إدعاءات وشائعات منذ عدة أيام حول إنتشار الفيروس المضخم للخلايا البشرية (HMPV) في الصين، ما أثار القلق العالمي بحسب الاخبار المُتداولة عن تفشيه وإحتمالية دخول العالم بفترة تُشبه فترة إنتشار كورونا.
أمر ليس “غير معتاد”!
بدايةً يُعرف هذا الفيروس بأنه مرض تنفسي أعراضه تُشبه الأنفلونزا أو البرد. وبحسب تقرير منظمة الصحة العالمية حول الموضوع، أشارت الى أنه في المناخات المعتدلة، تحدث الأوبئة الموسمية لمسببات الأمراض التنفسية الشائعة، بما في ذلك الأنفلونزا، وغالبًا خلال فترات الشتاء في العديد من البلدان في نصف الكرة الشمالي في الأسابيع الأخيرة في هذا الوقت من العام، وهو أمر “ليس غير معتاد”.
الوضع الصحي في الصين
وبحسب السلطات المحلية في الصين، ارتفعت حالات الإصابة في المناطق الشمالية وخاصة بين الأطفال، كما رفضت السلطات الادعاءات التي تنتشر حول خطورة الفيروس وأن المراكز الصحية والمستشفيات مكتظة بالمصابين، وأكدت أن استخدام المستشفيات حاليًا أقل مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي .
وفي السياق ذاته، قال رئيس وزراء الهند سيدارامايا إنه وجه إدارات الصحة والتعليم الطبي باتخاذ جميع التدابير الاحترازية بعد اكتشاف حالتين من فيروس (HMPV) في ولاية كارناتاكا. وقال للصحافة إنه “تم اكتشاف العدوى لدى طفلين، وعلى الرغم من أن الفيروس ليس خطيراً، إلا أنه يتعين اتخاذ تدابير احترازية”.
الصين ليست مصدر الفيروسات !
لاحظنا أن هناك عشرات الصفحات العربية التي تتحدث عن خطورة تفشي هذا الفيروس، وقامت بعض السلطات العربية باتخاذ اجراءات، علماً أنه حتى هذه اللحظة لم يتم تسجيل أي إصابة. وعلى سبيل النكات، سارع بعض الناشطين في المنطقة العربية الى ربط إنتشار الفيروس بإستكمال موجة الاحداث السيئة التي شهدها العالم خلال العام 2024. كما وتُصوَّر الصين على أنها مصدر إنتشار الفيروسات بسبب ما يتناوله الصينيون على موائدهم.
في هذا السياق، يقول أدهم السيد وهو باحث متخصص بالشؤون الصينية إنه “ليست كل الفيروسات مصدرها الصين، هذه محاولة يقوم بها الإعلام غير المهني خاصة من بعد كورونا”.
وأوضح في مقابلة مع موقع المنار الالكتروني، “أن هناك فيروسات كثيرة ومعروفة بالعالم منتشرة على نطاق واسع جداً وليس مصدرها الصين”، لافتاً إلى أن السلطات الصينية “لها طريقتها بالتعاطي مع أي حالات مُصابة ومتابعة أي تفشٍ لفيروس والتنبيه منه والتصرف بشكل سريع”.
وأضاف أن “هذا السبق في الاجراء الصحي يُميز الصين لانها دولة ذات كثافة سكانية، تماماً كما تعاطت مع تفشي كورونا خلال العامين 2019 – 2020 ، حيث كانت أول دولة تقوم بتشخيص الاصابات، مع العلم أن الفيروس كان موجودا ًفي بلدان أخرى ولم يتم تشخيصه منذ بداية إنتشاره”.
كما بين أن “ذلك أدى الى ترسيخ صورة أن الصين هي الدولة المُسببة لكل انواع الفيروسات في العالم، وهذا ما نشاهده على وسائل التواصل الاجتماعي”. كما يرى أدهم السيد أن هذه محاولات لتشويه صورة الصين أو هو تعاطٍ عنصري وطريقة عشوائية وغير كفوءة في التعاطي مع الاحداث.
لا داعي للهلع !
إستناداً إلى تقييم المخاطر، تنصح منظمة الصحة العالمية بعدم فرض أي قيود على السفر أو التجارة. واكدت ان مستويات الالتهابات التنفسية الحادة المبلَّغ عنها في الصين، بما في ذلك فيروس التهاب الجهاز التنفسي البشري، تقع ضمن النطاق المتوقع لموسم الشتاء.
يتقاطع هذا الكلام مع ما صرحته لموقع المنار الدكتورة ندى شمس الدين مختصة في الامراض الجرثومية، بأن الأعداد التي تم التبليغ عنها في كل من أوروبا والصين ما زالت أقل من الاعداد التي سُجلت في الفترات السابقة. ولا داعي للهلع!
ودعت د. شمس الدين الى ضرورة توخي الدقة في نقل المعلومات الصحية، وأوصت بدورها الأفراد باتخاذ الاحتياطات المعتادة لمنع انتشار مسببات الأمراض التنفسية خاصةً بالنسبة للفئات الأكثر ضعفًا.
كما توصي منظمة الصحة العالمية بدورها الأفراد في المناطق التي تشهد فصل الشتاء باتخاذ الاحتياطات المعتادة لمنع انتشار مسببات الأمراض التنفسية خاصةً بالنسبة للفئات الأكثر ضعفًا. ومن بين هذه الاحتياطات: البقاء في المنزل لتجنب إصابة الآخرين، وأخذ قسط من الراحة، وطلب الرعاية الطبية خاصةً لأصحاب الامراض المزمنة.
وأوصت المنظمة أيضاً بارتداء قناع في الأماكن المزدحمة أو سيئة التهوئة، وتغطية السعال والعطس بمنديل، بالإضافة إلى غسل اليدين بانتظام، والحصول على اللقاحات الموصى بها من قبل السلطة الصحية العامة المحلية.
المصدر: موقع المنار