركية إلى القيام بمحاولة جديدة لحل الصراع الكردي من أجل المشاركة بشكل فعال في تشكيل هذه العملية.

وبات الوضع الديناميكي في الشرق الأوسط يمثل بالنسبة لتركيا تهديدًا وفرصة. وأرادت الحكومة التركية من خلال هذه المبادرة منع حزب العمال الكردستاني والقوى الكردية من الخروج من هذا الوضع أقوى من السابق. “ولتحقيق هذا الهدف، يجب إنهاء الصراع المسلح. وقد نظر الرئيس التركي إردوغان وكذلك حليفه بهجلي إلى التطورات من هذا المنظور”.

وهذه العملية تشمل الأكراد في العراق أيضًا. فقبل أيام قليلة، أجرى وفد من حزب اليسار الأخضر المؤيد للأكراد محادثات مع مسرور بارزاني، رئيس وزراء إقليم كردستان، الذي أعلن أيضًا عن دعمه الحل السلمي.

المصدر: مواقع