غمرت خطط الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي، وبحسب ما وصفها رئيس وزراء العدو الأسبق ايهود باراك “خيالٌ محض” ولا يعتقد أن “أحداً بذل جهداً لإعدادها”، غمرت الكيان بغبطة عارمة. كما لو أن صهاينة الكيان حتى اولئك الذين لا ينتمون إلى ما يُسمى “الاتلاف اليميني”، استعادوا ولو من خلال خطط وتصريحات، أمجادهم الضائعة تحت أقدام المقاومين وفوهات بنادقهم.
لكن هذه الغبطة التي عكسها استطلاع لـ “القناة الـ 13” الإسرائيلية ذكر أن 72% من الصهاينة “يؤيدون خطة ترامب بالسيطرة الأميركية على قطاع غزة”، شكلت محط انتقاد وتشكيك في الأوساط الأميركية بشكل أساسي وحتى في بعض أوساط الكيان. وفي هذا الاطار، نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مستشارين للرئيس الأميركي دونالد ترامب توقعهم أن تختفي فكرة “ملكية غزة” بعد أن “اتضح لترامب أنها غير قابلة للتطبيق”.
كذلك، نقلت الصحيفة عن السفير الأميركي السابق في الكيان دان شابيرو تأكيده أن “مقترح ترامب ليس جاداً”، قائلاً إن “تداعيات اقتراح ترامب قد تعرّض إطلاق سراح مزيد من المحتجزين الإسرائيليين للخطر”، بحسب الصحيفة. كما قالت مصادر مطلعة للصحيفة إن اقتراح ترامب بالسيطرة على غزة “صدم حتى كبار أعضاء الإدارة الأميركية”، مشيرة إلى أن “الأخيرة لم تجر التخطيط الأساسي لفحص جدوى مقترح الرئيس الأميركي”.
كذلك، رأى رئيس الاستخبارات العسكرية السابق لدى كيان العدو عاموس يدلين أن “فرصة تنفيذ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتهجير سكان غزة منخفضة جداً”.
من جهتها، قالت “صحيفة هآرتس” إن “المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تفاجأت بسماع خطة ترامب، وأن الجيش الإسرائيلي يعتقد أن توقيت تصريح ترامب أثناء وقف إطلاق النار وتنفيذ صفقة تبادل الأسرى أمر إشكالي”.
وهذا ما يطرح تساؤلات عن الأسباب الكامنة خلف هذه الخطة التي من شأنها العودة إلى المنطقة إلى مرحلة الحرب التي لم يمر أسابيع على وقفها، والتي رأى البعض أنه من الممكن أن تكون ورقة ضغط كبرى يستخدمها ترامب لتحصيل مكاسب معينة في المنطقة أو تنفيساً للأزمة الداخلية في الكيان التي تصاعدت حدتها بشكل كبير عقب اتفاق وقف اطلاق النار في غزة. وهنا يُذكر أن “صحيفة معاريف” الاسرائيلية نقلت عن ايهودا باراك قوله إن “ترامب نجح في تثبيت استقرار حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المهددة من وزير المالية بتسلئيل سمورتريتش في المرحلة الثانية من الصفقة”.
وانطلاقاً من ذلك نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية عن السيناتور الديمقراطي فان هولين قولهم إنه “في البيت الأبيض شخص يعطي الضوء الأخضر لأحلام متطرفين أمثال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي المستقيل إيتمار بن غفير”.
ترامب يؤكد: “إسرائيل” ستسلمنا قطاع غزة
وفي جديد تصريحاته، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الخميس إن “”إسرائيل” ستسلم قطاع غزة للولايات المتحدة بعد انتهاء القتال”، زاعماً أن “الفلسطينيين سيتم إعادة توطينهم في مناطق أكثر أمانًا وجمالًا داخل المنطقة”، في إطار الخطة التي يروج لها لتهجير الفلسطينيين قسراً من غزة وسيطرة بلاده على القطاع.
وقال ترامب إن “الفلسطينيين، وأشخاص مثل تشاك شومر، سيحصلون على منازل جديدة وحديثة في مجتمعات أكثر أمانًا وجمالًا في المنطقة، حيث سيكون لديهم فرصة ليكونوا سعداء وآمنين وأحرارًا”، في إشارة إلى زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، شومر، الذي انتقد السياسات الإسرائيلية في غزة.
وتابع ترامب، في تدوينة على منصته للتواصل الاجتماعي (تروث سوشيال)، أن الولايات المتحدة، “بالتعاون مع فرق تنمية عالمية”، ستبدأ تدريجيًا في بناء مشروع سيكون “من أعظم وأروع المشاريع من نوعها على وجه الأرض”، زاعمًا أن الخطة ستوفر “الاستقرار للمنطقة” دون الحاجة إلى نشر قوات أميركية. في وقت أعلنت فيه المقاومة الفلسطينية استعدادها لمواجهة مشاريع التهجير.
وفي الوقت نفسه، قال ترامب إن “عملية البناء وإعادة الإعمار، التي كان قد أكد أن الولايات المتحدة لن تساهم بها، ستتم ببطء وحذر”.
نتنياهو عن “خطة ترامب”: أفضل فكرة سمعتها… وستمولها واشنطن ودول عربية غنية
من جهته، أعرب رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، عن “دعمه الكامل والعلني لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لتهجير سكان قطاع غزة إلى دول أخرى”.
وفي مقابلة مع قناة “فوكس نيوز”، قال نتنياهو عن الفكرة التي اقترحها ترامب “السماح لسكان غزة بالمغادرة، ما الخطأ في ذلك؟، هذه أفضل فكرة سمعتها على الإطلاق، وهي فكرة رائعة يجب دراستها وترويجها وتنفيذها، لأنها ستخلق مستقبلاً مختلفاً للجميع”، على حد زعمه.
وفيما يتعلق بخطة ترامب قال نتنياهو “لا أعتقد أنه تحدث عن إرسال جنود أميركيين. هذه مهمتنا ونحن ملتزمون بها. ولم يقل إن الولايات المتحدة ستمول ذلك، بل ستموله دول عربية غنية”.
وزعم نتنياهو أنه “نحن نغير الشرق الأوسط وقد فعلت “إسرائيل” ذلك بالفعل خلال العام الماضي”، مكرراً هجومه على الرئيس السابق جو بايدن، قائلا إن “ترامب هو أفضل صديق لإسرائيل في البيت الأبيض على الإطلاق”، مؤكداً “سنواصل الحرب حتى نحقق النصر على أعدائنا الذين هم أعداؤكم”.
وأشاد نتنياهو بترامب، قائلاً “انظروا إلى ما فعله في الأيام الأخيرة، أشياء عظيمة. لقد صادق على شحنات الأسلحة، واتخذ خطوات ضد الأونروا ووكالات الأمم المتحدة التي تكره أميركا و”إسرائيل””. وسُئل رئيس حكومة العدو عن وقف إطلاق النار وصفقة الأسرى، وإمكانية عودة جميع الأسرى ضمن الصفقة، فقال “نحن ملتزمون بإطلاق سراح جميع الرهائن، والرئيس ترامب وأنا لن نتخلى عن هذه القضية”.
كاتس يوعز لجيش العدو بوضع خطة تهدف إلى “توفير إمكانية المغادرة الطوعية لسكان غزة”
في خطوة تعكس الوهم الكبير الذي يعيشه العدو لجهة تصديق إمكانية مغادرة الفلسطينيين لأرضهم، أعلن وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم ، أنه “أوعز للجيش الإسرائيلي بوضع خطة تهدف إلى توفير إمكانية المغادرة الطوعية لسكان غزة، وذلك عبر ترتيبات تشمل المعابر البرية والمنافذ البحرية والجوية”.
وقال كاتس، بحسب ما جاء في بيان صدر عن وزارة الأمن، إنه يدعم ما وصفه بـ”الخطة الجريئة” للرئيس الأميركي، دونالد ترامبمتهمًا حركة حماس بأنها “تمنع السكان من المغادرة، وتستغلهم كدروع بشرية”، وفق زعمه، علمًا بأن الاحتلال يفرض حصارًا على القطاع منذ عام 2007، واستهدفت منذ ذلك الحين بعدة عمليات عسكرية خلفت آلاف الشهداء ودمرت البنية التحتية.
وبوقاحة لافتة، أشار كاتس إلى أن دولًا مثل إسبانيا وإيرلندا والنرويج، “التي انتقدت السياسات الإسرائيلية في غزة، ملزمة باستقبال الفلسطينيين”، ملوحًا بأن “رفضها سيكشف نفاقها” على حد تعبيره، مشيرًا إلى أن بعض الدول، “مثل كندا، لديها برامج هجرة منظمة وسبق أن أعربت عن استعدادها لاستقبال سكان من غزة”.
من جهته، رحب وزير المال وعضو الكابينيت، بتسلئيل سموتريتش، بقرار كاتس، وقال في بيان صدر عنه “أرحّب بقرار وزير الأمن بتوجيه الجيش الإسرائيلي للاستعداد لتنفيذ دورنا في خطة الهجرة وتسهيل مغادرة الغزيين إلى الدول المستقبلة”.
اجراءات كاتس جاءت عقب لقائه نظيره الأميركي بيت هيغسيث، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، في مقر وزارة الحرب الأميركية “البنتاغون”، حيث بحث معه اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وصفقة التبادل، وكذلك مواصلة تسليح الكيان.
وقال وزير الحرب الأميركي إن “البنتاغون” مستعد لدراسة جميع الخيارات بشأن قطاع غزة. وتابع “الرئيس مستعد للتفكير خارج الصندوق، والبحث عن طرق جديدة وفريدة وديناميكية لحل المشاكل التي بدت مستعصية، نحن مستعدون لدراسة جميع الخيارات”.
وقال وزير الحرب الأميركي، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نتنياهو، إن “واشنطن ستزود “إسرائيل” بالأسلحة التي لم تحصل عليها”. وسُئل هيغسيث عما إذا كانت الولايات المتحدة سترسل قوات إلى قطاع غزة كجزء من خطة ترامب، فقال إن “الرئيس سيرد، ولن نسبقه في هذا الأمر”.
وفي وقت سابق، قال البيت الأبيض إن “ترامب لم يلتزم بنشر قوات أميركية في غزة كجزء من اقتراحه السيطرة الأميركية على القطاع الفلسطيني”. وأصدر ترامب تعليماته إلى الجيش الأميركي برفع الحظر الذي فرضه الرئيس السابق جو بايدن على توريد قنابل تزن ألفي رطل إلى العدو .وتستطيع القنبلة زنة ألفي رطل اختراق الخرسانة السميكة والمعادن، مما يؤدي إلى دائرة انفجار واسعة.
مواقف رافضة
وتتواصل ردود الفعل العالمية الرافضة لخطة ترامب، إذ شددت وزيرة التنمية الدولية البريطانية أناليز دودز على “ضرورة أن يتمكن الفلسطينيون من إعادة إعمار بلدهم وتحديد مستقبل قطاع غزة”. وقالت أمام البرلمان إن “بريطانيا ستعارض أي محاولة لتهجير الفلسطينيين قسراً من قطاع غزة إلى بلدان عربية مجاورة”.
من جهتها، أعربت وزارة الخارجية الكويتية عن “رفضها القاطع لسياسات الاستيطان الإسرائيلي وضم الأراضي وتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه”. هذا وشددت وزارة الخارجية الصينية على أن “قطاع غزة ملك للفلسطينيين وجزء من أراضيهم وليس ورقة مساومة في الصفقات السياسية”، معبرة عن معارضتها التهجير القسري لسكان القطاع.
وأفادت الوزارة بأن الصين “تدعم بقوة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني”، مضيفة أنه “على المجتمع الدولي تقديم المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار إلى القطاع الذي دمرته الحرب الإسرائيلية”.
كما شدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على أن “أي سلام مستدام يتطلب إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة”، مضيفاً أن “قطاع غزة جزء لا يتجزأ منها”.
إلى ذلك، انتقد الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو بشدة خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قائلاً على “منصة إكس” “سيبدؤون أسوأ الحروب، وذلك لأنهم يعتبرون أنفسهم شعب الله، ولكن شعب الله ليسوا من البيض الأميركيين أو الإسرائيليين، فشعب الله هم البشرية”.
على الولايات المتحدة تعليق نقل الأسلحة لإنهاء تواطئها في الانتهاكات الإسرائيلية https://t.co/Ka6AlwZv6n
— هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) February 4, 2025
وزيرة الخارجية الكندية قالت إن “موقفنا تجاه غزة لم يتغير، وملتزمون بالعمل لتحقيق حل الدولتين”، متابعة “نعارض التهجير القسري للفلسطينيين، ويمكن للجميع العيش بأمان داخل حدود معترف بها دولياً”، حسب تعبيرها.
أما الخارجية الماليزية، فقد أعلنت معارضتها بشدة أي مقترح من شأنه أن يؤدي إلى تهجير الفلسطينيين قسرا أو نقلهم من وطنهم، لافتة إلى أن “مثل هذه الأعمال غير الإنسانية تشكل تطهيرا عرقيا وانتهاكا للقانون الدولي والقرارات الأممية”.
المصدر: مواقع إخبارية